رغم قيمة العرض، فإن غياب الجمهور عن سهرة الثلاثاء الماضي بمسرح الهواء الطلق بسيدي الظاهر بسوسة أثناء تقديم عرض «أنغام الرزدة» للفنان عبد الكريم الباسطي، كان لافتا للنظر ولم يتعد الحضور بضع عشرات، وهو ما يطرح عديد التساؤلات حول سر هذا العزوف عن متابعة مثل هذه العروض. لقد كان العرض الذي قدمه الباسطي والذي ضم عددا ضخما من المنشدين والمطربين والعازفين والراقصين وامتد على قرابة الساعتين والربع، عرضا متكاملا جمع بين جمالية الشكل والمحتوى وكانت كل الفقرات المقدمة متناسقة ومتناغمة وفي تجانس تام مع الرقصات المعبرة التي أبدعت أداءها مجموعة من الراقصين والراقصات المتميزين. كما أن أصوات وأداء المطربين والمطربات المصاحبين للفرقة وفي صدارتهم المطرب المخضرم نورالدين الباجي والصوت الجميل نهلة شعباني، زاد العرض متعة وجمالا جعلت عقول كل الحاضرين تنتشي وتطرب بالأغاني الدينية والتراثية المقدمة. وفي نهاية عرضه الذي كان امتاعا للروح والعقل وفيه من اللمسات الإبداعية الشيء الكثير، وتابعه الجمهور على قلة عدده باهتمام وإعجاب، حي الباسطي وفرقته الحاضرين وقال لهم حرفيا وبكل تلقائية وسط تصفيقهم وتشجيعهم «إنّ كل فرد حاضر هنا في المسرح هو عندي في مكانة ألف من الحاضرين». وما يمكن قوله والتأكيد عليه، هو أن هذا العرض كان له تأثير في الحضور الذين انبهروا بما شاهدوه وبما سمعوه من طرب أصيل بعيدا عن الابتذال والارتجال..