مرّة أخرى وبهدف المحافظة على هويّة مدينة حاجب العيون التاريخية وجذورها الضاربة في عمق التاريخ, حيث تعود نشأتها الى الفترة الرومانية اذ كان يطلق عليها تسمية «مسكلياني» حسبما هو موثّق بالخريطة الأثرية للبلاد التونسية, نجد أنفسنا مضطرين لاعادة النبش في ذاكرة حاجب العيون, بعد أن غمرها يد النسيان وأهملها الباحثون في أغوار التاريخ السحيق, الذي تشهد عليه عديد المواقع الأثرية والحمامات الرومانية المنتشرة بعدّة جهات, لعلّ أبرزها «عين سلطان» و«قصر سويسين» و«دار الخريف» و«المناسة» و«مكّودة» ,وغيرهم من المناطق الأثرية بالمواقع التي تبرز للعيان دون سابق انذار ولعلّ آخرها الحماّم الروماني الموشح بمكعبات الفسيفساء المختلفة الألوان والذي وقع اكتشافه منذ سنوات قريبة بعمادة «دار الخريف» تحديدا بحقل السيد عمار بن الفالح, الذي سارع منذ اكتشاف الموقع الى اعلام المصالح الادارية المختصة في قطاع الآثار والراجعة بالنظر الى وزارة الثقافة والمحافظة على التراث حسب تسميتها القديمة, وذلك بهدف الوقوف على أهمّية هذا المعلم التاريخي وتحديد نشأته ودراسة مكوّناته حيث أوفدت الوزارة بتاريخ 5 ماي 2008 أحد الأساتذة المختصين في دراسة علوم الفسيفساء «الموزاييك» وبعد معاينة أولى لمكوّنات الحمام الروماني, طلب من صاحب الحقل اعادة ردم الجزء الذي يحتوي على لوحات فسيفسائية على أمل العودة اليه في أقرب الآجال, لمزيد الدراسة مع الوعد بامكانية بعث ورشة أشغال لابراز مخزون الحمام الذي يمتد على مساحة كبيرة, ولكن طال العهد ولم يحلّ بعد ركب المسؤول عن متابعة موضوع هذا الاكتشاف الهامّ, وبالتالي أصبح صاحب قطعة الأرض يعاني يوميا صعوبات كثيرة نتيجة تعرضه للعديد من محاولات نبش وحفر هذا الموقع خاصة أثناء الليل, صاحب الموقع اليوم يناشد الجهات المسؤولة في سلطة الإشراف بضرورة التحرك السريع لانقاذ ماتبقّى من لوحات الفسيفساء بهذا الحمام, وهي نفس الملاحظة التي نسوقها فيما يتعلّق بالحمام الروماني المتواجد بجهة أولاد نصّر, وتحديدا ب«قصر المتكبرت» والذي مازال يحتفظ الى يوم الناس هذا بالعديد من اللوحات المزخرفة, ذات أشكال هندسية غاية في الروعة وألوان طبيعية مختلفة, تفرض على الجميع اتخاذ التدابير اللازمة لحمايتها, دون أن نغفل عن ذكر عديد الشواهد التاريخية الموجودة بالحديقة الكبرى لمدينة حاجب العيون والتي زارها مؤخرا السيد وزير الثقافة خلال شهرأفريل المنقضي وهو في طريقه الى مدينة سبيطلة لافتتاح فعاليات شهر التراث, واطلع الوزير على حالتها التي من المؤكد قد أثّرت فيها العوامل الطبيعية, ومازلنا ننتظر تحرّكه الإيجابي في اتجاه نقلها من هناك الى احدى الفضاءات الأخرى, في محاولة لبعث متحف أثري قار بحاجب العيون يقع دعمه بمجموعة القطع الأثرية الموجودة منذ الستينات بفضاء دار الثقافة بحاجب العيون, حتى نحفظ للمدينة هويتها التاريخية لتستنير بها الأجيال القادمة.