حتّى السنوات الأخيرة لم يكن يدور بخلد أغلبية متساكنيّ مدينة " ماسكلياني " الرومانية ( حاجب العيون اليوم ) أنّ جهتهم تعجّ بالعديد من المعالم الأثرية التي تجعل منها منطقة ضاربة في عمق التاريخ وشاهدة على قيام حضارات تعاقبت على هذه الربوع فتركت بصماتها صامدة في وجه الأعاصير والأنواء متحدّية الزمن لتذكّر أهالي الجهة بهويّة الشعوب التي تتالت عليها جاعلة أمامهم الشواهد الثريّة المنتصبة فوق سطوح الأرض في شموخ و إباء وهي تصرخ " أنقذوني فأنا الهويّة والعنوان ..أنا التاريخ والأمجاد " ...نعم لقد ظلّت هذه المعالم المختلفة تصارع الزمن في انتظار أن تتحرّك نفوس البعض من عشاق التاريخ ليضحّوا بالقليل من وقتهم و يتابعوها لكشف معالمها التاريخية وذلك بكلّ من جهات "الغويبة" و"عين سلطان" و"دار الخريف" و"المناسة" و"أولاد نصّر" و"السّرجة" و"قصر سويسين" وغيرها من الجهات الأخرى في حاجب العيون التي تشهد لها الخريطة الأثرية للبلاد التونسية بأنها من أهم المناطق الأثرية بالبلاد حيث تعاقب عليها كل من الرومان والبونيقيين وجيوش المسلمين الذين اختاروها معسكرا لهم أثناء غزوة العبادلة السبعة باتجاه مدينة سبيطلة لمحاربة حاكمها آنذاك جرجير الأنطاكي " قريقوريس ". وخلاصة القول حاجب العيون اليوم تضمّ في بطون أراضيها كنوزا نفيسة يعود تاريخها الى العهد الروماني والى العهد الإسلامي زمن الفتوحات الإسلامية والأكيد أنّ معاينة هذه المواقع الأثرية والتقاط الصّور المختلفة لها من شأنه التعريف بأمجاد هذه الأرض الخصبة والمعطاء والحال أن حاجب العيون لا تنقصها الشواهد على قدمها إذ هي مدينة ضاربة في أعماق التاريخ ...نعم هذه الجهة تزخر بالعديد من المعالم الأثرية التي يعود تاريخها إلى العهد الروماني من ذلك الحمّام الروماني الموشّح بالفسيفساء الذي يوجد بجهة " عين سلطان " ومثله الموجود بمنطقة "دار الخريف" والأكيد أنّ الحفريات القادمة بهذه الربوع قد تكشف عن معالم أثرية أخرى مغمورة بهذه الجهات التي تنتظر لفتة كريمة من قبل مسؤوليها لإبراز مراحلهاالتاريخية فالواجب اليوم يحتم توظيف الجهود للتعريف بهذه المكاسب في وقت اهتمّت فيه الدولة بتطوير المنتوج السياحي وتوظيفه ضمن البرمجة الثقافية والمسالك السياحية وذلك نظرا لما يوفّره للسيّاح من متعة وترفيه وخدمات إذ أصبحت وزارة السياحة تولي هذا الجانب الحضاري الأهمّية التي يستحقها باعتبار الدّور الذي يمكن أن تلعبه في استقطاب السيّاح وتطوير السّياحة الثقافية مثلما جاء في الندوة الإقليمية الأخيرة حول السياحة الثقافية التي وقعت في مدينة القيروان غير أنّ هناك حقيقة مؤلمة وجب معرفتها من طرف الجميع وهي أنّ آثارنا ومعالمنا التاريخية شهدت ولا تزال نزيفا خطيرا أتى على جزء هامّ منها وذلك رغم أنّ القانون يحمي تراثنا الأثري من التلف والنّهب ولكن مرّة أخرى ندعو إلى إعادة النظر في مسألة المحافظة على آثار بلادنا في انتظار أن تتوفّر الإمكانيات للقيام بالحفريات اللاّزمة لإبرازها ذلك أن عشرات الحقول ما تزال عرضة للنهب و أصبح من الواجب الكشف عن كلّ التجاوزات ومصادر الدّاء وتحديد مسؤولية كلّ فرد باعتبار أنّ آثارنا هي جزء مهمّ من حضارتنا يجب المحافظة عليه وهي بالتالي المرجع الوحيد لإثبات هويّتنا التاريخية لذلك لابدّ من نفض الغبار عمّا تتعرّض له كنوزنا الضاربة في القدم والتي قد لا تتوفّر في عديد البلدان حتى تلك التي تقع معنا في نفس الدائرة الجغرافية والمطلوب من الجميع كلّ من موقعه ضرورة صيانة كنوز حاجب العيون وتاريخها وحضارتها بكل ّ من جهات "المناسة" و"أولاد نصّر" والتي تنتظر الكشف عن مخزون مغاورها وأسرارها والتي تعتبر عنصر إضافة حقيقية للباحثين الجيولوجيين وحلقة جديدة في سلسلة المواقع البيئية والسياحية القابلة لتثمين التراث والمحافظة عليه وعرضه للسائح الأجنبيّ والتونسيّ عامّة لأنّ الصناعة لوحدها لم تعد قادرة على دفع العجلة الاقتصادية فهل تشهد الأيام القادمة بعث متحف بمدينة حاجب العيون من شانه حفظ المئات من القطع الأثرية الموجودة بدار الثقافة والتي بقيت محفوظة منذ أواخر الستينات حين تحمست مجموعة من أعضاء اللجنة الثقافية آنذاك لجمع هذه القطع الأثرية التي يعود تاريخ البعض منها لما يزيد عن الألف سنة وذلك بشهادة الأستاذ المنصف شرقية الموظف المتقاعد بمركز الدراسات الإسلامية بالقيروان؟ هو مطلب ملحّ لإبراز كنوز حاجب العيون التي يجب ادراجها ضمن قائمة المدن السياحية .