مازال مسلسل الفواجع يخطف شبابنا في عمر الورد... بسبب انقطاع السبل... مازال شبابنا يحرق البحر من أجل العيش في الفردوس الأوروبي... يتحدّون الموت من أجل حياة أفضل وأغلبهم يعودون في صناديق... وبعضهم لا يعودون أصلا لأن قرش البحر بالمرصاد ولا يرحم... كانوا يحلمون بلقمة عيش كريمة، فإذا بهم تحولوا الى لقمة في بطون الحيتان. مازال مسلسل الفواجع يخطف شبابنا في عمر الورد... بنزين وولاّعة ونار تحرق عمره وأكباد أهله... كان هنا... كان ودودا... كان لطيفا... كان يائسا... ولكن ضاق به العيش وكره التردّد على الادارات والتسويف... صار رقما... صار لا شيء... صار حفنة رماد... في عيون المشاهدين... بسبب مسرحة الانتصار... مازال مسلسل الفواجع يخطف شبابنا في عمر الورد... يُستدرجون بطرق شتى مادية وروحية ويقتنعون بفكرة الجهاد المقدس في دول اسلامية... يقادون خارج الحدود... يتمرّنون على السلاح بعجاله ثم يرحلون إلى أتون الحرب... وفي كل يوم تُقام خيام العزاء لعائلات معوزة ظنت أن ولدها يعمل في بلاد غنية... قد لا يعود حتى في صندوق... ودُفن في أرض غريبة... في حرب غريبة يتقاتل فيها المسلمون... من غرّر بهم لا يستدرج أبناءه... من غرّر بهم لا يبكي عليهم... من غرّر بهم ينتظر أجرا على كل شاب تمزق جسده... ينتظر أجرا على تمزيق أكباد الأمهات... ويصنع سبحة من حبّات دموعهن... إلى متى هذا النزيف... من الظلم أن يدفن الأولياء أبناءهم... من الظلم أن يصبح الاحتراق أمرا عاديا ويصبح خبرا في ذيل أشرطة الأنباء... وكأننا تعوّدنا... أو تبلّدنا... أو مات فينا شيء من قيمة الحياة التي وهبها اللّه لنا... شباب المقاهي شباب المساجد... شباب الفراغ كلهم معرضون لإغراء السفر بتذكرة ذهاب فقط...