يبدو أن «الجبهة الشعبية» وكل مكوناتها دخلت قبل ان تبدأ في نفق «تأسيسي» خطير، إذ علمنا أن الإعلان عن الجبهة وعن اسمها لم يكن نتاج توافق بين أكثر من 13 حزبا بل بتسريع وتشريع من بعض الأطراف، أساسا حمة الهمامي وشكري بلعيد حسب بعض التسريبات. وأول ما يشير إلى ذلك ربما، هو صمت الجميع عن غياب حركة الديمقراطيين الاشتراكيين (شق الخصخوصي) مع أن مكونات الجبهة أكدت وجودها داخلها. كما أن الإعلان ليلتها عن الإمضاء الجماعي للمبادئ الأساسية للجبهة لم يكن مطابقا لحقائق الأمور !.فبعض الأطراف رغبت في مزيد من النقاش مع قواعدها حتى لا تنتكس الجبهة في أول اختبار و خاصة حتى لا تتسبّب في خلافات داخل الأحزاب نفسها!. في هذا الإطار، نؤكد أن التسمية ليست نهائية مع أنها لقيت رواجا كبيرا لدى العامة أو داخل قواعد مكونات الجبهة و«التونسية» كما عودت قراءها على الحيادية في نقل الأحداث، ننشر اليوم تفاصيل بعض المداخلات «المغلَقة» التي تمت بين «الجبهاويين « مع احتفاظنا بأسماء المتدخلين: (....)الهوية العربية الإسلامية ليست من الأولويات و التنصيص عليها يخرجنا من طبيعة الصراع. نفس هذا الطرف يقول «إن من مهام الجبهة الرئيسية قيام ثورة جديدة !». تدخلات هذا «الفصيل» جوبهت برفض واسع من كل الأطراف القومية و اليسارية إذ اعتبرت أن الهوية العربية الإسلامية ركن أساسي في المبادئ العامة للجبهة، كما استغربت الحديث عن «ثورة جديدة» مع أن أغلبها شارك في انتخابات 23 أكتوبر الفارط وما يعنيه ذلك من التزام أخلاقي بنتائجها. « نحن مع تحركات شعبنا الاحتجاجية ولكن الثورات النظرية لا تعنينا». و لقد استطاع الشق «البراغماتي» فرض تصوّره الواضح للجبهة بعيدا عن المغالاة في النبرة الاحتجاجية و الثورية و ذلك بالتأكيد على ضرورة التوجه إلى عامة الناس و تبسيط طرح البدائل عليهم دون الدخول في نقاشات نظرية قد تُفقِد الجبهة «شعبيتها» المراد تحقيقها. نقطة أخرى قد تزيد من الغموض هي هيكلية الجبهة كيف ستكون؟، هل بأسلوب الحزب الواحد بقيادة مركزية واحدة أم ستُترك الأمور للجهات كما هو حاصل الآن مثلا في جبهة 17 ديسمبر بسيدي بوزيد؟. في الحالة الأولى، هل سيستطيع الزعماء التخلص من نرجسيتهم الحزبية مع أنّ وجودهم في الجبهة دليل على رغبة حقيقية في تجاوز حالة التشرذم ؟ قطعا سيكون للحديث بقية.