لن أتحدّث عن ازدواجية الخطاب السياسي لأن المصالح شرّعته حتى في أكبر الديمقراطيات...لن أتحدّث في ازدواجية المعايير لأنها فنّ خبيث يلبس الضحية جلباب الجريمة ويلبس الظالم جلباب الواعظ... أنا أتحدث عن ازدواجية الجنسية.. صحيح أنها كانت رحمة للمهاجرين حتى يلاقوا نفس التعامل مع أهل البلد المضيف... وصحيح أنها ملاذ للذين هُجّروا قسرا أو هروبا من بطش أنظمة الاستبداد وكل من اختاروا المنفى اراديا أو غصبا من أجل حياة أفضل وحماية أفضل.. إلى أن يفتح لهم باب الفرج.. بالعودة إلى بلادهم بين أهاليهم وأحبّتهم وحضن الوطن.. كل هذا عادي ومعقول ولكن عندما يعود صاحب الجنسيتين ويتولّى منصبا هامّا في الدولة.. هل يجوز احتفاظه بالجنسيتين..هناك دول لا تزعجها هذه الازدواجية وهناك دول لا تقبل بها.. لماذا؟ لأن الولاء لوطن واحد.. قسم وتعهد بأن يدافع عنه حتى الموت.. وأن يحمي راية مانح الجنسية...ما العمل إذن عندما يجدّ حادث أو خلاف...مع من سيقف هذا المسؤول... حتى في غياب المشاكل وفي زمن السلم هناك تبادل تجاري وصفقات... هل يحفظ مصالح جنسيته الأصلية أم مصالح الجنسية بالتبنّي... أقول هذا وأنا أعلم أن الجنسية الأم تغلب المتبنّية ولكن لمزيد الحرص على شفافية المشهد بالامكان استهداف مواقع حساسة في الدولة مثل وزارة الدفاع والداخلية والقضاء والاقتصاد والخارجية.. حتى لا يكون على رأسها مسؤولون يحملون الجنسيتين...درءا للشبهات وتأكيد الولاء للوطن الأم.. حتى لا يقال أن هذا أو ذاك رجله اليسرى في تونس واليمنى وراء البحر...اذا غرق الوضع يستعمل عملية 2*2.. أي ساعتين للمّ الحقائب وساعتان لمغادرة البلاد..من الأم الولاّدة.. الى الأم الحاضنة..