آخر ملوك مصر يعود لقصره في الإسكندرية!    قرار جديد من القضاء بشأن بيكيه حول صفقة سعودية لاستضافة السوبر الإسباني    قيس سعيد: الإخلاص للوطن ليس شعارا يُرفع والثورة ليست مجرّد ذكرى    "انصار الله" يعلنون استهداف سفينة ومدمرة أمريكيتين وسفينة صهيونية    قيس سعيد يستقبل رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم    ماذا في لقاء رئيس الجمهورية بوزيرة الاقتصاد والتخطيط؟    ل 4 أشهر إضافية:تمديد الإيقاف التحفظي في حقّ وديع الجريء    جهّزوا مفاجآت للاحتلال: الفلسطينيون باقون في رفح    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    أخبار النادي الصفاقسي .. الكوكي متفائل و10 لاعبين يتهدّدهم الابعاد    القبض على شخص يعمد الى نزع أدباشه والتجاهر بالفحش أمام أحد المبيتات الجامعية..    في معرض الكتاب .. «محمود الماطري رائد تونس الحديثة».. كتاب يكشف حقائق مغيبة من تاريخ الحركة الوطنية    بداية من الغد: الخطوط التونسية تغير برنامج 16 رحلة من وإلى فرنسا    تعزيز الشراكة مع النرويج    وفد من مجلس نواب الشعب يزور معرض تونس الدولي للكتاب    المرسى: القبض على مروج مخدرات بمحيط إحدى المدارس الإعدادية    منوبة: الاحتفاظ بأحد الأطراف الرئيسية الضالعة في أحداث الشغب بالمنيهلة والتضامن    دوري أبطال إفريقيا: الترجي في مواجهة لصنداونز الجنوب إفريقي ...التفاصيل    هذه كلفة إنجاز الربط الكهربائي مع إيطاليا    الليلة: طقس بارد مع تواصل الرياح القوية    انتخابات الجامعة: قبول قائمتي بن تقيّة والتلمساني ورفض قائمة جليّل    QNB تونس يحسّن مؤشرات آداءه خلال سنة 2023    اكتشاف آثار لأنفلونزا الطيور في حليب كامل الدسم بأمريكا    هذه الولاية الأمريكيّة تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة!    تسليم عقود تمويل المشاريع لفائدة 17 من الباعثين الشبان بالقيروان والمهدية    رئيس الحكومة يدعو الى متابعة نتائج مشاركة تونس في اجتماعات الربيع لسنة 2024    عاجل/ جيش الاحتلال يتأهّب لمهاجمة رفح قريبا    الاغتصاب وتحويل وجهة فتاة من بين القضايا.. إيقاف شخص صادرة ضده أحكام بالسجن تفوق 21 سنة    تراوحت بين 31 و26 ميلمتر : كميات هامة من الامطار خلال 24 ساعة الماضية    فيديو صعود مواطنين للمترو عبر بلّور الباب المكسور: شركة نقل تونس توضّح    مركز النهوض بالصادرات ينظم بعثة أعمال إلى روسيا يومي 13 و14 جوان 2024    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    سيدي حسين: الاطاحة بمنحرف افتك دراجة نارية تحت التهديد    بنزرت: تفكيك شبكة مختصة في تنظيم عمليات الإبحار خلسة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    ممثل تركي ينتقم : يشتري مدرسته و يهدمها لأنه تعرض للضرب داخل فصولها    باجة: وفاة كهل في حادث مرور    نابل: الكشف عن المتورطين في سرقة مؤسسة سياحية    عاجل/ هجوم جديد للحوثيين في البحر الأحمر..    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    أنس جابر تواجه السلوفاكية أنا كارولينا...متى و أين ؟    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل إلى النهائي رغم خسارته امام لاتسيو    المنستير: افتتاح الدورة السادسة لمهرجان تونس التراث بالمبيت الجامعي الإمام المازري    فاطمة المسدي: 'إزالة مخيّمات المهاجرين الأفارقة ليست حلًّا للمشكل الحقيقي'    نحو المزيد تفعيل المنظومة الذكية للتصرف الآلي في ميناء رادس    تحذير صارم من واشنطن إلى 'تيك توك': طلاق مع بكين أو الحظر!    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب ويطالبون بتكثيف الحملات الدعائية لاستقطاب الزوار    وزارة المرأة تنظم ندوة علميّة حول دور الكتاب في فك العزلة عن المسن    الاتحاد الجزائري يصدر بيانا رسميا بشأن مباراة نهضة بركان    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    أولا وأخيرا .. الله الله الله الله    فيروسات ، جوع وتصحّر .. كيف سنواجه بيئتنا «المريضة»؟    جندوبة: السيطرة على إصابات بمرض الجرب في صفوف تلاميذ    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«لطفي المرايحي» (الأمين العام ل «الاتحاد الشعبي الجمهوري) ل «التونسية»: لا يمكن حكم تونس مستقبلا دون «النهضة»
نشر في التونسية يوم 04 - 10 - 2012


إقصاء التجمعيين قرار سياسي ...
والعقاب الجماعي مرفوض
منصب رئاسة الجمهورية سيخضع للمقايضة...ومرشحا «النهضة» هما المرزوقي أو بن جعفر
أموال بعض الأحزاب مشبوهة ولا بدّ من تجريم العمل الخيري
يستعد «لطفي المرايحي» الأمين العام للاتحاد الشعبي الجمهوري لإصدار كتاب جديد عن الثورة التونسية والحياة السياسية في تونس ما بعد 14 جانفي، هو أيضا صاحب عديد المؤلفات في الشأن الثقافي وتحديدا في المجال الموسيقي، ترأس جمعية «أحباء» للإبداع الموسيقي وعديد الجمعيات غير الحكومية .
التقيناه في حوار شامل وسألناه عن المشهد السياسي الراهن والتجاذبات الحالية والتحالفات القادمة بين الأحزاب،كما رصدنا انطباعاته حول الاعتداءات الأخيرة على النواب ورأيه في موجة العنف السائدة ، ومدى حظوظ «نداء تونس» في الانتخابات القادمة إلى جانب عديد المواضيع التي تهم المجتمع ومنها حادثة اغتصاب الفتاة من قبل عوني أمن، وملفات الفساد والاحتجاجات الأخيرة في ولاية سيدي بوزيد.
كيف تشّخص الوضع السياسي الراهن ؟
نلاحظ أن الشارع التونسي يدفع دفعا نحو استقطاب ثنائي وللأسف انخرطت بعض وسائل الإعلام في هذا التمشي الذي يجعل الصدام القادم هو أساسا بين حركة «النهضة» و«نداء تونس» وهو تشخيص مغلوط للساحة السياسية التي بدأت تفقد تنوعها .
دخلنا في هذه الثنائية الحزبية في حين ان المواضيع الأساسية مهمشة واصبح التركيز على أحاديث هي مجرد «طواحين» هوى وصلت بعضها حد الشتيمة وهي أشياء لن تتقدّم بتونس لأن المطلوب الحديث عن مسائل أساسية فلا أحد يسأل اليوم عن علاقة المال بالسياسة والاعلام بالسياسة. اليوم موضوع علاقة السياسة بالمال يؤثر في الرأي العام و هناك إعلاميون ووسائل إعلامية منخرطة في تيارات حزبية فكيف نؤسس لديمقراطية تعبر فعلا عن الإرادة الشعبية ؟
صحيح ان الاعلاميين يطالبون اليوم باستقلاليتهم ولكن لا بد ان يكونوا متمسكين بهذا المطلب. فالقرار التونسي اليوم رهين المال ورأينا سابقا في الإعلام كيف ان المنابر الحوارية تفتح لشخصيات تتنقل من محطة إلى أخرى بإسم «ناشطين حقوقيين» أو «مستقلين» ثم تقدموا للانتخابات في قائمات مستقلة وآن الآوان للتأسيس لمرحلة جديدة والمساواة في الإعلام لكي لا ينحاز لأي طرف فنحن في مرحلة تأسيسية تجب فيها المساواة.
تثير تمويلات بعض الأحزاب العديد من الشكوك وهناك من يقول أنها «مشبوهة» فما مدى صحة هذه الأراء؟
يمكن القول إن أغلب التمويلات «مشبوهة» خاصة إذا بلغت حدّا معينا، فالدعم يكون مقبولا في حدود معينة ولكن عندما تصبح ميزانية بعض الأحزاب بالمليارات كما هو حال البعض اليوم ،فإنّنا نطرح تساؤلا عن حاجة هذه الأحزاب لكل هذه الأموال، يجب تجريم العمل الخيري لبعض الأحزاب لأنها مطية للتأثير على الناس فالأحزاب لم تتكون لتكون مهمتها إجتماعية وهي تعلات للدخول للعالم السياسي من الباب الاجتماعي وفي ذلك «استبلاه» للرأي العام وللناخبين.
ما رأيك في الآراء التي ذهبت إلى أن استحقاقات الثورة لم تتحقق؟
الرهانات الأساسية التي قامت من اجلها الثورة لا تزال بعيدة المنال. اليوم نرى حكومة «ترويكا» وبعض الوجوه التي نصبت نفسها ولية على الثورة وكأنهم «الثوريون»في حين ان الشباب فقد الأمل. فبلادنا اليوم غير قادرة على توفير الأمل والمستقبل لشبابها ،الشباب توسدوا الشهائد والمنقطعون عن التعليم وجدوا أنفسهم في عرض البحر طمعا في الفردوس المفقود . هذا الرهان لا يمكن كسبه إلا إذا توفرت مقاربة تنموية واضحة .
للأسف حركة «النهضة» خيرت تطبيق منوال «بن علي» من خلال الحث على الاستثمارات وتحفيزها لتوفر التشغيل وتحقيق النمو، لكن التجربة بيّنت محدودية هذا المنوال فلو كان له جدوى لنفع الرئيس المخلوع ،كما انه يبدو أنه ليس ل «نداء تونس» تصوّر ولو كان لديه برنامج لكشف عنه .
اليوم لا بدّ من مقاربة جديدة تنطلق من المنتوج الوطني فحتى وإن كانت تكلفته باهظة يمكن التعويل عليه والحد من التوريد وبالأخص المواد التي لا علاقة لها بآلة الإنتاج.
يجب إعادة النظر في صندوق الدعم فقد أنشئ لدعم الشرائح الضعيفة ولكن المنتفعين منه هم الشرائح الميسورة من صناعيين وأرباب النزل والوافدين من الخارج .
لماذا تأخر ملف محاسبة رجال الأعمال وفتح ملفات الفساد؟
تؤجل حركة «النهضة» الكثير من المواضيع لما بعد الانتخابات القادمة ،هي تريد أن تستقر في السلطة أولا ثم تنظر ساعتها في هذه الملفات... المحاسبة قادمة ولن يفلت أحد لكن ليس الآن والأكيد أن «النهضة» ستعالج هذه الملفات بأريحية ، فالسلطة ليست بيدها في المرحلة القادمة وهي تعمل ان تكون لها ... ولكن بقية المواضيع في يدها وستنظر فيها متى أرادت... هي فقط تترصد الوقت المناسب .
تتحدث الحكومة عن تعافي الاقتصاد ويتحدث الخبراء عن وضع دقيق وصعب فأيهما نصّدق؟
الوضعية الاقتصادية «صعبة» والوضع دقيق ،وهذا لم يفاجئنا فعندما اخترنا المجلس الوطني التأسيسي اخترنا أن نبقى في ظل «حكومة مؤقتة» وهو ما سيعطلّ الاستثمار الخارجي والداخلي هذا بالإضافة إلى عدم قدرة الحكومة على أخذ قرارات جريئة كالحدّ من استيراد المواد غير المتعلقة بالإنتاج وهو ما يجعل التوازنات الكبرى مهددة. ونعلم اليوم ان ميزان الواردات والصادرات يشكو من عجز بقيمة 50 في المائة أي ما يعادل 6 في المائة من الناتج القومي الخام .
لاحظنا أيضا أنه تم توفير نصيب كبير للتنمية بمبلغ 6 آلاف مليون دينار خلال المصادقة على الميزانية وهو رقم لم يسجل أبدا ويمكن اعتباره رقما قياسيا لكن للأسف لم يقع استغلاله جيدا فجزء منه ذهب كأجور لعمال حضائر عدد كبير منهم لا يعمل ولا ينتج وبالتالي هو عبارة عن مال مهدور .
هذا بالإضافة إلى أن الحكومة دخلت في دوامة من الزيادات في الأجور لا قدرة لها على تحملها حاليا ومن الأخطاء ان «النهضة» دخلت في حملة انتخابية كان فيها الكثير من المغالطات ،وكان من المفروض ان تعيّن رجال دولة يأخذون على عاتقهم الأوضاع بجدية ويتحدثون بصراحة عن الوضع ويقدمون صورة حقيقية وهذا كان سيجلب لهم الاحترام لكن الكل بدأ يغازل الطبقات الضعيفة بخطاب لا يسمن و كل ذلك سيثقل كاهل الأجيال القادمة .
كثرت التجاذبات بين «النهضة» و«نداء تونس» فماهي الأسباب الحقيقية وهل ستؤثر على التحالفات القادمة؟
لقد تغيرت الخارطة السياسية أمام «النهضة»، وممّا لا شك فيه ان ظهور نداء تونس «يقلقها» فحتى المسار الديمقراطي والحزب الجمهوري في ورطة إذ يسعى كل طرف إلى جذبهما ،فإما «نداء تونس» او «النهضة» وهنا سيحكم الحزبان على نفسهما بالفشل والوضع ما بين المجموعتين غير مريح، فالجمهوري حزب انتهى لأنه لو ذهب نحو الباجي قائد السبسي أي مع «نداء تونس» سيذوب وسط هذا الحزب ولو ذهب نحو «النهضة» سيصبح لا قيمة له وسيصبح دور المعارضة «فارغا» ما عدا بعض الاحزاب الصغيرة التي ستبقى ولن تكون لها فاعلية كبرى ولكن في كلتا الحالتين سيتغير المشهد السياسي.
اليوم أصبحت عدة أحزاب تواجه صعوبات ووضعها صعب وغير مريح وهي لا تعرف بمن تلتحق ...هي متجهة نحو «الانقراض» ولن تتمكن من الصمود.
صرّح بعض قياديي «النهضة» أنهم سيفوزون في الانتخابات القادمة، فما رأيك في مثل هذه التصريحات؟
«النهضة» ستفوز حتما في الانتخابات القادمة، وستكون لها أيضا أغلبية المقاعد ، فهي اليوم طرف وحكم في الانتخابات وهي التي تحدد التاريخ وتتحكم في قانون الانتخابات .
من ناحية أخرى تعتبر «النهضة» من أكثر الأحزاب تنظيما وهي حزب مهيكل وفيه مناضلون بالعدد الكافي ...وهذا لم يكن من عدم بل بعد 40 سنة من التواجد والعمل ،وطبيعي ان تفوز في الانتخابات القادمة خاصة ان بقية الأحزاب ليست جاهزة بعد ولا تحتوي على العدد الكافي من المناضلين، هؤلاء فقط سيتوجهون إلى الجهات وسيتحدثون إلى المواطنين ويقنعونهم بالتصويت ...لكن هذا لا يمنع بقية الأحزاب من العمل لتتكون مع مرّ السنوات فالأحزاب لا تولد من عدم وإنما عليها الاستمرار إلى أن تصبح جاهزة والمعطى الأساسي الذي لا يجب ان ننساه انه مستقبلا لا يمكن حكم تونس بدون «النهضة» لأنها أصبحت معطى أساسيا في المشهد السياسي .
ماهي الأحزاب التي تعتبرونها قريبة منكم في الرؤى والتوجهات والتي قد تتحالفون معها؟
حاليا ليس لنا أية قواسم مشتركة مع أي حزب، فالأحزاب التي ظهرت بعد 14 جانفي وفاقت المائة حزب لن يبق منها الكثير ونتوقع أن تغادر بعض الأحزاب سواء الكبيرة أو المتوسطة وحتى من داخل المجلس الوطني التأسيسي مباشرة بعد الانتخابات القادمة فهي لن تحتمل صدمة فشلها .
نلاحظ ان العديد من الأحزاب إلى اليوم ليس لها خطاب واضح وهي ليست مهيكلة وليست لها برامج تخرج عن المألوف أو ذات مقاربة جريئة ،اغلب التحالفات كانت مبنية على حسابات ضيقة وحسابات على المواقع وهي لا تعنينا كثيرا في الوقت الراهن ،صحيح نحن نريد موقعا في المشهد السياسي ولكن من بوابة طرح المشاريع وتغيير الأوضاع في تونس.
لا يهمنا مدى حظوظنا في الانتخابات القادمة حتى لو كانت ضئيلة فإن ما نعمل عليه هو الاستمرارية، فالحزب لا يبنى في سنة وكما هو معلوم «بن علي» لم يترك مجالا للتيار الإسلامي لكن هذا الحزب بقي يشتغل على مدى 40 سنة،وبقية الأحزاب وخاصة التيارات التقدمية والحداثية لم يكن لها وجود سياسي واليوم يتطلب بناء خطاب جديد يتلاءم مع التونسيين سنوات من العمل والكد وبالتالي لا يجب النظر إلى التحالفات الحالية بقدر ما يجب النظر إلى ما هو أبعد من ذلك ...فالتحالفات التي قمنا بها سابقا ورغم فشلها أقنعتنا أن مصير كل ماهو مصطنع الفشل ولذلك نفضل البناء تدريجيا «خطوة» «خطوة» .
لاحظنا انه كانت هناك إنتهازية من قبل بعض الأحزاب ورغبة في جني الثمار بصفة مستعجلة ولم يكن هناك طرح في العمق وهو ما نرفضه .
دخل بعض نواب «التأسيسي» في إضراب جوع تضامنا مع أهالي «سيدي بوزيد» واحتجاجا على الاعتقالات التي طالت المحتجين فكيف تنظرون لهذا الإضراب الأول من نوعه للنواب؟
هناك دولة لا بد من احترامها، فحتى ولئن كانت المطالب مشروعة فإن التعبير عنها يجب ان يكون ضمن مسالك الدولة وليس على أهواء الناس ،هؤلاء النواب همهم الوحيد السلطة والانتخابات القادمة إذ لا يمكن المطالبة بإطلاق سراح أناس خرجوا عن السلطة وكأنه تشجيع على العصيان وهذا مرفوض من نواب الشعب .
لكن الاعتداءات طالت مؤخرا «نواب الشعب» فبعضهم تعرض للعنف، وهناك من تعرض إلى عنف لفظي ألا يعد ذلك سابقة خطيرة؟
الموضوع لم يعد متعلقا بنائب بل بالعمل السياسي ككل، فالاعتداءات ستتواتر في قادم الأيام إما نتيجة الاستقطابات أو نتيجة مساهمة بعض الأحزاب في ما يعرف بحملات التشهير ...الداء استفحل ومن الواضح انقسام المجتمع وقد اقتربنا من الخطوط الحمراء التي تذكرنا ب «المرحلة اليوسفية» عندما انقسم المجتمع إلى جزأين، اليوم لم يعد للناس شعور بضرورة المحافظة على الوحدة الوطنية وللأسف هذه المسألة وعلى خطورتها ليست هاجسا للأحزاب بل هناك من يدفع نحو الكراهية والحقد .
أثارت قضية الفتاة المغتصبة العديد من الردّود ولكن لم نلاحظ مواقف واضحة من الأحزاب لماذا حسب اعتقادك؟
الاعتداء مدان، والسلطة من واجبها أن تحمي الناس ،لا أن تتحول إلى «حرامي» فالمسألة تتعلق بالحريات وبانتهاك الأعراض وهذا غير مقبول حتى في القيم الإسلامية والتقاليد. صحيح ان هذا الحادث يقع حتى في البلدان الديمقراطية، ولكن من المؤسف إدانة الفتاة بالتجاهر بما ينافي الأخلاق،فمنطقيا حتى وان صحّ ذلك فليس من مشمولات وزارة الداخلية والعدل أن يتدخلا في القضية والأعوان فقدوا صفتهم متى أقدموا على هذه الفعلة فلا يمكن ان يعتمد على شهاداتهم.
لماذا حسب رأيك تأخر تفعيل عمل الهيئة المستقلة للانتخابات؟
اليوم العنصر الأساسي في المشهد السياسي هو حركة «النهضة»، وحركة «النهضة» ليست مستعجلة وبالتالي التأخير في عمل الهيئة لا يزعجها ،بعض الأشخاص والأحزاب مستعجلون لكن هي لا ،لأنها لو أرادت الحسم في هذه المسألة لفعلت منذ البداية إذ كان من الممكن تأسيس لجنة تتكون من ممثلي جميع الأحزاب يقع اختيارهم من المجلس الوطني التأسيسي ويتم ترشيح أسماء وتكون الهيئة منبثقة عن طريق الأحزاب.
صادق أعضاء لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية بالأغلبية على تمرير مشروع إلى لجنة التشريع العام وإحالته على الجلسة العامة وهذا القانون يقضي بإقصاء التجمعيين؟
توقعنا إقصاء التجمعيين ،فمن ناحية الشكل هذه المسألة لها ما يبررها على الأقل أخلاقيا إذا اعتبرنا أن «التجمع» كان أداة لمساندة نظام بن علي ولكن قضائيا ليس هناك ما يبرر الإقصاء ، ولا يمكن محاسبة الجميع فهناك من أسندت له خططا وكان ساخطا على النظام السابق ومن الواضح أنه قرار سياسي وليس بنية العدالة ...ومن الأنسب دراسة الملفات حالة بحالة ونحن نرفض العقاب الجماعي إذ يُخشى ان يشمل في المستقبل تيارات وتصبح مدخلا للاستبداد .
والملفت للانتباه ان هذا القانون سيمر دون أن يخلف أية ردة فعل من الشارع التونسي لأن الشارع أصبح فاقدا للحركة ولن يعارض أو يقول «هذا القرار لا يلزمني»، التونسي اليوم وبالأخص الطبقات الوسطى تعلمت ومنذ الاستقلال اللامبالاة والتقوقع وقد بدأ هذا السلوك في عهد «بورقيبة» وترعرع في «عهد بن علي» دون الإدراك بأن الفضاء العام يؤثر على الفضاء الخاص. فالناس دون وعي لا ينخرطون في العمل السياسي ولا يناضلون من أجل أفكار هم يتفرجون وكأنهم يشاهدون مباراة كرة قدم في حين أن المسألة تتعلق بمستقبلهم وبحياتهم .
من سيكون حسب رأيك مرشح «النهضة» للانتخابات الرئاسية القادمة خاصة أمام الانتقادات الحادة التي وجهها المنصف المرزوقي للحركة؟
لا أظن أن ورقة «المرزوقي» انتهت بالنسبة ل «النهضة»، فهي حزب سياسي عريق وبقدر ما اتضح أنها عاجزة عن تسيير دواليب الدولة فإنها تضم أناسا لهم تفكير سياسي وهو ما سيمكنهم من الاستمرار في الحكم، فورقة رئاسة الجمهورية ستخضع للمقايضة قبيل الانتخابات وبالأخص عند مناقشة طبيعة النظام القادم في تونس صلب المجلس الوطني التأسيسي،و«النهضة» تحتاج إلى حلفائها لاكتمال النصاب وللمرور للنظام المعدل، وستكون هناك وعود لأطراف معينة ولا أظن أنها سترشح شخصية من حركة «النهضة» بل ستستعمل «المقايضة» ولذلك ستكون الشخصية المرشحة من خارج الحركة، ووارد جدا إعادة ترشيح المرزوقي خاصة إذا جمع أنصاره مجددا في حزب «المؤتمر»، ومن الممكن مقايضة مصطفى بن جعفر لكن حظوظه تعتبر أقل خاصة أمام تراجع حزب «التكتل» .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.