درة الأسبوع من وجهة نظري لا يمكن أن تكون غير تلك الجملة / الحكمة التي جاءت على لسان السيد مهدي بن غربية رئيس النادي البنزرتي. «أنا نعمل في السياسة وليست كل الأخبار للنشر..» هذه الجملة المختصرة المفيدة تحيل على قصرها إلى شواطئ مديدة عديدة. سي المهدي أراد أن يقول إنه رجل سياسة ونائب بالمجلس التأسيسي لذلك فهو مطالب بالدخول تحت مظلة الاحتراز حتى وإن كان المجال خارج الاختصاص السياسي. وهذا الكلام «السياسي» لا مكان له في الرياضة.. ومادام الرجل يحمل قبّعتين أو بالتونسي شاشيتين.. واحدة بلون السياسة والثانية بلون الرياضة فإنه رأى أن يضع شاشية هذه مكان تلك!.. إن من حقه أن يلبس الشاشية التي يريد ولكن ليس من حقه أن يخلط بين الألوان حسب ما يرتضيه لسانه وما تمليه الظروف. لقد أراد التخلص من الإحراج الذي وضعه فيه الزملاء الصحفيون الذين حضروا الندوة الصحفية بالسؤال عن تعطل التواصل بين النادي والإعلام.. فلم يجد غير السياسة ملاذا ليتملص من الرد الشافي والمقنع.. إن هذا التمشي يدفع إلى طرح عدة تساؤلات تهم تصرف السيد بن غربية وغيره ممن هم في مواقع شبيهة: - إذا كان المعني لا يريد الخلط بين السياسة والرياضة.. فلم إذن يجمع بين أسلوبين في التعامل مع الإعلام بل بين مسؤوليتين.. ألم يكن من الأجدر اختيار واحدة ومخاطبة الناس بلسان واحد؟.. - هل السياسة تعني في نظر سي المهدي إخفاء الحقيقة والتكتم عليها.. وهو «يعمل في السياسة» وعضو المجلس التأسيسي؟ ألم يدافع هو وزملاؤه عن الحق في كشف الحقائق وقول ما يجب أن يقال في الإبان ودون لف أو دوران؟ - فما باله لم يتجنب الخلط بين الشاشيتين عندما تكلم أكثر من مرة في رحاب المجلس عن الرياضة؟.. طبعا نحن ندرك أن من واجب النائب التعرض لكل ما يهم المواطن في أي مجال كان.. ولكن ما المانع في أن يكون التفاعل بالمثل عندما يتعلق الأمر بالشاشية الثانية؟.. - وفي الآخر هل أن النادي البنزرتي مصنف ضمن القطاعات الإستراتيجية للدولة ليكون خاضعا إلى السرية الواجبة، وكل ما يخالف ذلك يعتبر تهديدا لأمن الدولة؟ يا سيدي، أنتم تريدون وتطالبون بإعلام موضوعي وصادق ونزيه.. فكيف تلحّون على ذلك في تدخلاتكم وخطبكم والحال أنكم أول من يقف في وجه المعلومة بمنع الباحثين عنها من الوصول إليها بتعلات لا تقنع حتى.. السياسي! هذه إحدى العلل التي تعيق تطور الإعلام الوطني وتحسين أدائه.. فالأطراف المنادية بالإصلاح هي أكثر الجهات التي تشكل جدار صدّ أمام كل محاولات الاصلاح والتطوير.. رجاء.. عدّلوا مواقفكم على موقف موحّد.. أو فلنعمل على تفريق المسؤوليات على أن تبقى الرياضة للرياضيين والسياسة للسياسيين.. وحينئذ يحق لسي المهدي وغيره القول «أنا نعمل في السياسة».. .. وبالصدق ألاقيكم وأشد على أياديكم..