كثر الحديث هذه المدة عن قانون المالية لسنة 2013 وسط تضارب الأنباء عن مدى صدقية الوثيقة المسربة عبر الشبكات الاجتماعية والتي قيل انها مشروع قانون المالية لعام 2013 ممّا أثار اكثر من تعليق في ما يتعلق بالزيادات في العديد من الأداءات واسعار بعض المواد والتي بادرت الحكومة بتكذيبها. «التونسية» من اجل القطع مع الإشاعة والحصول على الخبر اليقين وجهت السؤال مباشرة إلى السيد رضا السعيدي، الوزير المستشار لدى رئيس الحكومة المكلف بالملفات الاقتصادية والاجتماعية وذلك على هامش افتتاحه مؤخرا صالون معدات السياحة بمعرض سوسة الدولي فكان الجواب التالي: «مشروع الميزانية الذي سيقع تقديمه للمجلس الوطني التأسيسي مازال إلى غاية اليوم قيد الإعداد من طرف الحكومة حيث خصص ما يزيد عن ٪70 من اشغال مجلس الوزراء المنعقد مؤخرا لتدارس مشروع الميزانية وقانون المالية والميزان الاقتصادي. وبالتالي فإن ما وقع تسريبه على مواقع التواصل الاجتماعي فيه الصحيح وفيه الخطأ. فمشروع قانون المالية يقع إعداده على مراحل ووفق فرضيات متعددة قبل ان يقع اعتماد النسخة النهائية منه التي سنقدمها للمجلس الوطني التأسيسي قبل يوم 20 نوفمبر وفق ما يقتضيه القانون ولتتمكن اللجان المختصة بالمجلس من الاطلاع عليه ومناقشته قبل عرضه على التصويت. وما يمكن التأكيد عليه هو أن المشروع الرسمي لم يقع الاتفاق عليه إلى غاية الآن. فما وقع الترويج له فيه جزء من صنع خيال بعض الأشخاص الذين يتصورون وجود بعض الإجراءات الجبائية وبعض الزيادات التي لم يتخذ فيها قرار إلى غاية اليوم. ما أود التأكيد عليه هو أنّ هناك حرصا من طرف الحكومة على ان تستجيب المالية العمومية لشروط الحوكمة الرشيدة ويكون فيها حسن تصرف في المال العام من حيث التحكم في النفقات وتحسين موارد الدولة. فعندما اعتمدنا استراتيجية Go and stop في إطار رؤية اقتصادية من اجل استرجاع الحيوية الاقتصادية، راعينا في ما يخص التصرف في المالية العمومية التراجع المسجل في الاقتصاد الوطني بعد الثورة الذي بلغ ٪2.2 وقررنا ان تبادر الدولة بالإنفاق من المالية العمومية من اجل تحسين المرافق العامة والبنية التحتية وتحسين ظروف العيش وتهذيب الأحياء الشعبية والنهوض بالعائلات ضعيفة الدخل في إطار فلسفة تتمثل في قيام الدولة بالمبادرة الاقتصادية قبل ان تفسح المجال للقطاع الخاص ليقوم بدوره في التنمية. فمن المعروف ان فترة ما بعد الثورة في أي بلد تليها فترة تباطؤ وترقب وقلق وانتظار ولذا فإن الدولة يجب ان تقوم بملء الفراغ بتحريك الدورة الاقتصادية في فترة الركود قبل ان تعود الأمور إلى نسقها المعتاد. فقد حققنا إلى غاية نهاية العشرة أشهر الأولى من السنة نسبة نمو تقدر ب٪3 ونتمنى ان تتواصل وتتأكد وبالنسبة للسنة المقبلة فإن توقعاتنا تصبّ في اتجاه تحقيق نسبة نموّ ب٪4٫5 وهي نسبة إن تحققت نكون معها قد سجلنا الدخول في مرحلة استعادة النشاط الاقتصادي ومن ثمة الدخول في دورة نمو أيجابية. ما نريد تحقيقه اليوم هو الاستجابة لمتطلبات التنمية في الجهات وهي غاية لا يمكن تحقيقها في سنة واحدة لأنه من الخطأ القول بسد فارق النمو بين الجهات في ظرف سنة او سنتين بل المسألة تتطلب سنوات طويلة. فقد رفعنا خلال الميزانية الفارطة في نفقات التنمية بنسبة ٪30 لتبلغ 6400 مليار وهو امر لم يحدث في تونس إطلاقا وذلك حرصا منا على تفادي النقائص وسد الفجوة بين مختلف المناطق وفي إطار نفس التمشي والإرادة نحن بصدد إعداد الميزانية الجديدة لسنة 2013 لكن تعترضنا العديد من الإكراهات والصعوبات المتعلقة بالزيادات في الأجور، فكتلة الأجور كبيرة جدا في الميزانية وكذلك مخصصات صندوق الدعم بلغت تقريبا نفس مستوى ميزانية التنمية بنسبة ٪5٫5من الدخل الداخلي الخام وهي نسبة مرتفعة جدا ومن أرفع النسب في العالم ولذلك فنحن بصدد مراجعة هذه المنظومة المتعلقة بدعم المواد الأساسية من اجل أن يقع توجيه الدعم لمستحقيه في سياسة أطلقنا عليها مسمى «عملية ترشيد الدعم» بتوجيهه لمستحقيه وهي تجارب وقع اتباعها في عدة دول مثل تركيا والبرازيل والمغرب واندونيسيا وعدة دول أخرى وسيتم في إطار هذا التمشي اتخاذ العديد من الإجراءات التي ستراعي العجز في الميزانية العامة للدولة الذي بلغ نسبة ٪6٫6 خلال السنة الماضية ليصل إلى نسبة ٪5٫9 خلال هذه السنة وسنستمر في هذا التمشي إلى غاية الهبوط بهذه النسبة في إطار الاستراتيجية العامة Go and stop إلى حد ٪2.5 في حدود 2017، إلى جانب ذلك هناك توجه بالتحكم في نسبة المديونية للنزول بها من ٪47 خلال هذه السنة إلى ٪42 سنة 2017 في إطار رؤية فيها مفعول برنامج - Cadre des Dépenses a Moyen Terme CDMT – (إطار مصاريف متوسط المدى) من اجل إعطاء وضوح رؤية للمستثمرين والدائنين ومؤسسات الإقراض في اتجاه طمأنتهم على مستقبل العملية التنموية في تونس. كل هذا كما قلت سيقع تقديمه للمجلس الوطني التأسيسي يوم 20 نوفمبر لتتناوله اللجان بالدرس قبل ان تقع مناقشته والتصويت عليه خلال شهر ديسمبر عند تقديم رئيس الحكومة للبيان الحكومي. وفي ما يتعلق بالميزانية الخاصة بسنة 2012 وعلى إثر التأخير الحاصل في إعداد الميزانية التكميلية وما وقع اثارته من طرف السيد رضا السعيدي نفسه من احتمال وجود صعوبات في تنفيذ كامل بنود الميزانية في الآجال الإدارية أي قبل 31 ديسمبر 2012 أعدنا إلقاء السؤال على السيد الوزير الذي كان جوابه كما يلي: «لقد انجزنا إلى حد الآن ما يزيد عن ٪30 من بنود ميزانية 2012 ونتوقع أن نبلغ نسبة ٪85 قبل موفى السنة الحالية وهو ما يعني فرضية ادماج ٪15 المتبقية من بنود الميزانية خلال السنة المقبلة 2013». وعزا الوزير هذا الوضع إلى التعطيل الحاصل في عملية انجاز بعض طلبات العروض لما تتطلبه من انجاز ودراسات وترتيبات إدارية وقع التقليص فيها لتفادي هذا التعطيل قبل ان يواصل بالقول إنه «هناك اشكالات تعترض تنفيذ العديد من المشاريع وخاصة النقص الواضح في اليد العاملة التي تمس العديد من القطاعات على غرار قطاع البناء والفلاحة وقطاعات اخرى والحكومة ساعية من اجل أيجاد حل لهذا الإشكال» وفي ختام الحوار القصير الذي جمعنا بالسيد رضا السعيدي استفسرناه عن إمكانية حدوث تحوير وزاري فكان جوابه كالتالي: «التحوير الوزاري هو قبل كل شيء من مشمولات السيد رئيس الحكومة الذي له تقدير المصلحة في إجراء تعديل وزاري من عدمه، ومع ذلك نحن حريصون على تحسين اداء الحكومة مع تقييم اداء كل الوزراء بعيدا عن كل تقييم انطباعي أو عاطفي بل سيكون تقييما علميّا وعلى اساسه تتخذ الحكومة قرار التعديل من عدمه وإن كان هناك تحوير فسيكون جزئي ومحدود».