منير بن رجيبة يترأس الوفد المشارك في اجتماع وزراء خارجية دول شمال أوروبا -إفريقيا    بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة يرفع رأس ماله إلى 69 مليون دينار    فيلا وزير هتلر لمن يريد تملكها مجانا    أخبار النجم الساحلي: لا خيار عن الفوز ورهان على عبيد    انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي لمركز «أكساد»    الصعوبات الاقتصادية في لقاء بودربالة برئيس «كوناكت»    اليمن تعلن بدء المرحلة الرابعة من التصعيد: البحر المتوسط ممنوع على الصهاينة    مع الشروق .. عندما تعرّي الثورة الطلابية المبادئ الأمريكية الزائفة    القصرين: تمتد على 2000 متر مربع: اكتشاف أول بؤرة ل«الحشرة القرمزية»    بطاقتا إيداع بالسجن في حقّ فنان‬ من أجل العنف والسرقة    إنه زمن الإثارة والبُوزْ ليتحولّ النكرة إلى نجم …عدنان الشواشي    المركب الثقافي بمدنين يحتضن فعاليات الملتقى الجهوي للمسرح بالوسط المدرسي    محاميتها تتحدث عن كواليس ليلة القبض على الإعلامية حليمة بولند    رئيس الحكومة يشرف على مجلس وزاري مضيق: التفاصيل    المحمدية.. القبض على شخص محكوم ب 14 سنة سجنا    تالة: مهرجان الحصان البربري وأيام الاستثمار والتنمية    "سلوكه مستفز": الافريقي يطالب بتغيير هذا الحكم في مباراته ضد الصفاقسي    حالة الطقس هذه الليلة    سوسة: ايقاف مروج مخدرات وحجز 500 قرصا مخدرا    عاجل/ قضية "اللوبيينغ" المرفوعة ضد النهضة: آخر المستجدات..    فاو: ارتفاع مؤشر أسعار الغذاء... اللحوم والزيوت النباتية والحبوب    حجز 67 ألف بيضة معدّة للإحتكار بهذه الجهة    نتائج قرعة الدورين ثمن وربع النهائي لكاس تونس لكرة القدم    عاجل/ أعمارهم بين ال 16 و 22 سنة: القبض على 4 شبان متورطين في جريمة قتل    العثور على جثة آدمية مُلقاة بهذه الطريق الوطنية    ألكاراز ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة بسبب الإصابة    توطين مهاجرين غير نظاميين من افريقيا جنوب الصحراء في باجة: المكلف بتسيير الولاية يوضّح    توقيع محضر اتفاق بين وزارة التربية وجامعة التعليم الأساسي .    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها    الرابطة الأولى: تعيينات حكام مقابلات الجولة الثانية إيابا لمرحلة تفادي النزول    كرة اليد: بن صالح لن يكون مع المنتخب والبوغانمي لن يعود    مراسلون بلا حدود: تونس في المرتبة 118 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لسنة 2024    بطولة افريقيا للسباحة : التونسية حبيبة بلغيث تحرز البرونزية سباق 100 سباحة على الصدر    188 قتيلا في فيضانات جراء الأمطار بكينيا..#خبر_عاجل    الحماية المدنية:15حالة وفاة و500إصابة خلال 24ساعة.    السعودية: انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة "أكساد"    منظمة إرشاد المستهلك:أبلغنا المفتي بجملة من الإستفسارات الشرعية لعيد الإضحى ومسألة التداين لإقتناء الأضحية.    مدنين: حجز 50 طنا من المواد الغذائية المدعّمة    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    قرعة كأس تونس 2024.    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    أعمارهم بين 13 و16 سنة.. مشتبه بهم في تخريب مدرسة    جدل حول آثار خطيرة للقاح أسترازينيكا مالقصة ؟    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    خطير/ خبير في الأمن السيبراني يكشف: "هكذا تتجسس الهواتف الذكية علينا وعلى حياتنا اليومية"..    عاجل/ الأمن يتدخل لاخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين في البحيرة من الأفارفة..    زلزال بقوة 4.2 درجة يضرب إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    العمل شرف وعبادة    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    "أنثى السنجاب".. أغنية أطفال مصرية تحصد مليار مشاهدة    بايدن يتحدى احتجاجات الطلبة.. "لن أغير سياستي"    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان عبد الله الشاهد    وفاة الممثل عبد الله الشاهد‬    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    وفاة الروائي الأميركي بول أستر    ''أسترازنيكا'' تعترف بأنّ لقاحها له آثار قاتلة: رياض دغفوس للتونسيين ''ماتخافوش''    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«حسين الديماسي»ل«التونسية»:اتحاد الشغل يتعامل مع الزيادات بعقلية الغنيمة ..وقانون المالية 2013 المرّوج له سيكون الأسوأ منذ الاستقلال
نشر في التونسية يوم 09 - 11 - 2012

وزير المالية المستقيل، رجل الاقتصاد، ابن الاتحاد العام التونسي للشغل، الإعلامي المتخصص، كلها أوصاف يمكن ان نطلقها على السيد حسين الديماسي وزير المالية المستقيل فالرجل الذي بدأ حياته موظفا بالشركة التونسية للسكر بباجة لم يكن ليتأقلم مع وضعه الوظيفي فقرر الرحيل إلى فرنسا وتحديدا جامعة غرونوبل أين اتم دراسته الجامعية ليحقق حلمه بالالتحاق بالتعليم العالي. لكن الظروف حتمت عليه الانتظار قليلا بعد عودته من فرنسا قبل الدخول للجامعة، فعمل في الأثناء بوزارة التخطيط إلى جانب رجل الاقتصاد المعروف السيد منصور معلّى. دخل الجامعة سنة 1974 وعمل بقسم العلوم الاقتصادية بالمركب الجامعي بتونس، انخرط في العمل النقابي حيث كان من مؤسسي نقابة التعليم العالي سنة 1975 قبل ان يتقلّد عدة مناصب جامعية أوصلته إلى ان يكون عميد كلية الحقوق والاقتصاد والعلوم السياسية بسوسة لمدة ثلاث سنوات وظل يسير تحت مظلة المنظمة النقابية التي انخرط فيها في أول التسعينات وعملا بها مستشارا اقتصاديا بقسم البحوث والدراسات التابع للمنظمة الشغيلة. دخل كذلك الميدان الإعلامي منذ أوائل التسعينات أين أمن برنامجا اقتصاديا لمدة ثلاث سنوات ودائما في خطة مستشار أو خبير اقتصادي هذه الخطة التي عاد ليشغلها إثر استقالته ضمن إذاعة «جوهرة أف أم» حيث يشارك في تأثيث برنامج «بوليتكا».
سياسيا لم تكن له تجارب كبيرة في العمل الحكومي. فبعد أن كان ضمن الثلاثي الذي اقترحه الاتحاد العام التونسي للشغل في حكومة محمد الغنوشي يوم 17 جانفي 2011 لمنصب وزير التشغيل انسحب يوم 18 جانفي بعد ان رفض الاتحاد التشكيلة الحكومية المقترحة آنذاك لكنه عاد وتقلد بتاريخ 26 ديسمبر من نفس السنة 2011 منصب وزير المالية الذي بقي فيه إلى غاية 27 جويلية 2012 تاريخ استقالته من الحكومة الحالية. التقيناه حيث استقبلنا بصدره الرحب وتواضعه ودماثة أخلاقه فكان معه هذا الحوار.
سيد حسين الديماسي بعد أكثر من مائة يوم على استقالتك من الحكومة هل انتابك ندم على هذه الخطوة التي أقدمت عليها؟
لا.. أبدا فقد اتخذت قراري عن رويّة واقتناع ولم أتسرع في الاستقالة حيث أني لم اكن راضيا منذ البداية عن العديد من الأمور لكنه كان لي أمل دائم في أن تتحسن بمرور الوقت وبتوفر مزيد من الانسجام بين اعضاء الفريق الحكومي الحديث العهد بمثل هذه المهمات وبادرت بالعمل الجدي منذ اول يوم تسلمت فيه مقاليد الوزارة وانكببنا على إعداد ميزانية تكميلية من اجل تصحيح بعض الأمور وأعددنا العديد من البرامج من اجل إدخال إصلاحات هيكلية على بعض القطاعات من اجل ان تساهم في تدارك الانهاك الذي بدأ يصيب القطاع الاقتصادي وتدني العديد من المؤشرات المتعلقة به لكن وللأسف رغم هذا المجهود كنت أحس بنفسي معزولا عن دائرة القرار فلم يقع في أغلب الأحيان الأخذ بما قدمته من اقتراحات وتوصيات وهذا مؤسف، خاصة عندما أشعر ان الحكومة أو مجلس الوزراء مقتنع بما وقع اقتراحه لكنه في الأخير لا يعمل به لأسباب غير معلومة.
لو تعطنا مثالا عن بعض هذه المقترحات؟
أول المقترحات كانت تلك المتعلقة بالزيادة في سعر المحروقات التي اقترحنا ان يقع العمل بها منذ شهر أفريل 2012 وذلك لمجابهة التصاعد المتفاقم لنفقات صندوق التعويض التي نذكر انها تناهز تقريبا مبلغ 5 مليارات دينار وهو ما يساوي تقريبا 19% من حجم الميزانية. فبلغة الأرقام وقع اعتماد سعر برميل البترول المرجعي عند إعداد مشروع الميزانية بما قيمته 110 دولارات وكذلك سعر الصرف المرجعي للدولار بالنسبة للدينار ب1.5 دينار، وهي أرقام خاطئة بالرجوع لما هو موجود حاليا على ارض الواقع. فمن المنتظر أن يبلغ معدل سعر برميل النفط حوالي 115 دولارا ومعدل سعر صرف الدولار مقارنة بالدينار نسبة 1.64 وهو ما يعني أن العجز المعلن عنه في الميزانية والذي وقع تحديده بنسبة 6.6% ، وهي للتذكير، نسبة مرتفعة جدا مقارنة بالمقاييس المعتمدة وبالنظر للمعايير الدولية وهذه النسبة إذن هي مرشحة لأن ترتفع اكثر نظرا لسوء التقدير وسوء التصرف.
فلو نعتمد فقط على معيار سعر البترول فحسب فإن نسبة تفاقم نسبة الدعم بسبب التأخير في هذا القرار من شهر أفريل إلى غاية شهر سبتمبر تبلغ وحدها مبلغ 240 مليون دينار، وهنا نؤكد ان حسن التصرف يقتضي أخذ القرار المناسب وفي التوقيت المناسب.
هل من توضيحات إضافية عن أسباب الاستقالة غير تلك التي قدمتها يوم 29 جويلية 2012؟
هي نفسها، التي أعيد تقديمها لك فيومها لم أخف أية حقيقة متعلقة باستقالتي وأسبابها ثلاثة.
أولا الطريقة التي أقيل بها السيد مصطفى كمال النابلي، محافظ البنك المركزي التونسي ثم التصرف في المالية العمومية واستغلال ميزانية الدولة لأغراض انتخابية.
هل من توضيح اكثر؟
بالنسبة لمسألة إقالة السيد مصطفى كمال النابلي، فهذا الإجراء حزّ في نفسي كثيرا وأنا لا أتوافق معه ليس كإجراء وإنما كطريقة.
فلكي اعطي للسيد مصطفى كمال النابلي، الذي هو زميل وصديق منذ أيام الدراسة بمعهد الذكور بسوسة وخلال فترة عمله بوزارة التخطيط أواسط التسعينات حيث كنت من ضمن مستشاريه وليس المجال اليوم لتقييم كفاءة الرجل أقول إنه متكوّن احسن تكوين ومشهود له بالكفاءة في تونس وعلى المستوى الدولي. وقد أكد هذه الكفاءة من خلال تعامله مع ملفات صعبة خلال ترأسه للبنك المركزي كمحافظ تمكن من السيطرة على الأمور والنأي بها عن أي انفلات أو انهيار رغم الفترات الصعبة التي مرّ بها الاقتصاد الوطني.
أما في ما يخص مسألة إقالته فهي في الحقيقة فضيحة سياسية بكل المقاييس فلو كانت لخطا ارتكبه أو لعدم كفاءته فهذا امر قد يتقبله أي كان لكن السبب الوحيد هو في وجهة نظري سبب سياسي بحت حيث من غير المعقول أن لا يعلل رئيس الجمهورية المؤقت سبب إقدامه على هذه الخطوة التي بانت للجميع وكأنها إرضاء له بعد ان وقع هضم جانبه في ما يتعلق بقضية تسليم البغدادي المحمودي وهو ما يؤكد ان من هم في السلطة اليوم ليس لهم أدنى اكتراث بما يحدث للاقتصاد الوطني ولا هم يراعون مصلحة البلاد بقدر سعيهم لتحقيق مكاسب سياسية وانتخابية ومصالح حزبية ضيقة لا غير.
وماذا عن السبب الثاني؟
السبب الثاني يتنزل في نفس سياق السبب الأول تقريبا من حيث المضمون لكن في مجال آخر، فهل يعقل أن تقوم اول حكومة في تونس منبثقة عن اول عملية انتخابية في البلاد بعد الثورة وبعد ما شهده اقتصاد البلاد من غصرات وهزات وأزمات طوال سنة 2011 وصلت حد التعطيل الكامل للعديد من القطاعات الحيوية على غرار الفسفاط وقطاع السياحة وبعد شهر من استلامها مقاليد الحكم بإرهاق الميزانية بمصاريف لم تكن موجهة لقطاعات منتجة. وهنا أذكرك انه منذ شهر جانفي للسنة الحالية قامت الحكومة بتوسيع قاعدة العائلات المعوزة لتنتقل بعددها من 170 الفا إلى حوالي 250 الفا والترفيع في المنحة المسندة لها من 70 دينارا إلى مائة دينار هذا إضافة إلى اعتماد سياسة الانتداب وفق آلية الحضائر وهو بدوره قطاع لم يبين جدواه فأغلب المنتفعين بهذه الآلية لا يشتغلون فعليا وهو قطاع فيه العديد من التجاوزات ويستنزف مقدرات الميزانية والمالية العمومية من دون مقابل انتاج.
وهذا الإجراء أضيف إليه قرار الترفيع في عدد الانتدابات في الوظيفة العمومية من 21000 كما كان مقررا إلى 25000 أو يزيد مع الموافقة على زيادة قدرت ب70 دينارا وفي كل قطاعات الوظيفة العمومية تقريبا.
كل هذه المعطيات والإجراءات وقع اتخاذها ليس لأسباب موضوعية وعلمية تراعي مصلحة الاقتصاد الوطني بل أغلبها اتخذ من اجل مصالح سياسية وأغراض انتخابية بحتة مما نتج عنه ارتفاع نسبة التضخم التي مازالت في ارتفاع متزايد جراء عدم الاعتماد على مقاييس موضوعية في الترفيع في بعض النفقات التي ليس لها مقابل على مستوى الانتاج.
بقي أن توضح لنا السبب الثالث؟
السبب الثالث لاستقالتي من العمل الحكومي هو في الحقيقة السبب المباشر الذي عجّل بخروجي من الوزارة حيث بدأ النقاش في مجلس الوزراء وقتها عن الإعداد لسنّ قانون من اجل اسناد تعويضات لبعض المساجين السياسيين السابقين خارج إطار قانون العدالة الانتقالية.
فقد رغب عدد من الوزراء ولغايات «سياسيوية» بحتة في تمرير قانون من اجل الاسناد المباشر للتعويضات خارج أي إطار وبالخصوص إطار العدالة الانتقالية وباعتماد قائمات يعلم الله الطريقة التي كانت ستعدّ بها.
هذا الأمر هو الذي جعلني أبادر بتقديم الاستقالة مباشرة من منصب وزير المالية.
هل من تفاصيل إضافية حول هذه النقطة بالذات؟
أعتذر عن تقديم مزيد من التفاصيل فهناك اخلاقيات والتزام سياسي يمنعاني من الكشف عن العديد من الأمور الداخلية والتي تعد تفاصيل لا فائدة من ذكرها.
على إثر استقالتك ببضعة أيام روج أنك ستنضّم لحزب «نداء تونس» لكنك نفيت الأمر بقوة، هل هو موقف من الحزب بذاته ام موقف من النشاط السياسي ككل؟
لا هو ليس موقفا من «نداء تونس»، بل بالعكس انا احترم هذا الحزب كغيره من الأحزاب ولكن أنا لا احتمل الانضباط الحزبي ولا أرى في الأحزاب السياسية الإطار الأمثل لخدمة هذا البلد العزيز علينا جميعا، فبكل صراحة الأحزاب السياسية كثرت فيها المصالح الشخصية على حساب المصلحة الوطنية وقد جرّبت في ما مضى الحياة السياسية حيث كنت من مؤسسي حزب «الوحدة الشعبية» رفقة السيد احمد بن صالح والذي عقد مؤتمره التأسيسي في سويسرا كما يتذكر الجميع وقد بقيت في هذا الحزب لمدة ثلاث سنوات تقريبا قبل ان أغادره لعدم ايماني وانضباطي للعمل الحزبي لا غير.
طيب، على إثر استقالتك روج البعض العديد من الروايات منها ان استقالتك كانت استباقا منك لقرار إقالتك وشق آخر روج لكونها جاءت تضامنا مع المحافظ السابق للبنك المركزي؟
لا هذا ليس صحيحا ولا دقيقا بالمرة وما على من أدعى شيئا إلا ان يثبته، أنا شخصيا لما قبلت الوزارة لم يكن هدفي المنصب في حد ذاته وانّما ايمانا مني بأنني قادر على إعطاء شيء لهذا البلد في ظل الظروف العصيبة التي يمر بها الاقتصاد الوطني ولم أفكر أبدا في طريقة خروجي من الحكومة ولم أنضمّ لها كذلك لأن فلان كان يشغل خطة ما أو اي شيء من هذا القبيل, كل ما في الأمر أني لما أحسست انه لم يعد بإمكاني تقديم الإضافة في ظل الحسابات السياسية الخاطئة فضلت الانسحاب لا غير.
يعيب عليك الكثيرون أنك ضد الزيادات في الأجور ومع الترفيع في سعر المحروقات وبعض المواد الأساسية؟
كل شخص حرّ في ما يعتقد، ولكن الأمور لا تطرح بهذه الطريقة السطحية وانا أطالبهم ببساطة بتقديم البديل عوض النقد الأجوف. أنا أذكر فقط ان حجم الدعم الذي تقدمه الدولة لبعض المواد والتي من ضمنها المحروقات يناهز او يزيد عن مبلغ 5مليارات دينار وهو ما يمثل تقريبا 19% من ميزانية الدولة وما يقارب 5.5% من الناتج الوطني الخام وهو رقم قياسي عالمي تقريبا كما أنه يعتبر من النفقات الغير المنتجة على اعتبار توجهه للمواد الاستهلاكية.
وبإمكان الذين لم يعجبهم هذا الطرح بأن يتخيلوا لو وجّه هذا المبلغ لنفقات التنمية كيف يمكن ان تكون مردوديته، فلا يمكن اليوم تنمية المناطق الداخلية والمحرومة ما لم يقع الترفيع بنسب كبيرة في نفقات التنمية والبنية التحتية. أما بالنسبة للتعويض فلابد ان يقع التفكير في آلية بديلة لهذا التمشي الذي لا يستفيد منه ضعاف الحال بقدر ما تستغله قطاعات أخرى لا تعود مرابيحها ضرورة لخزينة الدولة بل لجيوب المهربين والمتهربين.
أما على مستوى الأجور فهذه مسألة اخرى، فأنا اليوم كابن الاتحاد العام التونسي للشغل أقولها بكل صدق ضد عقلية الغنيمة التي يتعاطى بها النقابيون مع كل ترفيع في الأجر فهناك مكاسب اخرى يمكن ان تعمل على تحقيقها المنظمات النقابية لأن الترفيع في مستوى الأجر لابد أن يكون مصحوبا بنمو في القدرة على الانتاج وليس مجرد مكسب نقابي نثقل به كاهل المؤسسة وكاهل الدولة مما يساهم بدوره في ارتفاع الأسعار وندخل بهذه الطريقة في دوامة من الارتفاعات التي هي بدورها سبب مباشر في تفاقم البطالة وارتفاع التضخم وفيما بعد التخفيض في سعر صرف الدينار وهذا اخطر نتيجة لهذا التمشي الخاطئ.
فالوضع الأمثل لهذه المرحلة بالذات هو المحافظة على مستوى التأجير وكذلك الضغط على الأسعار للمحافظة على التوازنات الاقتصادية من أجل تحسينها.
من خلال ما وقع الكشف عنه، ما هو تقييمك لقانون المالية بالنسبة لسنة 2013؟
أولا لا أودّ التعليق على هذا الموضوع ما لم يقع الكشف رسميا عن مشروع قانون المالية بالنسبة لسنة 2013 فما وقع تسريبه قد يكون صحيحا وقد يكون خاطئا. مع هذا فقط اطلعت على البعض مما وقع الترويج له وأقول ببساطة ان هذا المشروع إن كان صحيحا وإن وقع اعتماده سيكون أسوأ قانون مالية عرفته البلاد منذ الاستقلال.
والسبب هو ان هذه الميزانية لم تأخذ بعين الاعتبار العديد من الاستحقاقات الحارقة والتي ستميز سنة 2013 والتي أبرزها ثقل حجم الدين العام المستوجب تسديده هذه السنة والذي مقداره 4.5 مليارات دينار ثم بلوغ نفقات صندوق الدعم حوالي 6 مليارات دولار بمفعول ارتفاع اسعار المواد المدعمة وبالخصوص منها المحروقات والحبوب. أما على مستوى الموارد فإنها ستكون شحيحة وبالخصوص في ما يتعلق بعائدات الشركات الوطنية التي تعطل عملها خلال سنة 2011 فقطاع الفسفاط مثلا توقف كليا ولفترة معينة سنة 2011. ولم يكن هناك تصدير وبالتالي فإن العائدات التي من المفترض أن تدخل خزينة الدولة ستكون شحيحة هذا فضلا عن انخفاض الموارد المتأتية من التنمية بحكم تباطئ النسق على هذا المستوى وانا لا اوافق على النسبة المقدمة من الحكومة والتي تقول ان نسبة نمو الاقتصاد ستكون في حدود 3.5 % لأنها نسب وقع احتسابها مقارنة بسنة 2011 وهي سنة كانت نسبة النمو فيها سلبية هذا فضلا عن احتمال تواصل عائدات القطاع السياحي الذي يمر بصعوبات هيكلية لم تسع الحكومة لإيجاد حلول جدية لها رغم إعدادنا لبرنامج في هذا الغرض لكن لم أفهم لماذا لم يقع تفعيله إلى حدّ الآن.
على ذكر القطاع السياحي، حذر الكثيرون من تداعيات أحداث 14 سبتمبر الفارط على القطاع فكيف تقيّم مستقبله؟
أحداث 14 سبتمبر أثرت سلبا ومن دون شك وفق تصريحات أهل الاختصاص على القطاع وبصفة مباشرة لكن الأخطر من احداث 14 سبتمبر على السياحة وعلى الاقتصاد ككل هي ظاهرة الاغتيالات السياسية التي بدأت تنتشر في تونس وقد بلغت العملية مداها بحادثة اغتيال لطفي نقّض وهي إن تواصلت فإنها ستكون لها تداعيات سلبية جدا على الاقتصاد الوطني. فلابد من الحد من انزلاق الصراع السياسي إلى العنف الذي بلغ حد الاغتيال وهو ما يذكرنا بما حدث في تونس في السابق من اغتيالات سياسية على غرار اغتيال المرحوم الحسين بوزيان من طرف بعض اليوسفيين.
وماذا عن وضعية الصناديق الاجتماعية؟
بالنسبة للصناديق الاجتماعية فإنها وصلت مرحلة من الخطر وجب معها اشعال الأضواء الحمراء. فالمعلوم ان صلابة هذه الصناديق مرتبطة بمستوى مدخّراتها وفي هذا السياق فإن الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية الذي استهلك كافة مدخراته يتصرف اليوم مباشرة في عائداته من الانخراطات وهو ما يعني ان مجرد اختلال او تأخر في دفع الانخراطات يمكن في أي لحظة أن يجعل هذا الصندوق عاجزا عن تسديد الجرايات. وهنا وجب التذكير ان التغطية الاجتماعية في تونس وبالخصوص جرايات التقاعد هي من ضمن الأرفع في العالم فمثلا في ألمانيا نسبة جراية التقاعد لا يمكن ان تتجاوز نسبة 60% من الجرايات الأصلية بينما هذه النسبة عندنا تبلغ معدل 90 % وهي نسب مرتفعة وممتازة.
وكذلك الوضعية بالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فهو بدوره يمر بصعوبات ذات علاقة باختلال التوازنات المالية ولذا وجب التفكير في وضع استراتيجية ناجعة من اجل انقاذ هذه الصناديق قبل انهيارها الكلي وهي فرضية قائمة وتهدد أكثر من أي وقت مضى الأوضاع الاجتماعية في البلاد ولابد من التصرف بحكمة وروية وفي متسع من الوقت حتى نتفادى المفاجئات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.