فوز رئيس المجلس العسكري في تشاد في الانتخابات الرئاسية    بعد معاقبة طلاب مؤيدين لفلسطين.. رئيسة جامعة كورنيل الأمريكية تستقيل    بنزرت.. الاحتفاظ بثلاثة اشخاص وإحالة طفلين بتهمة التدليس    نبات الخزامى فوائده وأضراره    وزير الخارجية: تونس حريصة على المحافظة على العلاقات التّاريخية والطّبيعية التّي تجمعها بالاتّحاد الأوروبي    المرسى: القبض على مروج مخدرات بحوزته 22 قطعة من مخدّر "الزطلة"    بسبب التّهجم على الإطار التربوي.. إحالة ولي على محكمة الناحية بسوسة    استدعاء سنية الدّهماني للتحقيق    أولا وأخيرا...شباك خالية    للنظر في إمكانية إعادة تأهيل عربات القطار: فريق فني مجري يحل بتونس    أم تعنّف طفليها وتسبب لهما كسورا: وزارة المرأة تتدخل    شكري حمدة: "سيتم رفع عقوبات الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات في أجل أقصاه 15 يوما"    الرابطة 1 (مرحلة التتويج) حسام بولعراس حكما للقاء الكلاسيكو بين الترجي والنجم    المدير الفني للجنة الوطنية البارلمبية التونسية ل"وات" : انطلقنا في الخطوات الاولى لبعث اختصاص" بارا دراجات" نحو كسب رهان التاهل لالعاب لوس انجليس 2028    تونس تفوز بالمركز الأول في المسابقة الأوروبية لزيت الزيتون    قبلي: تنظيم يوم حقلي في واحة فطناسة بسوق الاحد حول بروتوكول التوقي من عنكبوت الغبار    هام/ وزارة التربية: "نحن بصدد بلورة تصوّر جديد لمعالجة هذا الملف"..    المندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية بصفاقس تواصل حملتها على الحشرة القرمزية    اللغة العربية معرضة للانقراض….    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    عاجل : إغلاق مطار دكار بعد إصابة 11 شخصاً في حادث طائرة    سلالة "كوفيد" جديدة "يصعب إيقافها" تثير المخاوف    سابقة.. محكمة مغربية تقضي بتعويض سيدة في قضية "مضاعفات لقاح كورونا"    181 ألف بناية آيلة للسقوط في تونس ..رئاسة الجمهورية توضح    نابل: الكشف عن وفاق إجرامي يعدّ لاجتياز الحدود البحرية خلسة    الزمالك المصري يعترض على وجود حكام تونسيين في تقنية الفار    أبطال أوروبا: دورتموند الأكثر تمثيلا في التشكيلة المثالية لنصف النهائي    زغوان: حجز 94 طنا من الأعلاف غير صالحة للاستهلاك منذ افريل المنقضي    كأس تونس: البرنامج الكامل لمواجهات الدور ثمن النهائي    يمنى الدّلايلي أوّل قائدة طائرة حربية مقاتلة في تونس    دراسة صادمة.. تناول هذه الأطعمة قد يؤدي للوفاة المبكرة..    عاجل/ الحوثيون يعلنون استهداف ثلاث سفن بصواريخ وطائرات مسيرة..    الزغواني: تسجيل 25 حالة تقتيل نساء في تونس خلال سنة 2023    مفزع: 376 حالة وفاة في 1571 حادث مرور منذ بداية السنة..    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    حماية الثروة الفلاحية والغابية من الحرائق في قابس....و هذه الخطة    في وقفة احتجاجية أمام مقر الاتحاد الأوروبي.. "تونس لن تكون مصيدة للمهاجرين الأفارقة"    قضية مخدّرات: بطاقة ايداع بالسجن في حق عون بالصحة الأساسية ببنزرت    السلطات السعودية تفرض عقوبة على كل من يضبط في مكة دون تصريح حج.    مقارنة بالسنة الفارطة: تطور عائدات زيت الزيتون ب91 %    الثلاثي الأول من 2024: تونس تستقطب استثمارات خارجيّة بقيمة 517 مليون دينار    الفيلم العالمي The New Kingdom في قاعات السينما التونسية    كشف لغز جثة قنال وادي مجردة    على طريقة مسلسل "فلوجة": تلميذة ال15 سنة تستدرج مدير معهد بالفيسبوك ثم تتهمه بالتحرّش..    البطولة العربية لألعاب القوى للشباب: ميداليتان ذهبيتان لتونس في منافسات اليوم الأول.    عاجل/ نشرة استثنائية: أمطار متفرقة بهذه المناطق..    بطولة روما للتنس للماسترز : انس جابر تواجه الامريكية صوفيا كينين في الدور الثاني    كتاب«تعبير الوجدان في أخبار أهل القيروان»/ج2 .. المكان والزّمن المتراخي    آخر أجل لقبول الأعمال يوم الأحد .. الملتقى الوطني للإبداع الأدبي بالقيروان مسابقات وجوائز    «قلق حامض» للشاعر جلال باباي .. كتابة الحنين والذكرى والضجيج    محمد بوحوش يكتب...تحديث اللّغة العربيّة؟    مدْحُ المُصطفى    ستنتهي الحرب !!    إذا علقت داخل المصعد مع انقطاع الكهرباء...كيف تتصرف؟    عشرات الشهداء والجرحى والمفقودين جراء قصف متواصل على قطاع غزة    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صحفي بلجيكي يشهد:إسرائيل قائمة على 10 أكاذيب.. والغرب متآمر
نشر في التونسية يوم 20 - 11 - 2012

وغزة تعيش أياما عصيبة جراء الاعتداء الغاشم للعدو الصهيوني الذي لا يدخر جهدا في إبادة الشعب الفلسطيني الأعزل وسط تعتيم إعلامي عالمي فاضح وتعاط سياسي مشوب بالشبهات خرج علينا الرئيس الأمريكي الذي لم تفاجئ عملية إعادة انتخابه لفترة رئاسية ثانية أي طرف، خاصة أنه أكثر رئيس في تاريخ هذا البلد قدم دعما للكيان الصهيوني بتصريح من تيلاندا التي وصلها الأحد قال فيه إن «الولايات المتحدة تدعم تماما حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وأنه من حق إسرائيل أن تتطلع لعدم إطلاق الصواريخ على أراضيها».
في قلب هذه العتمة الإعلامية والعهر السياسي تتعالى بعض الأصوات دفاعا عن الحق والحقيقة متشبثة بنوع من الموضوعية والالتزام تجاه ما تراه وتعرفه من حقائق لا يمكن تزييفها حتى وإن اتحدت لأجل ذلك كل لوبيات العالم.
من ضمن هؤلاء الصحفي البلجيكي المعروف «ميشال كولون»» Michel Collon المختص في كشف الأكاذيب الصحفية والإعلامية والذي ألّف كتابا اختار له عنوان «لنتحدث عن إسرائيل» Israel: parlons-en أثثه بجملة من الحوارات التي أجراها مع جملة من الشخصيات الصحفية والمؤرخين وحتى المواطنين العاديين وهي تقنية قادته إلى استنتاج يقول إن الكيان الإسرائيلي قام على جملة من المغالطات والأكاذيب التي يستمر نسجها إلى حدّ الآن.
«التونسية» تقدم قراءة مترجمة للمحاضرة الصوتية التي خصصها «كولون» لتقديم كتابه والتي تلخص الخيوط العريضة والمحاور الهامة التي احتواها المؤلف.
يقول «كولون» في مستهل كلامه «قبل تأليف هذا الكتاب كلفت مجموعة من معاوني بأن يسألوا الناس في الشارع عما يعرفونه عن نشأة وتاريخ الكيان الإسرائيلي، وقد كانت النتائج كارثية حيث تبين لي ان أغلب الناس لا تعرف الحقيقة وهذا مفهوم ونتيجة منطقية لستين سنة من الخطاب الإعلامي المغلوط الذي تروج له كبريات المؤسسات الإعلامية في أوروبا وفي العالم أجمع والتي تبنت ما سعت إسرائيل ذاتها لترويجه وقد لخصتها في عشر نقاط يمكن تسميتها الأكاذيب الإعلامية الكبرى حول إسرائيل. Les dix plus grands Média-Mensonges d'Israël.
إسرائيل مشروع استعماري أقدم بكثير من «المحرقة»
الكذبة الكبرى الأولى التي قامت عليها إسرائيل بحسب «كولون» تتعلق بدوافع نشأة الكيان الإسرائيلي حيث من غير الصحيح القول بان إسرائيل وقع انشاؤها على إثر «المحرقة» التي تعرض لها اليهود ما بين سنتي 1944 و1945. فالحقيقة أن الكيان الإسرائيلي هو مشروع استعماري أقدم من ذلك حيث طرحت الفكرة لأول مرة خلال مؤتمر «بازل» لسنة 1897 وهو المؤتمر الأول للحركة القومية اليهودية. ومؤتمر «بازل» هذا هو في الحقيقة أولى حلقات مجموعة من الملتقيات التي دأبت على تنظيمه بعض أهم الجمعيات اليهودية ذات الفكر الصهيوني التي نشأت إثر ما تعرض له اليهود في روسيا سنة 1881 والتي نشأت على إثرها فكرة العودة نحو مقاطعة سيون السويسرية - retour vers Sion- .
«كولون» بين في هذا السياق انه خلال هذا المؤتمر الأول للحركة الصهيونية وقع التفكير في إنشاء كيان استعماري يهودي بدعم من القوى الاستعمارية الأوروبية الكبرى التي كان لهذا النفوذ والسيطرة بالخصوص على القارة الإفريقية التي وقع تقسيمها آنذاك كقطعة مرطبات بين العديد من الدول على غرار فرنسا وبريطانيا والبرتغال وبلجيكا ودول أخرى. ثم يضيف «كولون» أن بريطانيا قبلت بدون تردد أن تدعم فكرة قيام هذا الكيان في ذلك الوقت والذي رفضته الامبراطورية التركية عندما طلب منها دعمه ذلك على اعتبار أن لبريطانيا مصالح حيوية في منطقة الشرق الأوسط أرادت من خلالها السيطرة على المنطقة العربية وبالخصوص أن يكون لها رقيب على مصر التي لها معها مشاكل كبيرة وصراعات متعلقة بالخصوص بمسألة السيطرة على قناة السويس المعبر الرئيسي لشحنات الأسلحة والبضائع.
وبالتالي فإن القول بأن فكرة نشأة إسرائيل قامت على إثر ما يعرف بالمحرقة اليهودية هي مغالطة إعلامية حيث هناك ما يفيد من الوثائق والأدلة على أن انشاء دولة إسرائيل هي فكرة استعمارية وقع طرحها منذ اواخر القرن التاسع عشر. وهي مسألة التقاء مصالح بين الغرب واليهود لاغير.
اليهود لم يُطردوا من فلسطين
«ميشال كولون» أبرز كذلك، أن الكذبة الثانية التي قامت عليها دولة إسرائيل هي تلك المتعلقة بالترويج لكون اليهود هم السكان الأصليون لفلسطين وأنه وقع طردهم منها من طرف الإمبراطورية الرومانية سنة 70 بعد الميلاد حيث كذب مؤرخون عديدون هذه الرواية وعلى رأسهم المؤرخ «شلمونسون» الذي قام بدوره ببحوث ودراسات تاريخية استجوب من خلالها مؤرخين وباحثي آثار إسرائيليين أفادوا وأقروا بأنفسهم أنه فعلا لم يقع طرد أي كان من ارض فلسطين بل ان سكانها الأصليين هم من بقوا على أرضها وبالتالي لا وجود لأي تحرك ديمغرافي بالمنطقة ولا يجوز الحديث عن عودة اليهود «لأرضهم المطرودين منها».
نفس المصدر يوضح، ان اليهود الذين تقول لنا إسرائيل اليوم انهم عادوا إلى موطنهم الأم إنما هم في الحقيقة ووفق دراسات موثقة بتصريحات وشهادات تاريخية، مواطنون اوروبيون من أصيلي اوروبا الشرقية وبعض دول الغرب الأوروبي وكذلك دول المغرب العربي الذين دخلوا للديانة اليهودية لسبب أو لآخر.
فلسطين لم تكن صحراء خالية من السكان
الكذبة الثالثة والتي تطرق لها «كولون» هي التي روج لها المستعمر الإسرائيلي والقائلة أن فلسطين كانت أرضا قاحلة وصحراء خالية من السكان وهو أمر غير صحيح بالمرة حيث قال الكاتب ان التاريخ يشهد ويوثق أن فلسطين كانت إلى غاية بدايات القرن العشرين عبارة عن «محيط من مزارع الحبوب» بمعنى انها كانت أرضا خصبة حيث كانت هناك فلاحة كبيرة وكانت هناك صادرات كبيرة في اتجاه أوروبا وفرنسا على وجه التحديد، لعدة منتجات على غرار زيت الزيتون والصابون وبرتقال حيفا الشهير وغيره والدليل أن الإسرائيليين اليوم ينهبون خيرات الأراضي الفلسطينية المحتلة ويصدرونها فلو كانت فلسطين صحراء قاحلة لما أمكن زرعها.
كما ان المستوطنين البريطانيين ومن بعدهم المستوطنون اليهود لما ارادوا انتزاع الأراضي من الفلسطينين خلال عشرينات القرن الماضي كانت هناك صدامات وإضرابات ومواجهات وصلت حد الحرب الأهلية التي وثقها عدة مؤرخين وأكدها اكثر من طرف مستجوب من طرف «كولون» في كتابه وهو ما يفند وبصفة قطعية وحاسمة مقولة «فلسطين كانت أرضا قاحلة وخالية من السكان».
الفلسطينيون فرّوا من القمع والاضطهاد ولم يغادروا وطنهم طوعا
مؤلف الكتاب يضيف أن الأكذوبة الرابعة التي يروج لها الإسرائيليون عبر بعض المقالات الصحفية وبعض التاريخ المزيف تقول إن الفلسطينيين غادروا وطنهم وتركوه للمحتل وهي أيضا أطروحة كاذبة نفاها العديد من المؤرخين ومن ضمنهم يهود على غرار «بابي» و«بيني موريس» الذين شهدوا بحسب تصريحاتهم وبحسب «ميشال كولون» أن الفلسطينيين الذين غادروا وطنهم إنما وقع دفعهم لذلك بقوة السلاح واغتصاب الأراضي ولا يصح القول انهم غادروا فلسطين من محض إرادتهم بل دفعوا لذلك وفق عملية ممنهجة تكرسها عمليات القمع والعنف المسلط لافتكاك البيوت والممتلكات والاستهداف بالقتل والاغتيال والعنف وأن فلاحة فلسطين وصناعيها وتجارها لم يغادروها طوعا بل وقع دفعهم لذلك.
إسرائيل ليست دولة قانون بل هي دولة عنصرية
إلى جانب الأكاذيب والأراجيف ذات المنحى التاريخي التي وقع الترويج لها في السابق والتي اكد مؤرخون عديدون مشهود لهم بالمصداقية والكفاءة عدم صحتها هناك أكاذيب من نوع آخر يقع الترويج لها الآن وفي التاريخ المعاصر والتي هي كذلك عبارة عن جملة من المغالطات الفاضحة حيث أكد «ميشال كولون»» خلال تقديمه لكتابه أنه من غير المقبول اليوم القول بأن إسرائيل دولة قانون ودولة ديمقراطية فدستور ما يسمى بدولة إسرائيل هو الوحيد في العالم الذي لا يضبط حدود الدولة الإسرائيلية والتي هي لغاية اليوم دولة لا تعترف بالحدود وهو ما يؤكد طموحها الاستعماري اللامتناهي وهو ما يخفي نية مبطنة ومستمرة في التوسع لا حدود لها. هذا إضافة إلى كون نفس الدستور الإسرائيلي يعتبر أن إسرائيل هي دولة اليهود وهو تعاط عنصري بالدرجة الأولى. فهذا الطرح يعني أن كل من وجد على أرضها من مواطنين آخرين من غير اليهود هم مواطنون وأناس من درجة ثانية.
فالقانون لا يفرق بين الأديان ولا بين المهن ولا بين الأعراق والتوجهات وهو ما يعني إطلاقا أن إسرائيل ليست دولة قانون بل دولة فوق القانون وهي دولة عنصرية انتقائية تقوم بالتمييز بين البشر على أساس ديني.
ديمقراطية إسرائيل تكرس لديمقراطية السراق
ودائما بخصوص دستور كيان إسرائيل، يبين «كولون» أن دستورا بهذه الشاكلة هو النقيض ذاته لمعنى دولة ديمقراطية وبالتالي فإن القول بان إسرائيل هي الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط وجب الدفاع عنها هو مغالطة كبيرة وكذب مفضوح.
وحتى وجود هياكل ديمقراطية كالبرلمان والجامعات وقوانين وانتخابات ما هو إلا إيهام بالديمقراطية حيث ووفقا لشاكلة الدستور فإن الديمقراطية الإسرائيلية هي في الواقع ديمقراطية بين مجموعة من السرّاق ليدركوا كيف يمكن لهم مواصلة سرقاتهم، هي ليست ديمقراطية هي استعمار حقيقي وهي دكتاتورية.
أمريكا لا تحمي الديمقراطية في الشرق الأوسط
الصحفي البلجيكي يضيف كذلك ان القول بان الولايات المتحدة تحمي الديمقراطية في الشرق الأوسط بحمايتها لإسرائيل هو اكبر مغالطة على اعتبار انها بفعلها هذا تحمي دولة لا تمت للديمقراطية بصلة فلو كانت الولايات المتحدة جادة في حماية الديمقراطية لما حمت أنظمة دكتاتورية في العالم تلطخت أياديها بالدماء.
وللتذكير فإن الولايات المتحدة تمنح على الأقل ما يوازي ثلاثة ملايين دولار سنويا لإسرائيل في شكل مساعدات عسكرية لا غير وهذا تمش طبيعي من حيث انها تدعم الشرطي الذي انتدبته في المنطقة من اجل رعاية مصالحها البيترولية لا غير.
هذا، وقد احتوى الكتاب بحسب مؤلفه حوارا مع المفكر المعروف «تشومسكي» أكد فيه ان إسرائيل هي شرطي الولايات المتحدة في المنطقة الذي يحرس مصالحها ويضرب كل من يرفض تسليمها النفط بالسعر الذي تفرضه هي نفسها ولا تهمها لا ديمقراطية ولا عدالة بل هي تبحث عن السيطرة على منابع البترول وبالتالي الشرق الأوسط، وقد تجسم هذا من خلال مهاجمة العراق والعديد من الاعتداءات الأخرى في المنطقة.
وذكر في هذا الصدد أن الولايات المتحدة قبل أن تتعامل مع إسرائيل حاولت انتداب شرطي آخر في المنطقة هو إيران حيث قامت بإسقاط الوزير الأول الإيراني « محمد مصدق» وقامت بدعم دكتاتورية الشاه التي كانت تريد أمريكا منه ان يجعل من ايران تحت حكمه قوة رادعة لدول المنطقة أو «شرطي الحي» استنادا لعبارة «تشومسكي».
وللتذكير فإن محمد مصدق هو رئيس وزراء إيراني أسبق شغل المنصب بين عامي 1951 و1953 ويعتبر في إيران بطلاً قومياً لرفضه الإمبريالية الغربية وقيامه بتأميم النفط أبان تسلمه الرئاسة، كما قام بخلع الشاه الذي أعيد بعملية أمريكية بريطانية مشتركة سميت بعملية «أجاكس»، والتي أعتقل محمد مصدق بعدها وسجن لمدة ثلاث سنوات وأطلق سراحه بعدها إلا أنه استمر رهن الإقامة الجبرية حتى وفاته عام 1967.
وقد أكد تشومسكي لمؤلف الكتاب أنه وبعد خسارة ايران لم يبق لأمريكا وبريطانيا سوى إسرائيل التي تحميها الولايات المتحدة رغم خرقها لقوانين الأمم المتحدة وللاتفاقات والمعاهدات الدولية ولحقوق الانسان. وهو ما يعني أن الديمقراطية التي تتحدث الولايات المتحدة عن حمايتها إنما هي ديمقراطية تقاسم الثروات بين السراق وناهبي الممتلكات والأراضي لاغير وفق تعبير «كولون».
أوروبا ليست محايدة
أما في ما يتعلق بدول أوروبا فيؤكد مؤلف كتاب «لنتحدث عن إسرائيل» أنه رغم إدعائها الحياد والبحث عن حل للنزاع بين الطرفين فهي ليست كذلك أبدا. فكلنا يتذكر كيف أن «خافير سولانا» خلال فترة حكمه كمنسق عام للاتحاد الأوروبي صرح بكل وضوح وفي إسرائيل بالذات مخاطبا حكامها آنذاك «انتم الدولة الثامنة والعشرون للاتحاد الأوروبي» إضافة إلى أن أكبر شركات صناعة الأسلحة الأوروبية تتعاون تعاونا وثيقا مع شركات السلاح الإسرائيلية ونذكر أسماء مثل «لاقردير» أو «داسو». هذا فضلا على ان دول الاتحاد الأوروبي رفضت الاعتراف بالحكومة الفلسطينية المنتخبة وهي من أذنت لإسرائيل بقصف غزة.
وبالتالي فعندما يقصف نتنياهو أو ايهود باراك أو أولمرت الفلسطينيين فذلك يعني أن الحكومات الأوروبية عموما شريكة في هذا القصف بدعمها المادي والمعنوي للكيان الإسرائيلي ولا يصح بأي حال من الأحوال إدعاؤها ملازمة الحياد فالحقيقة مخالفة لهذا الطرح.
فزاعة معاداة السامية وعنف الفلسطينيين
من جانب آخر أكد «ميشال كولون»» أن كل من يتجرأ على انتقاد إسرائيل وسياسياتها الاستعمارية والعنصرية وفضح التعامل الأوروبي والأمريكي معها الذي هو مبني على مصالح اقتصادية بالأساس تقع مواجهته وتهديده بما يعرف ب«قانون معاداة السامية» وهو القانون الذي يتهم كل من يتبنى طرحا موضوعيا للصراع الفلسطيني الإسرائيلي بمعاداة اليهود والاسرائليين وهذا غير صحيح.
فانتقاد إسرائيل هو في الحقيقة انتقاد لحكومة لا تعترف بالمساواة بين اليهود والمسلمين والمسيحيين واللائكين وبالتالي فإن النقد يهدف لنبذ الكره الذي يروج له هذا الكيان والعنف الممنهج الذي يتبناه.
«كولون» أضاف في سياق متصل ان القول بان الفلسطينيين يتبنون العنف والإرهاب مجانب للواقع ومن قبيل الترهات والأراجيف الإعلامية. فالعنف الحقيقي هو عنف المستعمر الإسرائيلي وعنف من قام باغتصاب البيوت والأراضي الفلسطينية بقوة السلاح. فالجيش الإسرائيلي يقيم في كل مكان حواجز لا يعرف أي كان كم يلزمه من الوقت لاجتيازها ولا يهم إن كان مريضا أو إمراة حاملا أو ذاهبا لعمله او لأي مصلحة عاجلة وهو ما يتنافى مع أبسط حقوق الانسان. وبالتالي فإن العنف الفلسطيني هو عنف من أجل الدفاع عن الحق والدفاع عن الوجود ضد المستعمر الغاصب ومقاومة الاستعمار حق تكفله كافة القوانين في العالم بما في ذلك القوانين المنشأة للمنتظم الأممي. فالمقاومة شرعية والعنف هو عنف الغاصب وهو عنف الاحتلال.
القضية الفلسطينية ليست قضية مستعصية على الحلّ
وفي الأخير ختم «ميشال كولون» مداخلته بالتأكيد على ان القول بعدم وجود حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو بدوره من قبيل الكذب والتسويف ومن باب دعم المستعمر الغاصب على حساب المواطن الفلسطيني المضطهد والمقهور والمقموع.
فالصراع الذي يغذيه الكره والحقد المتفاقمين بين الأطراف المتنازعة والذي تقوم بالترويج له إسرائيل وحلفاؤها هدفه شرعنة استمرار الاعتداءات وتأبيد الصراع لضمان ديمومة قيام الكيان اليهودي بدوره الردعي لحساب الأطراف التي تقوم بحمايته من أجل أهداف استعمارية اقتصادية ومن اجل السيطرة على منابع النفط.
وعلى عكس هذا الهراء نذكر أن إحدى كبريات بعض المنظمات والأطراف الفلسطينية كانت قد اقترحت منذ أواسط الستينات فكرة إقامة دولة واحدة على أرض فلسطين تضمن المساواة بين جميع الأطياف من يهود ومسلمين ومسيحيين ولائكيين وهذه هي قمة الديمقراطية التي تتوافق مع نظرية المرأة تساوي الرجل وكل واحد منها يساوي صوتا.
هذا الطرح لم يعجب إسرائيل وحلفاءها بل واصل الكيان الصهيوني قمعه رافضا أي شكل من أشكال الحوار بل أكثر من ذلك بادرت إسرائيل بتسميم واغتيال أبرز القيادات الفلسطينية من «فتح» و«حماس» وبقية المنظمات وهو ما يؤكد الدور الذي جعلت من اجله إسرائيل كشرطي يحرس مطامع الغرب في البترول الشرق أوسطي وموقفها الرافض لأي حل ينهي الصراع.
وقال «كولون» في خاتمة حواره أن السبيل الوحيد لوضع حد لصراع دام اكثر من ستين سنة ومظلمة من اكبر المظالم التي سجلها التاريخ هو الضغط الشعبي الذي سيدفع يوما ما القادة الأوروبيين والغربيين واليهود وبقية قادة العالم من اجل الكف عن ابادة الفلسطينيين. وهذا الضغط الشعبي لا يمكن ان يستمد قوته إلا من خلال وعي إعلامي يقوم بفضح الأكاذيب التي على أساسها تواصل إسرائيل العربدة والقمع والعيش خارج أي إطار قانوني.
فهل تكون هذه أبلغ رسالة لأمة «إقرأ» لتقرأ التاريخ وتقوم بما عليها ان تقوم به من واجب فضح الأكاذيب والترهات أم تواصل السبات وكتابة البيانات وتنظيم الاجتماعات لشرعنة المؤامرات؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.