فوجئ الرأي العام في تونس بقرار منع بث حوار «سليم شيبوب» صهر الرئيس السابق الذي كان مبرمجا في برنامج «التاسعة مساء» مساء اول امس على قناة «التونسية» قرار منع البث كان بإذن قضائي ورأى فيه البعض تدخلا في حرية الإعلام ومحاولة لفرض الوصاية على هذا القطاع. في حين رأى من ساندوا قرار منع الحوار من البث ان حديث رموز النظام السابق في مؤسسات اعلامية هو عملية تطبيع معهم واضفاء الشرعية على عودتهم من جديد الى الساحة. «التونسية» استطلعت اراء نخبة من السياسيين حول هذا الموضوع. إياد الدهماني عضو المكتب السياسي ل «الحزب الجمهوري» قال «ان منع بث حديث سليم شيبوب يبشر بسياسة سيئة وخطيرة تهدد حرية الاعلام وحرية الصحافة» مضيفا انها «محاولة لاعادة انتاج ممارسات نظام بن علي في قمع حرية التعبير والحد من استقلالية المؤسسات الاعلامية». وأكد اياد الدهماني ان «تدخل القضاء في قرار المنع خاطئ من اساسه لأن قناة «التونسية» تبث من الخارج ولا حق للتدخل القضائي في ما تبثه» حسب قوله مشددا على ان هناك سعيا «لتقنين الرقابة وفرض الوصاية على الاعلام وتكميم الأفواه قانونيا» مشيرا الى «أن هذه الرقابة التي تسعى الحكومة الى فرضها هي رقابة مسبقة.. إذ لا يجب منع حوار تلفزي من البث قبل معرفة فحواه. وتطبيق القانون فقط يكون في حالة بثه وثبت انه خطر على الأمن العام او يثير فتنة او غير ذلك من المخاطر»على حد تعبيره. اما محسن مرزوق عضو المكتب السياسي ل «حركة نداء تونس» فأكد «أن محاولات فرض القيود على حرية الاعلام واضحة للعيان ولا غبار عليهما» وأضاف مرزوق «أن الحكومة لم تمنع أناسا متهمين بقضايا ارهابية من الحديث في المؤسسات الاعلامية ولم تقل انها تثير بلبلة او فتنة في البلاد في حين منعت سليم شيبوب من الحديث وتوضيح الأمور للرأي العام» مضيفا قوله انه «من حق الشعب الوصول الى المعلومة ومن حقه الحكم ولا وصاية عليه من احد كما ان من حق شيبوب الرد والحديث حتى وان كان قد اجرم في حق الشعب التونسي». وشدد مرزوق على «أن البيع والشراء على حساب العدالة صار مكشوفا ولا يستحق اثباتات منذ ان امسكت «الترويكا» وعلى رأسها «النهضة» بزمام الحكم» مضيفا «أن القضاء يزج به في كل مرة من طرف الحكومة لخدمة مصالح الحزب الحاكم ولكن عندما يتوجب استدعاؤه لحماية الناس يقع تقييده». وتساءل عضو المكتب السياسي ل «نداء تونس» في هذا الصدد: «لماذا لم يتدخل القضاء لمنع الجبالي من الحديث عن التقرير الطبي الثاني الخاص بلطفي نقض في حين ان القضية لازالت جارية وتعتبر من أسرار القضاء». وأكد مرزوق ان ما يحدث خطير جدا منبها الى ما أسماه ب «خطورة مشروع حركة «النهضة» في خصوص الحريات معتبرا ان هذا المشروع: «اذ لم ينجح بصفة كاملة الى حد الآن فذلك يعود الى يقظة الشعب ويقظة المعارضة ومكونات المجتمع المدني». فتحية السعيدي عضو المكتب السياسي لحزب «المسار» اكدت من جهتها ان قرار منع بث حديث سليم شيبوب «محاولة واضحة لمحاصرة الاعلام والتضييق على الحريات بفرض الوصاية على المؤسسات الاعلامية والزج بالقضاء في ذلك لإضفاء الصبغة القانونية على هذه الوصاية حسب قولها وأضافت، «أن الحجج التي قدمت غير مقنعة فما معنى ان الحوار قد يبث بلبلة وفتنة قبل تمريره» مشيرة الى انه من «غير المعقول ان تصادر حوارا تلفزيا قبل بثه ومعرفة فحواه سيما وأنه سبق وأن بثت حوارات أو تصريحات اخطر من ذلك بكثير». وأوضحت السعيدي أن «للجميع حق الرد» حتى المجرمون وكذلك شيبوب من حقه التحدث الى الشعب التونسي وهو المخول الوحيد للحكم عليه» مضيفة ان «ما حدث هو مؤشر خطير على قمع الحريات ومس من استقلالية الاعلام وفرض للوصاية عليه». بدوره قال محمد الكيلاني رئيس «الحزب الاشتراكي» ان «ملف حرية الاعلام يكاد يكون محسوما لرغبة الحكومة في التضييق على الحريات وقمعها وفرض الرقابة عليها واكد الكيلاني ان «تونس مرت من دكتاتورية بن علي الى دكتاتوية «النهضة» من حيث محاصرة الحريات وضرب استقلالية القضاء» مشددا على أن «النهضة» تبتز الجهاز القضائي عن طريق صكوك الغفران والمحاسبة المزعومة» حسب تعبيره. اما بخصوص تصريح حمادي الجبالي الذي اكد ان فسح المجال لسليم شيبوب بالحديث على قناة تلفزية هو عملية تطبيع مع رموز الفساد فقال الكيلاني: «ان جميع مستشاري ومسؤولي الحكومة اضافة الى رجال الأعمال والقضاة السابقين ورجال النظام السابق قد وقع التطبيع معهم من طرف «الترويكا» وحركة «النهضة» أنه «من العيب ان تواصل الحكومة في ازدواجية خطابها وضحكها على ذقون الشعب» ومضيفا «على هذه الحكومة وخاصة حركة «النهضة» ان تعي بأنها ليست وصية على أحد وان الشعب «فايق بيهم». شكري بلعيد الأمين العام ل «حركة الوطنيين الديمقراطيين» أوضح من جانب ان منع بث حوار مع سليم شيبوب «محاولة لتكبيل حرية الاعلام بالاعتماد على القضاء» مستغربا ان «من يكلف بذلك لم يساهم مرة واحدة في الدفاع عن الحريات قبل 14 جانفي». وأضاف بلعيد ان «الحكومة تريد ان تتم المحاسبة في الاجنحة المظلمة وفي «التراكن» بعيدا عن أضواء الاعلام الساطعة وعن عيون الشعب» مؤكدا أن «المحاسبة الحقيقية لا تكون إلا في النور وفي فضاءات مفتوحة. وأشار شكري بلعيد الى أنه «كان أجدر برئيس الحكومة تطهير الحكومة من رجالات بن علي وعدم اطلاق سراح عتاة التجمع». وختم بلعيد ان «وراء الغاء حوار سليم شيبوب اسباب ودوافع اخرى غير معلنة». بدوره قال عبد الجبار المدوري عضو القيادة الوطنية ل «حزب العمال» قال «هناك اشياء غير واضحة.. فالقرار القضائي كان يمكن الطعن فيه». وأشار المدوري الى ان قناة «التونسية» متورطة بدورها في لعبة مكشوفة الغاية منها تلميع صورة الاستبداد ورموز النظام السابق وهذه اللعبة يتورّط فيها الاعلاميون والحكومة ورجال الاعمال والقضاة الفاسدون» حسب قوله مشددا في هذا السياق ان من منع بث الحوار بالقانون هو بوليس سياسي خدم النظام السابق ويخدم النظام الحالي ويعرفه الجميع. وأضاف المدوري ان «القضاء هو قضاء نهضوي بامتياز وقضاء رجال السلطة وكذلك تريد «النهضة» تركيع الاعلام لوضعه تحت الحذاء» مضيفا ان «النهضة» تعادي الاعلام» وان «كل ما له علاقة بالفساد يخشى الإعلام ويخشى النور الساطع ولا تهمه سوى عقد الصفقات». اما نورالدين العرباوي عضو المكتب السياسي لحركة «النهضة» فقد اكد ان لا دخل لحركة «النهضة» في منع حوار سليم شيبوب من البث وكل الاتهامات الممجوجة حول محاولتها محاصرة حرية الاعلام والتضييق عليها لغرض فرض الوصاية مردودة على اصحابها. واضاف العرباوي ان لا نية للحركة ولا للحكومة في ضرب الحريات الاعلامية او ضرب استقلالية القضاء.