شهدت جزيرة قرقنة التابعة لولاية صفاقس والمعروفة بجمالها وهدوئها وبتنوع ثروتها البحرية والبيئية خلال الأيام القليلة الماضية أحداث عنف وتخريب وحرق وتحركات احتجاجية احداث انطلقت بإثارة اهالي الجزيرة لمشكل قديم جديد مردّه طريقة الصيد العشوائي ب «الكيس»،مطالبين الجهات المسؤولة بضرورة العمل على وضع حد لهذه الممارسات التي باتت تنذر بتدمير الثروة البحرية بصفة كلية والقضاء على مورد الرزق الاساسي ل«القراقنة» وقد تتالت الاحداث تباعا لتأخذ منحى تصاعديا شهد معارك إما في عرض البحر من قبيل «المعركة البحرية» التي اندلعت بين بحارة «قراقنة» وبحارة اخرين تابعين لمنطقة سيدي منصور بصفاقس مخلفة عددا من الجرحى،أو في البر بعد ان عمدت مجموعة من شباب الجزيرة الى حرق المعتمدية ومركز امن وسيارتين تابعتين للشرطة او بالاعتصام امام الشركات وتعطيل سير العمل العادي بالجهة... ولحساسية الموضوع شدّت «التونسية» الرحال الى الجزيرة لترصد واقع الأحداث التي جدت خلال الآونة الاخيرة وتنقل واقع الأهالي ومشاغلهم فكان الروبرتاج التالي: جزيرة شبه معزولة لا يربطها بالعالم الخارجي غير المراكب وسفن النقل العملاقة... عندما تطأها قدماك للمرة الاولى تظنها مهجورة لكثرة هدوئها وصمتها و لكن عندما تتوغل في ارجائها تدرك انها منطقة لم تتوقف يوما عن النبض بالحياة بفضل اهاليها الذين استبسلوا في مقاومة عاديات الزمن بسلاح القناعة والصبر والإيمان...حياة هادئة جميلة لولا بعض المشاكل التي رصدتها «التونسية» من بعض أهاليها «الكيس هو ابليس ذاته» فلا حديث في قرقنة هذه الايام الا عن «الكيس» وعلى «سياسة غض النظر عن «الكيس» رغم مطالب الاهالي بضرورة وضع حد لهذه الافة التي تهدد بكارثة بيئية واجتماعية في ان واحد»-على حد تعبير البحار «مبروك جابر»،الذي أضاف: «أن الكيس هو ابيلس ذاته حيث انه لم يطأ موقعا في البحر الا وخربه،اذ ياتي على الثروة البحرية التي تتطلب سنين طويلة للنمو والتطور ليقضي عليها في بضع لحظات...الكل يعلم ان القانون يجرم الصيد بالكيس ولكن العيب ليس في القانون وانما في من يسهر على تطبيقه وتنفيذه». واوضح «مبروك» ان البحارة القراقنة باتوا مهددين في رزقهم وقوت عيالهم جراء تعويل بعض البحارة الوافدين على شواطئ الجزيرة على طريقة الصيد بالكيس،مردفا:»جراء الصيد بالكيس تقلصت كميات الاسماك وصار البحار يشق عباب البحر ويقطع عشرات الكيلومترات ليعود في نهاية المطاف بخفي حنين ولم نعد نجد طعاما لاطفالنا اما لان الكيس لم يترك لنا شيئا لنصطاده او لانه اتلف معداتنا من غزل وشباك..نحن لا نفكر في أنفسنا فحسب وإنّما نفكر ايضا في مستقبل اولادنا الذين يتوارثون العيش على هذه الجزيرة ولو لم نكن كذلك لاتّبعنا طريقة الصيد بالكيس كما يفعل غيرنا ولكانت الطامة الكبرى». من جانبه وصف البحار «خميس الشيخ»(خبرة 31سنة صيد بحري)الصيد بالكيس بالآفة البحرية والاجتماعية،مشيرا الى ان اغلب المشاكل الاجتماعية التي تلاقيها المنطقة خلال الآونة الاخيرة تعود الى هذه الطريقة الممنوعة قانونيا اكثر من أي شيء آخر،متابعا بالقول: «نحن نتجنب المعارك البحرية التي وجدت طريقها الى شواطئ قرقنة بسبب الصيد بالكيس كما اننا لا نحبذ فكرة تنظيم الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية ولكننا صرنا مجبرين على القيام بذلك اليوم خاصة أن السلطات المعنية ادارت ظهرها لاهالي المنطقة ولم تعر اهمية لمطلبهم الملح..نحن لا ننادي بالتشغيل او بالتنمية اذ نحن نعول على قدراتنا وامكانياتنا اذ لا احد يمكنه ان يحافظ على الجزيرة اكثر من متساكنيها وكل ما نطلبه هوتنفيذ القانون ضد المذنبين والخارجين عليه من البحارة». وبخصوص «المعركة البحرية» التي دارت رحاها في عرض البحر بين بحارة «قراقنة» وآخرين من منطقة سيدي منصور التابعة لصفاقس، شرح احد المشاركين في هذه المعركة ل «التونسية» اسباب الواقعة ،قائلا: «كنا في عرض البحر حينما اعترضنا بعض البحارة الذين يصطادون بالكيس،حيث قاموا برشقنا بالحجارة قبل ان تنشب المعركة التي سقط فيها عدد كبير من الجرحى»،مشيرا الى اصابة في راسه»هذه مثلا اصابة من مخلفات هذه المعركة الشرسة التي كان بطلها الكيس». ما حقيقة «حرقان» المعتمدية ؟ اكد بعض شهود العيان عن حادثة «حرقان معتمدية» قرقنة ان المعتدين هم من اصيلي منطقة «العطايا» وأن عددهم لا يتجاوز 15 نفرا كانوا قد تحولوا الى مقر المعتمدية وقاموا بحرقه تعبيرا عن غضبهم من القاء القبض على احد اصدقائهم من «الحراقة»-على حد تعبيرهم- ،مشددين على ان حملة الاعتقالات التي شنتها القوات الامنية على اثر الحادث طالت عددا كبيرا من الابرياء، وان حالة الاحتقان تسود الاجواء،مطالبين بالتدخل الامني ضد «الكياسة» و«الحراقة» وليس ضد الابرياء من البحارة البسطاء-على حد تعبيرهم دائما-.