زغوان: حجز 94 طنا من الأعلاف غير صالحة للاستهلاك منذ افريل المنقضي    أبطال أوروبا: دورتموند الأكثر تمثيلا في التشكيلة المثالية لنصف النهائي    يمنى الدّلايلي أوّل قائدة طائرة حربية مقاتلة في تونس    كأس تونس: البرنامج الكامل لمواجهات الدور ثمن النهائي    عاجل/ حادثة اعتداء امرأة على طفليها: معطيات جديدة وصادمة..    دراسة صادمة.. تناول هذه الأطعمة قد يؤدي للوفاة المبكرة..    حماية الثروة الفلاحية والغابية من الحرائق في قابس....و هذه الخطة    السلطات السعودية تفرض عقوبة على كل من يضبط في مكة دون تصريح حج.    قفصة: المصادقة على بعث موارد رزق لفائدة 22 عائلة    مفزع: 376 حالة وفاة في 1571 حادث مرور منذ بداية السنة..    الزغواني: تسجيل 25 حالة تقتيل نساء في تونس خلال سنة 2023    قضية مخدّرات: بطاقة ايداع بالسجن في حق عون بالصحة الأساسية ببنزرت    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    في وقفة احتجاجية أمام مقر الاتحاد الأوروبي.. "تونس لن تكون مصيدة للمهاجرين الأفارقة"    الثلاثي الأول من 2024: تونس تستقطب استثمارات خارجيّة بقيمة 517 مليون دينار    مقارنة بالسنة الفارطة: تطور عائدات زيت الزيتون ب91 %    العالم الهولندي المثير للجدل ينفجر غضباً..وهذا هو السبب..!!    الفيلم العالمي The New Kingdom في قاعات السينما التونسية    على طريقة مسلسل "فلوجة": تلميذة ال15 سنة تستدرج مدير معهد بالفيسبوك ثم تتهمه بالتحرّش..    كشف لغز جثة قنال وادي مجردة    البطولة العربية لألعاب القوى للشباب: ميداليتان ذهبيتان لتونس في منافسات اليوم الأول.    4 جوائز لمسرحية تونسية بمهرجان مفاحم الدولي لمسرح الطفل بالمغرب    مائة ألف عمود إنارة عمومي يعمل فقط من بين 660 ألف مالقصة ؟    الرابطة الأولى: الغموض والتشويق يكتنفان مواجهات مرحلة تفادي النزول    عاجل/ نشرة استثنائية: أمطار متفرقة بهذه المناطق..    قفصة: القبض على شخص بصدد بيع تجهيزات تستعمل للغشّ في الامتحانات    نقطة بيع من المنتج الى المستهلك: هكذا ستكون الأسعار    سفير السعودية: بناء المستشفى والمدينة الصحية "الأغالبة" خلال هذه الفترة    آخر أجل لقبول الأعمال يوم الأحد .. الملتقى الوطني للإبداع الأدبي بالقيروان مسابقات وجوائز    «قلق حامض» للشاعر جلال باباي .. كتابة الحنين والذكرى والضجيج    هل انتهى القول في قضية تأصيل الأدب ؟    كتاب«تعبير الوجدان في أخبار أهل القيروان»/ج2 .. المكان والزّمن المتراخي    بطولة روما للتنس للماسترز : انس جابر تواجه الامريكية صوفيا كينين في الدور الثاني    كلمة أثارت'' الحيرة'' لدى التونسيين : ما معنى توطين و مالفرق بينها و بين اللجوء ؟    إذا علقت داخل المصعد مع انقطاع الكهرباء...كيف تتصرف؟    محمد بوحوش يكتب...تحديث اللّغة العربيّة؟    مدْحُ المُصطفى    ستنتهي الحرب !!    "ألقته في نهر التماسيح".. أم تتخلص من طفلها بطريقة صادمة    يهم التونسيين : ما معنى التضخم ولماذا ترتفع أسعار السلع والخدمات؟    بنزرت:معتمدية تينجة تتخذ عددا من الإجراءات العملية لتعزيز المخطط المحلي للسلامة المرورية    عشرات الشهداء والجرحى والمفقودين جراء قصف متواصل على قطاع غزة    سالفيني عن ماكرون بعد اقتراحه إرسال جنود إلى أوكرانيا: "يحتاج إلى علاج"    بعد التقلبات الأخيرة: ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة بداية من هذا التاريخ    وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي تنبه من خطر قائم    أعوان الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية يهددون بالإضراب    بدء تشغيل أكبر محطة في العالم لامتصاص التلوث من الهواء    يديمك عزي وسيدي ... أصالة ترد على شائعات طلاقها من فائق حسن    البنك الدولي: بإمكان تونس تحقيق نمو اقتصادي هام بداية من 2030    محيط قرقنة يُقصي الترجي من سباق كأس تونس    معهد باستور: تسجيل ما بين 4 آلاف و5 آلاف إصابة بمرض الليشمانيا سنوياّ في تونس    90 % من الالتهابات الفيروسية لدى الأطفال لاتحتاج إلى مضادات حيوية    السباح التونسي احمد ايوب الحفناوي يغيب عن اولمبياد باريس    عاجل/ فضيحة تطيح بمسؤولة بأحد البرامج في قناة الحوار التونسي..    رابطة أبطال أوروبا: بوروسيا دورتموند يتأهل للنهائي على حساب باريس سان جيرمان    سحب لقاح "أسترازينيكا" من جميع أنحاء العالم    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



" احمد بن صالح " ل"التونسية" : لا يعقل ان تتحول تونس الى "زردة احزاب"
نشر في التونسية يوم 17 - 01 - 2013

لم أفهم كيف وقع الانقلاب على مقترحنا ببعث برلمان شعبي عوضا عن المجلس التأسيسي
قناعتي أن مسودة الدستور مناسبة لتونس اليوم
مشاريع التنمية انطلقت لكن لا بدّ من مخطط لها يضيء طريق التونسيين والمستثمرين
ثورة العقول هي الثورة الحقيقية.. وهذه لم تقع بعد
هناك رموز نجحوا في تلميع صورهم بعد طمس تاريخهم الأسود
ليس من اليسير الجلوس الى رجل عايش اربعة عصور شهدتها تونس انطلاقا من حقبة الإستعمار الفرنسي ومرحلة الكفاح الوطني الى الإستقلال وبناء الدولة الحديثة وصياغة اول دستور للبلاد والعمل تحت امرة الزعيم بورقيبة ثم الهروب من الوطن والإستقرار في المهجر قبل عودة أولى الى البلاد في بدايات عهد النظام السابق فالهجرة مجددا بعد اقل من سنة اثر خيبة امل كبيرة من ممارسات المخلوع وتجريده من كافة حقوقه المشروعة....وصولا الى العودة الثانية...ثم قيام الثورة.
شهادات الرجل التي لا يرقى اليها الشك جعلت منه شاهدا على العصر بما في ذلك حقبة مابعد الثورة.
«التونسية» التقته فكان معه الحوار التالي:
سي أحمد» ما رأيكم في مسودّة الدستور؟
«لا استطيع الحكم على كامل نص المسودة لأنني اطلعت على بعض الفقرات فيه لاغير ولذلك فحكمي على ما قرأته فحسب. واعتقد حقيقة ان المعاني الأساسية التي طالب بها الشعب والتي يجب ان يتضمنها الدستور موجودة بعد النقاش والتحاور حولها . ويبدو وفق ما استقيته من اخبار ان التحرير اللغوي ربما هو الذي يشكل محور الجدل ولكن اجمالا يمكن القول ان الأمور تسير بشكل جيد في ما يتعلق بمسودة الدستور الذي اعتبره عصريا بالرغم من نقد المختصين في القانون الدستوري والخبراء الذين قد يعيبون على المسودة بعض التفاصيل الدقيقة التي تغيب عني.
على انني اوافق كل من عاب على طرح المسودة في هذا الوقت المتأخر نسبيا بالنسبة لفئة معينة من التونسيين، بالرغم من ان كل المسائل استوفت حقها في النقاش بكثير من الهيجان والصراع في بعض الأحيان. وانا على يقين بان النقاش والتحاور وتبادل الأفكار والتنازل والتوافق كلها عناصر من شانها ان تنتج دستورا عصريا يتماشى وروح المجتمع وطموحات الشعب خاصة اذا تفادينا التجاذبات في مسائل دينية وفكرية. وحسب رايي فقد تمت تسوية مثل هذه الإختلافات الا ان صياغة الدستور من حيث اختيار المفردات لا تزال محل اخذ ورد وهو امر طبيعي.
ما هي المقترحات التي قدمتها قبل صياغة الدستور؟
اقترحت فصلا وحيدا بخصوص تكوين الأحزاب حيث اقترحت الا يقع بعث اي حزب على اساس ديني او عرقي او عنصري . كما تقدمت لي جمعية اطباء تعنى بالطفولة بمقترح مكتوب حول حقوق الطفل توليت تسليمه الى المعنيين بصياغة المسودة. وبالرغم من انتقادات الخبراء وبعض السياسيين للمسودة فإنني ارى حقيقة انها مناسبة لتونس اليوم .
بالرجوع الى الدستور الأول للجمهورية الأولى الذي كنت من ابرز المساهمين في صياغته، هل استغرقت كتابته كل هذا الوقت وهل حصل مثل هذا الجدل حول مسودته الأولى؟
طبعا طبعا، لقد استغرقت صياغته سنوات ، انا لم احضر كامل مراحل الكتابة فلقد كنت النائب الأول لرئيس المجلس التأسيسي وقتها الحبيب بورقيبة وكنت في نفس الوقت المسؤول عن لجنة اللجان وهي لجنة عليا تجمع كل اللجان الفرعية ومن هناك ساهمت في الكثير من جلسات النقاش وساهمت بالخصوص في صياغة نص اعلان الجمهورية ثم سلمته الى رئيس المجلس جلولي فارس الذي قدمه بحماس شديد بعد ان خضع للنقاش المستفيض وللموافقة الجماعية.
نحن اليوم في انتظار نتيجة هذا النشاط الإعدادي للمجلس الوطني التأسيسي واعتقد ان نقاشات مطولة لا تزال مرتقبة خاصة في الجهات حيث تعرض مسودة الدستور على التونسيين، ولربما تكون اللغة المعتمدة فيها هي ايضا محل نقاش واخذ ورد وفق ما استقيته من الملاحظين وخبراء القانون الذين تم بث آرائهم في البرامج الإذاعية التي أتابعها يوميا.
ويمكن القول ان مسودة الدستور لا تطرح اشكاليات كبيرة بالعكس هناك شبه اجماع على ضرورة التصحيح في بعض المواطن لا غير. على ان مشكلة تباطؤ المجلس في صياغة الدستور تعود حسب رأيي الى كثرة مشاغل المجلس منذ تشكيله بالإضافة الى تلك التجاذبات التي نتابعها مباشرة عبر التلفزيون...وهو ما نسميه بلهجتنا التونسية «الخميرة» . ولذا لا يجب ان نتأثر بهذا اطلاقا لأنه امر طبيعي، كما يجب ان نضع في اعتبارنا ان اهم مهمة امام المجلس التأسيسي هي صياغة الدستور، ولكنها ليست المهمة الوحيدة في هذا الظرف الإنتقالي الصعب.
تدافع عن المجلس الوطني التأسيسي، وانت كنت من اول من عارض فكرة انشائه غداة الثورة....
اجل اجل...كنت من الداعين الى انشاء برلمان شعبي لإستعجال التجاوب مع الثورة. كنت انا والسيد احمد المستيري تقدمنا بهذا المقترح دون ان يأخذ به اولي الأمر وقتها.
من هم أعضاء البرلمان وفق مقترحكما؟
لجان الثورة الموجودة في كل الجهات بالإضافة إلى ترشيح كل المناطق لممثلين لها داخل البرلمان ومن بين هؤلاء تتشكل الحكومة المؤقتة وهؤلاء الأعضاء يكونون لجنة مصغرة تتولى صياغة الدستور الجديد...نحن اقترحنا عدم تنظيم انتخابات قبل كتابة الدستور.
ولكن للأسف الغي الدستور القديم ولم تقع صياغة دستور جديد في ظل حكومة مؤقتة التفت على المسيرة وعلى مقترحنا بانشاء برلمان شعبي... نحن عدنا الى تاريخ البشرية، فرأينا انه بعد الثورات التي وقعت في امريكا اوفرنسا تم انشاء برلمان شعبي مؤقت...لكن للأسف الشديد في تونس لم تجد مقترحاتنا اي صدى لها ...ولا فائدة في الدخول في التفاصيل.
علاقتك بالسيد الباجي قائد السبسي كانت ولا تزال متوترة ربما لذلك رفض المقترح...
لقد وقع احتواء المقترح بتشكيل حكومة مفاجئة واغلبها وجوه قديمة من النظام القديم نفسه . ومع ذلك خيرنا الانسجام ولم نجنح الى التشويش، الا انه تبين ان ذلك الإختيار لم يكن صائبا حيث اعترف احد القياديين وقتها بذلك وصرح بان الانطلاق ربما لم يكن جيدا . اليوم عاد اغلب الناس ليعترفوا ان فكرة تأسيس برلمان شعبي وتنفيذ انجازات سريعة في الجهات المحرومة خاصة مع اعداد الدستور في نفس الوقت من طرف لجنة الخبراء التي تركها بن علي نفسه وقتها بما فيها سي بن عاشور...هو الحل الأفضل والأنسب للثورة ...لكن لا نعلم الى اليوم كيف وقع الإنقلاب وكيف شكلت الحكومة وكيف اخرجت ذلك الكم من الوعود؟
لن أتكلم عن فلان ا وعلان الاختلاف بين الأفراد ليس مهما في حياة الشعوب وهذه مسألة لن أتحدث فيها..التاريخ هو الذي يحاسب كل من اخطأ ومن اجرم في حق الشعب..
لو سألتك عن رايك في المشهد السياسي الحالي بما فيه من تجاذبات حد العنف السياسي وحملات انتخابية سابقة لأوانها و«كوموندوس» للثورة المضادة، ماذا تقول ؟
يبدو لي انه من جملة اسباب حصول هذا الزخم من الأحداث اولا حلّ «التجمع» حيث كنت عارضت الفكرة من اساسها. انا اقترحت ان يظلّ «التجمع» قائما وان تقع محاكمة كل من يثبت القضاء تورطه في جرائم يعاقب عليها القانون ..ويمكننا ان نلاحظ تحركاته باعتباره حزب لم تنجح تجربته، فلما تم حلّ « التجمع» قام في البلاد 46 تجمعا بالتمام والكمال، وهو دليل على وقوع امور وقتها ظلت غامضة الى اليوم وسيأتي يوم تتضح الصورة ..
هناك من لم يرق له كلامي فصعد الأمر وكال لنا ما تيسر من السباب والشتائم واضحى خلاف بيننا ولما اردنا ان نرد عليهم اتهمونا بعدم احترام الآخر. وهي كما ترين صبيانيات قررنا تجاوزها ...المهم ان هناك اليوم ما يشبه التكاسل في تنفيذ المشاريع بالرغم من تسجيلنا لتقدم لا بأس به ..
ما نلاحظه اليوم في تونس، هو انطلاقة حقيقية لإنجاز المشاريع التنموية ولذا اقترح اعداد أو وضع مخطط للمشاريع التنموية يضم كل المشاريع التي تنوي الحكومة تنفيذها في الجهات توزع هناك حيث تتحمل كل منطقة جزءا من المسؤولية في التسريع بتنفيذ هذه المشاريع التي من الواجب اعلام التونسيين بها حتى تهدأ الأوضاع ويعلم كل تونسي نصيبه من التنمية. وهكذا تتمكن الحكومة من توضيح نواياها ويستطيع المواطن ان يرى بعينيه المشاريع التي تخص جهته والتي من المفروض ان تعيد للتنمية الجهوية عدالة توزيعها. طبعا هذا المخطط التنموي لابد ان يمر على المجلس التأسيسي للموافقة عليه بحيث يصبح بمثابة ضمان للمستقبل خاص بكل جهة.
والثابت انه بوضع هذا المخطط التنموي، سيقطع المواطن مع لغة المطلبية اولا ومع المظاهرات واحداث العنف ثانيا باعتبار ان الحكومة تكون قد قررت عبر المخطط الإستجابة لمطالب كافة الفئات الإجتماعية التي تقتنع بان الحكومة، اعتمادا على المخطط، قد تعهدت لدى كل تونسي بانجاز ما جاء به من مشاريع تنموية.
اذن سيكون هذا المخطط بمثابة ما يعبر عنه في البوليتيك ب «خارطة طريق»...ويبدو ان الجهات لديها ما يكفي من المشاريع التنموية دون استثناء اية جهة الا ان تجميع هذه المشاريع واعلام التونسيين بها يظل منقوصا وبالتالي مجهولا لدى الأغلبية، ولذلك فالمخطط الذي اقترح وضعه سيكون نبراسا يضيء طريق المستثمرين من الداخل والخارج ويوضح للتونسيين جميعا لون مستقبلهم في ظل تنفيذ الحكومة لتعهداتها.
تبدو من خلال صوتك نبرة تفاؤلية، كيف تنظرون الى التحوير الوزاري المرتقب؟
الواضح ان الوعي بضرورة اجراء التحوير الوزاري امر ايجابي في مجمله امام كثرة الحقائب الوزارية وما في ذلك من ارهاق لخزينة الدولة وفي غياب التنسيق بين الشعب والحكومة ...ربما يولد التحوير سكونا سياسيا اي نوعا من الإستقرار الذي من شانه تسهيل انجاز المشاريع التنموية بالأساس ..
اصلاح الحكومة يجب ان يتم بأسرع وقت دون محاصصة حزبية للإنصراف بكل جدية نحو تنفيذ المشاريع حتى يعود النسق العادي للحياة اليومية على الأسس الجديدة التي اتت بها الثورة واقصد العدالة والحرية والشفافية. بعد التحوير الذي ارجو أن يعلن عنه قريبا جدا، وبعد وضع المخطط التنموي الذي اقترحه، سيكون كل تونسي امام مسؤولياته من حيث دعم المجهود الوطني لتحقيق التنمية الشاملة بحيث لا مجال للحديث وقتها عن فشل الحكومة او التجاذبات العقيمة حول مجريات الحياة.
فنحن نعيش أوضاعا صعبة من مخلفات الحكم السابق على جميع المستويات كالثقافة والتعليم وعدم ملائمة التكوين المهني لاحتياجات سوق الشغل.
وانا اوجه نداء عبر «التونسية» الى جميع الأطراف الفاعلة في البلاد لتفادي هذه التقسيمات المغلوطة التي تزيد المجتمع قطيعة بين مختلف افراده...علينا تدارك نقائصنا واولها هذه النعوت او التقسيمات التي حسم فيها الفصل الأول من الدستور ...فتونس بلد لا يحتمل وجود 140 حزبا سياسيا ...وكانها «زردة احزاب» هل هذا معقول ؟؟؟؟
المفروض ان يكون لدينا 5 او 6 احزاب سياسية فقط : منها اليمين واليسار والوسط والتقدمي والشبابي الى غير ذلك ...وهو امر ممكن تكريسه اذا اهتمت اغلبية الشعب بتنفيذ البرامج التنموية وبالفراغ من صياغة الدستور الصياغة النهائية في اقرب وقت ممكن ..نحن نتمنى ان يتجه الاهتمام الى ما يخدم المصلحة العليا للتونسيين حتى تصبح تونس حقيقة بلدا ممتازا على غرار البلدان الأوروبية الصغيرة المتوازنة حيث تتوفر بها كل الإختلافات الدينية والمستويات الإقتصادية يجد فيها كل فرد المكانة التي يستحقها بعيدا عن التطرف والغلو.
يجب ان تبتعد كل القوى السياسية العاملة في السلطة اليوم عن العمل من اجل ضمان نتائج الانتخابات القادمة بل يجب ان ينصهر الجميع في خدمة البلاد من اجل ضمان نتائج الانتخابات «الدائمة» ان صح التعبير.
ماذا تعني بالإنتخابات الدائمة ؟
اقصد الإنجاز ولا شيء غير الإنجاز الجيد والسريع بكامل البلاد بحيث عندما تجرى الانتخابات فانها تكون في كامل الصفاء الذهني وبكل شفافية وفي اطار المنافسة الشريفة بدون استعمال مصطلحات غريبة عن المجتمع التونسي على غرار «اسلامي» و«غير اسلامي» و«علماني» و«متطرف». هذه لخبطة لا تمثل تونس .
نحن نرنو الى ان يكون العمل الحكومي في الفترة المقبلة ما قبل الإنتخابات واضحا وجليا اعتمادا على مخطط واضح ايضا...
هناك عودة قوية للعلاقات التونسية العربية وتحديدا الخليجية بعد الثورة، كيف تنظرون الى ذلك؟
اولا هذه العلاقات موجودة قبل الثورة وقبل حكم بن علي اي منذ كنت في بداياتي، فقد عايشت مساعدة دولة الكويت لنا لإحداث الشركة التونسية للكهرباء والغاز في ظرف عصيب من الاستعمار الفرنسي الذي كان يرفض ايصال النور الكهربائي الى ابعد من 40 كلم عن العاصمة تونس. وكان البنك الدولي رفض تمكين تونس من قرض لإنشاء الشركة فالتجأت الى دولة الكويت وعدت من هناك بالتمويل اللازم وانشأنا شركة الكهرباء والغاز.
لذلك اؤكد ان علاقات تونس بدول الخليج ضاربة في القدم، اليوم اضحت علاقاتنا بقطر اكثر متانة خاصة بعد نوايا الاستثمار التي عبر عنها رجال الأعمال القطريون...ونحن نامل في تطوير تبادل ثقافي وفكري مع كافة الدول العربية الشقيقة مع الحفاظ على سيادة القرار لكل دولة.
وانا اعتقد انه من الواجب اعطاء الأولوية لجلب الاستثمارات الخليجية والعربية عموما الى تونس طالما ان هناك قوانين تحمي كلّ الأطراف.
صرحت سابقا بانك كنت تنتظر الثورة التونسية..والحال ان اغلب الناس فوجئوا بها بالرغم من الحالة القصوى للاحتقان الذي كان ينبئ بالإنفجار الشعبي..لماذا توقعتها؟
لأنني باختصار لاحظت مدى الإحتقان الشعبي في الفترة الأخيرة خاصة من حكم بن علي حيث تعرضت للسب والشتم من اطراف لا تزال بارزة في المشهد السياسي اليوم وتم قطع منحة التقاعد عني مما اضطرني للهجرة ثانية بعد ان كنت قررت العودة نهائيا الى بلدي ....عندما عدت خلال الفترة الأولى من حكم بن علي مورست عليّ ضغوطات كثيرة من ذلك ان مراقبة امنية ضربت على منزلي حيث كان عون الأمن المدني يكاد يعيش معي بالبيت كما لاحقني البوليس اينما تنقلت...ومن المفارقات ان احد المسؤولين عن ملاحقتي يتم اليوم ترشيحه لأحد المناصب الوزارية....فربي يستر على كل حال...ولما وصل الأمن الى تجنيد احد الأقارب لملاحقتي وتقديم تقارير عن تحركاتي، قررت العودة الى المهجر ولم اعد الى تونس الا متى استرجع بن علي عقله واعاد الي القليل من حقوقي...وظللت اتنقل بين تونس والخارج ، سواء لقضاء شان صحي أو لتغيير الأجواء بحيث لم تكن حياتي طبيعية زمن بن علي ...
ولذلك وامام ما عايشته من غضب شعبي دفين واحتقان لا حدود له ونقمة كبيرة، كنت انتظر ساعة الإنفجار حتى حصلت اخيرا..
ولكني اعتقد ان الثورة الحقيقية لم تقع بعد...اقصد ثورة العقول والنفوس والعلاقات البشرية السياسية ....فالسلوك المعتدل مهما اختلفت وجهات النظر والتنافس النزيه وتنظيف الساحة السياسية من الذين الحقوا بالتونسيين ضررا جسيما، كلها شروط لإنجاح مسار الثورة.
فالذين اضروا بالتونسيين عليهم ان ينسحبوا من تلقاء انفسهم ويحمدوا الله ان لم تقع محاسبتهم ولكننا نراهم اليوم بصدد اتمام اعمالهم القذرة والدوس على التونسيين بعد ان نجحوا في تلميع صورتهم وطمس تاريخهم الأسود وملفاتهم الوسخة.
ان دعم يقظة المجتمع واجراء انتخابات شفافة من شأنها ان تعيد ترتيب المشهد السياسي وان تعطي تذكرة اللاعودة لهؤلاء الذين داسوا كرامة التونسيين في السابق ويريدون اليوم ان يبرزوا في الصدارة.
عايشت فترات متتالية من الإستعمار الى الفترة البورقيبية مرورا بمرحلة حكم بن علي الذي كان تلميذا لديك في المدرسة الإبتدائية وصولا الى الثورة والمرحلة الإنتقالية الحالية، اي الفترات كانت افضل من وجهة نظرك ؟
اعتقد ان احسن فترة مررت بها كانت خلال السبع سنوات الأولى من السبعينات أضيفي اليها السنتين التي امضيتهما على راس وزارة الصحة والشؤون الإجتماعية يعني تسع سنوات مثالية من حيث قدرتنا على العمل والإنجاز في ظرف صعب تلى مرحلة الإستعمار ...فلم يكن من اليسير اقتلاع شركات استعمارية من بلادنا وارجاع اراضي الى اصحابها من أيدي الفرنسيين النهمين.
وانت جالس هنا ببيتك تستمع الى الإذاعة وتتابع البرامج الحوارية في التلفزيون وتقرأ الصحف، ماهي الحكمة او المقولة التي ترافقك في ايامك ؟
( مبتسما ) « مايجيش مالريش مسمار وما يجيش مالطين بيقة واللي حواليه كتان باطل يطب الحريقة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.