اتسمت أشغال الجلسة العامة للمجلس الوطني التأسيسي أمس والمخصصة لمناقشة الباب الثاني من الدستور المتلعق بالحقوق والحريات، بخطابين مختلفين خطاب تزعمه نواب كتلة حركة «النهضة» نص على ضرورة التنصيص على الحقوق التي جاءت بها الشريعة والقرآن الكريم، وخطاب آخر يدعو إلى التفتح على المنظومة الكونية. فقد أكد النائب عن كتلة «النهضة» عبد المجيد النجار أن ما ورد في هذا الباب أقل بكثير مما ورد في القرآن من حقوق وواجبات مشيرا إلى أن الشريعة حفظت الحقوق والحريات أكثر، كما أضاف أن المطالبة بالغاء عقوبة الإعدام تتناقض مع أحكام الدين وهي القصاص حسب ما نصت عليه الشريعة الاسلامية، في حين أكدت النائبة من نفس الكتلة سناء الحداد على ضرورة التفتح على المنظومة الكونية شرط ألا يتعارض ذلك مع قيم الإسلام. مخاوف من جانبه اعتبر النائب علي الكعبي من كتلة «النهضة» أيضا، أن هناك رغبة في تبني النموذج الغربي، مشيرا إلى أن بعض الخطابات التي تسوّق عبر وسائل الإعلام تحاول أن تصور أحكام الشريعة على أنها تخالف الديمقراطية واقترح في المقابل إضافة فصل اعتبره ضروريا لأن هناك مخاوف من التعدي على مقومات الهوية العربية الاسلامية، ويأتي في آخر هذا الباب وينص على أنه لا يجب أن يحمل أي فصل من الفصول معنى يخالف دين الإسلام. من جهتها أكدت النائبة عن كتلة «النهضة» آمال غويل أن حرية التعبير في بلادنا كانت في النظام السابق منعدمة، لا سيما القيام بالشعائر الدينية والذهاب إلى المساجد للصلاة، فضلا عما تعرضت له المحجبات من تعذيب وتتبعات وتحقيقات بوليسية، لكنها صرحت بعكس ما صرح به زملاؤها من نفس الكتلة، حيث أكدت أنها وجدت في هذا الباب كل أصناف الحريات التي لم تذكر في دستور 1959، على غرار تجريم التعذيب وحق الاضراب وحق السجين في المعاملة الانسانية... مقرّة في نفس الوقت بوجود بعض المؤاخذات من حيث الشكل ومن حيث المضمون، مشيرة إلى أن مسألة الإعدام ليست مفروضة في الإسلام. أما النائب منير بن هنية فقد اعتبر أن هذا الباب نص صراحة على الحقوق والحريات، لكنه دعا إلى ضرورة تغيير عنوانه ليصبح باب الحقوق والحريات والواجبات، وتساءل هل أن العمل هو حق أم واجب؟ كما دعا إلى ضرورة تجريم استغلال الأطفال الذي لم يتم التنصيص عليه صراحة في هذا الباب. لا لقوانين تمس من الحريات باسم ثوابت الاسلام جاءت مداخلة النائبة عن كتلة «المؤتمر» سامية عبّو منتقدة مداخلات بعض نواب كتلة «النهضة»، حيث دعت إلى تفصيل كل ثوابت الإسلام المشار إليها في الدستور حتى لا يتم في نظرها سن قوانين تمس من الحريات باسم تلك الثوابت، فالقصاص وقطع اليد يمكن اعتبارهما من الثوابت على حد تعبيرها. كما أكدت عبو أنه في غياب دولة القانون لا يمكن ضمان الحقوق والحريات منبهة من عبارة خطيرة وردت في التوطئة تتمثل في «التأسيس على» مشيرة على أن الأصح اعتماد عبارة «يؤسس ل» لأن الدستور هو الذي سيؤسس وليست السلطة النيابية وحتى تكون تونس دولة القانون وليست دولة الأغلبية. وأضافت أن التأسيسي ينتهي بانتهاء هذه المرحلة، مضيفة أن هذا الدستور أطلق يد الحاكم وقيد الحقوق إلى درجة أن تونس لن تكون بعد مرور 20 سنة تونس الحالية. ودعت النائبة من نفس الكتلة سهير الدردوري إلى ضرورة تجريم التكفير ذلك أنه أصبح ظاهرة خطيرة اجتاحت تونس، وتجريم التكفير في الدستور من شأنه أن يكبح الصراع بين اليمين واليسار. أمّا محمد قحبيج النائب عن الكتلة الديمقراطية فدعا إلى ضرورة أن ترفع القيود عن جميع الحقوق وذلك بالتخلي عن اعتماد بعض العبارات من قبيل «طبق القانون ووفق الأحكام وفي حدود...» لأنه يرى أن جميع الحقوق متساوية. كذلك رأت النائبة عن الكتلة الديمقراطية ريم محجوب أنه يجب التمشي في رؤية اصلاحية شاملة للعدل والسجون، كما دعت إلى ضرورة عدم تقييد حق الاضراب في الدستور. بينما تساءل النائب وسام ياسين عن «كتلة الحرية والكرامة» عن سبب حذف تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني في باب الحقوق والحريات، مطالبا بضرورة الابقاء على هذا الفصل إلى حين الحسم في الجلسة العامة.