تتواصل المعاناة التي يعيشها أربعة عشر تلميذا مرسّمون بالمرحلة الإعدادية بمنطقة العنانبة التابعة لعمادة السّرجة من معتمدية حاجب العيون التي تبعد عن مركز المعتمدية قرابة العشرين كيلومترا فرحلة عذابهم اليومي مع حافلة النقل المدرسي متواصلة منذ انطلاقة الموسم الدراسي الجديد. «التونسية» عاينت الوضعية المأساوية لمجموعة من التلاميذ يحملون في جرابهم المعرفي بشائر المستقبل ولكنهم اصطدموا بعائق منعهم من مواصلة الدروس في أحسن الظروف، الشيء الذي دفع بأربعة منهم إلى الإنقطاع المبكر عن التعليم ليس نتيجة قلة ذات اليد فقط بل بسبب رحلة المعاناة اليومية التي يعيشونها يوميا بهدف الوصول إلى مقاعد الدراسة. وقد صادفت زيارتنا غياب جميع التلاميذ بسبب فقدان وسيلة التنقل للوصول إلى المدرسة الإعدادية. التلميذ مرتضى العنابي مرسم بالسنة الثامنة أساسي ذكر أنه لم يقصد المدرسة منذ ما يزيد عن الأسبوع بسبب غياب الحافلة المدرسية وقال: «الحافلة تمرّ على بعد مسافة قريبة من تجمعنا السكني فتتوجه إلى منطقة السودان المجاورة لنا ولا تصلنا نحن بدعوى قلة عددنا الذي ترى فيه مصالح الشركة الجهوية للنقل بالقيروان غياب المردودية التجارية. ولكن ما ذنبنا ونحن المتحمسون من أجل تغيير واقعنا الإجتماعي المعيش». وقد ساندته في ذلك التلميذة أميمة عنابي التي كان من المفروض أن تكون مسجلة بمقاعد الدراسة بالسنة الثامنة أساسي ولكنها في النهاية اختارت الإنقطاع المبكر عن التعليم بسبب المعاناة اليومية من أجل الوصول إلى المدرسة الإعدادية حيث ذكرت أنها في بداية الموسم الدراسي قصدت الفضاء التربوي مرة واحدة فقط وعجزت بعدها صيفا وشتاءا عن مواصلة المشوار، رغم محاولتها الإلتحاق بالدراسة منذ الساعات الأولى للصباح الباكر حيث تنهض في حدود الساعة السادسة صباحا لتمرّ بعديد المسالك الفلاحية الوعرة والمحفوفة بالمخاطر لذلك خيرت الإنقطاع عن التعليم مرغمة مثلها مثل ثلاثة تلاميذ آخرين بنفس المنطقة. وتضيف أميمة: «ولقد أصبحنا نخشى أن ينقطع العشرة الآخرين المتبقين عن التعليم ونساهم في ارتفاع نسبة الأمية في منطقتي التي تشكو العديد من النقائص الإجتماعية المختلفة». السيد الذهبي العنابي أحد أبناء المنطقة ذكر أن أغلبية شباب الجهة غادروا مقاعد الدراسة في سنّ مبكرة نتيجة عدم توفّر الضروريات المتاحة لمزاولة الدراسة في أحسن الظروف. من ذلك غياب حافلة النقل المدرسي التي تمرّ يوميا بجوار منطقة العنانبة ولا تدخلها رغم وجود طريق معبدة وإستعداد جموع الأولياء المطلق واللامشروط للترفيع في معلوم التنقل حتى ينعم صغارهم بالمعرفة وبالتالي طرد الجهل الجاثم على المنطقة ذات الكثافة السكانية المرتفعة. وأضاف الذهيبي بالقول: «اتصلت عديد المرات بمصالح الشركة الجهوية بالقيروان التي بشرتني بالعديد من الوعود الرامية إلى امكانية ربط الحافلة المدرسية بمنطقة العنانبة ولكن تبخرت الوعود وغاب الإنجاز الفعلي وضاع معه مستقبل العديد من التلاميذ الحالمين» وليد الجلاصي أحد أبناء المنطقة عمره 29 سنة قال: «رغم وجود طريق معبدة قادرة على تأمين السلامة للحافلة وللتلاميذ لا تتمتع المنطقة حتى بخط للنقل الريفي من شأنه تقديم أفضل الخدمات لعموم التلاميذ في غياب حافلة النقل المدرسي التي لم تطل على الجهة سوى مرة واحدة منذ انطلاق الموسم الدراسي الحالي». وقد ناشدنا إبلاغ صوته إلى الدوائر المسؤولة بولاية القيروان بضرورة بعث رخصة نقل ريفي على الخط الرابط بين حاجب العيون والعنانبة مباشرة حتى يسهم من موقعه في تذليل الصعوبات التي تعترض مواطني الجهة الذين يجبرون على كراء سيارات خاصة لقضاء شأن متأكد بأسعار مرتفعة ليست في متناول مختلف الشرائح الإجتماعية بجهتهم المعدمة حسب تعبيره.