عقدت امس جمعية القضاة التونسيين بالاشتراك مع اللجنة الدولية للحقوقيين ندوة صحفية بنزل «ماجستيك» بالعاصمة, لعرض التقرير النهائي المتعلق بمشروع الدستور المرتقب وخاصة باب السلطة القضائية, الذي تتهدده عديد المخاطر حسب ما جاء في الندوة. وتعتبر اللجنة الدولية للحقوقيين منظمة دولية متكونة من قضاة ومحامين من مختلف اصقاع العالم يسعون الى ترسيخ مبادئ دولة الحق والقانون وتعزيز الحماية القانونية لحقوق الانسان. وعابت اللجنة الدولية على مسودة الدستور الجديد افتقارها الى عديد المبادئ المهمة وانها ألقت بالمواثيق والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان عرض الحائط وانها كرّست أحقية السلطة التنفيذية في احتكار النيابة العمومية والهيمنة عليها, حسب تعبير المتدخلين (قاضيان إسبانيان). وأكدت «كلثوم كنو» رئيسة جمعية القضاة ان الجمعية تلتقي مع اللجنة الدولية في عديد النقاط حول نقدها للمسودة, وجددت مطالبتها برفع يد وزير العدل عن النيابة, قائلة: «اطلقنا نداءات وقمنا بتحركات للمطالبة باستقلالية القضاء الذي يمر بظروف متدهورة» واضافت ان القضاء اصبح عرضة للتشكيك اكثر من اي وقت مضى, ونبهت الى وجود عديد القضايا المسكوت عنها مشيرة الى أنها لا تجد آذانا صاغية ويقع حفظها في رفوف النسيان ولا تأخذ مسارها العادي, واستطردت: «لقد اطلقنا صيحة فزع... اصبحت النيابة العمومية في يد السلطة التنفيذية وهو امر مفضوح... نخشى ان تضرب الحريات وتكمم الافواه». القاضي ليس فوق القانون وشدّدت كنو على علوية القانون في كل الظروف والاحوال مضيفة ان القاضي يخضع هو بدوره الى القانون كغيره من المواطنين قائلة: «نحن لسنا من دعاة ان القاضي فوق القانون» مطالبة في المقابل بضمانات لاستقلالية المنظومة القضائية قائلة: «لا يخيفنا حضور الملاحظين ولكن لابد ان ندفع في اتجاه الاستقلالية». لا يمكن لوزارة العدل عزل أي قاض من جانبه توقف «سعيد بن عربية» قاض وعضو اللجنة الدولية عن بعض النقاط المبهمة في الدستور الجديد خاصة المتعلقة بالحقوق والحريات وطالب بضمان حق الحياة والغاء عقوبة الاعدام, مشيرا الى ان تونس صادقت على عديد الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان مطالبا باحترامها والعمل على تطبيقها. وأوضح بن عربية انه لا يمكن لوزارة العدل عزل أي قاض, واقترح التنصيص على عدم اقالة القضاة الا بتوفر شرطين وهما عدم القدرة او الاهلية, مؤكدا ان قانون 1967 يجعل من القضاة مجرد موظفين في الدولة, مضيفا أنه من حق أي قاض الاطلاع على التهم الموجهة له في حال تهديده بالعزل. كما عارضت رئيسة جمعية القضاة قرار نقلة القاضي او عزله عنوة وقالت: «مسودة الدستور غاب عنها التنصيص على المعايير الدولية لاستقلال السلطة القضائية... نقلة القضاة لا تكون الا برضاهم مع تضمين مبدإ عدم قابلية القاضي للعزل». وحملت كنو المجلس التاسيسي مسؤولية اهمال الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وعدم تضمينها في الدستور الجديد وعزت ذلك الى خلق منافذ للهيمنة على القضاء والسيطرة عليه, مضيفة: «التأسيسي ضد المعايير الدولية... نحرم من هذه المعايير لايجاد منافذ الهيمنة». لا للمحاكم العسكرية ونادى بن عربية بضرورة منع المحاكمات العسكرية التي تطال المدنيين والامنيين على حد السواء, مشيرا الى ان هذا المبدأ وقع التغافل عنه في الدستور المنتظر, مشددا على تعزيز الرقابة البرلمانية على السلكين الامني والعسكري. من ناحيتها كشفت كنّو عن وجود تداخل بين المحكمة العسكرية وغيرها من المحاكم الاخرى مبرزة ان ذلك يغيب حقوق التقاضي للتونسيين. منتصر الأسودي