تونس (وات)- مثلت سبل إرساء قضاء مستقل، يرقى إلى مستوى تطلعات الشعب التونسي بعد الثورة، المحور الأساسي لأشغال الندوة العلمية التي تنظمها جمعية القضاة التونسيين، بالتعاون مع اللجنة الدولية للحقوقيين حول موضوع "استقلال القضاء التونسي في إطار الإصلاح الدستوري والمعايير الدولية". وتجددت خلال الجلسة الافتتاحية الدعوات إلى تكثيف الحوار والبحث عن مزيد من التوافق حول سبل النهوض بالشأن القضائي ودعم استقلاليته وإرساء هيئة وقتية تشرف على تسييره خلال المرحلة الانتقالية. ويستوجب ترسيخ استقلالية القضاء توفر جملة من الضمانات يتم التنصيص عليها في الدستور الجديد، تتعلق بتوفر الرقابة الدستورية على القوانين "حتى لا يقع إفراغ المبادئ التي جاء بها الدستور بقوانين أخرى"، بالإضافة إلى إنشاء محكمة دستورية وعدم إحداث محاكم وقوانين استثنائية، استعرض أهمها فاضل موسى رئيس لجنة القضاء العدلي والإداري والمالي والدستوري بالمجلس الوطني التأسيسي، في مداخلته، حول "الضمانات الدستورية لاستقلالية السلطة القضائية". ولاحظ موسى أن الحوار صلب اللجنة متواصل منذ شهر فيفري حول مختلف القضايا ذات الصلة، مشيرا إلى أنه "لم يتم إلى الآن الحسم في مسألة التنصيص على القضاء العسكري من عدمه والإبقاء عليه أو حصر مهامه في تناول القضايا المتعلقة بالعسكريين". ومن ناحية أخرى لاحظ الكاتب العام للجنة الدولية للحقوقيين ويلدر تايلر أن سيادة القانون تستوجب توفر ثلاث معطيات أساسية تتعلق بعدالة القوانين وتوافقها مع حقوق الإنسان، فضلا عن قابيلة تطبيقها من خلال آليات واضحة ومطابقة للمعايير الدولية وهو ما يتطلب، حسب رأيه، أن تكون "الدولة مسؤولة عند حدوث انتهاك للقانون الدولي الإنساني". وذكر بأن مختلف المواثيق الدولية، تؤكد على ضمان المحاكمة العادلة ومسؤولية الدولة في توفير ذلك، خاصة من خلال المساواة أمام القانون واستقلال القضاء وحماية القضاة من كل الضغوطات، مشيرا إلى غياب المعايير الإلزامية في هذا الإطار وعدم وجود آليات محددة لمسؤوليات القضاة. وحول المساس باستقلالية القضاء، قال تايلر، إن التعيينات في سلك القضاة وقرار إعفاء 82 قاضيا تونسيا اتهموا بالفساد، تعتبر "تدخلا في شأن السلطة القضائية من قبل السلطة التنفيذية"، باعتبار أن هذه التهم، حسب رأيه، "لا يمكن إثباتها إلا من خلال جملة من الإجراءات". وأكد أن "مثل هذه التجاوزات وهذا الوضع غير السليم، عاشتها عديد الدول التي مرت بمراحل انتقالية مشابهة لما تمر به تونس اليوم". وبخصوص المرحلة الانتقالية، شدد عضو جمعية القضاة التونسيين منذر سيك علي في مداخلته، على أن تكون الهيئة الوقتية التي تشرف على الشأن القضائي "مستقلة ومختصة في القضاء العدلي فقط ومنتخبة من القضاة أنفسهم"، حتى يتسنى لها التصرف الأمثل في "الموروث السيئ في الملف القضائي"، حسب ما تضمنه مشروع الجمعية الذي طرح على المجلس الوطني التأسيسي. ومن ناحيته أفاد المكلف بمهمة لدى وزير العدل، محمد فاضل السايحي أن الوزارة تعمل على "التأسيس لاستقلالية السلطة القضائية" من خلال العمل على تحسين ظروف عمل القضاة، المادية واللوجستية وكذلك من خلال دعم تأهيلهم والتكوين المستمر لفائدتهم وتوفير التشريعات الهيكلية والموضوعية ومراجعة المؤسسات التكوينية. يذكر أن أشغال الندوة العلمية تتواصل اليوم وغدا، في إطار 6 جلسات علمية تنظر في مختلف الجوانب المتعلقة باستقلال القضاء، على غرار "المجلس الأعلى للقضاء" و"القانون الأساسي للقضاة" و"المحاكم العسكرية والدستورية" و"النيابة العمومية".