- لا دخل لي في تعديلات الدستور زمن المخلوع - هيئة الحكماء ليست إلا إطارا للتشاور وتبادل الآراء - حكومة كفاءات أو حكومة ائتلاف... لا يهم... الأهم تحديد الأهداف التي نريد الوصول إليها - من الصعب تنظيم انتخابات في ظل الأوضاع الأمنية الراهنة - لا فائدة في تأجيج الأوضاع، المهم الخروج من الأزمة تداولت وسائل الإعلام باسهاب اختيار رئيس الحكومة حمادي الجبالي لأعضاء هيئة الحكماء التي اراد الإستماع الى آراء أصحابها حول الأوضاع وسبل الخروج من الأزمة السياسية التي تتخبط فيها البلاد منذ فترة. الا ان بعض الأسماء لم ترق للبعض فيما اتهم البعض الآخر بالتعامل سابقا مع نظام المخلوع. في هذا الحوار الذي أجرته معه «التونسية» يرد الأستاذ قيس سعيد وان كان لا يريد الدخول في متاهات التصريحات والتكذيبات، على ما قاله الحبيب خذر عضو المجلس الوطني التأسيسي. عن تذبذب الوضع السياسي الحالي قال الأستاذ قيس سعيد: «ان التخبط السياسي بدا منذ اكثر من نصف عام اي منذ استقالة الوزير المكلف بالإصلاح الإداري ووزير المالية، حيث انطلق الحديث وقتها عن التحوير الوزاري حتى بلغ ذروته هذه الأيام عندما هدد رئيس الحكومة السيد حمادي الجبالي بتقديم استقالته في صورة فشله في ادخال تحوير على الحكومة التي يرأسها علما وانه اشترط ان يكون الأعضاء الجدد من التكنوقراط او من الكفاءات الوطنية، وهي مقاييس تحتاج الى الكثير من التوضيح: من هم «التكنوقراط» ومن هم الأشخاص من ذوي الكفاءة والوطنية والذين يجب ان يكونوا محايدين ؟؟ فحتى لا يسمى شخص على راس حقيبة وزارية فبالتأكيد سيحسب على اتجاه أو على فريق معين ولن يكون محايدا كما يتصور البعض، لا بد من الحياد. الا ان مبادرة الجبالي اثارت رفض حركة النهضة وعدد من الأحزاب الأخرى ..واليوم والوضع على ما هو عليه هل سيتمكن رئيس الحكومة من تنفيذ مبادرته؟ وهل سيقبل كل طرف بالتنازل ؟؟؟ هل من الممكن ان يقع تعديل يأخذ بعين الاعتبار تحفظات حركة النهضة والأحزاب التي تساندها في موقفها ؟ ربما الحل في الأخذ بهذا وذاك.. الحلول موجودة ولا بد من الوفاق بشأن احدها... هذا هو المشكل اليوم. هل يحق قانونا لرئيس الحكومة عدم الرجوع الى المجلس الوطني التأسييسي لتزكية حكومته ؟ يمكنه ذلك في حالة واحدة، اذا ما تعلق الأمر بتحوير وزاري لا بتشكيل حكومة جديدة . وهنا لا بد من التفريق بين امرين اثنين: الأمر الأول ويتعلق بتشكيل حكومة جديدة التي تفترض ان يقدم رئيس الحكومة استقالته الى رئيس الجمهورية ويكلفه هذا الأخير بتشكيل حكومة جديدة وهنا لا بد ان يعرض التشكيلة الجديدة على المجلس التأسيسي. اما الأمر الثاني، في صورة إدخال رئيس الحكومة تعديلات على حكومته، فإن الأمر لا يستوجب عرضها على المجلس لأن العرض كما ورد في الفصل 19 من الدستور الصغير او من القانون المنظم للسلط لا يتم الا في حالتين اثنتين وردتا على وجه الحصر وهما سحب الثقة من احد الوزراء وتعيين وزير جديد مكانه وهذا الأخير لا يمكن ان يمارس مهامه الا في صورة تصويت بالثقة عليه من طرف الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس الوطني التأسيسي. وتتعلق الحالة الثانية بحالة الشغور وقتها لابد ان يعرض الوزير الجديد المكلف على المجلس التأسيسي للتصويت عليه بنفس الأغلبية من الأصوات. بماذا ترد على ما صرح به المقرر العام للجنة صياغة الدستور ونائب حركة النهضة الحبيب خذر؟ هذا افتراء... فلم يكن لي اي دخل في تعديلات الدستور زمن المخلوع لا من قريب ولا من بعيد. ومن المؤسف ان يصل النقاش الى هذا الحد... واقول انه ليست هنالك حقيقة مطلقة في قراءة النصوص القانونية وفي تأويلها. هناك دوما اراء مختلفة. بالفعل هناك نصوص واضحة وقواعد واضحة لكن حينما يقع تأويل النصوص لا يجب ان يتم الرد على ذلك بمثل ما قاله الحبيب خذر... أنا اسف جدا لوصول النقاش والتفاعل بمثل هذا السباب والشتائم وهذا الإفتراء... اما بالنسبة لتشكيل الحكومة، فاقول انه عندما تكونت الحكومة الحالية في شهر ديسمبر 2011 تم عرضها على المجلس التأسيسي للتصويت بالثقة عليها، وتم ذلك كهيئة جماعية ولم تقع تولية مضاعفة اي لم يقع التصويت على كل عضو في الحكومة فردا فردا. من ناحية أخرى، ينص القانون المنظم للسلط العمومية على حالتين يجب فيهما عرض الحكومة على المجلس الوطني التأسيسي وقد ذكرتهما. ثم ان لرئيس الحكومة الحق في احداث او حذف الوزارات وكتابات الدولة وفق هذا القانون... وللمجلس الحق في سحب الثقة من أي وزير أو من رئيس الوزراء نفسه... فلماذا هذا التجني؟؟؟ اذا كان الوضع غير مقبول فلماذا لا يبادر المجلس التأسيسي بتغيير القانون المنظم للسلطات بهدف توضيح المسائل الغامضة؟؟؟ ولماذا تبقى تونس حبيسة لهذا القانون الذي تم وضعه بسرعة وحبيسة مثل هذه التأويلات؟؟؟ من المفروض ان يقع الإستماع الى مختلف الأراء لا ان يتم الحسم بسرعة في اتجاه واحد ويرفض صاحب التأويل اي تأويل آخر. فلا مبرر اذن حسب رأيي لهذا الإفتراء ولهذا التجني. قيل الكثير عن لجنة الحكماء التي انت عضو فيها، كيف تنظر الى الانتقادات اللاذعة التي وجهت الى البعض من اعضائها؟ عندما دعيت اول مرة الى قصر الحكومة لم اكن اعلم على الإطلاق بأن الأمر يتعلق بهيئة للحكماء. انما كنت احسب ان رئيس الحكومة يريد ان يستمع الى آراء عدد من الشخصيات. وفعلا ذهبت الى قصر الحكومة وانا لا علم لي بهيئة ولا بهيكل قائم الذات. وبالنسبة الى المسائل القانونية، فإن رأيي كبقية الأراء ولكنه ليس الرأي الوحيد . اما الرد على الافتراءات والإتهامات، فلا يعنيني ما قاله الحبيب خذر وغيره. والحقيقة، ان رئيس الحكومة اختار ان يلتقي بعدد من الشخصيات لإبداء الرأي في الأوضاع التي تعيشها البلاد وان يستمع الى مقترحات للخروج من هذه الأزمة. وهذه الهيئة التي سميت بهيئة الحكماء في بلاغ رسمي صادر عن رئاسة الحكومة ليست مؤسسة قائمة الذات بنص قانوني.. ويمكن ان يكون هذا الإجتماع هو الإجتماع الوحيد للهيئة التي ليست لديها اختصاصات محددة... فهي اطار فحسب لتبادل الأراء والتشاور وليست اكثر من ذلك ولا يمكن بأية حال من الأحوال ان تحل محل المجلس الوطني التأسيسي ولا يمكن ان تنافسه بل لا يمكن ان تقوم الا بدور استشاري بحت. وللحسم في الأمر انا لا احسب نفسي حكيما ولا انتمي الى صنف حكماء الأمس ولا حكماء اليوم.. هل تعتقد ان البقية حكماء؟ بالنسبة الى البقية هم ادرى بانفسهم.. اما انا فقد قدمت رأيي ولا اعتبر نفسي حكيما. ولكن ما تمخض عن اجتماعكم خبر وحيد هو انتقاد هيئتكم لدور المجلس التأسيسي، ويبدو لي ان هذا النقد هو السبب وراء ما اسميته انت افتراء ؟ لم انتقد أداء المجلس التأسيسي وكنت صرحت بهذا مباشرة اثر اجتماع الهيئة حيث اكدت ان هذه الهيئة لا تعتبر تمهيدا للانقلاب على المجلس التأسيسي ولا على الشرعية القائمة. فالشرعية هي المجلس الوطني التأسيسي وما انبثق عنه من مؤسسات. ومن قال عكس ذلك فليتحمل مسؤولية ووزر ما قاله. وهذا الهجوم علي ليس له ما يبرره طالما اني احترم شرعية المجلس التأسيسي واقدرها حق قدرها، خاصة وانه عند تأويل النصوص القانونية لا يجب ان يفهم البعض ذلك هجوما على طرف معين... المهم الخروج من الأزمة التي تتخبط فيها بلادنا ولا فائدة من مزيد تأجيج الأوضاع. لو سألتك عن رأيك الشخصي كرجل قانون ومتابع للشأن السياسي، أية حكومة افضل للمرحلة الحالية، حكومة «تكنوقراط» غير متحزبة أم حكومة ائتلافية متحزبة ؟ المشكل هو في الأهداف، عملية اختيار الأعضاء تنبني على الأهداف والا فلماذا القيام بتحوير وزاري من اصله اذا لم تتغير الأهداف، المهم هو الوصول الى الانتخابات وتسيير شؤون الدولة تسييرا عاديا بعيدا عن الترتيبات السياسية. فقد تكون حكومة كفاءات او حكومة ائتلاف المهم هو كيف نصل الى المرحلة القادمةهذا هو الأهم . فما الذي سيتغير اذا ابدلنا وزيرا بوزير أو حذفنا وزارة؟ المهم تحديد الأهداف التي نريد الوصول إليها. صراحة هل نحن مستعدون لتنظيم انتخابات في أقرب الآجال ؟ القوانين غير جاهزة. نص الدستور غير جاهز والمجلة الانتخابية كذلك.. بالإضافة الى الوضع الأمني المتردي، اعتقد انه من الصعب تنظيم انتخابات في ظل هذه الأوضاع مالم تستطع الدولة استعادة مهمتها في حفظ النظام وفرض الأمن لأن النصوص وحدها لا تكفي... أرجو ان يتغير الوضع بسرعة... التقيتك قبل نحو شهر وكنت متفائلا بالمستقبل، هل لازلت كذلك الى اليوم ؟ بت في مرحلة ما بين التشاؤم والتفاؤل.. الأوضاع لا تبعث على الارتياح.. أرجو ان تكذبني الأحداث».