تعتبر منطقة منارة الحمامات أو «براكة الساحل» مركز عبور لمواطني الوطن القبلي وزغوان وبن عروس في اتجاه الساحل والوسط والجنوب خاصة بالنسبة لمستعملي سيارت «اللواج» هذا الوضع جعلها مقصد عدد كبير من المسافرين وشجع عديد الباعة على الانتصاب بصفة عشوائية بالطرقات وعلى الأرصفة وقبالة واجهات المحلات مما تسبب في اكتظاظ كبير بشارع محمد الخامس ومفترق الطرق الأربعة المؤدية إلى الحمامات الجنوبية أو الطريق السيارة في اتجاه بئر بورقبة أو في اتجاه بوفيشة. فعلى حافتي الطريق تنتصب سوق يومية تعرض فيها كل أنواع المنتوجات من الأحذية الى العطورات وقطع الغيار والآلات الالكترونية والخضر والغلال والأسماك والأكلات الخفيفة والأثاث المستعمل في انتصاب فوضوي قضى على جمالية المكان في مدخل مدينة تعتبر بوابة لأكبر قطب سياحي في البلاد. والمشهد يبدو غريبا وغير منسجم مع مقام الوجهة السياحية فالخضر والأسماك مكدسة على الأرض في كل مكان في جو يمتزج فيه دخان السيارات برائحة الأسماك وشواء بعض الأطعمة .فيما تتوزع هنا وهناك أكداس الأدوات الصحية تتدلى بجانبها ملابس بألوان غريبة .هذا المشهد يمتد على طول الطريق ليشكل مادة غريبة لملتقطي الصور من قبل بعض السياح المارين بالجهة. احدى المواطنات وفي معرض ردها على سؤالنا عن سر تواجدها في سوق فوضوية قالت انه لا سبيل لها لقضاء حاجاتها اليومية من الخضر والغلال الا من هذه السوق التي تجنّبها مشقة التحول الى مدينة الحمامات او بوعرقوب. احد المنتصبين لم يرتح لسؤالنا مؤكدا انه لا سبيل أخرى لكل هؤلاء المنتصبين على ضفتي الطريق لكسب قوتهم اليومي نظرا لتفشي البطالة وتردي الحالة الاجتماعية لأغلبهم وحمل المسؤولية للبلدية التي لم تمكنهم من رخص أكشاك حتى يتمكنوا من تحسين طريقة العرض . واضاف محدثنا ان منارة الحمامات التى نزح إليها عدد كبير من المواطنين مع عائلاتهم من داخل الجمهورية طلبا للعمل في القطاع السياحي لم تكن مهيأة لاستقبال هذا العدد الكبير وانه نظرا لأن العمل في القطاع السياحي لم يعد متوفرا كالسابق بسبب أزمة السياحة منذ الثورة توجه بعض العمال لممارسة بعض الأنشطة التجارية البسيطة . بائع آخر أكد أن رأس ماله لا يتجاوز100 دينار أما جاره فصرح بأنه يعمل بلا رأس مال حيث يقوم مزود من العاصمة بمده بسلع مهربة وبعد بيعها يقوم بخلاصه. احد أصحاب المحلات التجارية الموجودة بنفس الشارع عبر عن رفضه وغضبه من استفحال هذه الظاهرة مؤكدا انه وأمثاله يمارسون نشاطهم بصفة قانونية ويدفعون معاليم البلدية والضرائب ويعانون من تضخم معاليم كراء المحلات التي يمكن ان تتراوح بين 800 و900 دينار وانهم في النهاية يجدون انفسهم مغلوبين على امرهم مشيرا الى ان المنتصبين فوضويا يتعدون على حقوقهم ويشغلون الرصيف ويسدون كل منفذ الى محلاتهم وينافسوهم ببضاعاتهم الرخيصة المهرّبة . اتصلنا برئيس الدائرة البلدية بمنارة الحمامات رضا الدريدي لاستفساره عن موقف البلدية إزاء هذه الظاهرة التي تجاوزت حدود المعقول لتصبح احد أهم المشاكل التي تشوه وجه المدينة. فأكد أن الظاهرة وان طالت تبقى ظرفية وأن الحلول موجودة يحتاج تطبيقها فقط إلى حيز زمني كاف يسمح بانجاز معظم المشاريع التي ستغير وجه منارة الحمامات. وأشار الى ان مشروع تغيير مثال التهيئة العمرانية لبلدية الحمامات جار مما سيسمح بتغيير صبغة بعض الأراضي المحيطة بالمدينة وبالتالي ستتوسع ليصبح بها سوق يومية وسوق أسبوعية لكنه لم يؤكد فرضية نقل موقف سيارات الأجرة واللواج والتاكسي من الطريق الرئيسية إلى محطة وقوف أخرى وبالتالي تنتقل السوق الموازية إلى فضاء مهيئ قريب من المحطة نظرا لان نشاط هذه السوق مرتبط بحركة المسافرين . وعن الإجراءات الزجرية أكد محدثنا أن منارة الحمامات خاضعة ترابيا للحرس الوطني وانه تم بالتنسيق مع كل الأطراف تنفيذ عديد الحملات تمت خلالها مصادرة الكثير من السلع إلا أن الباعة كانوا في كل مرة يعودون إلى أمكنتهم .أما بالنسبة للوضعية الأمنية والحالة الاجتماعية لهؤلاء الباعة فقال محدثنا ان السلط تتعامل معها بحذر حتى لا يكون ردع الباعة سببا في انفجار الوضع امنيا. ملاحظا أن للباعة الحق في العيش الكريم وهذا ما يجعل السلط تغض الطرف في بعض الأحيان في انتظار إيجاد الحلول المستدامة. من جهة اخرى اكد احد موظفي البلدية أن اغلب الباعة الفوضويين يتصلون بالبلدية للمطالبة بمنحهم رخص أكشاك وهم راغبون في تسوية وضعياتهم القانونية إلا أن البلدية اكتفت بمنح رخص لخمسة أكشاك فقط . والأكيد أن الإشكال ناتج عن غياب التخطيط والنظرة الإستشرافية حيث كان من المفروض عند إنشاء القطب السياحي بالحمامات التفكير في العاملين بهذا القطاع حيث وجب توفير السكن لجحافل العملة القادمين من كل مناطق الجمهورية وتوفير المرافق الضرورية من أسواق ووحدات صحية بالإضافة إلى محطات وقوف منظمة لسيارات التاكسي واللواج والسيارات العادية ودراسة كل المناطق المحيطة بدقة لتجنب السوق الفوضوية.