Affiche هذه خفايا تعامل الدولة بصرامة مع السلفيين تحصين الثورة تفسير لكلمة «Dégage» اتحاد الشغل يبحث عن تموقع جديد في النظام القادم الانتخابات لا تعنيني والمناصب لا تهمني حاورته: ليلى بن إبراهيم وصف الأستاذ عبد الرؤوف العيّادي المسار الانتقالي في تونس ب«أكذوبة» أفرزتها تضحية بعض الأطراف باستحقاقات الثورة. كما انتقد في هذا الحوار مع «التونسيّة» التعاطي الأمني مع «أنصار الشريعة» في أحداث القيروان وحي التضامن معتبرا أنّه كان بالإمكان تجنّب تلك المواجهات التي أسفرت عن سقوط ضحايا. أمّا عن «حركة وفاء» التي يتقلّد أمانتها العامّة فقد أكّد انّها تشهد تململا جرّاء خلافات شخصيّة أسفرت عن إبعاد مناضلين كانوا من أبرز المدافعين عنه. الأستاذ عبد الرؤوف العيادي انتقد كذلك القوى الحداثيّة المستمدّة لأفكارها من الغرب خدمة لأجندات خارجيّة تسعى إلى ضرب الثورة إلى جانب تعرضه لآخر المستجدّات على الساحة في البلاد: في البداية كيف يقيّم الأستاذ عبد الرؤوف العيّادي الوضع اليوم في تونس؟ يتسم الوضع في تونس، اليوم ، بعدم الإستقرار نتيجة ما أسميته ب«الخطيئة الكبرى» المتمثّلة في التضحية باستحقاقات الثورة لفائدة الأجندات الانتخابية وقد صرّحت بذلك سابقا وأكدت أنّ المسار الانتقالي «أكذوبة» لأنّه في حقيقة الأمر أصبح مسارا انتخابيا وسمح لقوى الردّة المضادّة للثورة بإعادة تشكيل نفسها وفق المتطلّبات الانتخابية. ومن تقصدون بالتحديد؟ أقصد الدساترة الذين عادوا إلى الساحة بقوّة واقصد حركة «النّهضة» التي ليس لها برنامج ثوري وعملت على زرع الولاة والمعتمدين الموالين لها للتمكّن من السيطرة على مفاصل الدولة والتمكّن من إدارة حملتها الانتخابية. وأقصد كذلك الإتحاد العام التونسي للشغل الباحث عن مكان له في النظام الجديد بعد أن كان يتملّق للأنظمة القديمة وهنا أتحدث عن قياداته. ففي فترة بورقيبة كان له ربع المقاعد داخل مجلس الأمّة وله من يتقلّد عضويّة الديوان السياسي وقد تواصل الأمر زمن بن علي وتحديدا فترتا إسماعيل السحباني وعبد السلام جراد بإحداثهما علاقة قائمة على تحقيق الامتيازات الماديّة جعلتهما يساندان النظام ويقمعان من كان معهما من النقابيين كفصل عدنان الحاجي وزميله في أحداث الحوض المنجمي وبالتالي هو اليوم يبحث عن مكان جديد باسم الدور والحوار الوطني. كما تجدر الإشارة إلى وجود مخطّط لجهات دولية ساهم كذلك في صنع نوع من التوازنات على الساحة وصنع نوعا من التحالفات على غرار تحالف «نداء تونس» مع إتحاد الشغل ومواجهتهما لحركة «النهضة» وقد لمسنا ذلك من الجانب الفرنسي الذي نصب تمثالا لبورقيبة ودشن ساحة باسم فرحات حشاد في رغبة منه لإعادة تحالف 15 نوفمبر 1955 بداية انصهار التيار البورقيبي وتيّار الحبيب عاشور وكلّ هذه المسائل جعلت الوضع على الساحة غير مستقرّ. ماهو تعليقكم على ما جدّ أول أمس من مواجهات بين أنصار الشريعة والأمن؟ كان بالإمكان تجنّب ذلك خاصّة وأنه بالرجوع إلى المؤتمرين السابقين اللّذين عقدهما «أنصار الشريعة» في سكرة وفي القيروان لم يحصل شيء ممّا رأيناه أمس ممّا يفسّر أنّ طبيعة تحرّكهم كانت سلميّة ولم تكن تتطلّب كلّ ذلك التجييش الأمني الشيء الذي ساهم في التصعيد كما أنّ ما أتاه رئيس الحكومة علي العريّض بشأنهم وقوله انّهم تنظيم مرتبط بالإرهاب عمّق الأزمة وأوحي بأنّ المسألة أكبر من ذلك وأكّد وجود حملة تستهدفهم منذ عدّة أسابيع. وكان من المفروض على الجهات الأمنيّة عدم الانخراط في المواجهة مع الحركة السلفيّة وأنصار الشريعة لأنّ الصورة بشأنهم مازالت غير واضحة بغياب نتائج التحقيقات في أحداث الشعانبي وعدم التاكّد من تورّط هؤلاء الذين تمسّكوا بتنصّلهم من المسؤوليّة رغم أنّ المعروف عنهم هو تبنّيهم لكلّ ما يقومون به. يفهم من كلامكم أنّكم غير راضين عن تعاطي وزارة الداخليّة مع التيار السلفي؟ نعم، لانّ المؤسّسة الأمنيّة مازالت تسعى إلى نيل ثقة المواطن لانّ هذا الأخير مازال يحمل صورة سيّئة عن رجال الامن وقد لمسنا ذلك في القيروان بخروج مواطنين عاديين يتظاهرون ضدّ قوات الامن، كما أنّ التعاطي الأخير مع التيار السلفي جعلنا أمام تنفيذ أجندا دوليّة وأخرى حزبيّة لأنّه بعد أحداث السفارة الأمريكية دخلت حركة «النهضة» في مواجهة مع التيار السلفي تداركا منها للأمر وتاكيدا منها على استعدادها لتقديم التنازلات. ألا ترون أنّه كان بإمكان «أنصار الشريعة» الحصول على ترخيص والقيام بمؤتمرهم دون الدخول في هذه المواجهات؟ كان بإمكان حصول ذلك وإيجاد مجال للتحاور وخلق حلّ وسطي لكن تدخّل جمعية الشرعية للعاملين بالقرآن والسنة لصاحبها محمّد خليف على الخط ساهم في تعقيد الأمور وجعل تعامل الجهات المسؤولة مع المسألة إقصائيّا. كيف ترون موقع «أنصار الشريعة» في تونس اليوم هل سيكون لهم مكان في المشهد السياسي القادم بعد الانتخابات؟ في تصوّري كلّ حركة لها روابط عقائديّة يمكنها التحوّل إلى حركة سياسيّة لكن السؤال الذي يطرح هو هل وصل «أنصار الشريعة» اليوم إلى مستوى يمكّنهم من طرح خيارات سياسيّة عامّة على علاقة وطيدة بما يجري في العالم ويساهم في طرح برامج خاصّة بهم لا تجعل منهم حركة قابلة للتوظيف؟ في اعتقادي هذا أمر صعب لأنه من السهل جعلها كذلك لعدم تقديمها لبرامج تتماشى ومتطلّبات المرحلة. وأشير إلى أنّه من الضروري على كلّ حركة تسعى إلى كسب شروط ومقوّمات التأثير السياسي أن تعمل على تقديم حلول توفّر امن المواطن وتحسّن من ظروف عيشه وتعالج المواضيع المتعلّقة بمؤسّسات الدولة كالقضاء والإعلام وغيرها من المجالات ليكون لها مكان في المشهد السياسي. هل تؤيّد القول بأنّ التيار السلفي مخترق من قبل مجرمين وأصحاب سوابق؟ كلّ الحركات في تونس مخترقة سواء اختراقا دوليا أو محلّيا حتّى أنني لا اتصوّر انّ حركة «النهضة» الحزب الحاكم في البلاد غير مخترقة وكلّ ذلك يعود إلى رغبة بعض الأطراف في إجهاض الثورة. وماهو تعليقم على موضوع الشرطة السلفيّة؟ لست مطّلعا على هذا الأمر بالذات ولست واثقا من وجودها لكن ما أؤكّد عليه هو ان مسألة الأمن لا بدّ أن تبقى بيد السلطة الشرعيّة لا غير. كتبتم مؤخّرا على موقعكم الخاص « وينكم يا أنصار حركة وفاء» هل يعدّ هذا لوما أو نداء؟ حقيقة ليس لي علم بذلك ولم اكتب شيئا على موقعي الخاص وهذا يوحي بانّ موقعي الخاص قد تمّ اختراقه أيضا لأنّه لم يكن لي اي نشاط منذ مدّة. ولكن ذلك لا يعني أنّه لا يوجد تململ داخل «حركة وفاء» وأنّها في أمس الحاجة إلى أنصارها هذه الفترة؟ أكيد، فالحركة تشهد خلافات تنظيميّة شخصيّة وهي خلافات بإمكاننا تسويتها لانّها لا تتعلّق بالبرامج أو التنسيق والدليل على ذلك أنّنا نعدّ لمؤتمرنا القادم وقد شكّلنا لجانا لذلك كما انّنا سنواصل استكمال توصيات مؤتمر المحاسبة الذي عقدناه سابقا إضافة إلى عدّة مشاريع قانونيّة تقدّمنا بها إلى الجهات المختصّة كمشروع قانون كشف الأرشيف لأنه لا بدّ من كشف أرشيف جميع الأجهزة. هل يمكن لنا معرفة هذه الخلافات وهل كانت سببا لإبعاد سليم بوخذير من الحركة رغم انّه كان من أبرز المدافعين عن العيّادي؟ نعم، فإبعاد سليم عن الحركة كان سببه هذه الخلافات الشخصيّة، بعد مؤتمر المحاسبة وجدنا أنفسنا أمام حملة مركّزة تستهدفنا جرّاء تمسّكنا باستحقاقات الثورة ورغبة منّا في استكمال مراحلها، فقد كنّا محلّ هجوم وحملات إعلاميّة مغرضة تجسّدت في نشر وثيقة للقيادي في الحركة أزاد بادي تشير إلى مشاركته في انتخابات 2004 كما تمّ استهدافي واستهداف زميلي محسن الكعبي. ورغم محاولة الجميع التصدّي للموضوع لعدم إحداث شرخ داخل الحركة فإنّ تعاطي سليم بوخذير مع المسألة إعلاميّا باعتباره مكلّفا بالإعلام لم يكن إيجابيّا ممّا استوجب طرده لانّ الإعلام يكون أداة لصدّ الحملات المغرضة وليس أداة ينتج عنها فتح مجال للحديث والتجريح في شخص أزاد بادي. هناك من اعتبر أنّ طرد سليم بوخذير انحيازا لشق أزاد بادي لأغراض تكتيكيّة إنتخابيّة؟ نحن في الحركة لسنا منقسمين لنتحدّث عن شقّ لكنّ لا يمكنني الدفاع عن الخطإ وما أتاه بوخذير كان خاطئا. صحيح انّ سليم كان رفيقي في سنوات الجمر والنضال لكن لا يعني ذلك أن أقف إلى جانبه عند الخطإ. أمّا بخصوص أغراض تكتيكيّة إنتخابيّة فأنا لا تعنيني الانتخابات ولا تهمّني المناصب ومستعدّ لأكون عضوا داخل الحركة كما انّني لا اميل لشقّ أزاد مثلما أسميتموه. لماذا اكتفيتم بتجميد نشاطه في مرحلة أولى؟ القرار يعود إلى الهيئة التأسيسيّة ولا دخل لي فيه. وأضيف انّه ليس لي صوت داخل الهيئة وبالتالي القرار اتخذ بالأغلبيّة من قبل أعضائها فما أجزم به هو انّ الهيئة سيّدة قرارها لكن بإمكانها التراجع عن موقفها والتعديل من قرارها عندما تهدأ الخواطر والنفوس. ماهو موقفكم من مسألة الحوارات الوطنيّة التي دعت اليها كل من الحكومة والإتحاد العام التونسي للشغل؟ حسب رأيي هي حوارات شكليّة أهدافها البحث عن موقع في المنظومة القادمة وكلّ من دخل هذه الحوارات يبحث عن كيفيّة توفير مستلزمات شروط المرور إلى الإستحقاق الإنتخابي سواء من قبل المعارضة التي تسعى ان تطرح نفسها بديلا أو الحكومة وتحديدا «النهضة» الساعية إلى التجديد لكن كلّ الاطراف تتحاشى الخوض في المحتوى المتّصل ببرامج الثورة واستحقاقاتها وأهدافها وبرامجها رغم انّ منظومة الفساد والاستبداد مازالت جاثمة على صدور التونسيين وستمرّ إلى الصندوق عبر مسمّيات جديدة لانّ الشيء الوحيد الذي تحقّق من الثورة هو إزالة رأس النظام لا غير. من سيكون حليفكم في الإنتخابات القادمة؟ لم نفكّر في ذلك لأنّ الساحة السياسيّة قيد التشكّل ولا يوجد بها خارطة سياسيّة واضحة ذات معايير وبرامج تسمح بالتنافس. فالجميع مازال يحكم على الحركات من منطلق هويّتها الفكريّة والعقائديّة أكثر من برامجها وذلك نتيجة سنوات التصحّر التي صاحبت تكّون هذه الحركات والتي حالت دون وصولها إلى مستوى الأحزاب كما في الدول المستقرّة وقد تجلّى هذا الأمر في وجود صراع بين التيارات الحداثيّة التغريبيّة المتأتّية من الغرب والساعية إلى تشكيل النظام بما يتماشى ورؤيتها وبين التيارات المستمدّة لأفكارها من الخليج والتيارات الأخرى المعروفة بتيّارات الهويّة كالناصريين وغيرهم وهي صراعات حالت دون التفكير في دور تونس إقليميّا ومستقبلها في البحر الأبيض المتوسّط ومثل هذه الاسباب وغيرها جعلتنا لم نفكّر بعد في مسألة التحالف مع غيرنا استعدادا للإنتخابات القادمة. كرجل قانون هل انتم ضدّ ام مع قرار رئيس الجمهوريّة منصف المرزوقي بشان ارتداء النقاب في الجامعات؟ أنا ضدّ الخوض اصلا في مثل هذه المسائل لأنّها لن تساهم إلا في خلق إشكاليات على الساحة للأخذ والردّ والجدل وجعلها ظاهرة إجتماعيّة من شأنها تهميش عدّة مسائل أخرى على قدر من الأهميّة كالتفكير في مستقبل تونس وموقعها في البحر الأبيض المتوسّط وهل انّها ستبقى رقما في المعادلة الأمنيّة الإقليميّة ام سيكون لها رؤية لبناء مجال سياسيّ وتولّي استراتيجيّة تخدم مشروعها الكبير في بناء مستلزمات القوّة. لكن الا تعتبر أنّ موقفه فيه نوع من التحدّي للمجالس العلميّة وللمحكمة الإداريّة؟ لا اعتبر ذلك لانّ الكلّ يتذكّر أنّ المحكمة الإداريّة والمجالس العلميّة كانا نتيجة مسار تجاذب سياسي قديم وموقفهما في العهد البائد كان واضحا بشأن الحجاب والأكيد انّها ستواصل إنتاج البضاعة نفسها بشأن النقاب لكن ما أؤكّد عليه هو انّ إثارة هذه المسألة يراد بها تهميش الواقع والانزياح به نحو مسائل جانبيّة لإبعاد الرأي العام عن مسائل أساسيّة وقضايا هامّة. هل مازلتم على موقفكم من قانون تحصين الثورة وهل ترون أنّ هذا القانون همّش قانون العدالة الانتقالية؟ موقفنا كان واضحا من مسألة قانون تحصين الثورة الذي دعمناه وأيدّناه لأنّه المفسّر الوحيد لكلمة dégage التي رفعها الشعب في وجوه رموز الفساد الذين كان من المفروض اقصاؤهم ولا أراه معرقلا لقانون العدالة الإنتقاليّة لكنّ ما لاحظته اليوم هو انّ بعض الأطراف وبدعوى الإستحقاق الانتخابي ساهمت في تحويل المسألة إلى حقوقيّة خدمة لأغراض انتخابيّة. ما هو تقييمكم لأداء الحكومة خاصّة الداخليّة والعدل وأنتم من يحمل برنامجا لإصلاح القضاء؟ لا وجود لبرامج إصلاحيّة تستجيب لاستحقاقات الثورة فهدفنا كان إدخال إصلاحات على الامن والقضاء والإقتصاد لكن ذلك غير ممكن في غياب المحاسبة التي بفضلها سيتمّ الحصول على كمّ هائل من المعلومات والإهتداء إلى حلول مناسبة للإشكاليات المطروحة. لكن ما يوجد اليوم هو وصفات نظريّة مسقطة ومعروضة من الخارج وفق مخطّط يتمّ من خلاله تحاشي المحاسبة وذلك مقابل قروض ستغرق البلاد في الديون، كما حصل مع الباجي قائد السبسي، وذلك لخرق الدور الموكول للنظام التونسي خدمة لمصالح الغرب أمنيّا واقتصاديا وثقافيّا كذلك في غياب سياسة خارجيّة لأنّنا مازلنا تحت تأثير سياسة الخارج كما كان في عهد بن علي الهادفة إلى تكريس خيارات المنظومة الدوليّة الغربيّة المهيمنة. كلمة أخيرة: هل تنوون الترشّح لانتخابات هيئة المحامين في جوان القادم؟ لا، وليست لي النيّة في ذلك.