لم تمرّ المواجهات بين «الدولة» و الجماعات المتطرفة التي وصفها رئيس الحكومة علي العريض بالإرهابية في القيروان وحي التضامن دون أن تهتم بها الصحافة الفرنسية، وقد إخترنا أن نتوقف عند صحيفتين، الأولى Direct Matin لعدد يوم 21 ماي والثانية Metro في اليوم ذاته وهي صحيفة توزع مجانا على نطاق واسع في فرنسا ويتم توزيعها بعناية على جمهور مهرجان «كان» السينمائي وصحافييه أمام قصر المهرجان. أدرجت الصحيفة الأولى في الغلاف صورة للمواجهات الدامية بين السلفيين وقوات الأمن تحت عنوان «الجهاديون يتحدون الحكومة الإسلامية: تهديد السلفيين لتونس»، ونشر المقال مفصلا على كامل الصفحة العاشرة تضمن بيانا بعدد ضحايا المواجهات. وأشارت الصحيفة إلى أن عودة الهدوء إلى شوارع العاصمة لا يعني نهاية المواجهات بل بداية حرب بين حكومة حزب «النهضة» الإسلامي والمتشددين دينيا الذين صنفوا لأول مرة نهاية الأسبوع الماضي على أنهم إرهابيون حسب تصريح رئيس الحكومة علي العريض لجريدة «الحياة» مؤكدا ان حكومته ستتصرف بمنتهى الحزم مع «أنصار الشريعة» الذين يمارسون العنف ويواجهون الدولة ويتمردون على القانون» . وفي عنوان فرعي «العقيدة فوق الدولة» كتبت صحيفة «ديراكت ماتان» «قبل سنتين كانت حركة «النهضة» تنظر لأنصار الشريعة على أنهم إخوانهم وأشقاؤهم الصغار، صحيح انهم ثائرون قليلا ولكنهم لا يشكلون أي خطر ، ولكن الصورة تغيرت بعد إغتيال ضابط الشرطة محمد السبوعي وإقامة الحد عليه وتعمد السلفيين منع أنشطة ثقافية مثل عرض الأفلام (سبق للمتشددين منع عرض فيلم نادية الفاني قبل أكثر من سنة وفي ذلك الوقت بحث المتحذلقون عن مبررات لهذا التصرف بإعتبار الفيلم مستفزا والشيء ذاته حدث مع بث نسمة لفيلم برسيبوليس) والتورط في تهريب الأسلحة والاتجار بها ، وأصبح هذا التيار خطرا على الديمقراطية التونسية . وتضيف الصحيفة» وبتكاثر اعدادهم من بضع مئات إلى عشرات الآلاف وضع السلفيون الجهاديون انفسهم على هامش المجتمع نظرا إلى مواقفهم الرافضة جذريا لكل مواقف الحكومة القائمة، فهم ضد الإنتقال الديمقراطي والسياسة بوجه عام». يقول الخبير في شؤون المنطقة المغاربية «بيار فارمارن» «هدفهم إقامة دولة دينية فوق الدولة الوطن» وليس مفاجئا ان تجدّ المواجهات بعد الإعلان عن توافق «النهضة» الحزب الإسلامي مع سائر أحزاب المعارضة على مقتضيات المرحلة القادمة وخاصة طبيعة النظام السياسي والإلتزام بتنظيم إنتخابات قبل موفى السنة الجارية « وتواصل الصحيفة الفرنسية التي توزع في مدينة كان بشكل اساسي على المشاركين في المهرجان السينمائي الذي يستقطب اربعة آلاف صحفي من كل انحاء العالم «وذلك يعني ان هذه المواجهات التي صدرت عن إخواننا غير القادمين من المريخ والذين قالوا لنا «إسمعوا منا ولا تسمعوا علينا» ستحقق ما تبقى من أهداف الثورة بخلق مواطن الشغل والقضاء النهائي على البطالة والترويج للسياحة التونسية». (بالمناسبة من سمح بتنظيم لقاء الداعية محمد حسان على شاطئ الحمامات؟ لماذا لا يحاسب من اتخذ القرار؟ ولماذا الحمامات بالذات؟ هل القصد هو هداية القلة المتبقية من السياح وحثهم على إعتناق الدين الإسلامي؟) وتحت عنوان الخوف من عدم الإستقرار كتبت « ديراكت ماتان» بعد سنتين من سقوط نظام بن علي تمثل تونس هدفا مثاليا للسلفيين للهيمنة على المسار الديمقراطي مستغلين الأزمة الإقتصادية المتفاقمة لإستقطاب شباب الأحياء الفقيرة الذي يعاني البطالة والتهميش». ولئن إستبعد الخبير بيار فارميران محاولة هذه الجماعات الإطاحة بنظام الحكم فإنه نبه إلى الخطر الذي يشكله دخول الأسلحة ورواجها بين هذه الفئات خاصة وان الأمن التونسي –حسب الخبير فارميران- ليس مدربا لمواجهة تسريب هذه الأسلحة . مبعث القلق الثاني هو إمكانية عودة السلفيين التونسيين الذين يحاربون في سوريا لإقامة الشريعة في تونس ؟ وختمت الصحيفة الفرنسية تحليلها بالتأكيد على الدعم الفرنسي لمسار الإنتقال الديمقراطي مستشهدة بزيارة وزير الخارجية لوران فابيوس لتونس للإعداد لزيارة هولند بعد أشهر قليلة لعاصمة الربيع العربي. وكان الرئيس الفرنسي قبل أيام وفي حوار تلفزي مع الصحافة الفرنسية صرّح بأن فرنسا تتعهد بحماية النموذج التونسي . «أنصار الشريعة» مستعدون لتدمير السياحة التونسية... افاد الخبير بيار فارميران ان «انصار الشريعة» يضعون الشريعة فوق اقتصاد البلاد وهم مستعدون لتدمير السياحة التونسية التي تدر نسبة 7 في المائة من الناتج الوطني الخام بمنع تداول المشروبات الكحولية (تذكروا جيدا تلك الخيمات الدعوية التي تكسر فيها قوارير الخمر وكأنها تختزل كل الشرور حتى بات من يقتني قارورة خمر من أحد الفضاءات التجارية يخشى ان تتم مهاجمته واستتابته). اما صحيفة»ميترو» في عدد الثلاثاء 21 ماي فأبرزت تصريح رئيس الحكومة لجريدة «الحياة» واعتباره «أنصار الشريعة» تنظيما إرهابيا. وأوردت الصحيفة ان إسلاميي «النهضة» منذ إرتقائهم لسدة الحكم كانت تلاحقهم تهمة التواطؤ مع التيارات الدينية المتشددة. وتقول الصحيفة إن أبا عياض كان على رأس المجموعة التي قامت بإغتيال احمد شاه مسعود يومين قبل تفجيرات 11 سبتمبر 2001 وقد سجن في تونس من سنة 2003 إلى 2011 وهو هارب من السلطات الأمنية التي تتهمه بالتخطيط لعملية الإعتداء على السفارة الأمريكية في سبتمبر 2012. وكان ابو عياض هدد الحكومة التونسية الأسبوع الماضي بالحرب لأنها تنتهج سياسة ضد الإسلام ، وقال في رسالة صوتية لأنصاره « يعلم الله أني تمنيت أن أكون بينكم في هذه اللحظات التي تسطرون فيها بعزمكم وإصراركم وتوكلكم على الله صفحة مشرقة من تاريخ أمتنا وإن أعظم ما يدخل السرور على القلب أنكم أثبتم للعالم أجمع أن دعوتكم لا تُهزم أبدا أمام جحافل المعادين والمخذولين والحاقدين» وتوجه ابو عياض بالشكر بطريقة ساخرة من السلطات التونسية. وقال «برقية إلى الطواغيت: علمنا ديننا أن نشكر من يستحق الشكر.. وأنتم اليوم أحق الناس بالشكر فقد ارتكبتم من الحماقات ما كان سببا لنشر دعوتنا واغنائنا عن الاشهار لملتقانا فشكرا على الغباء والحماقة».. من موفدنا الخاص إلى مدينة كان الفرنسية- نبيل بنور