نفّذ أمس، عدد من المستشارين المقرّرين المكلّفين بنزاعات الدولة إضرابا عن العمل بكافّة المحاكم التونسيّة مصحوبا بوقفة إحتجاجيّة بالمقرّ العام لنزاعات الدولة للمطالبة بالإستقلاليّة الوظيفيّة وإنشاء هيئة قضايا الدولة التي تضمن حقوقهم على غرار ما هو موجود في بقيّة الدول. و قال طارق الصغير مستشار مقرّر بنزاعات الدولة إنّ هذه الوقفة كانت نتيجة المماطلة في التعامل مع مسألة تمرير قانون هيئة قضايا الدّولة من قبل الجهات الرسميّة موضّحا أنّه تمّ سابقا تنفيذ وقفتين احتجاجيتين أمام مقر رئاسة الحكومة في القصبة للفت النظر إلى ضرورة إحداث هذه الهيئة والدور البارز الذي تلعبه في حسم قضايا الدولة ومحاربة الفساد. كما أكّد الصغير على انّه لا بدّ من النظر في مسألة منحة التقرير والمرافعة التي سحبت منهم وتمتّع بها غيرهم من القضاء العدلي والإداري وانّه لا بدّ من تفعيل محضر جلسة 29 جانفي التي عقدت مع سلطة الإشراف إضافة إلى ضرورة تحسين ظروف عملهم بإعادة تأهيل مقرّهم الرئيسي أو تغييره لأنّه أصبح، على حدّ تعبيره، لا يليق بمهمّة المكلّف العام بنزاعات الدولة مطالبا سلطة الإشراف بضرورة إحداث دورات تكوينيّة للمستشارين وتوفير المراجع القانونيّة الضروريّة التي تعتبر من مقتضيات العمل. من جانبه أكّد محمّد علي وحيدة مستشار مقّرر رئيس على انّه اضطرّ وزملاؤه إلى الإحتجاج نتيجة إغلاق كلّ أبواب الحوار أمامهم وإتباع أساليب المماطلة في التعامل مع مطالبهم موضّحا أنّ جهازهم يمثّل الدولة في جميع القضايا التي تضاعفت بمعدّل ثلاث مرات بعد الثورة، على حدّ قوله، مقابل التقليص في عدد المستشارين الذين نقلوا إلى اللّجان الجديدة التي أحدثت بعد الثورة ليتطرّق بذلك إلى النقص في اليد العاملة وفي التجهيزات وفي الدورات التكوينيّة والمناظرات مقارنة بزملائهم في سلك القضاء. كما أشار وحيدة إلى أنّ إحداث هيئة قضايا الدولة يعدّ مطلبا أساسيّا لمواجهة الكمّ الهائل من القضايا معتبرا انّ التأخير في إنجازها إلى حدّ الآن هو نتيجة غياب الإرادة السياسيّة والوعي بدور المؤسسة في مقاومة الفساد. و أضاف وحيدة أنّ طموح كافّة المستشارين السير على منوال الدول المتقدّمة التي تتمتّع باستقلال قضائها وتتخلّى عن القضايا بصفة آليّة عندما يتكفّل بها المكلّف العام بنزاعات الدّولة ليطالب بضرورة استقلال إدارتهم عن وزارة أملاك الدولة التي تعيق تحرّكهم على حدّ قوله مؤكّدا أنّ جهازهم أصبح مهدّدا بالتوظيف السياسي. أمّا ليندة القوطالي مستشار مقرّر وعضو بالمكتب التنفيذي لجمعيّة المستشارين فقد قالت أنّ أسلوب المماطلة والتسويف المتبّع من قبل الحكومة حول هيئة قضايا الدولة دفع بهم إلى التصعيد إلى جانب الظروف المزرية التي يعملون فيها والتي ساهمت في تسريب عديد الملفّات الهامّة وإتلافها والعبث بها ممّا أدّى إلى تغييب عاملي السريّة والشفافيّة في التعامل مع بعض القضايا الهامّة. كما أشارت إلى الضغوطات والتعليمات المسلّطة على المكلّف العام بنزاعات الدولة والتي دفعت بسلطة الإشراف إلى التخلّي عن مسؤوليتها إزاء إحدى القضايا الهامّة. وطالبت القوطالي بضرورة إتخاذ الإجراءات اللازمة للإسراع بالبتّ في أكثر من 15 ألف قضيّة وبضرورة حمايتهم من التهديدات الخطيرة التي تصلهم بين الحين والآخر من قبل مواطنين. الأمر نفسه أكّدته نجيبة الزناتي مستشار مقرّر التي أوضحت بدورها انّ المطالب المتعلّقة بجهازهم تهدف إلى إعادة هيبة الدولة بعد مرورها بفترة حرجة عقب الثورة مشيرة إلى انّ المشاكل التي يتعرّضون لها ستنعكس بشكل سلبي على مردودية عملهم المتعلّق بقضايا الدولة. كما أكّدت انّه لا بدّ من تفعيل قانون هيئة قضايا الدولة وإحداثها كما هو موجود بليبيا وإيطاليا وفرنسا لأنّ جهازهم يعتبر نيابة عموميّة مدنيّة لا يقلّ اهميّة عن سلك النيابة العموميّة على حدّ تعبيرها لتعرّج على الدور البارز الذي يلعبه سلك المستشارين المقرّرين بنزاعات الدولة في تمكين الدولة من عائدات ماليّة قائلة: «أحنا اكثر ناس دافعنا على الدولة وربّحناها في مليارات ومن واجبها إعطاءنا». أمّا زياد العكاري مستشار مقرّر فقد قال إنه تمّ تهديد الدولة في كيانها بتهميش هذا السلك الذي يدافع عن حقوقها ومكتساباتها بخوضه في جميع القضايا الإداريّة والجزائيّة، موضّحا،انّ جلّ المطالب تمخّضت بعد الثورة جرّاء الرغبة الجامحة في التحرّر والحصول على الإستقلاليّة التي منها يتولّد العمل الشفاف والدفاع عن الدولة ككيان سيادي وقانوني دون الإرتباط بالنظام السياسي. وأكّد العكاري تمسّكه وزملاءه بكافّة الطلبات المرفوعة إلى الحكومة خاصّة منها مراجعة القانون الأساسي للمستشارين في إعطاء صلاحية كاملة للمستشارين دون التوظيف السياسي والإيديولوجي للتمكّن من حماية كيان الدولة.