التونسية (مكتب القيروان) كل سنة تعيش القيروان أجواء احتفالية كبيرة ومتميزة بمناسبة شهر رمضان وكذلك احياء لليلة القدر وما ادراك ما ليلة القدر التي يستعد لها الجميع كما ينبغي على جميع المستويات فتتعدد الطقوس في الاحتفاء بها والتماس فضلها بالعبادات والتضرع والابتهال, تتزين المدينة وتتجمل حتى تكون في مستوى الرمزية الدينية والتاريخية للزمان والمكان. وتزامنت ليلة القدر هذه السنة مع أحداث امنية استثنائية تعيشها البلاد لكن القيروان حافظت على هدوئها فهبت نسائم الغفران والدعاء والبركات والاناشيد الدينية ومظاهر الاحتفال وختان الاطفال والتزين والتجمل , الى جانب الحركية التجارية والحيوية. اجواء القيروان اختزلت في شوارعها ومقاهيها حيث تمططت أرصفة المقاهي يمينا ويسارا واحتل بعضها الطريق بعد الرصيف وعلا صوت ال «شيشة» والدق على الطاولة من لعب الورق وتعالت أصوات النقاشات تفتح ملفات السياسة بلا خشية أو تردد. كما شهدت شوارع المدينة في هذه الليلة حركية تجارية كبرى إلى ساعة متاخرة من الليل مع انتصاب التجار في كل مكان من الحي التجاري الى امام ساحة «باب الجلادين» على طول السور في اتجاه « باب الخوخة» وفي كل الاسواق العربي والبلاغجية و «المرّ» داخل المدينة العتيقة. ويذكر ان هذه السوق شهدت خاصة في النصف الثاني من رمضان اكتظاظا وحركية كبرى أعادت للمدينة بهجتها ورونقها. حيث يتجمع الناس والزوار قادمين من كل ضواحي المدينة ومن كل أرجاء البلاد لزيارة الجامع الكبير ومقام ابي زمعة البلوي اضافة الى السهر والزيارات في اجواء عائلية دون الحديث عن الحضور المكثف لكل انواع الحلويات والمرطبات. ويتدافع الناس في الأسواق لاقتناء الهدايا وجهاز العروس كما تزدهر محلات الحلاقة لحلاقة الشعر وتهذيب اللحي استعداد للعيد بمظهر لائق أو لزينة شاب يستعد لزيارة أصهاره وخطيبته محملا ب «الهدية» أو «الموسم», كما تنشط كثيرا مواعيد عقد القران والخطبة التي تسمى «الفاتحة», وتعد ليلة 27 من كل رمضان ليلة «الموسم» التي لا يتنازل عنها أي خطيب حيث يقتنى بعض الأواني البلورية والنحاسية والحلويات والملابس لخطيبته, كما يفضل البعض ان تعقد عقود الزواج في هذه الليلة المباركة في مقام سيدي الصحبي. جامع عقبة قطب السهرة مثل جامع عقبة بن نافع الذي تحرر بعد الثورة قطب ونجم ليلة القدر بدون منازع نظرا لاستقطابه عددا كبيرا من المصلين الى جانب حضور الشخصيات السياسية ممثلة في شخص رئيس الجمهورية السيد محمد المنصف المرزوقي الذي اشرف على احياء ليلة القدر الى جانب مفتي الجمهورية ووزير الصحة العمومية عبد اللطيف المكي ووزير الشؤون الدينية نورالدين الخادمي ووزير التجارة عبد الوهاب معطر الى جانب والي القيروان وواليي زغوان والمنستير وكذلك المسؤولين الجهويين. وقد استمع الجميع الى محاضرة دينية للامام الخطيب للجامع الشيخ الطيب الغزي حول البعد الديني والاجتماعي للشعائر الاسلامية بالاضافة الى محاضرة لوزير الشؤون الدينية نور الدين الخادمي الذي ندد بالعنف ودعا الى وحدة الشعب التونسي باعتباره مسلما ودعاهم الى التوحد في مثل هذه الظروف الصعبة مستشهدا بعدة احاديث حول الرحمة والتضامن والتسامح وقال حرفيا «المرحلة التي تعيشها البلاد تتطلب مرحلة انقاذ غريق واطفاء حريق ومرحلتنا مرحلة استثنائية اضطرارية يجب اتمامها بأيسر الطرق وبأخف الأضرار» خاتما بالقول «ادفع بالتي هي أحسن» . كما أشرف الرئيس على حفل توزيع جوائز الجمعية القرانية القيروانية للفائزين في مسابقة حفظ القران الكريم وسط الدعاء والانشاد بوصلات أداها الشيخ محمد البراق .