اعتبر أن "هذا الأسلوب لا يليق برئيس دولة"/ محمد عبو يفتح النار على قيس سعيد..#خبر_عاجل    محمد بوغلاّب يمثل اليوم مجدّدًا أمام القضاء..    كأس العالم للأندية : الهلال السعودي يتعادل سلبيا مع سالزبورغ النمساوي    تونس: نحو مراجعة برنامج شعبة الرياضيات    عاجل/ إسرائيل تُعلن قصف 6 مطارات إيرانية..    في سابقة في إفريقيا: 733 عملية مجانية في مجال صحة العيون في يوم واحد بتونس    كاس العالم للاندية : مانشستر سيتي يتأهل للدور السادس عشر مع يوفنتوس بعد فوز ساحق 6-صفر على العين الاماراتي    تونس تدين الاعتداءات الصهيونية على ايران ، وتدعو الى ايقاف العدوان    بعد ما نجحت في ''باكالوريا ''2025 ...احسب سكورك بهذه الخطوات    عاجل - تونس : صدمة بالأرقام: الإناث يتصدرن حالات الغش في البكالوريا!    مهرجان تيميمون الدولي للفيلم القصير بالجزائر يفتح باب الترشح للمشاركة في دورته الأولى    فرضيات تأهّل الترجي و تشلسي إلى ثمن نهائي كأس العالم للأندية    في أول تعليق له على الضربة الأمريكية لبلاده .. خامنئى: عقابنا لإسرائيل مستمرّ    سيدي بوزيد: لأول مرة عملية إزالة كيس من الكبد تحت مراقبة المفراس بالمستشفى الجهوي    كورياالشمالية تدين الضربات الأمريكية على منشآت إيران النووية    طقس اليوم: قليل السحب والحرارة تتراوح بين 30 و39 درجة    كأس العالم للأندية 2025: ريال مدريد يتغلب على باتشوكا المكسيكي 3-1    ترامب: إذا كان نظام إيران غير قادر على جعلها "عظيمة مرة أخرى" لماذا لا يكون هناك تغيير فيه    هل استطاعت قنابل أمريكا اختراق تحصينات المنشآت النووية الإيرانية؟    الهلال السعودي يفشل في تحقيق انتصاره الأول في كأس العالم للأندية.. ترتيب المجموعة الثامنة    تحصّل على 80 ميدالية في جينيف ... زيت الزيتون التونسي يؤكد تفوّقه عالميا    فرنسا ترسل طائرة عسكرية لإجلاء مواطنيها من إسرائيل    عاجل : فوضى في الأجواء الخليجية... وتأثير مباشر على المسافرين التونسيين    بعد دفع الفلاحين والمصنعين 120 مليارا في 12 سنة: لماذا غاب دعم صندوق النهوض بالصادرات؟    النجم الساحلي: موعد استئناف التمارين    في مهرجان الفيلم العربي بالدار البيضاء: محمد مراد يُتوّج عن دوره في فيلم «جاد»    عانت من ضعف التمويل وسوء التسيير .. هل تتجاوز المهرجانات الصيفية مشاكلها؟    الممثلة المسرحية نورس العباسي ل«الشروق»: يستهويني عالم التدريس    مدٌّ أحمر في المنستير: تحذير من نفوق الأسماك وتوصيات للمواطنين    تونس صدرت منتوجات بيولوجية بنحو 420 مليون دينار الى موفى ماي 2025    النجم الساحلي :ضبط القائمة النهائية للإطار الفني لفريق أكابر كرة القدم    نفوق الاسماك بخليج المنستير يعود الى انخفاض الاكسجين الذائب في مياه البحر (وزارة الفلاحة)    ضخ كميات إضافية من مادة الفارينة المدعمة لمجابهة الطلب في الصيف (وزارة التجارة)    الهيئة الوطنية للسلامة الصحية تدعو سكان المناطق الساحلية الى عدم استهلاك الأسماك النافقة لخطورتها على الصحة    في مسابقة دولية بلشبونة: تتويج التونسية ملاك العبيدي بجائزة أفضل مؤلف عن الطبخ في العالم    صفاقس تتصدر الطليعة وطنيا في نسبة النجاح في الدورة الرئيسية للباكالوريا    دعوة سُكّان المناطق الساحلية إلى عدم استهلاك الأسماك النافقة لخطورتها على الصحة    إحباط تهريب أكثر من 22 ألف حبة "إكستازي" و2.2 كلغ من الكوكايين بمعبر رأس جدير    مبابي يغيب مجددًا عن ريال مدريد    صدور دليل التوجيه الجامعي لسنة 2025..#خبر_عاجل    الحرس الديواني يحجز بضائع مهربة بقيمة تتجاوز 900 ألف دينار    لقاءات للشراكات التضامنية بين ناشرين مستقلين من العالم العربي والفضاء الفرنكفوني يوم الإثنين بتونس العاصمة    قرى الأطفال "أس و أس": 21 ناجحا في الدورة الرئيسية للبكالوريا..    تركيز رادارات جديدة في النقاط السوداء بولاية تونس للحد من الحوادث    مدنين: من أرض عطشى شابة تقطر زيوت الأعشاب لتروي بشرة الإنسان    توقعات بصمود الصين أمام الصدمات التجارية العالمية    بداية من غرة جويلية القادم تطبيق العقوبات الخاصة بنظام الفوترة الالكترونية    المعهد الوطني للتراث:انجاز نشاط ميداني حول مشروع بحث عن موقع تابسيس الاثري    صيحة فزع    رانيا التوكابري تتوّج بجائزة ''النجاح النسائي'' في مجلس الشيوخ الفرنسي    عاجل/ نفوق أسماك بشواطئ المنستير.. ووزارة الفلاحة تدعو إلى الحذر..    مدنين: 56 مريضا ينتفعون من عمليات استئصال الماء الابيض من العيون في اليوم الاول لصحة العيون    وزير السياحة: التكوين في المهن السياحية يشهد إقبالاً متزايداً    اليوم: أطول نهار وأقصر ليل في السنة    اليوم: الإنقلاب الصيفي...ماذا يعني ذلك في تونس؟    الانقلاب الصيفي يحل اليوم السبت 21 جوان 2025 في النصف الشمالي للكرة الأرضية    السبت 21 جوان تاريخ الانقلاب الصيفي بالنصف الشمالي للكرة الأرضية    ملف الأسبوع...ثَمَرَةٌ مِنْ ثَمَرَاتِ تَدَبُّرِ القُرْآنِ الْكَرِيِمِ...وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رقمي 10
نشر في أوتار يوم 14 - 11 - 2010

القرية التي ركض في شعابها وأطارد سحلياتها وخنازيرها واقتلع قنابلها المقبورة من الحرب العالمية الأولى، هي نفسها القرية التي عرفت غواية مجيئه الأول قبل أكثر من ثلاثين عاما حين أتى إلى الدنيا برقم 10.
أن يحمل المرء رقم عشرة فهذا يحمّله مسؤولية الفريق كله. زادت المسؤولية عندما أقصى حكم اللقاء اثنين من أخوته ليبقي على سبعة وثامنهم هو. قوانين اللعبة العائلية عادة ما تكون ظالمة لرقم 10 فتكلفه بالأعمال الحقيرة التي يتعفف عنها رقم 5 ورقم 7 كبار الفريق: جلب الماء من البئر الجاف ورعي الماعز.
يروى أن رقم 10 كان يرفض بشدة الأوامر ويلوذ بالجبال. الجبال التي احتضنت احتجاجه هي التي احتضنت شططه بعد ذلك. لم تكن جبالها رومانسية كانت مزروعة خنازير وأفاع عالقة بأغصان الصنوبر وبسقف بيت العائلة القشي. قرية عطشى تسبح في الظلام. كان يمكن أن يتخرّج منها رقم 10 مجرما بعد أن جرّب مواهبه الإجرامية على كل الحيوانات البرية والأهلية فطاردها بالنبلة والسكين والحجارة. كان يريد أن يثبت قدرته على إدارة ذلك المكان الذي رفضه ودفع أمه إلى السفر نحو قرية العدو البعيد لتنزله وهو في شهره الثالث. وعندما رفض الطبيب طلبها عادت إلى البيت والتهمت كل الحشائش السامة التي كانت تغدق بها أرض تلك القرية التي بدت كأنها متآمرة عليه معها. رقم 10 رقم خطير حسده عليه حتّى التراب والحجر. تعلّق بأمعاء أمه ورفض أن يقتله سم أرض مهمّشة تحمل اسما فظيعا؛"المنافيخ".
المنافيخ التي نزل بها لم تحتمله ولم تحتمل جنونه لذلك لفضته بلعنته، الكتابة، إلى المدينة حيث كانت تنتظره سموم أخرى أقوى من سموم حشائش أمه، فتخندق وراء حلمه في أن يسود المدينة بعد أن هزم المكان الأول. كما يحي بن يقظان يتسلى اليوم بإشعال النار. نار السرد الذي يسرقه من عيون المهمّشين والمسحوقين بالشوارع المنسية والخلفية؛ خلفية اللوحة الخضراء.
كلما كتب عن قريته إلا وارتسمت أمامه صورة مكان متوحّش. لم يكتب عنها كما كتب معظم الكتّاب بحنين المحروم. على العكس تماما كانت مخزن الرعب. ذاكرة الخوف. كلما أحب أن يستحضر الخوف أو يخلقه في مشهد ركب طريق قريته البائدة واستحضر عوالمها وأناسها. الآن لا يكرهها، يعلم أن قسوتها تلك كانت هبة متخيّل. أحيانا يراها مكانا متخيّلا خلقه روائي ملعون وتركه إلى مصيره.
في ذاكرته الآن مقبرة مفتوحة كل قبورها القديمة والحديثة على السواء مزروعة ثعابين وخنازير وذئاب. تخنق سماءها أشجار البطوم وفي قلبها نعش من خشب طارت مساميره كان رقم عشرة يستلقي عليه في القيلولة القاتلة ليستمتع بأزيزه. كان يفر بشرف رقم 10 من طلبات المدرّب الذي يطالبه بالدفاع عن المرمى أو بتمرير الكرة إلى الأجنحة.
لفّ مرة جمجمة مجهول بالكتاتين وهب بها إلى الملعب. قال لمنافسه الهدّاف سنحسم الأمر هذا المساء :ضربة جزاء لك وأخرى لي . قال منافسه الساقط في الشرك: ومن يسدد الأول.قال هي لك التسديدة الأولى. سدد...وسقط...أخذت الجمجمة أصابعه. أعلن هو زعامته على الملعب. الأرض الأولى التي احتلها من أرض طاردة. رحم عدو.
ويبقى رقم عشرة يحلم كلما مر القطار أمامه بزيارة قبر أبيه منذ عشرة سنين ولا يقدر، يخشى القنبلة التي أعاد زرعها والده في مكان مجهول. بينما لم يدرج المكان إلى الآن ضمن خطط نزع الألغام من الأراضي الملعونة.
القرية نفسها التي يراها الآن تتآكل بين فكّي الغاب ويفرّ أهلها إلى الوديان أين القبور البيضاء كبيرة وواسعة هي نفسها موطن حبه الأول الذي ردمه بعناية كما ردمت سرّته وجلدته الثانية في مجاهلها... يراها قريته مزرعة ألغام جديدة ، أرض الشهوات المخنوقة. بينما يقف هو الآن في محطة الميترو 10 ديسمبر يسأل عن حبه الأول .
كاتب من تونس
هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.