الخارجية التونسية تتابع الوضع الصحي للفنان 'الهادي ولد باب الله' بمرسيليا    تونس - ايطاليا: دعم بقيمة 50 مليون اورو للميزانة العامة للدولة    طبرقة: توافد 200 شخص للترويج للوجهة التونسية    حامة الجريد: سرقة قطع أثرية من موقع يرجع إلى الفترة الرومانية    انتخاب عماد الدربالي رئيسا للمجلس الوطني للجهات والأقاليم    انطلاق معرض نابل الدولي في دورته 61    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    مضاعفا سيولته مرتين: البنك العربي لتونس يطور ناتجه البنكي الى 357 مليون دينار    تخصيص 12 مليون م3 من المياه للري التكميلي ل38 ألف هكتار من مساحات الزراعات الكبرى    عاجل/ كشف هوية الرجل الذي هدّد بتفجير القنصلية الايرانية في باريس    الترجي الرياضي: يجب التصدي للمندسين والمخربين في مواجهة صن داونز    سيدي بوزيد: وفاة شخص واصابة 5 آخرين في حادث مرور    عاجل/ انتخاب عماد الدربالي رئيسا لمجلس الجهات والأقاليم    عاجل/ مفتّش عنه يختطف طفلة من أمام روضة بهذه الجهة    كأس تونس لكرة السلة: البرنامج الكامل لمواجهات الدور ربع النهائي    وزارة التربية تقرر إرجاع المبالغ المقتطعة من أجور أساتذة على خلفية هذا الاحتجاج ّ    نقابة الثانوي: وزيرة التربية تعهدت بإنتداب الأساتذة النواب.    انزلاق حافلة سياحية في برج السدرية: التفاصيل    القصرين: تلميذ يطعن زميليْه في حافلة للنقل المدرسي    أبرز مباريات اليوم الجمعة.    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    بطولة برشلونة للتنس: اليوناني تسيتسيباس يتأهل للدور ربع النهائي    تفاصيل القبض على 3 إرهابيين خطيرين بجبال القصرين    وزارة الفلاحة: رغم تسجيل عجز مائي.. وضعية السدود أفضل من العام الفارط    مستجدات الوضع الصحي للأستاذ الذي تعرض للطعن على يد تلميذه..    عاجل: زلزال يضرب تركيا    تنبيه/ رياح قوية على هذه المناطق في تونس..#خبر_عاجل    توزر: ضبط مروج مخدرات من ذوي السوابق العدلية    كميّات الأمطار المسجلة بعدد من مناطق البلاد    عاجل/ وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما..    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    يورغن كلوب: الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيدنا    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    قيس سعيد يُشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض الكتاب    المنستير: ضبط شخص عمد إلى زراعة '' الماريخوانا '' للاتجار فيها    القيروان: هذا ما جاء في إعترافات التلميذ الذي حاول طعن أستاذه    تجهيز كلية العلوم بهذه المعدات بدعم من البنك الألماني للتنمية    استثمارات متوقعة بملياري دينار.. المنطقة الحرة ببن قردان مشروع واعد للتنمية    الاحتلال يعتقل الأكاديمية نادرة شلهوب من القدس    المصور الفلسطيني معتز عزايزة يتصدر لائحة أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم لسنة 2024    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الجمعة 19 افريل 2024    عاجل/ مسؤول إسرائيلي يؤكد استهداف قاعدة بأصفهان..ومهاجمة 9 أهداف تابعة للحرس الثوري الايراني..    طيران الإمارات تعلق إنجاز إجراءات السفر للرحلات عبر دبي..    عاجل : هجوم إسرائيلي على أهداف في العمق الإيراني    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    جوهر لعذار يؤكدّ : النادي الصفاقسي يستأنف قرار الرابطة بخصوص الويكلو    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    محمود قصيعة لإدارة مباراة الكأس بين النادي الصفاقسي ومستقبل المرسى    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    وزير الصحة يشدد في لقائه بمدير الوكالة المصرية للدواء على ضرورة العمل المشترك من أجل إنشاء مخابر لصناعة المواد الأولية    توزر: المؤسسات الاستشفائية بالجهة تسجّل حالات إسهال معوي فيروسي خلال الفترة الأخيرة (المدير الجهوي للصحة)    "سينما تدور": اطلاق أول تجربة للسينما المتجولة في تونس    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلال السوسي احد بحارة الباخرة // حنبعل 2 // بعد عودته من الصومال في حديث لأوتار / حاورته سماح الوسلاتي
نشر في أوتار يوم 27 - 03 - 2011

*عايشنا الموت ولولا رحمة الله وتضامننا لما عدنا سالمين
*الثورة التونسية انقذتنا.......
لنبدأ من البداية .. كيف تمت برمجة انطلاقكم من تونس والى أين كانت وجهتكم؟
البداية كانت على اثر تكليفي من قبل الشركة التي انتمي اليها بمهمة على متن باخرة // حنبعل 2 // التي من المتوقع أن تدوم شهرين وعشرين يوما .. حينها سافرت على اثر اتصالهم بي من تونس إلى دبي ثم إلى كوالالمبور ثم إلى بورت بلاند.
فيما تمثلت هذه المهمة بالتحديد؟
المهمة كانت عبارة عن نقل سلع تتضمن وقود بيولوجي وزيت زيتون إلى دول أوروبية وهي اليونان وايطاليا .. وهنا أقول إن كل الظروف إلى حد هذه اللحظة كانت عادية .
ثم ما الذي جرى؟
كنا نعرف بالتحديد مسار باخرتنا ونعلم أيضا بوجود مناطق خطرة تكثر فيها القرصنة وهذا يندرج ضمن طبيعة عملنا .. وفي اليوم الذي وصلنا فيه على بعد ثلاثة أيام من هذه المنطقة كنت في مقهى الباخرة مع زميلي بشير بن علجية احتسي القهوة حيث تنبهت إلى صراخ وصياح وعمت موجة من الاضطراب على سطح الباخرة ... في البداية اعتقدت أن احد البحارة سقط في الماء أسرعت لاستطلاع الأمر لكن زميلي منعني من النزول حتى لا أتعرض إلى الرصاص ..
في ظل تسارع الأحداث الم ترجحوا ان يكون الأمر عبارة عن عملية قرصنة؟
بلى بعد أن تم استهدافنا بالرصاص الذي تواصل دون انقطاع وكذلك رشاشات الكلاشنكوف وقاذفات الاربي جي اشتد هجوم القراصنة على الباخرة وحاولنا البقاء في وضع الانبطاح تجنبا لما يمكن أن يحصل .. وزدنا على اثرها سرعة الباخرة إلا أن مقاومتنا كانت دون فائدة حيث صعد القراصنة للباخرة وحصل ما كنا نخشاه.
الم يكن لديكم أي وسيلة لحماية أنفسكم في انتظار النجدة؟
في الحقيقة حاولنا ان نحتمي بإحدى غرف الباخرة واحكمنا إغلاقها وأرسلنا رسالات نجدة عبر اللاسلكي إلى القوات الدولية المتواجدة في المنطقة في إطار عمليات مقاومة القرصنة التي أعلمتنا بصعوبة التدخل نظرا لبعدها عن موقعنا .. حينها أدركنا خطورة موقفنا وأحسسنا بعزلة .. فنحن ألان في مواجهة قراصنة مسلحين نجهل كل شيء عنهم .. قررنا حينها الخروج تفاديا لأي كارثة قد تحصل.
ماذا كان إحساسكم في تلك اللحظة؟
شخصيا مرت أمامي صور كل أحبابي وأهلي واللحظات الجميلة التي عشتها وعائلتي وتصورت ما قد يكون ردة فعلها إزاء كل هذا ... لدى خروجنا شرعنا في ترديد عبارة الله اكبر والتلفظ بالشهادة لعلمنا أن الصومال بلد مسلم ورجحنا ان معرفتهم إنا مسلمون أيضا قد يغير موقفهم منا ... ومن هول الموقف فان زملائنا من الأجانب هم أيضا رددوا معنا كلمات التكبير والتشهد.
كم كان عددكم على السفينة ؟
كنا 23 تونسي ومعنا أجانب وهم أربعة من الفلبين وآخر روسي وبحار من جورجيا وآخر من المغرب وكرواتي
كيف تعامل معكم القراصنة؟
بكل وحشية ... عاملونا كالفريسة .. وتم اقتيادنا على متن سفينة سفينة إيرانية كبيرة يبلغ طولها بين 20 و30 مترا اختطفها القراصنة في وقت سابق واستعملوها في عمليات قرصنتهم وكان القراصنة الذين لاحقونا في البداية على متن سفن صيد صغيرة وبعد أن اقتادونا إلى سطح الباخرة حيث تم تجريدنا من كل ما نملك ومنعون من أي حركة .. كل شيء كان بحساب ... تحركاتنا كانت تحت تهديد السلاح ومن لا ينصاع إلى الأوامر يعاقب.
وصلتم إلى الصومال .. كيف كان // الاستقبال//؟
مع وصولنا إلى سواحل الصومال وجدنا عددا من البواخر المخطوفة من جميع الدول .. وقتها بدأت حياة العبودية بأتم معنى الكلمة استغللنا كثيرا وعملنا لحسابهم كطعم للإيقاع بسفن أخرى وقرصنتها .. كنا ننصاع للأوامر تحت تهديد السلاح والوعيد بالقتل في كل لحظة باعتبار أن القتل عندهم لا يعرضهم للحساب لأنهم شعب يعيش بدون قوانين ولا معاقبة .. فقط ما ينجر عن قتل شخص أو عبد كما يعبرونه يجعلهم يخسرون مبلغا ماليا معينا من نصيب الفرد من الفدية .. وها الأمر لا يسوؤهم طبعا .
أربعة اشهر والسبعة أيام قبل الإعلان الرسمي عن الإفراج عنكم ... كيف مرت؟
اجل مرت علينا وكأنها سنين الأكل بحساب والصلاة بحساب وحتى قضاء الحاجة بحساب والتأخير حتى ببعض الدقائق قد يفقد الفرد حياته حتى انه كثيرا ما كانت تراودني أفكار للهروب غير إني كنت اطردها عن مخيلتي خوفا على أصدقائي الذين في الأسر فقد يعمد القراصنة إلى قتلهم وكذلك لعلمي أن ذلك لا يجدي نفعا في مثل هذه الظروف .
وأين الشركة المالكة من كل هذا؟
وهذا بالتحديد ما استغربناه نسبيا فخلال الأربعة أيام الأولى من الأسر لم يتصل أي مسؤول من الشركة في تونس ولم يعمد إلى خلاصنا احد مع العلم أنهم كانوا على علم باختطاف السفينة وتم التكتم على كل ما يحدث هنا كما منعنا من الاتصال بعائلاتنا وتطمينهم علينا ولكن قبل عيد الأضحى بيوم سمح لنا بإجراء أول اتصال هاتفي بالشركة وبعائلاتنا .. وهو ما أثلج صدورنا نوعا ما... واثر ذلك بيومين أجبرنا القراصنة على الخروج معهم لصيد سفن أخرى وقرصنتها وهذه العملية دامت عشرة أيام في البحر تمت خلالها عديد المحاولات لقرصنة سفن أخرى وصلنا بعدها إلى حدود الخليج العربي وهي منطقة مليئة بالفرق العسكرية الدولية المتواجدة لحماية السفن وكنا خائفين من التعرض إلى نيران هذه القوات في حال علموا بالقراصنة... وخلال عودتنا إلى السواحل الصومالية اثر انتهاء عمليات القراصنة البحرية هوجمنا من قبل سفينة أخرى لقراصنة أرادت هي أيضا الاستيلاء على سفينة حنبعل 2 وبدأ حينها تبادل إطلاق النار في البحر بين الطرفين لمدة النصف ساعة تقريبا ولم ينتهي هذا المشهد الا بحضور قوات عسكرية كانت على مقربة من مكان الاشتباكات.
تلقيت عروضا مالية مغرية ثمنا للسروال الذي يحمل تاريخ اهم مرحلة في حياتي
لو تحدثنا قليلا عن ظروف العيش مع القراصنة على السواحل الصومالية؟
الظروف التي كنا نعيشها هناك اقل ما يقال عنها أنها كانت مزرية حيث أن القراصنة كانوا يسمحون لنا بالنزول إلى المكان المخصص للصلاة في السفينة وكانوا يبقون معنا تحت المراقبة إلى حين الانتهاء من الصلاة وتحت تهديد فوهات البنادق الرشاشة .. وزد على ذلك فان الوقت المخصص للصلاة كان لا يتجاوز الخمس دقائق .. باختصار فان جميع تحركاتنا تتطلب إذنا من القراصنة حيث فرضوا علينا جدولا زمنيا قاسيا فلقضاء حاجاتنا البشرية يسمحون لنا بثلاثة دقائق وأي مخالفة لأوامرهم قد يعرضنا للخطر ولن يضرهم شيئا إذا قتلوا أحدا منا إذ لا قانون يردعهم فقط هو عرف بين القراصنة ينص على خصم خمسة آلاف دولار من نصيب أي قرصان يقتل رهينة من حصته من الفدية التي تبلغ في بعض المرات 100الف دولار للقرصان الواحد وهو ما يعني إن حياة الواحد منا تساوي خمسة آلاف دولار فقط فإذا أراد أي من القراصنة التضحية بهذا المبلغ الزهيد فيمكنه قتل أي رهينة شاء ولن تتم محاسبته أبدا.
وكنت في كل يوم 11 من كل شهر تاريخ أسرنا وهو الأسوأ في حياتي احتفل بهذا اليوم
كما قمت بتدوين اسماء كل الأماكن التي مررنا عبرها
هل فكرت في تدوين ما مر بك خلال هذه الفترة حتى لا تمحيها السنين؟
اجل فالذي عشته خلال هذه الفترة كان عبارة عن مغامرة من المستحيل أن تعاش مرة أخرى لأنني وبإذن الله سأسعى إلى أن احمي نفسي من الوقوع في مثل هذه الظروف .. لان مرارة الأيام أصعب من أن تستساغ .. وبالتالي فقد قمت بتسجيل أحداث كل يوم يمر عليا في ذلك المكان على سروال جينز كان بحوزتي حتى لا افقد إحساسي وإدراكي بمرور الأيام في هذا المكان النائي وكنت احتفل في 11 من كل شهر بذكرى أسرنا وهو أسوء تاريخ في حياتي وكنت أقوم في هذا اليوم بتدوين أسماء كل الأماكن التي مررنا بها على هذا السروال وقد تلقيت عروضا من جهات فرنسية لشراء هذا السروال ولكني ما زلت مترددا خاصة وان هذا السروال أصبح يحمل تفاصيل أهم مرحلة في حياتي وقد لا يمكن تقديره بثمن.
كان القراصنة يتفاخرون بعدد الأشخاص اللذين قتلوهم
من هم القراصنة؟
هم وحوش بشرية فكل النعوت البشعة تنطبق على القراصنة إلا صفة البشر .. قسوتهم ووحشيتهم في التعامل مع الرهائن لا تصدق بل الأدهى والأمر من ذلك أنهم كانوا يتباهون ويتفاخرون بعدد الأشخاص اللذين يتم قتلهم ...
هل تعرضت للضرب أو العنف الجسدي خلال مدة أسركم؟
اجل ففي إحدى المرات اتخذ قرار معاقبتي .. حيث تم إخراجي إلى سطح الباخرة وقيدوني بالسلاسل وطبعا تحت تهديد السلاح الرشاش ولكن صدر بحقي عفو من قبل هؤلاء القراصنة بعد ان تأكدوا من إيماني الكبير بالله وأعلنت إني لا أخاف إلا من الله وهو ما أثناهم عن معاقبتي .. وهنا أقول وبكل فخر إنني لولا إيماننا الكبير بالله وتكاتفنا لما كنا نجونا .. فهذه اللحمة وتمسكنا بديننا جعل موقف القراصنة يلين نسبيا تجاهنا .
هذا يعني أن معاملة القراصنة لكم تحسنت؟
يمكن قول ذلك ولكن نسبيا ففي احد الأيام قدم لنا القراصنة الطعام وخروفين جاهزين للأكل وسمحوا لنا بالاتصال بعائلاتنا فرحنا وظننا أن الأمور ستتحسن إلا أنهم سرعان ما أعادوا إجبارنا على الإبحار معهم لقرصنة السفن وبدا بالتالي موال ملاحقة البواخر المارة في محاولة اسر بعضها وكانت جميع السفن على علم بان باخرة حنبعل 2 عليها قراصنة يستعملونها في القرصنة وبعد محاولات متكررة نجح القراصنة في اسر سفينة جزائرية اسمها //بليدة// على متنها 17 بحار جزائري وعدد من البحارة الأجانب وتم اقتياد السفينة الجزائرية إلى مقر القراصنة على السواحل الصومالية.
جهات اجنبية وراء تمويل القراصنة ,, ولصوص يعيشون بذخ الامراء
هل عايشت بعض الامور التي اسرعت انتباهك واستغربتها من القراصنة خاصة وانك تفاجات بمدى وحشيتهم وعدم انسانيتهم على حد تعبيرك؟
من أكثر الأشياء التي أثارت استغرابي قصص سمعتها في أوقات الصفاء من القراصنة أنفسهم وهي أن الصومال هذا البلد الفقير أن لم نقل الأفقر في العالم شيد فيه رجال أعمال اجنبيون مناطق ترفيه عالمية على غرار تلك الموجودة في يهيلز حيث بنيت الملاهي في موقاديشو وجلبت الراقصات وبنات الشوارع من الخارج لتسخر لخدمة القراصنة اللذين يعيشون حياة الترف والبذخ والتي تظهر في غالب الأحيان من أنواع الخمور المستهلكة والمبالغ المالية التي تصرف في ليلة واحدة حيث كان بعضهم ينفق قرابة ال 400 ألف دولار في الشهر على نزواته وملذاته مع العلم إن معظمهم يعيشون حياتهم اليومية حفاة..
ولكن من يقف وراء كل هذا؟
هذه الأموال الضخمة التي ينفقها القراصنة متأتية أساسا من عمليات القرصنة تتحول فيما بعد من أصحاب هذه المشاريع إلى دول الخارج وبذلك تتضح الصورة عن بعض من يقف وراء هذه العمليات.... وبالتالي فان من يقف وراء كل عمليات القرصنة في الصومال هي جهات أجنبية .. وقد علمنا خلال الفترة التي قضيناه في الأسر أن عمليات القرصنة منظمة من قبل دول وشخصيات كبيرة تمولها وتحميها وتستغل هذه العمليات لمصالحها الشخصية والقراصنة هم الشماعة التي يختفى وراءها هذه الدول وهؤلاء المسئولون.
علمنا أن احد زملائكم من البحارة عاد قبلكم بمدة .. كيف تم ذلك ولماذا هو الذي عاد وليس شخص أخر؟
ساءت الظروف التي كنا نعيشها كثيرا هناك وحاولنا بطريقتنا أن نتعاون على مساعدة بعضنا البعض وعدم التسبب في وفاة أي واحد منا ولكن حالة زميلنا نزار عتب الصحية ساءت كثيرا حيث تعرض لالتهابات في البطن وبطيعة الحال فان القراصنة لا يعيرون ادني اهتمام لحالات المرض وحتى وان توفي الشخص أو الرهينة كما يعتبرونه بسبب المرض فإنهم يلقون بجثته في البحر غير عابئين .. ولكن ما أنقذنا هو لحمتنا وتحاببنا وتكاتفنا وإصرارنا على الاتصال بأقرب مركز صحي لنجدة زميلنا نزار ... وبقدرة القادر القدير فان مساعينا كانت ايجابية وتمت الاستجابة لمطلبنا وسمحوا للربان بالاتصال بالمركز الطبي الفرنسي الذي تحادث بدوره مع قائد القراصنة واعلمه بضرورة إجلاء المريض ونقله إلى مستشفى لتلقي الرعاية الطبية .. في أثناء ذلك حاولنا تذكير القراصنة بما يربطنا بهم من روابط وجغرافية ودينية ووصل الأمر بأحدنا إلى التوسل باكيا أمام القراصنة من اجل إطلاق سراح المريض حتى لا يموت وقد نجحنا بفضل لله في التأثير عليهم ووافقوا على إطلاق سراح نزار ووصل جنود من تايلاند وقاموا بحمل المريض والتوجه به إلى المركز الصحي الفرنسي القريب من الصومال .. ما حصل كانت بشرة خير ومبعث أمل ولو ضعيف في قلوبنا .
مع الثورة أصبح القراصنة ينظرون إلينا رغم همجيتهم نظرة احترام وتقدير
ما حدث في تونس ماذا كان تأثيره على أوضاعكم هناك؟
في البداية لم نفهم بالتحديد ما كان يحصل لأننا كنا منقطعين على كل العالم وحتى لم يكن لدينا الحق في أي وسيلة من وسائل الاتصال ما عدا المذياع الذي كان يسمح لنا باستعماله إلا ساعة واحدة في اليوم ... وكنا نسمع عبره أخبار تونس والثورة كما كان عائلاتنا يبلغونا من خلاله رسائلهم وهنا اشكر كثير الإذاعة الوطنية على وقوفها معنا .. سمعنا عن أخبار انطلاق الثورة في تونس وهروب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وتردى الوضع الأمني في البلاد حينها أرتبتنا مخاوف حول مصيرنا وقلنا إن الظروف التي تمر بها البلاد ستلهي المسؤولين عن متابعة قضيتنا .. ولكن على عكس ما كان متوقع فقد ساهمت الثورة في تحريرنا من هذا الأسر واثر عودتنا إلى تونس اكتشفنا انه لولا الثورة لما كنا تحررنا وان نظام الرئيس بن علي ما كان ليهتم بحالنا وبفك اسرنا.
هل تغيرت نظرة القراصنة لكم اثر ثورة تونس؟
مما يحسب للثورة أن القراصنة غيروا نظرتهم إلينا حيث أصبحت نظرة احترام وتقدير ومع اتساع رقعة الثورة إلى مصر زاد القراصنة من تقدير تونس وثورتها واحترامها معتبرين أن شباب تونس قادوا ثورة نصر وتحرر ستجوب كل الدول العربية .
هل يمكن القول أن بن علي ونظامه كادوا أن يتسببوا في هلاككم؟
لما عدنا إلى تونس علمنا أن حكومة بن علي اتخذت قرارا بالتضحية بأرواحنا وصرف النظر عن قضيتنا في مقابل الاحتفاظ بمبلغ الفدية وتمتع صاحب الشركة بعوائد التأمين الهائلة من دون التفكير في مصيرنا مع العلم أن القراصنة يعمدون إلى قتل الرهائن إذا ما تم رفض مطالبهم وهدد أفراد من نظام بن علي عائلاتنا وقالوا لهم بان لا يلحوا من اجل إطلاق سراح أبنائهم بتعلة أن القضية صارت بحوزة الرئيس بن علي الذي زعم انه تعهد بحلها وتم تحذيرهم من الاتصال بوسائل الإعلام أو الاعتصام وبالفعل تم فرض تعتيم إعلامي كامل حول قضيتنا في تلك الفترة.
ومما زاد في تشكيكنا بمصداقية النظام السابق وقسوته واستهتاره بأرواح التونسيين انه بعد شهرين وسبعة أيام من أسرنا عرضت الشركة المالكة لباخرة حنبعل 2 مبلغ 100 ألف دولار كفدية للقراصنة مقابل إطلاق سراحنا وهم يعلمون تماما أن 100 ألف دولار يمكن أن تكون نصيب الفرد الواحد من القراصنة عن كل عملية في حين كانت الدول تبدأ تفاوضها على ملايين الدولارات مقابل إطلاق سراح رعاياها وهو أمر كان من الممكن أن يتسبب في هلاكنا لان المبلغ المعروض من الشركة يترجم خاصة عدم جدية الأطراف الحكومية في التفاوض بالنسبة للقراصنة.
وبعد الثورة؟
بعد الثورة والجدل الذي تزامن مع تعديل الحكومة وتشكيلها ورفض الشعب لها عاودنا الاعتقاد بأنه تم نسياننا وجزمنا بان الحكومة الأولى تواصل الاستهتار بحياتنا وبقضيتنا وتواصل تجاهل قضيتنا وعرض المبالغ البسيطة على القراصنة ... كل ذلك تواصل إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة بإشراف رئيس الوزراء الباجي قائد السبسي وهنا تعددت اتصالاتنا معها ووقف المسؤولون على حقيقة معاناتنا صعدت عائلاتنا من ضغطها على الحكومة وحظينا باهتمام اكبر من الإعلام الذي لولاه لما كنا في تونس الآن .. وتطورت التحركات الجارية لصالحنا وتم الاتفاق مع القراصنة على مبلغ أربعة ملايين دولار ووقع الاتفاق على تفاصيل التسليم حيث قامت طائرة بإلقاء ثلاثة أكياس مملوءة بالأموال في البحر التقطها القراصنة وقاموا بعدها باقتسامها فيما بينهم .. بعدها أطلق سراحنا لكننا رفضنا ذلك ...
لماذا ؟
رفضنا الإبحار لتخوفنا من أن نختطف من قبل مجموعة أخرى من القراصنة حيث أن دفع الفدية يعني أن المجموعة التي كنا في أسرها تتعهد بإطلاق سراحنا وعدم أسرنا مرة أخرى ولا تتحمل أي مسؤولية أن اختطفنا من قبل قراصنة آخرين وهم كثر في هذه المنطقة... وبالتالي قدمت قوات من البحرية الفرنسية ورافقونا على متن الباخرة وصاحبنا بعض الفرق الحربية الفرنسية وتوجهنا نحو دجيبوتى .. وما كنا نخشاه وقع حيث تمت مهاجمتنا في منتصف الطريق الى دجيبوتي من قبل مجموعة من القراصنة تصدت إليها القوات التي معنا وأحبطت خطتها وتواصلت رحلتنا الى دجيبوتي وهناك التقينا لأول مرة بمسؤولين تونسيين من بينهم سفير تونس لدى دجيبوتي وصاحب الشركة فريد عباس والأميرال الشريف المسؤول عن أعادتنا إلى ارض الوطن.
وماذا عن الأخبار التي وصلتنا بشان الاعتصام الذي قمتم به على باب الطائرة إلى حين قبول شروطكم؟
هذا غير صحيح و ما تناقلته وسائل إعلام وصحف تونسية عديدة حول رفضنا صعود الطائرة واعتصامنا في دجيبوتي لا أساس له من الصحة بل أن كل ما في الأمر أن حوارا مطولا دار بيننا ومسؤولي الشركة و السيد فريد عباس الذي استدعى قوات الجيش لعائلاتنا عندما ذهبوا إليه للاستفسار عن أوضاعنا في تونس وطالبنا من خلاله بحقوقنا وتعويضات عن الفترة التي قضيناها في الأسر والتي تعرضنا خلالها إلى أقصى حالات العنف والاستهتار وأفادنا فريد عباس انه انه لو كانت لنا حقوق سنأخذها
هل كنتم متاكدين من حصولكم على حقوقكم عند العودة؟
في الحقيقة لا لان فريد عباس عندما قدم لنا هذه الوعود كان يعرف تماما انه بموجب العقود التي أمضينا عليها عند استلامنا الشغل لن نحصل على شيء خاصة وانه كان في ما مضى متواطئ مع النظام السابق والعقود التي تربطنا به خلال تلك الفترة تحرمنا من أي مستحقات فهي غير قانونية ومحررة بالانجليزية ولكن لم يكن لنا أي خيار باعتبار أن أي اعتراض من قبلنا سيتسبب في طردنا من العمل ومجمل القول .. كما أن هذه العقود لا تحمينا ولم يقع التنصيص فيها على منح مخاطر المناطق المهددة بالقرصنة مثل أي عقد بحري في أي شركة أجنبية
ماذا طلبتم من صاحب الشركة فريد عباس؟
طلباتنا لم تكن مجحفة هي فقط تلخصت في راتب ثلاثة اشهر وتعويض بقيمة 25 ألف دينار لكل فرد رغم أن فينا من يتطلب علاجه من الآثار النفسية التي لحقته والأضرار البدنية والخسائر التي تكبدتها عائلته أضعاف هذا المبلغ المطلوب وقد تلقينا وعودا بعقد اجتماع في تونس والتوصل إلى الاتفاق.
ولكن قبل هروب الرئيس بن علي هل كانت هذه العقود تحميكم؟
الظروف التي كنا نعيشها في شركة (جي ام تي ) اقل ما يقال عنها أنها مأساوية وتربطنا بها شروط استعبادية وقد تكشفت لنا عديد الحقائق اثر الأزمة التي عشناها أهمها أن الشركة أهملت عديد الإجراءات الضرورية لحماية السفن والبحارة وكانت تطمئننا أنها متخذة كل الاحتياط في حال ما تعرضنا إلى عملية قرصنة إلا انه تكشف أن كل تطميناتهم كانت كذبا وان تواطؤهم مع النظام السابق جعلهم يستهترون بأرواح التونسيين .
ما الذي يحسب لكم اثر هذه المغامرة؟
ما يحسب لنا هو عودتنا سالمين وكاملين دون وفاة احدنا كما حرصنا على عودة الباخرة سليمة على جميع المستويات وكل السلع التي كنا نعتزم نقلها إلى اليونان وايطاليا كاملة وقد نجحنا في ذلك بشهادة الجميع وحتى الأوساخ والفضلات التي تركها القراصنة قمنا بتنظيفها وإزالتها وعيا منا بان المركب هي أمانة في أعناقنا وهي مصدر رزقنا وجب المحافظة عليها وتسليمها إلى أصحابها مع العلم أن أكثر من 167 باخرة كانت موجودة في حوزة القراصنة ولم تسلم أيا منها من عمليات السرقة والتخريب إلا باخرتنا //حنبعل 2// التي تعبنا في المحافظة عليها والغريب انه لم توجه إلينا ولا عبارة شكر من الشركة بل لم نتوقع أن تتم معاملتنا من قبل الشركة بهذه الطريقة دون مراعاة للتضحيات التي بذلناها .
بحارة حنبعل2 يتحولون الى قراصنة!!!!!
ماذا كان موقف فريد عباس؟
الشركة لم تكتف بتجاهل مطالبنا بل ذهب صاحبها إلى مواجهة مطالبنا وتصريحاتنا الصحفية بالتوعد بإجراء لجنة تحقيق للوقوف على أسباب قرصنة السفينة متهما إيانا بالتسبب في العملية ولا نعلم كيف يمكن أن يتسبب شخص في أسره.
ساترك كلمة الختام لك بلال؟
أريد فقط القول إني قررت بمعية زملائي البحارة عدم التخلي عن حقوقنا مهما كلفنا الأمر والشركة يجب أن تحاسب إلى جانب كل المتواطئين مع النظام السابق .. وأنا أدعو من خلال هذا اللقاء مع مجلتنا اوتار إلى تغيير نظام البحرية التجارية في تونس والذي عانى من فساد بعض العناصر التي انأى بنفسي عن ذكر أسمائهم .. وأود بالمناسبة أن أتوجه بالشكر في المقام الأول إلى عائلاتنا وأصدقائنا الذين لم يبخلوا بأي جهد من اجل الدفاع عن قضيتنا وتحريرنا كما اقدر الشعب التونسي الأبي والحر والمشرف وشهدائه اللذين ضحوا بأنفسهم لننعم بالطعم الحقيقي للحرية بعد معاناتنا من نظام دكتاتوري وأذياله و احيي هذه الحكومة وخاصة وزير النقل السيد ياسين إبراهيم لما وجدناه من جدية واهتمام كبير بقضيتنا ولا أريد ان انسي وسائل الإعلام التونسي بالإجماع لما قاموا به من دور لتحريرنا .
سماح الوسلاتي
صور حصرية لأوتار لطاقم المركب وسروال بلال
ملاحظة :الرجاء الضغط على الصور لرؤيتها بحجمها الطبيعي
تنبيه هااام : يمنع منعا باتا نقل الحوار دون ذكر المصدر واسم الصحفية التي قامت به
عايشنا الموت ولولا رحمة الله وتضامننا لما عدنا سالمين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.