مخيمٌ كديناصورٍ كسول مُمدّدٌ على رقعة أرضٍ لم يستطع جنودٌ كثيرون أن يسحبوها من تحته ينتفخُ كلما شرب من الشمس الجنود رضوا أخيراً بالأمر الواقع وتركوا الأرض تحته الحسرةُ تعتصرُ قلوب ساكنيه لكنهم مع كثرة تأقلمهم؛ أمروا شعراءهم وزجّاليهم وفرق الزفاف أن تتغنى بتلك الأرض لتصبح قيمة ويصالحوا ذلك الديناصور رامين أمامه آلاف الأطنان من المؤونات والمساعدات لأنه لو جاع ...... لا أحد يتوقع ما الذي سيفعله. مخيمٌ يتصالحُ مع ضده ويتآلف مع مفترسه البيوت: يسندها بشرٌ يكملون دورات حياتهم بابتسامةٍ بليدة الشوارعُ: لوحاتٌ من الفن التشكيليّ من مدارس مختلفة وعباراتٌ تحمل الكثير من الحكمة التي مات قائلوها غيظاً (كلما ضاقت شوارع المخيم اتسع الأمل) لكن الباعة والتجار والمستثمرين علقوا بدلاً من الحكمة خرائطَ شوارع حديثة، وعماراتٍ ومحالٍ وشقق فنانون معاصرون من خبراء تشكيل الطين إلى قطعٍ موسيقية قالوا: الشوارعُ الضيقة لابد أن تكون بسُمكِ شعاع صباحٍ قادم أو بسُمك وترٍ لا يهتز إلا إذا سقط الدمعُ عليه والبيوت المغطاةُ بالصفيح متّكاٌ ساخنٌ لقلوبٍ لم تخفق بعد. التجارُ قالوا: لتختبيءُ الحكمةُ والفنُ خلف السوق لكي لا يراها الناسُ والزبائن فينشغلون عن الشراء. المخيمُ ديناصورٌ سمينٌ أعمى على جلده تتورمُ البيوتُ وتنفجرُ بالصغار أكثرُ ما يقلق نومَ ظهيرتهِ تلك الأقدام الصغيرةِ التي لا تعرفُ النوم أبداً وأكثر وقتٍ يزعجه ويتمنى أن يطلق عقيرته عالياً هو وقت خروجهم دفعةً واحدةً من مدارس الأونوروا أقدامهم تنمنم جلدهُ السميك، من ثقلهِ الزائد عن الحد لم يقدر أن يهرش أو ينفض نفسه منهم إنهم قدر. يا إلهي كيف يحتمل هذا الديناصور حِملَ هذا العدد من الأبنيةِ والبشر والدواب والسيارات القديمة عجوزان يجلسان قرب مدخل جباليا يعرفان قصته بالتفصيل وكعادتهم في الثرثرة والعناد اختلفا في الوجهة التي جاء منها وبركَ طويلاً هنا واختلفا على مصدر قدرته على كل هذا الصبر طوال سبعين عاماً أحدهما قال: " لعله مات .. إنه لا يحس بشيء" لكن الآخر جادله في أنه لو مات؛ لَما كبر المخيم هكذا ثم أن موته سيُصدر رائحةً تقتل كل هذه الناس. شيخٌ في الجوار قال: موته سيكون حتماً .. نهايةَ العالم. أحمد بشير العيلة 5/6/2011 بيت حانون