كانت الفضاءات الجامعية في تلك الفترة من بداية السبعينات هي المتنفس الوحيد لجيل كامل من الطلبة..للتعبير عن ارائهم وافكارهم.. وكانت عين النظام ترصد هذه التحركات.. ولكن الطلبة لم تكن تخيفهم ما كانوا بتعرضون له من ملاحقات..ا لم يجد عصام الطالب القادم من احدى ولايات الوسط والذي يدرس بالمدرسة العليا للفلاحة صعوبة في الاندماج في هذه الاجواء الجامعية.. التي كانت مشحونة الى حد كبير… عصام كان منذ ان كان تلميذا بالمعهد الثاوي يحفظ الكثير من خطب الرئيس المصري جمال عبد الناصر.. وكان يعتبره زعيم القومية العربية بلا منازع حتى انه عوقب بالطرد لمدة اسبوع من المعهد الذي كان يدرس به لان القيم العام الخارجي ضبطه بنفسه في جانب من ساحة المعهد يشيد بخصال الرئيس جمال عبد الناصر امام عدد من التلاميذ ..ولان القيم العام دستوري الى حد النخاع وهو عضو في تنظيم حزبي وطني فلم يغفر لعصام ان يتحول الى تلميذ مارق كما وصفه القيم العام في تقريره الذي رفعه الى المدير وليتم بمقتضاه ظرد عصام من المعهد لمدة اسبوع والتنبيه عليه وعلى والده.. وكانه ارتكب جرما كبيرا.. لم تكن هذه الحادثة هي الوحيدة في تاريخ عصام ..فقد تمت دعوته الى مركز الامن في احدى المكرات لانه قرا في نادي هواة الادب فصة قصيره امام زملائه بعنوان// الثور الذي بلغ عتيا // يومها طلب من عصام ان يقول لرجال الامن الى ماذا كان يرمز بالثور الذي بلغ عتيا.. لم يتفطن عصام عندما كان يقرا القصة ان هناك اعينا تراقبه وتستمع الى قصته التي يبدو انه يرمز من خلالها الى رئيس البلاد ووصفه في قصته بالثور الذي بلغ عتيا. وكيف يتجاسر هذا الفتى الريفي القادم من اعماق قرية نائية على وصف رئيس البلاد بالثور. وتم ايقاف عصام لمدة ثلاثة ايام على ذمة التحقيق وكان في كل مرة يطلب منه ان يقول لهم من هو الثور الذي بلغ عتيا اما هو فكان يقول لهم انه استوحى احداث قصته من حياة ثور كان يملكه احد مربي البقر في قريتهم..اشتراه صاحبه منذ سنوات وحافظ عليه لانه في نظره فحل لا مثيل له ورغم ان الثور بدا يهرم فان صاحبه لم يفرط فيه لانه في نظره من صنف الثيران النادرة.. اما رجل الامن الذي كان يستنطقه فلم يصدق هذه الحكاية..وعاجله في مرة او مرتين لم يعد يذكر عصان بصفعة لم ير مثلها في حياته – اسمع يا ولد .. نحن نعرفك..منذ ان ضبطنا عندك مجموعة من الكتب التي كانوي تحوي خطبا لجمال عبد الناصر وشوقي القوتللي..اسمع يا ولد لا تتعبني.. من هو الثور الذي تحدثت عنه في قصتك ويصر عصام على ان الثور الذي يقصده هو الثور الذي يعرفه.ولم يتم اطلاق سراح عصام الا بعد ان تدخل احد المسؤولين المحليين وطلب من عصام ان يكتب تعهدا بالاقلاع نهائيا عن ممارسة اي نشاط مشبوه استحضر عصام هذه الاحداث التي ولدت في نفسه حب التمرد والرغبة في الثورة على ما كان يعتبره استمرار ما لا يجب استمراره….. اوقفت ايمان سيارتها وكان بجانبها سامح زميلها في كلية الحقوق امام اول مقهى اعرضهما.. بعد ان بدا المطر ينزل بكثافة . قالت له – تعال نشرب قهوة خير سامح البقاء في السيارة على النزول مع ايمان والجلوس في المقهى .. هو لا يحب الحلوسفي المقاهي منذ ان كان تلميذا ولكن ايمان اصرت على النزول . قالت له انني اشعر برغبة كبيره في الجلوس لوحدينا هنا في هذا المقهى البعيد نسبيا عن ضوضاء المدينة.. قالت له انني كلما شعرت بالضجر اتي الى هذا المقهى واجلس لوحدي واستمتع بشرب قهوة ساخنة وتدخين سيجارة فاخرة ايمان ابنة احد المسؤولين الكبار في احدى الوزارات .ويظهر ذلك من خلال الملابس التي كانت ترتديها والتي كانت تفيرها كل يوم ومن خلال السجائر الفاخرة التي كانت تدخنها فضلا عن امتلاكها لسارة خاصة. اخذت ايمانن سامح من يده قاطعة امامة كل تردد ودخلا معا الى المقهى على وقع زخات المطر.. —————– يتبع الجزء الثامن غدا رواية غثيان..رواية في حلقات يكتبها الدكتور محمود حرشاني 08//02//2019