توقف عبد الفتاح امام مدخل الكوليزي الشهير بالعاصمة..بعد ان قطع شارع الحبيب بورقيبة قادما من نهج ابن خلدون..امام مدخل الكوليزي توقف عبد الفتاح طويلا بتامل المعلقة الدعائية لفيلم سنمائي تعرضه قاعة السنما الموجودة داخل مبنى الكوليزي.. صورة المعلقة تظهر فيها ممثلة شبه عارية وبجانبها رجل كهل تبدو عليه علامات الوسامة وفي الجانب الاخر من المعلقة صورة لمجموعة من الشباب والفتيات في شبه حلقة رقص.. لم تستهو المعلقة المعروضة كثيرا عبد الفتاح ولم تغوه بالدخول لمشاهدة الفيلم.. رغم انه من عشاق السنما.. وكان ناشطا جدا في نادي السنما بدار الشباب ..في نادي السنما بدار الشباب شاهد عبد الفتاح العديد من الافلام والاشرطة السنماية التي كان يعرضها النادي كل مساء سبت وتختم بحلقة نقاش..اغلب هذه الاشرطة التي كانت تعرض في النادي اشرطة فرنسية تاتي من سفارة فرنسا وعديد السفارات الاخرى.. وكان رئيس النادي هو استاذ عبد الفتاح في مادة الفرنسية . هم عبد الفتاح بمواصلة جولته داخل مبتى الكوليزي حيث المغازات تعرض احدث ما جاءات به الموضة في صناعة الملابس للرجال والنساء.. وكذلك العديد من المحلات الاخرة وتتوسط مبنى الكوليزي مقهى شهير.. في هذا المقهى يجلس عدد من الوجهاء وهو يذكر انه في هذا المقهى تعرف على الكاتب.// سيد م// وهو في الاصل مذيع شهير .يقدم برامج ثقافية في الاذاعة في اشكال وانماط غير مسبوقة.. لطالما استمع عبد الفتاح الى هذه البرامج الاذاعية..مثل برنامج // ما تسمعه اليوم تقرا غدا// كان ينتظر موعد اذاعة هذا البرنامج في العاشرة ليلا منكل يوم.. تعجبه طريقة صياغة النص وطريقة التقديم.. تعرف عبد الفتاح الطالب بكلية الاداب لاول مرة على معد ومقدم هذا البرنامج الذي كان يجلس يوميا في مقهى الكوليزي ..قدمه اليه احد الاصدقاء وقال له انه شاب معجب ببرامجك الاذاعية وببرنامج ما تسمعه اليوم تقراه غدا خصوصا..ويومها امضى عبد الفتاح وقتا رائعا مع هذا المثقف الكبير.. وعرف منه انه شاعر ايضا وانه من جيل ادبي ثائر على التقاليد المتعارفة في الكتابة وهو قد اصطلح نهجا في الكتابة الجديدة القصيدة المضادة.. تمنى عبد الفتاح لو ان جلسته دامت اكثر .الا ان الرجل اعتذر لان له مواعيد تنتظره في الاذاعة.. وقبل ان يغادر اهده نسخة من كتاب له بعنوان // رافض والعشق معي //كانت اجمل هدية تلقاها عبد الفتاح سيفاخر بهذه الهدية امام زملائه الذين طالما اطلقوا عليه لقب عبد الفتاح قاموس..لانه عندما كان تلميذا في الثانوي حفظ منجد لاروس الصغير كاملا..فاسماه زملاؤه عبد الفتاح قاموس. قرر عبد الفتاح ان يواصل جولته في شارع الحبيب بورقيبة .خصوصا وقد كانت نسمات المساء تهب خفيفة وتغوي بالتجوال بعد ان عادت عصافير اشجار شارع الحبيب بورقيبة تعود الى اوكارها محدثة اصواتا اشبه بالسمفونيات التي يحبها عبد الفتاح..كانت امامه محطة الباساج الشهيره حيث باعة الورود على كل لون وشكل.. هو يحب كثيرا تامل اصناف الورود والزهزر المعروضة..تذكره بالزهور التي كانت تنبت في سنوات الخصب باراضي الود. رؤية الزهور وقد تكدست اشكالا والوانا على جنبات هذه المحلات تنعشه وتبعث فيه شعورا لا يقدر على تفسيره..لطالما احب ديوان الشاعر الفرنسي بودلار بعنوان // زهور الشر //لقد اهده هذا الديوان استاذه في مادة الفرنسيةسي لخضر القروي عندما تفوق في مادة الفرنسية في امتحان الثلاثي الثاني.مع مجموعة من الكتب الاخرى اقبل عبد الفتاح غلى قراءتها.. هو لا يعرف من الهوايات عند الشباب غير هواية القراءة والمطالعة والذهاب الى السنما. كالنت نسمات المساء تهب خفبفة.. وكان عبد الفتاح يواصل سيره وشارع الحبيب بورقيبة..وعلى جانبي الممشى الداخلي انتصبت كراسي من اللوح كان يجلس عليها بعض المارة لاخذ قسط من الراحة. وبدت له بناية الافريكا وقد توقف قبالتها شامخة..بطوابقها..هي اعلى مكان في العاصمة.. ود عبد الفتاح ان يلج الى داخل المقهى المفتوح على الشارع الا انه تذكر ان ثمن القهوة هنا مرتفع وهو لا يملك هذا التمن..كل ما يملكه وهو الطالب الذي يعيش على منحته الجامعية. ما يكفي لشرب قهوة في مقهى شعبي ولمجة عادية وثمن تذكرة الحافلة ليعود الى تالمبيت الجامعي ….. يتبع غدا الجزء الثالث عشر رواية في اجزاء يمتبها الدكتور محمود حرشاني 13//02//2019