بقلم: شكري بن عيسى (*) ماذا جنت تونس من زيارة ساركوزي.. هذه الزيارة الصاخبة التي احدثت ضجيجا واثارت غبارا.. وصل مداه الى كل المنطقة المغاربية.. فضلا عن فرنسا.. استقبال حافل في المطار.. ومواكب.. وزيارات.. وخطب.. ولقاء من اعلى هرم السلطة.. وندوات صحفية.. مع طاقم وزاري سابق ونيابي متنوع طويل.. وحتى وزير الداخلية الغرسلي (ممثل السيادة الوطنية) فقد ضبطه "الرادار" متذيلا.. وراء امين عام النداء وزعيم حزب الجمهوريين.. في تبعية مقرفة من الدولة للحزب الحاكم.. حديث عن الربيع العربي.. وعن الديمقراطية.. وعن الوضع الداخلي الاقتصادي.. والسياحة.. والوضع الامني.. وكلام عن وجود استهدافات لتونس في ديمقراطيتها وانتقالها السياسي.. ودعوة لاوروبا لدعم تونس.. وتعاطف "حميم" مع تونس للظرف الاقليمي الذي وجدت فيه نفسها.. وطبعا القاء العبء على الجوار.. والرجل يتكلم ب"خشوع".. و"عاطفة" فياضة.. ومن تامل جيدا فالدموع كادت "تنهمر" لولا ان "قاومها" المسكين بشراسة.. الرجل اظهر "حبا"،، و"عشقا".. و"دعما" لا متناهيا لتونس.. والبعض صدّق انه "احرص" حتى من التونسيين.. على وطنهم.. ومصلحته.. ومستقبله.. و"منشغل" اكثر منهم على حال البلد.. و"مهموم" على وضعه ومآسيه.. وهو الذي بالامس القريب يستهدف المهاجرين.. ويمارس عليهم التمييز.. واعتبر الهجرة غير الشرعية مثل عملية "تسرب مياه في بيت".. عرّاب الحرب الاهلية والتفتت في ليبيا.. المشتبه في تمويل القذافي لحملته الرئاسية.. السند القوي لدكتاتورية بن علي.. الذي عمل بكل قنواته الدبلوماسية والسياسة والاقتصادية والقمعية على اخماد الثورة.. بعدما شيطن الثوار.. ووصل الحد بأليو ماري وزيرة خارجيته بتقرير ارسال سفينة كاملة محملة بالكريموجان الصاعق.. والهراوات الخشينة لقمع الشباب المنتفض.. اليوم يحاضر في الديمقراطية.. ويشير بقوة الى استهداف تونس في ربيعها.. ويتحدث عن الجدار العازل.. ويبرر السياسات التفتيتية.. ويشنّع بالجارة ليبيا.. والجارة الجزائر على حد السواء بصلافة لا سابقة لها.. في قلب بلدنا.. والرجل لم يترك مجالا للحديث فيه مدعيا وصلا بالثورة التونسية المهم ان يقوم بدعايته وخدمة حملته الانتخابية..التي انطلقت من تونس بقوة.. وحصدت اضواء سيعجز بالمحتم عن افتكاكها لو بقي في بلده.. الرجل لعب كل اوراقه.. وبعث بالرسائل الى حليفه الاول الكيان الصهيوني الذي كان اخيرا في زيارته.. وحديث عن "ضرورة" احياء "الاتحاد من اجل المتوسط".. الذي سيمثل قناة التطبيع الرسمية مع "اسرائيل".. والمخطط الفتنوي في اثارة كل القلاقل في الداخل.. ومع الاجوار ظهر ساطعا.. ولم يكفه شرذمة ليبيا في 2011 ليثير القلاقل مع الاجوار.. من على ارضنا ومجال سيادتنا.. ولا كلمة ادانة من دبلوماسيتنا المرتبكة.. ماذا ربحت من هذه الزيارة!!؟ طبعا لا شيء الا الاضرار ومزيد التوتر مع الاجوار والانقسام الداخلي!! ولكن ايضا.. سقوط قناع "هيبة الدولة".. وكذبة "حياد الادارة".. ووهم "فصل الحزب عن الدولة".. وشعارات "السيادة على ارضنا".. و"عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى".. و"علاقات حسن الجوار".. الجوفاء..