الأهلي المصري يفشل في بلوغ الدور المقبل من كأس العالم للأندية.. الترتيب النهائي للمجموعة    وزارة الدفاع الوطني ترقي اميري اللواء صالح عبد السلام والأمجد الحمامي الى رتبة فريق    افتتاح الدورة 25 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون وتكريم نخبة من الإعلاميين ونجوم الدراما العربية    سفارة تونس بالدوحة توجه بلاغا عاجلا الى افراد الجالية التونسية    تونس جمعت قرابة 5.7 مليون قنطار من الحبوب الى غاية يوم 22 جوان 2025    عاجل/ اصابة عون أمن اثر تعرض دورية أمنية لهجوم من منحرفين بواسطة بنادق صيد..وهذه التفاصيل..    عاجل/ ترامب يعلن عن اتفاق شامل لوقف اطلاق النار بين اسرائيل وايران..    صابة الحبوب: تجميع حوالي 5,751 مليون قنطار...التفاصيل    هذا ما تقرر في حق رجل الأعمال لزهر سطى    عاجل: سفارة تونس بالدوحة تدعو الجالية التونسية إلى التحلي بالهدوء والتقيد بالتوجيهات    استئناف حركة الملاحة الجوية في أجواء قطر    عاجل: ترامب يعلن اتفاقا لوقف شامل لإطلاق النار    الخبير العسكري توفيق ديدي ل «الشروق» إذا تواصلت الحرب لأسابيع... الكيان الصهيوني سينهار    وزيرة الصناعة تؤكد في اول اجتماع للجنة الوزارية لتنفيذ عقد الاهداف للشركة التونسية للكهرباء والغاز اهمية المشروع في تحسين وضعية الشركة    أخبار النجم الساحلي.. .الجمهور متفائل ونفخة يقود التحضيرات    القيروان .. الحشرة القرمزية تحكم على متساكني الأرياف بالعيش في الظلمة    بكالوريا 2025 .. 647 حالة غش وسوء سلوك    السياسة الحمائية الأمريكية/زيت الزيتون: تونس مدعوة لتسريع تنويع أسواق التصدير    النفيضة .. . الدورة 12 من الملتقى الوطني للأدب التجريبي .. مختبر تجريب ،كتاب في الملتقى و للشعر والرسم نصيب    أولا وأخيرا: «باي باي» أيها العرب    في الصّميم .. تونس.. الترجي وأمريكا    أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    وزارة التشغيل والتكوين المهني تطلق اختصاصا تكوينيا جديدا لمهنة "مرافق حياة"    عاجل/ مصر تلغي الرحلات الجوية من وإلى دول الخليج العربي    قطر تعلن إغلاق مجالها الجوي "استنادا إلى تطورات الأوضاع" في المنطقة    وزير الصحة ونظيره المصري يتناولان تعزيز الشراكة بين البلدين في عدّة مجالات صحية ذات أولوية    قطر توقف حركة الملاحة الجوية "مؤقتا"    آية البرهومي... التلميذة التونسية التي صنعت الفرق ب19.76...سر التفوق مع تفاصيل مهمة    للناجحين في الباكالوريا: كلّ ما تريد معرفته عن الاكاديمية العسكرية بفندق الجديد    تأجيل النظر في قضية بوغلاب الى هذا الموعد.. #خبر_عاجل    وزارة الدفاع الوطني تُعلن عن شروط جديدة للالتحاق بالأكاديميات العسكرية 2025 : التفاصيل كاملة للناجحين في البكالوريا    مُشطّة ومرتفعة جدا: هذه كُلفة يوم واحد اصطياف لعائلة من 4 أفراد    السياحة البديلة: خيار إستراتيجي مكمّل للسياحة    معين الشعباني يقود نهضة بركان المغربي الى نهائي كأس العرش    مباراة إنتر ميامي ضد بالميراس فى كأس العالم للأندية...التوقيت    تعرف على أول حارس عربي يحصد أول جائزة في كأس العالم للأندية    إيران تتعهّد بردّ قوى على الهجمات الأميركية    عاجل/ بعد المنستير: نفوق كميات كبيرة من الاسماك بهذا الشاطئ    القصرين.. المصادقة على مقترحات مشاريع المخطط التنموي بسبيطلة للفترة 2026-2030    لاعبات التنس المحترفات: أنس جابر تتقدم إلى المركز ال59 عالميا    طبيبة تونسية تحذّر من التعرّي في الشواطئ: خطر صيفي حقيقي يهدّد صحتنا وصحة صغارنا!    تحذير للتوانسة: هواء بيتك ملوّث أكثر من الشارع ب5 مرات بسبب ''الكليماتيزور''    الصهد يبدّل المزاج؟ الحرارة العالية تنفع وتضر نفسيتك... هذا إلي لازم تعرفوا!    7 سنوات سجنا لوالد عنّف ابنه الرضيع وتسبّب له في إصابة خطيرة    مول 35 مشروعا/ ناجي غندري: بنك الأمان يعمل على تشجيع الشركات للانخراط في مجال الإنتقال الطاقي..    رحاب الظاهري تتوّج بذهبية 3000 متر موانع في الجولة القارية البرونزية لألعاب القوى    في العيد العالمي للموسيقى: الأوركستراالسيمفوني التونسي يقدّم روائع الموسيقى الكلاسيكية    جبال الظاهر: وجهة سياحية أصيلة تنبض بالسكينة والتراث    بقلم مرشد السماوي…بعد أن توزعت ظاهرة مجموعات الغناء بالمنازل و الجمعيات في جل المدن الكبرى جل روادها من كبار السن هل أصبحنا في مجتمعنا نعيش فراغ أسري و عاطفي مريب ؟    صفاقس: 100 % نسبة نجاح التلاميذ المكفوفين في بكالوريا 2025    عاجل - تونس : صدمة بالأرقام: الإناث يتصدرن حالات الغش في البكالوريا!    مهرجان تيميمون الدولي للفيلم القصير بالجزائر يفتح باب الترشح للمشاركة في دورته الأولى    كأس العالم للأندية 2025: ريال مدريد يتغلب على باتشوكا المكسيكي 3-1    طقس اليوم: قليل السحب والحرارة تتراوح بين 30 و39 درجة    في مسابقة دولية بلشبونة: تتويج التونسية ملاك العبيدي بجائزة أفضل مؤلف عن الطبخ في العالم    المعهد الوطني للتراث:انجاز نشاط ميداني حول مشروع بحث عن موقع تابسيس الاثري    اليوم: أطول نهار وأقصر ليل في السنة    اليوم: الإنقلاب الصيفي...ماذا يعني ذلك في تونس؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب على الارهاب.. ايُّ موجب اليوم؟
نشر في باب نات يوم 11 - 03 - 2016


بقلم: شكري بن عيسى (*)
لا ندري حقيقة لماذا يستثمر البعض من اعلاميين وخبراء مزعومين وسياسيين وحتى في اعلى هرم السلطة، عقب كل هجوم ارهابي تتعرض له بلادنا، في شعار "الحرب على الارهاب" ويضخ في شحنته الدلالية وبالتالي استتباعاته؟ هذا الشعار الذي تخلت عن استعماله الولايات المتحدة الامريكية منذ سنة 2010 لفشله في مقاربة معضلة الارهاب عقب سنوات عديدة على ابتداعه على يد الرئيس المخضرم جورج و. بوش اثر هجمات 11 سبتمبر 2001، واكد العام المنقضي الكاتب الصحفي مراسل "الاندبنت" الخبير (الحقيقي) في النزاعات المسلحة وفي الارهاب روبرت فيسك على ان "العالم اصيب بالتخمة من (هذه) الحرب على الارهاب".
هذا المصطلح بمضامينه ودلالاته وابعاده يختزل مكافحة الارهاب في آليات القوة والعنف ويهمل المواجهة الحقيقية الفكرية الثقافية التربوية التي تصبح وفق هذه النظرة الضيقة في ادنى سلّم الاستراتيجيات الموظّفة لتجاوز المأزق المطروح، وفي نفس التمشي يغض النظر عن الابعاد الحقوقية في معالجة الظاهرة واعتبارات علوية القانون والعدالة (بما تتضمنه من مكافحة فساد وتمييز) بشكل عام وكذلك يطمس منهج المعالجة الاجتماعية في ضرورة ارساء التنمية وتوفير الشغل ومكافحة الفقر والخصاصة، ويدفع نحو الهرب الى الامام من اصحاب القرار وكثير من النخب في غياب امتلاكها لحلول وبدائل مستنيرة وافلاسها في مقاربة الظاهرة المركبة.
"الحرب على الارهاب" تفترض الحقيقة وجود مستلزمات قانونية وشروط دستورية غير متوفرة في واقع الحال اذ تقضي ان يعلن عنها رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس نواب الشعب بأغلبية ثلاثة اخماس اعضاءه (كما يقضي الفصل 77 من الدستور)، ولا يمكن بحال ان تبقى مجرد شعار سياسي او مصطلح انشائي مرسل، وتبقى بذلك حرب غير محددة المعالم وغير مدققة الابعاد والمدى بلا منطلق ولا نهاية (وهو الاخطر على الاطلاق) ولا هدف مضبوط بعناية ولا تعرف الياتها وادواتها بشكل معلوم، ويمكن بذلك ان تكون مطية لتجاوز السلطة وخلق حالة استنفار عام قد تنتج حالة تخمر يفقد ويسلب عديد مؤسسات الدولة وظائفها وسلطاتها القانونية وحتى مشروعيتها.
الحرب تعلن عن طريق رئيس الجمهورية بصفة رسمية لأن لها مستلزماتها وتكون لها استتباعات ويلزمها اقتصاد "حرب" له قواعد معينة وحكومة "حرب" لها مواصفات محددة وشكل استثنائي ولها امن وجيش "حرب" وتتطلب تعبئة عامة وحشد شعبي واعلام "حرب" وديبلوماسية "حرب" وبرلمان "حرب"، وفي المحصلة ميزانية "حرب" وحتى تعليم وثقافة وفن "حرب" وليس مجرد كلام هلامي لتجييش المشاعر ونشر الفزع والذعر باللعب على الغرئز وجعل الوطن والشعب اسرى الخوف والقلق المتواصل ودون افق واضح وبرنامج محدد.
وفي كل الحالات هي دفاعية (الحرب) اي لرد عدوان ووجب اشهارها والخضوع للمنظومة القانونية الدولية في الصدد والاستفادة من الحقوق المكرسة في الغرض وخلق ادانة دولية وتضامن عالمي ولِمَ لا تحالف دولي لرد العدوان وخلاف ذلك يمكن ان تتحول الحكومة الى حكومة ببرنامج امني يتضخم فيه الجهاز البوليسي في العتاد والافراد والميزانية على حساب مستلزمات الصحة والتعليم والثقافة وتطلق سلطاته ويده في جو التخمّر الذي يمكن ان يتوسّع دون حدود.
واشهار الحرب على الارهاب قد يقود واقعا الى نتائج كارثية على الاقتصاد في مجال التصنيف السيادي والاقتراض ومجال الاستثمار وبالتتابع التشغيل وايضا في مجال السياحة المتداعي اصلا والتصدير والتوريد وحتى الجولان البحري والجوي وقيمة الدينار والتضخم والبورصة والنشاط البنكي والقطاع المنجمي والطاقي فضلا عن المضار الاجتماعية العميقة، تضاف اليها الكلفة السياسية في مجال الديمقراطية والحقوق والحريات وارساء المؤسسات الدستورية، وبالتالي فالامر ليس مجرد ترف لغوي يلجأ له العديدون للاثارة وشد الاهتمام الاعلامي والبعض للاستعراض ورفع المنسوب الكلامي في الشعبوية قصد الاستثمار السياسي ممن يفترض انهم نخب في المجتمع عليهم مسؤولية الانارة والتوجيه والاستشراف.
والحديث عن "الحرب على الارهاب" يحتوي ضمنيا فشل كل السياسات لمواجهة الاختراقات ومجابهة التسربات وهو ما يعني تعطل المنظومة الاستخباراتية واليقظة الاستعلاماتية وكان من الاجدى رفع شعار "الامن الاستباقي" ووضع استراتيجيا تنسيق وتعاون واسع مع المواطنين والدول الكبرى التي تمتلك اجهزة وادوات استخباراتية فعالة لكشف التهديدات الارهابية قبل استنفاذ مفاعيلها والاهم هو وضع استراتيجيا تنموية تشغيلية تتوجه للجهات المعزولة والشباب وخلق الامل الذي يحصن المواطن من الارتماء في السوداوية والظلام.
الارهاب اليوم ظاهرة مركبة ومتعددة الابعاد وعابرة للحدود وتتداخل فيها عوامل داخلية واخرى خارجية والرهانات تتعالى والمستفيدين منه (وبالتالي المحركين او المدعمين له) متعددين خاصة اقتصاديا من المهربين وسياسيا من الاطراف التي خسرت مواقع سلطة ونفوذ بعد هرب بن علي وتخشى ملاحقات قضائية منتظرة ولا فائدة عندها من الانتقال السياسي وترسخ الديمقراطية، ودوليا من عدة محاور وقوى لها مصلحة في افشال النموذج الثوري التونسي واخرى لها مصلحة في ارباك الاوضاع ورزع الفوضى من اجل التحكم والتدخل وحتى لاعادة تشكيل خارطة اقليمية جديدة، وبالتالي فلا بد من مراعاة كل هذه الاعتبارات في معالجة الظاهرة واستبعاد اقصى ما يمكن وضعية "الحرب" ووضعها كملجأ اخير وذلك بعد استنفاذ كل الطرق الاخرى.
في هذه اللحظة المفصلية من تاريخ البلد الدقيق اصبح اولوية عالية تركيز وكالة استخبارات فعالة تتوجه بنشاطها الى عمق مناطق الاشتعال بالعراق وليبيا وسوريا وتتابع عن كثب الاستهدافات الموجهة ضد بلدنا وتحبط الهجمات في مهدها ومنطلقها، وتتابع العائدين من هذه المناطق ضمن خطة استراتيجية متكاملة تعتمد القضائي ولا تلغي الية الاستيعاب والاحتواء عبر الحوار والاقناع والمراجعات والمعالجة النفسية والتجنيد المضاد لفائدة الوطن وهي استراتيجية اثبتت فعاليتها الواقعية عديد الدراسات والبحوث الاكاديمية.
الاندفاع الانفعالي عبر مشهد الانفلات الاعلامي والسياسي في رفع شعار "الحرب على الارهاب" دون اعتبار انعكاساته السلبية وخاصة تغطيته على المحاور الهامة في الاستراتيجيا المستوجبة لمكافحة الارهاب قد يختزل المعالجة في البعد الامني ويجعل المقاربة بذلك عرجاء وتحقق بالنتيجة اهداف الارهاب في اهمال الادوات الفعالة، والامم المتحدة ذاتها في استراتيجيتها في الخصوص لا تستعمل بالمطلق مصطلح "الحرب" وتركّز على "المكافحة" عبر مراحل مترابطة متكاملة تركز على "معالجة الظروف المؤدية الى انتشار الارهاب" وتقترح "تدابير منع الارهاب ومكافحته" وتعتبر "ضمان حقوق الانسان للجميع وسيادة القانون الركيزة الاساسية لمكافحة الارهاب" وفي صيغة اخرى "جوهر استراتيجية مكافحة الارهاب".
رقابة تمويل الارهاب وكشف الشبكات القائمة في الصدد ورقابة عمليات التجنيد الذي يتم عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي ووضع خطط امنية فعالة تضع حدا للاخلالات السابقة والاختراقات الداخلية الحاصلة من حين لاخر سيقلل هو الاخر من فرص تنفيذ الهجمات الارهابية الى حد عال وهو عنصر الى حدود اللحظة يقع اغفاله.. والاهم هو تكريس منوال تنمية مجدي وعادل وارساء حوكمة رشيدة واسترجاع السيادة في القرار السياسي ورفض كل محاولات تركيز قراعد عسكرية اجنبية لكسب ثقة المواطن اساس شرعية الحاكم التي بدونها لن تنجح اي خطة.
وفي المحصلة، اذ تتصاعد الهجمات الارهابية وتلحق اضرارا متصاعدة بالاقتصاد، فاننا لم نصل الى مستوى الخطر المهدد لكيان الدولة واستقلالها وتعطيل السلطات العمومية الذي يستوجب الدخول في الحرب، ولا بد من استراتيجيا واضحة المعالم تأخذ كل الابعاد بعين الاعتبار وتراعي المستعجل وبعيد المدى، والداخلي والخارجي، واليوم -بكل اسف- اصبح الاعلام والسياسيين والنخب في اغلبهم جزء من حالة الغوغاء في التعاطي مع الظاهرة ان لم يكن في خدمة المخططات الارهابية عبر التسطيح المخل او التهويل المفرط للأحداث او عبر التوظيف الحاد وتصفية الحسابات، الامر الذي يعيق كل تقدم في الصدد، وهو ما يستوجب المراجعة العميقة من الجميع وخاصة التدخل التعديلي ل"الهيكا" الغائب الابرز هذه الايام!!
(*) قانوني وناشط حقوقي
Publié le: 2016-03-11 10:10:16


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.