بقلم الأستاذ بولبابه سالم تحية و احتراما ، أما بعد فلا أحد يشكك في دقة المرحلة التي تعيشها تونس في ظل صعوبة الاوضاع الاقتصادية و الغليان الاجتماعي و تواصل التجاذبات و المزايدات السياسية . انتم في وضع لا تحسدون عليه لكنك ستكون شاهدا على عصرك و امام الله عما ينبغي القيام به لتدارك هذه الأوضاع ، لا شك ان للدولة اجهزتها و خبراؤها الذين يقدمون لكم تقاريرا يومية و انتم مطالبون باتخاذ الاجراءات المناسبة ، إن الاوضاع الصعبة و الخطيرة تتطلب قرارات بنفس الجرأة و الخطورة ، فالاورام لا تعالج بالحبوب المسكنة بل بالاستئصال . قد لا يمنحك التاريخ و الظروف اكثر من فرصة لاثبات جدارتك و نحت كيانك خاصة انكم ترأسون حكومة وحدة وطنية تملك اغلبية مريحة في البرلمان . لقد زارنا هذا العام رئيس المانيا و رئيس البرلمان الاوروبي و رئيسة صندوق النقد الدولي و كلهم أجمعوا على أن العائق الاكبر امام الاستثمار في بلدنا هو الفساد و عدم وجود ارادة سياسية لمقاومته . طبعا لا يقصدون بالفاسدين من يبيع بعض علب السجائر ليكسب قوت يومه او من يبيع البنزين على دراجته النارية . لقد ذكر الوزير السابق لزهر العكرمي ان أباطرة التهريب موجودون في ميناء رادس و تعلم انت يقينا ان قيمة التهرب الضريبي تبلغ 1200 مليار كما لا تفوتكم عراقيل بيع الاملاك المصادرة و لا ديون البنوك تجاه الكثير من المستكرشين الذين بعيشون فوق القانون في حين تتتبع تلك البنوك حريفا بسبب قرض استهلاكي صغير . لا يخفى عليكم ان الكثير من هؤلاء قد ساندوا نداء تونس و مرشحه الاستاذ الباجي قايد السبسي في الانتخابات السابقة لأسباب مختلفة و دفعوا اموالا طائلة دفاعا عن مصالحهم ، كما يوجد آخرون في احزاب أخرى اضافة الى غير المتحزبين . هل تجرؤ على تطبيق القانون على كل المتهربين من الضرائب ؟ هل تجرؤ على اعتبار التهرب الضريبي في ظل الاوضاع الصعبة التي تعيشها توتس خيانة وطنية ؟ هل تجرؤ على فرض القانون على القطط السمان الذين لهم لوبيات نافذة في مفاصل الدولة و الاعلام و يدفعون البلاد نحو الفوضى و القضايا الهامشية ليواصلوا مسلسل العبث و النهب و الثراء غير المشروع . لقد صار المسؤول المحبوب عند الناس اليوم هو الذي يطبق القانون (لم يكن كذلك سنة 2011 ) ، لأن تطور الوعي جعلهم يقتنعون ان الفوضى لا تخدم سوى اللصوص و الارهابيين ، لذلك نرى من المسؤولين من باشر فرض النظام العام ضمن الصلاحيات التي يكفلها القانون . قد يكون الامر صعبا بسبب تغلغل القطط السمان و قوة نفوذهم حتى انهم هددوا سلفك الحبيب الصيد بالتمرميد ، انهم بلا اخلاق وهو مجموعة من النصابين المحترفين و لا تخدعنك ربطات العنق و البدلات الأنيقة فهي تخفي وحوشا آدمية و مصاصي دماء لهفت اموال البلاد و العباد . سيادة رئيس الحكومة : تدرك جيدا أن اغلب وسائل الاعلام يسيطر عليها القطط السمان و يسخرون لها كلاب الحراسة الذين تحدث عنهم " بول نيزان " من اعلاميين و خبراء مزيفين ممن احترفوا تشويه الحقائق و شيطنة كل مخالفيهم و تاريخهم معروف في كتابة التقارير منذ عهد الرئيس المخلوع ، هؤلاء لا يصدقهم أحد لأن الكاذب لا يتوب مادام الدفع بالحاضر . لقد قال المصلح الكبير خير الدين التونسي ذات يوم ان الاصلاح مثل تنظيف الدرج يبدأ من الاعلى الى الأسفل ، فابدأ بالرؤوس الكبيرة التي ظهر عليها الثراء السريع بطريقة غير مشروعة و المتهربين من الضرائب ، ابدأ بمحيطك القريب ، و عندها سيخاف صغار اللصوص و سيصطفون طلبا لتسوية وضعياتهم مع الدولة و الشعب . و لا تجعلوا الاجراء كبش فداء في ازمات تونس الاقتصادية فقد حان الوقت كي يضحي رجال الاعمال من أجل الوطن . سيادة رئيس الحكومة : التقشف يعني شدا للأحزمة يبدأ بالحكومات و ينتهي بالمواطنين ، و ينسى مؤيدو هذا الرأي أن الازمات الاقتصادية تسببت فيها الحكومات بانفاق مبالغ طائلة لانقاذ مؤسسات ماالية تعثرت ، و هكذا تحولت ديون القطاع الخاص الى ديون للقطاع العام و بالتالي ديون على دافعي الضرائب . ختاما ، ان تونس تواجه معركة المصير ، اما الانتصار او الانهيار ، و لأننا نحب بلدنا فنريدها ان تنتصر فمستقبل أولادنا هنا لا في بلد آخر . عاشت تونس حرة مستقلة ،،،، و السلام ،، كاتب و محلل سياسي