أبو مازن كما كان متوقعا رفض المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل تعليق الدروس فخالف قرار نقابات التعليم فلم تأخذه العزة بالإثم بل تريّث جيّدا دون تشنج ولا شحناء سياسوية ثم قال القول الفصل ليطمئن الأولياء قبل الأبناء فنستنقذ موسما دراسيا متعثرا كادت تعصف به رياح التيه والضياع لأجل صلف وزير و غوغاء نقابة. ليست هي المرة الأولى التي يقف فيها الاتحاد لجانب الشعب فيساند تطلعاته و يدافع عن حقوقه، فالاتحاد الذي تأسس في صلب الحركة الوطنية خاض أولا نضال التحرر عبر احتجاجاته النقابية ضد المعمرين و جيوش الاستعمار. والاتحاد نفسه هو الذي انخرط في أغلب الحركات الاجتماعية بعد الاستقلال حتى صارت أحداث الخبز فتنبه النظام آنذاك لشراسة معارضته و نفوذه الشعبي القوي فحُورب ثم أُخترق و صار أداة طيعة تحت جناح المخلوع. الاتحاد شارك بنسب متفاوتة بين الجهات في حراك ثورة الحرية والكرامة وآمن بدنو ساعة التحرر من الديكتاتورية فساهم كغيره من المنظمات والتشكيلات المعارضة في تعجيل سقوط حكم الأصهار فكان الأخ الأكبر الذي يلتجأ له الفتية ساعة غياب ربّ البيت فيكون الوصي على الثورة ويؤسس مع باقي التنظيمات الديمقراطية الموعودة و رغيف العيش الهنيء. لكن رياح الغوغاء و الدهماء هبت بقوة على الاتحاد بعد انتخابات 2011 فحاد عن رسالته في عديد المواقف استنادا لطرف سياسي بعينه دون غيره فكان حمالة الحطب وكان راهب المعبد فنالت منه الألسن رغم الصخب الإعلامي و الضوضاء العقيمة التي قادتها عديد الأطراف التي كانت لا تتورع من إعلان الإضراب العام لأي سبب كان، فثبطت العزائم و وهن الحراك الثوري بعد أن انقسم الشعب الى مساند للتصعيد و مناوئ له. اليوم وبعد انتخاب مكتب تنفيذي توافقي غلّبت فيه مصلحة البلاد قبل الأفراد وعادت الى فؤاد الاتحاد تلك الروح النقابية العاشورية الحشادية التي تؤمن بمحبة الشعب قبل محبة النخب و املاءاتهم الأيديولوجية. الاتحاد يعلّق على إقالة البريكي بتروّ و حكمة و يمضي في نفس الوقت اتفاقية الزيادات في القطاع الخاص. الاتحاد يعطل قرار تعليق الدروس ولكنه يطالب بحزم إقالة الوزير لصلفه و اهانته للمربين اذا ما انجر عنه تعطيل الحوار و إغلاق باب التفاوض. لا ننسى أيضا أنّ مثل هذا القرار كان منتظرا من مكتب توافقي نافسه في الانتخابات القوائم المأدلجة و قوات الدفع إلى آخر السلم حيث السقوط المؤلم. لقد استأسد "عفية" بنقابتي التعليم ليخوض نزاعا داخليا ولكن الحكمة التي كانت مفقودة غلّبت الرأي الصواب فانفرط عقد الضوضائين و غابت الغوغاء فاستعاد الاتحاد رونقه المعهود بات ينتظر الالتفاف الشعبي لمثل هذه القرارات الصائبة فما أجمل الاتحاد دون غوغاء و دون فوضى و هراء.