قسم طب وجراحة العيون بالمستشفى الجامعي بدر الدين العلوي بالقصرين سينطلق قريبًا في تأمين عمليات زرع القرنية (رئيس القسم)    صفاقس: توفر إجمالي 83 ألف أضحية بالجهة خلال الموسم الحالي    أجور لا تتجاوز 20 دينارًا: واقع العملات الفلاحيات في تونس    عشر مؤسسات تونسية متخصصة في تكنولوجيا المعلومات ستشارك في صالون "جيتكس أوروبا" في برلين    الشكندالي: "القطاع الخاص هو السبيل الوحيد لخلق الثروة في تونس"    تونس.. زيادة في عدد السياح وعائدات القطاع بنسبة 8 بالمائة    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    القيروان: انتشال جثة طفل جازف بالسباحة في بحيرة جبلية    تعاون ثقافي بين تونس قطر: "ماسح الأحذية" في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للمونودراما بقرطاج    مدنين: مهرجان فرحات يامون للمسرح ينطلق في دورته 31 الجديدة في عرس للفنون    معرض تونس الدولي للكتاب يختتم فعالياته بندوات وتوقيعات وإصدارات جديدة    "نائبة بالبرلمان تحرّض ضد الاعلامي زهير الجيس": نقابة الصحفيين تردّ.. #خبر_عاجل    عاجل/ تسجيل إصابات بالطاعون لدى الحيوانات..    أسعار الغذاء تسجّل ارتفاعا عالميا.. #خبر_عاجل    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    النادي الصفاقسي: 7 غيابات في مباراة الترجي    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    عاجل/ في بيان رسمي لبنان تحذر حماس..    عاجل/ سوريا: الغارات الاسرائيلية تطال القصر الرئاسي    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    في مظاهرة أمام منزله.. دروز إسرائيل يتهمون نتنياهو ب"الخيانة"    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الإفريقي: الزمزمي يغيب واليفرني يعود لحراسة المرمى ضد النادي البنزرتي    عاجل : ما تحيّنش مطلبك قبل 15 ماي؟ تنسى الحصول على مقسم فرديّ معدّ للسكن!    عاجل/ قضية التسفير..تطورات جديدة…    استقرار نسبة الفائدة في السوق النقدية عند 7.5 %..    البرلمان : مقترح لتنقيح وإتمام فصلين من قانون آداء الخدمة الوطنية    الرابطة المحترفة الاولى: صافرة مغربية لمباراة الملعب التونسي والاتحاد المنستيري    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    إلى الأمهات الجدد... إليكِ أبرز أسباب بكاء الرضيع    ارتفاع تكلفة الترفيه للتونسيين بنسبة 30%    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    في سابقة خطيرة/ ينتحلون صفة أمنيين ويقومون بعملية سرقة..وهذه التفاصيل..    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    عاجل/ هلاك ستيني في حريق بمنزل..    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    الصين تدرس عرضا أميركيا لمحادثات الرسوم وتحذر من "الابتزاز"    سعر ''بلاطو العظم'' بين 6000 و 7000 مليم    سقوط طائرة هليكوبتر في المياه ونجاة ركابها بأعجوبة    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي بالفوز 3-1 على بودو/جليمت    بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرجة او من فساد الشفافية ألي شفافية الفساد؟
نشر في باب نات يوم 13 - 07 - 2017


الدكتور الناصر الخميري
يقول أ نجلز:" إذا لم نتفق على ان الله موجود فلنتفق على الأقل ألا نجعل الارض جحيما"
‎ وأستطيع ان أضيف انه إذا تمكنا من اجتثاث ما ينخر وجودنا القيّمي والاقتصادي وبالضرورة الإنساني يمكن ان نتحدث ساعتها فقط على اننا بدأنا نحبو نحو الطريق الصحيح، طريق العدالة الاجتماعية ولن يكون وجودنا اقل جحيما فحسب بل وأكثر خلقا وابداعا ونكون بالفعل لا بالقوة والشعرات أول مجتمع عربي تخلص من الاستبداد بمختلف اشكاله واختار طريقه بوعي نحو الديمقراطية.
والذي ينخر هذا الوجود ويقف عائقا أمام هذا التحول المبدئي والفعلي وليس "المبارك " هو الفساد ولكن ما ماهية الفساد وماهي آليات تحركه وهل يمكن أن نتتبع ميكانزيمات اشتغاله؟ نفاجئ فعلا عندما نسعى إلى البحث في تحديد ماهية الفساد بنوع من الضبابية من شدة الوضوح اذ أجد نفسي امام تحديد هذا المفهوم في نفس وضعية نيتشة عندما أراد البحث في أصل التفكير الإغريقي اذ أعلن مندهشا "سحقا لهؤلاء الإغريق كم هم سطحيون من شدة عمقهم "فماهية الشيء تحدد عادة على انها ما به يكون الشيء هو هو وهو ما يتساوق بكيفية ما مع مبدأ الهوية الأرسطي ولكن ما هو سبب هذا الظهور/التخفي المتعلق بالفساد كمفهوم اولا؟
‎ تباغتنا اللغة العربية خلافا لكل اللغات بإطلاقيه هذا المفهوم اذ انه ينسحب على كل المجلات الاخلاقي والديني والاجتماعي والاقتصادي والسياسي كما اننا لا نجد مرادفا له في اللغة الفرنسية او الإنجليزية مثلاً بل مجرد مقاربات والعجيب أن دراسة الفساد على مستوي المفهوم تنعكس تماما على مستوي الممارسة أي المستوي العملي ذ لك اننا نتحرك ضرورة وبكيفية ما داخل إحدى حلقاته فمنذ النشأة الأولي يعمل الضّمير الجمعي او الانا الأعلى او المقدس الديني على تحديد الفاسد والفساد كصفة وليس كألية وانطلاقا من ذلك نصل الي تماهي كلي بين الفساد/الشر والشفافية/الخير وهذه الثنائية هي ما يحرك كل أحكامنا القيّمية ولكن عيب هذه الاحكام انها تظل تتحرك وفق مرجعية دينية او اخلاقية وهذه المرجعيات تظل حتما سجينة ذاتية ضيقة ولا يمكننا البتة ان نرتقي الي جوهر الفساد إذا كان له جوهر اَي ان هذا التمشي لا يمكننا من دراسته دراسة علمية وموضوعية والإحاطة به وعزله عن مجال تحركه حتى نتمكن من تتبع اثاره وتناوله كظاهرة متشابكة بلغت إطلاقتيها في تونس مع نداء التجمع الدستوري لتتحول الي فن افتكاك الثورة.
مثلت ثورة 17ديسمبر مفاجأة ورجة على جميع المستويات اذ انها هزت لا فقط أركان حكم بن علي بل كذلك أغلبية الشعب التونسي ذاته وتوقعات المهتمين بالاقتصاد السياسي ومحللي الاجتماع على المستوي المحلي أو الدولي والقول بأنها نتاج لمخطط مسبق ومؤامرة إمبريالية هو مجرد لغو لان ما كشفت عنه وثائق ويكيلكيس المسربة من مراسلات وزيرة الخارجية الأمريكية وموقف وزيرة الداخلية الفرنسية آنذاك والسعي لإنقاذ نظام بن علي في الثواني الاخيرة يؤكد ضرورة عفوية الثورة والثوار لذلك يمكن ان أقر وعلى لسان بول ريكور ان الرجة تأخذ قيمتها من كونها زعزعة للأسس والمبادئ ولذلك تمس البعدين الانطولوجي والابستيمولوجي اَي الوجودي والمعرفي فالرجة شكلت ثنائية تنعكس من خلا لها كل المتضادات وعلى جميع المستويات العدل والظلم المساواة والتهميش الحرية والاستبداد الكرامة والقهر ولكن العدالة وحدها تظل كل غير قابل للاضمحلال و التجزئة.
فالرجة بالضرورة تقويضا لنمط لنسق وتأسيس لأخر على أنقاضه بأحداث تغييرا في بنية التفكير والتصور فهل تمكنت فعلا ثورة 17 ديسمبر من تحقيق ذلك اَي هل استطاعت القطع لا مع ماضي الحزب الواحد والرجل الواحد ولكن مع ما ضي النظام بكل ابعاده وفي مختلف غرف عملياته وآليات اشتغاله وخاصة ا لمتعلقة بالفساد والشفافية؟
ان المتأمل في حقيقة المجتمع التونسي الْيَوْمَ يصاب فعلا بالغثيان ليس لتغير وانحطاط كل القيم فحسب بل للعدمية التي نشأت وترعرعت في تونس اذ غيبت كليا قيمة الا نسان في ذاته ولذاته فلم يعد غاية كل الغايات بل أضحي وسيلة بكل المقاييس وبعيدا عن كل مزايدة سياسة فلنحاول فك شفرات وتتبع اليات اشتغال هذه المنظومة رغم تنوع شخوصها وتلون ممارساتها وعلاقاتها بالوطن والوطنية؟
منذ كنا في الكتاتيب صغارا اقترنت في مخيلتنا أو هكذا أرادوا لنا صورة العَلٓمْ بصورة يا سيد لسياد وبالنشيد الوطني بمعني ان العٓلٓمْ وحماة الحمي وتونس وبورقيبة تمثُلٌ واحد، لكن عندما حل بِنَا انقلاب الخراب السابع من نوفمبر انكسرت الصورة فبعملية قتل الأب بلغة فرويد تزعزعت وانقسمت تلك الوحدة التي تصورنا ببراءة الأطفال انها الحقيقة في ذاتها ولذاتها ولكن عرفنا فيما بعد انها وحدة هشة ركبت وزرعت في اللاوعي الجمعي علي دماء اليوسفيين وغيرهم ولكن تلك حكاية اخري .
مع بن علي لم نشعر بهزة قوية ربما لأنه وبكيفية ما تواصلت عملية الكذب مع فارق جوهري اننا نسينا تونس ونسينا العلم ونسينا النشيد الوطني، استبدل كل هذا بمصباح علاء الدين السحري: تحول السابع اللامبارك وأصبح الولاء للمخلوع مقترن بدرجة الولاء للحزب/الدولة و كذلك الولاء لمافيا الفساد والإفساد فمقياس الوطنية انقلب من التضحية و حب الوطن والعمل علي تحسين المهارات المختلفة و تطوير النظام التعليمي حتي يواكب التغيرات الاجتماعية المحلية والدولية خلافا لذلك نشطت وتأسست عقلية انتهازية بشعة لخصها المواطن البسيط في تركيبة عجيبة علي منوال "كول وكل "باعتبارها جدلية تشتغل من القاعدة الي القمة و من القمة الي القاعدة تفتح كل الأبواب الموصدة وتنسحب علي كل المجالات وتتجاوز القوانين فهي القانون المؤسس وكل من يحاول الاقتراب من هذه الالية والحفر فيها فهو خائن للوطن ويكفي ان ينعت بصفة واحدة حتي يجد نفسه مواطن من درجة ثانية مسلوب الحقوق والإرادة.
والحقيقة ان المخلوع بهذه السياسة نجح وألي حد بعيد في تدجين الكل تقريبا ترهيبا او ترغيبا الا قلة قليلة آمنت بان الوطنية لاتباع ولا تشتري وان الفساد هو اعلان للخراب فالوطنية في عهد المخلوع انحصرت في مباراة لكرة القدم وما خالف ذلك فهو سياسة وتدخل في الشأن العام الذي هو حكر علي السلطان وليلاه: « En vérité, cette dictature n'est pas une invention de Ben Ali. Celui-ci l'a héritée de Bourguiba ».
.فهل من الممكن تنزيل هذه المنظومة في ممارسات الباجي وحاشيته الْيَوْمَ?
عند فرار المخلوع بكيفية مريبة لا تزال تفاصيلها خفية عن كل التونسيين الا من خطط ونفذ ، تصور الثوار انهم أزاحوا الظلم المتجسد في المخلوع والفساد المتجسد في الطرابلسية ومن لف لفهم والي الأبد وكانً التصالح عفويا بين التونسي ووطنه وعلمه ونشيده الرسمي وكانت الأصوات في القصرين وبوزيد و تالة و التضامن و صفاقس لا تنادي فقط يسقط حزب الدستور بل الحقيقة في شعار يا عصابة السراق هناك شعار اخر مبطن انه شعار تونس عادت الينا وان العلم هو رمز وحدتنا وعزتناً وانه ليس ملك بورقيبة او جنرال الفساد و الإفساد وكأن استرداد الحرية يتساوق معه في نفس اللحظة استرداد الوطن المسلوب. « Ce n'est pas la foi dans un possible qui a permis la sortie de désespoir (...) Mais sur le fond d'un désespoir politique créé par le système de Ben Ali, est arrivée avec Bouazizi quelque chose qui a suscité chez les tunisiens une horreur telle que l'accepter menaçait le sentiment de leur propre humanité ».
ولكن العسس واوصياء الاغتراب ركنوا فقط حتي تمر العاصفة فهموا انه لا يمكن بالمال الفاسد وحده تغييب الشعب مرة اخري لا بد من سلطة يتخفى من وراءها الفساد ويكبر ,تا ثيرها مباشرا ويمس السواد الأعظم من الشعب ،و بها يتمكنون من قتل هذا المولود الجديد في المهد انها سلطة الاعلام والصورة اَي لابد انً تعود الوطنية شعار و يعود التونسي من جديد يعيش الاغتراب بالمعني الهيغلي /الماركسي للكلمة فمسألة الفساد في تونس وآلياته وكيفية اشتغاله معقدة لذلك لابد من توجيه البوصلة خارج دائرة الفساد لانتزاع بعض الفهم عنوة مادام صاحب السلطة الحقيقية يبخل علينا ببعض معرفة وليغفرها لي فوكو نعم أنا معك ان السلطة الحقيقية غير مرئية ولكنها في تونس ليست مؤسساتية فلا هي في السجن ولا في المعهد ولا في المستشفى السلطة تتجسد في "تهميش " الثورة والثوار أي بإعادة تشكيل وعي زائف جديد فبعد ان كانت الثورة ، ثورة كرامة وطنية وحرية تحولت الي مطالبة بالزيادة في الاجور و تعطيل كل اليات الانتاج و اصبح حل تنظيم روابط حماية الثورة الخطوة المركزية والخطوة التي يلتقي حولها اليسار الساذج والتجمع المنحل هذا اليسار الذي لم يفهم ولَم يستوعب ان الزمن غير الزمان وكذلك المكان غير المكان وان الرهانات اكبر من مجرد جدل عقيم فوق حجرة سقراط و بذلكً نجح انصار الدولة العميقة من العودة ومن الباب الكبير و من خطف الثورة في أوجها بعد ان افرغوها من جوهرها فأصبحت الثورة هي اللعنة بذاتها واصبحت محاربة الفساد و الفاسدين خيانة للوطن وأسرار علي افلاس الدولة وتجويع للعامة و سعي الي تقسيم البلاد.
امام فشل الترويكا في تحقيق القطيعة الفعلية عن عجز ا ولغيا ب اراد ة ثورية او لحسابات سياسية ستظهر في تاريخ تونس أو ربما لأول مرة في التاريخ المعاصر جدلية من نوع جديد تختزن بطبيعتها ما يعجز التونسي بعفويته علي تصوره عودة التجمع بكل وساخته وفساده في جبة نداء الداهية " وتقمص صورة «يا محرر لبلاد" باستغلال صورة الحنين الي الأب عند المسنين وصورة محرر المرأة عند النساء.
اما الطرف الثاني في هذه الجدلية التي تؤكد تناقضا ظاهريا مطلقا ولكنها تبطن نوعا من التساوق المذهل هو السلفية الجهادية أو الاٍرهاب، فبقدر ما يُذٓبِحُ الاٍرهاب وبوحشية احرار تونس وحماتها بقدر ما يتم استغلال دمهم بكيفية مقززة سياسيا. والشهداء طبعا في قاموس ساكن قرطاج ومالكي سلطة الصورة ليسوا سواء ان قيمة استشهادهم ليست من قيمة شجاعتهم وصمودهم ولكن من قيمة مدي استغلالهم من قبل الاعلام سياسيا فالثورة في تونس لم تأكل ابناءها كما هو حال كل الثورات بل الثورة في تونس اما انها وأدت او ركنت تسترد انفاسها لان عفويتها وعفتها اصطدمت بواقع التزييف والنفاق الي درجة ان الحرية التي وكما يصنفها سارتر هي ماهية الانسان أصبح يسوق لها على انها لعنة ,فالقطيعة مع باجي نداء التجمع بين الاجتماعي والسياسي بلغت حدا لا يمكن التغافل عنه واستدراج العامة بالملهاة المهزلة وبمزيد من الفساد لتجاوزه بوعود كاذبة وتسويف للحقيقة بل ابعد من ذلك ان السياسي يتعمد فعلا تجاهل الاجتماعي الي حد التلذذ بصرخته وعذابه اذ كيف نفهم اسرار السلطة على التلاعب بالمال لعام والتشريع للنهب وتبييض الفاسدين فالمنظومة القائمة في البلاد ميؤوس منها فالقضاء "ذاته أفسد عنصر في ا البلاد"
فالفساد في تونس ألوان فساد" اسود" يختطف كما الأفلام المافوزية ويقع الحجر علي امواله ومصادرتها حتى قبل ان يعرض على القضاء وفساد ابيض لا يمكن الاقتراب منه حتى لا نخدش عفته وبكل بساطة ولكن وبكل مرارة تحولت تونس الثورة من فساد الشفافية الي شفافية الفساد فمع باجي النداء الكل مباح وبالقانون :
« Dans cette assignation d'un « propre » impropre, nous pouvons reconnaitre une forme bien spécifique d'exclusion de l'impur ».
فهل المسالة تتعلق بمجرد خطأ السياسي في تقدير حقيقة وجوهر هذا الفساد أم انها تتجاوز ذلك لتكشف لنا عن نمط تفكير كلياني واحد قدر لتونس ان تعيشه منذ أكثر من ستين سنة فهناك تونس الصورة التي ترصد المليارات لتسويقها وتونس الواقع التي يقهر فيها الفقير ويحرم المسكين ويهان ولا يطبق فيها القا نون ذلك لان قوة القانون انكسرت امام قانون القوة والمحسوبية والرشوة منذ نشأة الدولة فالدستور في تونس فيه كل ما تريد الا القانون !
فالتاريخ وبعد سبعة سنوات من الثورة يعيد نفسه وبكيفية أبشع وأفظع بل وفي شكل مهزلة تامة الاركان فمأساة تونس الأزلية هي الاعلام فالعقلية الاعلا مية في تونس محنّطة انها تعاقدت مع كل انواع الشياطين لتكون دائما ضد مصلحة الشعب ان الثوار والشهداء قدموا ارواحهم من اجل اخراجهم من كهفهم ولكنهم لم يستطيعوا لوساختهم البقاء طويلا خارجه لان شمس الحقيقة تفضحهم لذلك لا غرابة البتة في شطحاتهم فهم من طبيعة النظام قلبا وقالبا.
"سحقا لمن سبقونا فقد قالوا أقوالنا "وبدون ان يعايشوا معاناتنا او يقاسموننا أوجاعنا، ان معظم الأنظمة لديكتاتورية أو التي تحمل جِنات ِالاستبداد و الفساد عندما تصل الي عنق الزجاجة و تستنفذ كل طرق الملاعبة والتسويف و تفقد شرعية وجودها بفقدان ثقة شعوبها لا يبقي لها سوي خيارين لا ثالث لهما فأما تصدير الأزمة باختلاق ازمة خارجية أو اتباع سياسة الهروب الي الامام وبالتالي تجد متنفسا ومتسعا من الوقت لإعادة هيكلت أولوياتها بنفس النية والقصد والغاية ,فتحركات النظام الأخيرة مخيفة فعلا اذ يعمل وفق اجندة ، خصائصها سرعة التحرك والمفاجأة والمباغتة غايتها الظاهرة هي الارباك و لكن ارباك مِنْ اذا كان الهدف هو ا رباك الشعب فهي مصيبة كبري لسببين الاول ان يكون شعار اخترت تونس هو بمثابة شعار لا ظلم بعد الْيَوْمَ و لا رئاسة مدي الحياةً ولولا اولاد الثورة لظل جاثما على أنفاسنا الي الْيَوْمَ ,اما السبب الثاني وهو الاخطر ان يكون مخططا متكاملا ينفذ علي مراحل يبدأ بالكلاب الخشنة (الفساد الاسود) فالكلاب المدجّنة( حثالة الاعلام) ثم كل الذين رفضوا ان يكونوا كلاب حراسة وهنا المأساة الكبرى و المقولة التي تلخص الأحداث الدائر ة في تونس الْيَوْمَ هي Quand c'est flou, c'est qu'il y a un loup "
ولكن بيان قد اخترت تونس هل هو بيان السابع المحرقة لسنة 2017 هل هو عملية انتقائية وفِي جوهرها هي صراع لوبيات تتحرك وفق قِناعات لا قَناعات ولكن الشعب صدق البيًّان وكانت كلمة واحدة "اخترت تونس" كافية لتقلب كل الموازين وتسحب البساط من كل الأحزاب فبعدما كانت تنادي بعزل الشاهد والمناداة لانتخابات مبكرة أصبحت في صراع للتهليل والمباركة وتقديم قرابين الطاعة والولاء.
اخترت تونس وبنفس الطريقة كما صدق الشعب بيان السابع منذ ثلاثون سنة صدق الكلمة علي اتها البلسم ,فدولة النسق بأعمالها واعلامها استبطنت كل ما هو نتن في السياسة ووضعته على قارعة الطريق حتى يمقت التونسي الساسة والسياسيون لذ لك لا بد من وقفة تأملية بناءة تحرر تونس من أيدي ساسة الفساد تبدأ بإعادة هيكلة الاحزاب التي تؤمن بالدولة التي مبتغاها وغايتها القصوى ضرورة هي الحرية والشفافية الحقيقية باعتبارها الحل العملي الوحيد لتوجيه البوصلة صوب الرهانات الفعلية :
« Démolir ce qui existe ، non par amour des décombre, mais par amour du chemin »


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.