نصرالدين السويلمي "لا يمكن الحديث عن التصريحات الجانبية والتخمينات..نحن مسؤولون أمام الوطن وأمام الشعب التونسي.. ومسؤولون على أقوالنا أمام العدالة.. ولذلك التصريحات الجانبية وكل التخمينات والتصورات لا نستطيع الخوض فيها إلا بوثائق ثابتة"!!!! أي نعم هكذا جاء الرد المزلزل من وزير الداخلية على احد اعوانه، هكذا رد الرجل الاول في البناية الرمادية على الرجل الالف او العشرة آلاف في السلم الوظيفي، هكذا عادت هيبة المؤسسة الأمنية كما عادت هيبة البرلمان الذي احتضن حيثيات الفضيحة وعاش فصولها، هكذا خففنا من تداعيات الفضيحة ولم نتفوق كثيرا على شطحات احمد موسى وعمر اديب، هكذا نكون تعادلنا في فضيحتنا مع عائلة الشريف وولدها العاق. فيما طارت وسائل الاعلام بخبر النفق، ونسبت بعض المواقع العربية الخبر للدولة التونسية "اكدت الدولة التونسية.."خروج وزير الداخلية المسؤول الاول على المؤسسة الامنية ليس ليطبق القانون على عونه ولا ليجزره ولا ليصحح ما قاله بلا تلعثم، ابدا! خرج علينا بخطاب يذكرنا تماما بالدبلوماسية الحذرة الناعمة المرنة بين الدول الشقيقة والصديقة وربما العشيقة، لم يقل براهم ان التصريحات مسيئة لهيبة المؤسسة وسننضر في كيفية ضبط الخطاب الامني ليتجانس وهيبة الدولة والانتقال الديمقراطي والحرية التي انتزعها شعبنا ودفع من اجلها الدماء النفيسة، بل اكتفى بعبارات ناعسة مثقلة تبدو خرجت مغصوبة حتمتها تداعيات الفضيحة. ليس لخطاب وزير الداخلية من خصلة غير انه انقذ شخص لطفي براهم من مصير لطفي العماري، وجنب تونس مصيبة لطفي انفاق "2"، ماعدا ذلك اختلف الكثير حول تصريحاته، منهم من اكد انها الحد الادنى امام تغول النقابات ورغبة الوزير في الابقاء على حبال الود معها لغاية في نفس لطفي لم يقضها بعد، ومنهم من قال ان الصمت كان احفظ لماء وجه المؤسسة الامنية. في الاخير يبدو ان الكثير من مؤسسات الدولة تحتاج الى مراجعة الابجديات التي تتطلبها المهمات الرسمية ، والتي على راسها توحيد الخطاب وتفعيل مهمة "ناطق رسمي" في كل الوزارات والمؤسسات المعنية، ومن العبث ان تبقى وزارة مفصلية ودقيقة ومكبلة بإرث طويل من القمع، خارج دائرة الخطاب المضبوط. وعلى الشعب التونسي وقواه الحية والمخلصة ان يتفطنوا للعبة مستجدة باتت تستعملها بؤر الثورة المضادة، بعد سلسلة الفشل والنكبات التي منيت بها، تلك هي لعبة التمييع ونزع الهيبة والزج بالبلاد في اتون سلوكات وخطابات صبيانية كاريكاتورية، لوضع المواطن المرهق بالتجاذبات امام صورتين، الاولى تقدم دولة مشدودة مهيبة دون الافصاح عن تكاليف ونوعية الهيبة، والثانية تروج لصورة دولة هزيلة هزلية مهزلة، لا تصدر فيها السلوكات الكوميدية الكوميكية من شخصيات ومؤسسات هامشية وانما من شخصيات "الهرم" ومؤسسات هامة ترتقي الى مستوى مؤسسة سيادية.