- تواصل اختلاف الآراء وتباينها بين الكتل النيابية وبين أعضاء الكتلة الواحدة حول منح الثقة من عدمه لوزير الداخلية المقترح هشام الفوراتي، خلال النقاش العام حول هذه المسألة في الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب المنعقدة بعد ظهر اليوم السبت بقصر باردو. فقد أكدت النائبة هدى سليم عن كتلة الحرة لحركة مشروع تونس التي كانت أعلنت في بيان لها اليوم عن "النأي بنفسها عن الاصطفاف وراء هذا الشق أو ذاك من أطراف الخلاف"، أنها ستصوت لمنح الثقة للوزير المقترح "إيمانا بالدولة وخوفا على البلاد ومن منطلق الإيمان بأن وزارة في حجم وزارة الداخلية لا يجب أن تبقى في حالة فراغ"، قائلة أن منح الثقة "ليس صكا على بياض" وأن هذه "الثقة يشوبها الكثير من الشكوك والخوف على مصير البلاد ومستقبلها". وفي المقابل، أكدت النائبة عن نفس الكتلة رابحة بن حسين أن كتلة الحرة لن تصوت لفائدة منح الثقة للفوراتي، مشيرة إلى أن رئيس الحكومة لم يذكر أسباب إقالة وزير الداخلية السابق، لطفي براهم، والحال أن عددا من الوزراء في الحكومة فشلوا في مهامهم ولم يتم إعفاؤهم. وذكرت بن حسين بأن كتلة حزبها كانت قد منحت الثقة لحكومة يوسف الشاهد على أساس أنها كانت حكومة وحدة وطنية، مبرزة أن هذا المعيار أصبح مفقودا، واعتبرت أن عرض الوزير المقترح في هذا الجوّ المشحون من شأنه أن يزيد في تفاقم الأزمة . واعتبر النائب كريم الهلالي عن حزب أفاق تونس الذي كان مكتبه السياسي قرر عقب اجتماعه مساء أمس الجمعة "مقاطعة جلسة منح الثقة لوزير الداخلية المقترح"، أن عرض أعضاء الحكومة المقترحين على مجلس نواب الشعب "بدعة" تؤثر على العمل الحكومي، وبين أن التصويت على منح الثقة للوزير المقترح هو "تصويت لفائدة أمن تونس واصطفاف وراء أمن التونسيين"، وفق قوله. وقال النائب منجي الحرباوي (نداء تونس) "لن نصوّت لتعيين لم يستشر فيه رئيس الجمهورية"، معتبرا أن "ما تعيشه البلاد من أزمات هو نتيجة النظام السياسي الهجين الذي لا يضمن الاستقرار. " وذكر النائب عن كتلة حركة النهضة محمد بن سالم بقرار كتلته تزكية الوزير المقترح هشام الفراتي باعتباره من "أبناء الوزارة وبعيد عن التجاذبات والانتماءات السياسية". وقال النائب عن نفس الكتلة ماهر مذيوب، أن التصويت للوزير المقترح هو "تصويت للإدارة التونسية وانتصار لها، مشيرا إلى أن الفوراتي "إنتاج خالص للإدارة التونسية التي بقيت تعمل في أحلك الفترات". واعتبر النائب فيصل التبيني(من غير المنتمين)، أن "التصويت على سد الشغور في وزارة الداخلية لا يصح نظرا إلى أن الشغور يطال الحكومة برمتها"، حسب تعبيره. وقال "الحكومة غير موجودة.. فالحكومة التي يغتال فيها الأمن ولا يجد فيها المواطن الماء والدواء والضروريات ليست حكومة"، على حد تعبيره. وأكد التبيني أنه لن يمنح الثقة للوزير الجديد لأنه غير معني بصراع سياسي بين أطراف من حزب النداء، وقال مخاطبا رئيس الحكومة "إذا لم تتحصل اليوم على الثقة أطالبك بالاستقالة وأطالب الحكومة بالرحيل". ولاحظ النائب يوسف الجويني(الوطني الحر)، أن "سد الشغور والحفاظ على مؤسسات الدولة هي أولوية" وأنه "من غير المقبول أن تظل وزارة في حجم وزارة الداخلية دون وزير". ومن جانبه، قال النائب عن الكتلة الوطنية وليد جلاد، في "الوقت الذي نطالب فيه بتحييد وزارة الداخلية عن التجاذبات السياسية، نجد أنفسنا في قلب هذه التجاذبات ولا أحد يناقش كفاءة الوزير المقترح"، متسائلا عن العلاقة بين منح الثقة للوزير ومنح الثقة لرئيس الحكومة". وقال النائب شفيق العيادي(الجبهة الشعبية)، "كنا نود أن لا يكون وزير الداخلية المقترح محور صراع بين الأطراف السياسية"، والنائب زياد الأخضر عن نفس الكتلة، أن "رئيس الحكومة ملزم بالتوجه إلى مجلس نواب الشعب لتجديد الثقة في حكومته"، داعيا إلى "حل مشاكل حزب نداء تونس الداخلية والصراعات والتجاذبات التي يعيشها بين أطراف هذا النزاع بعيدا عن مصالح الدولة ومؤسساتها". واعتبرت النائبة هاجر بالشيخ أحمد(كتلة الولاء للوطن)، أن رئيس الحكومة "تحمل مسؤوليته واقترح عضوا لمنصب وزير الداخلية، وقطع الطريق بالتالي أمام كل المحاصصات الحزبية والحسابات السياسوية"، متسائلة "ما هو البديل للرافضين للوزير المقترح والبلاد لا يزال يهددها الإرهاب؟". الجزء الثاني من النقاش تواصل الجدل، في الجزء الثاني من النقاش العام في الجلسة المنعقدة اليوم السبت في مجلس نواب الشعب حول منح الثقة من عدمه لوزير الداخلية المقترح هشام الفوراتي، إذ تباينت آراء نواب الشعب بين مؤيد للتصويت لفائدته وبين معترض على ذلك. وفي هذا الصدد، شدّدت النائبة عن الكتلة الوطنية، صابرين القوبنطيني على أن التجاذباب السياسية والأزمة التي تعيشها البلاد توفّر فرصة للجماعات الإرهابية ما يستدعي الحسم في مسألة منح الثقة لوزير الداخلية المقترح والنأي بالمؤسسة الأمنية عن كل المهاترات السياسية، مضيفة أن تصويت كتلتها اليوم هو تصويت للوطن وللدولة، ومؤكدة أن الكتلة الوطنية ستمنح الثقة للوزير هشام الفوراتي. وذكر النائب عن حركة النهضة، حسين الجزيري في مداخلته أن حركته "تتعامل بعقلانية مع الدولة ومع الديمقراطية المفتوحة وليس بنزعة فردانية وديكتاروية" مضيفا أن الديمقراطية الفتية التي تأسست في تونس لا تحتاج إلى وصاية وهي تواجه تحديات عديدة على مستوى مسائل هامة على غرار الحكم والاقتصاد والأمن والحريات الفردية والاجتماعية. وأشار إلى أن حضور ما يقارب عن 180 نائبا منذ بداية الجلسة يدلّ على حضور الشعب من خلال ممثليه في البرلمان لتقديم المصلحة الوطنية على كل مسألة أخرى. ومن جهته، اتهم النائب عن الكتلة الديمقراطية عماد الدايمي، رئيس الحكومة "بمغالطة الرأي العام لأنه لم يأت إلى المجلس للحصول على ثقة لحكومته وإنما قام بعملية حسابية ملتوية، إذ كان من المفروض أن يتقدم إلى المجلس ويطلب تجديد الثقة في حكومته، غير أنه آثر أن يتستّر وراء مسألة منح الثقة لوزير الداخلية المقترح"، على حد قوله. وأشار إلى أن الكتلة الديمقراطية لا يمكن أن تكون طرفا في "معركة السيطرة على الحكم"، مطالبا التحالف الحاكم بإيجاد حل لمشاكل التونسيين على غرار انقطاع المياه وعدم توفر الدواء، معتبرا أن الحكومة لم تحقق انتصارا استراتيجيا، وفق تقديره. أما النائبة عن حركة نداء تونس، أنس الحطاب، فأكدت أن الشغور لا يمكن أن يستمر حتى لا يمكن استغلاله من قبل كل من أراد سوءا بهذا الوطن، مثمنة دور رئيس الجمهورية في العمل على تحقيق الاستقرار وفق منطق هيبة الدولة، والتوجه الى تحقيق التوافق في الأمور المصيرية التي تهم هذا الوطن، معتبرة أن المهاترات السياسية لا تعني حزبها في شيء وأن كتلة نداء تونس اختارت أن تمنح الثقة لوزير الداخلية المقترح وفي ذلك رسائل إيجابية لكل المواطنين ولكل أسلاك الأمن والكفاءات التونسية القادرة على تسيير هذه المرحلة. وختمت بقولها " "لا للمحاصصة الحزبية فنحن مطالبون بمراعاة المصلحة الوطنية والكتلة اليوم تصنع الفارق في مثل هذه اللحظات التاريخية". وأوضح النائب محمد الفاضل بن عمران عن كتلة نداء تونس أن التوجّه في الكتلة كان يرمي إلى عدم منح الثقة لوزير الداخلية المقترح، هشام الفوراتي، ليس لشخصه لأنه جدير بالاحترام ولكن بسبب ما وصفه ب "الانحراف بالإجراءات الترتيبية التي تسبب فيها رئيس الحكومة". وتابع "نحن لم نستشر في الكتلة عن تعيين وزير الداخلية مع أن رئيس الحكومة ينتمي لهذا الحزب، ولكننا آثرنا، بتوجيه من رئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي، أن يكون الوطن قبل الأحزاب لذلك سنصوت لمنح الثقفة للوزير المقترح، إذ لا ولاء إلا للوطن". وقال النائب عن حركة الشعب، سالم الأبيض إن المناقشة التي يقدمها حزبه هي مناقشة جدية وليست مجرّد مزايدات سياسية انطلاقا من بوابة المصلحة الوطنية. وأضاف "يبدو أن الصراع السياسي هو صراع بين رئيس الحكومة ونجل رئيس الجمهورية لتعود المقاربة العائلية القديمة لتطفو على السطح من جديد". وانتقد ما وصفه ب "المقاربة العائلية في السلطة" التي تقوم على الصراع من أجل الحكم لينجر عنها مشاكل عدّة لا تخدم الاستقرار السياسي على غرار انزلاق الدينار وارتفاع المديونية والتضخم وعجز الميزاني التجاري وعدم توفير المواد الأساسية كالأدوية وغيرها من المسائل التي يعاني منها المواطن في حياته اليومية. ولفت انتباه رئيس الحكومة الذي كان قد أعلن حربه على الفساد إلى أن "الفساد يتجول داخل أروقة الحكومة"، متهما إياه بأنه لا يحرّك ساكنا. ودعا في هذا السياق الى فتح ملف المتسشارين الذين يتقاضون امتيازات غير قانونية، وفق قوله، وإلى العمل على توفير التسهيلات للمشاريع التنموية الكبرى والتخلي عن البيروقراطية العقيمة التي تعرقل مثل هذه الاستثمارات. يذكر أن النائب الأول لرئيس مجلس نواب الشعب، عبد الفتاح مورو، تدخّل خلال الجلسة ليعلم الجميع أن رئيس البرلمان، محمد الناصر قام بتوجيه برقية عاجلة لكافة النواب للنظر في عقد جلسة عامة استثنائية للنظر في انتخابات رئيس الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات.