- "إننا نقتسم مع تونس هاجس بناء مجتمع مستنير ديناميكي منفتح يترسخ فيه الفعل الثقافي كأهم أدوات دحض الجهل وتحرير الفكر ودعم الإبداع" هكذا تحدثت سفيرة المملكة المغربية بتونس لطيفة أخرباش، مساء السبت في سهرة افتتاح الأيام المغربية بتونس لسنة 2018 التي حضرها بالخصوص كل من وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين ووزير الثقافة والاتصال المغربي محمد الأعرج وعدد من السفراء وممثلي البعثات الديبلوماسية المعتمدين بتونس وكوكبة من أفراد الجالية المغربية بتونس وقدماء الطلبة التونسيين بالمغرب وممثلي وسائل الإعلام. واعتبرت في كلمة الافتتاح الذي أقيم بمدينة الثقافة، أن التبادل الثقافي يعدّ "في قلب العلاقة المتميزة التي تربط البلدين" قائلة "لنا من المثقفين والمبدعين والمفكرين ما يتيح لنا أن نكون أكثر إقداما على إثراء المشترك الإنساني بموروثنا وثقافتنا الحية". وبيّنت في تصريح ل"وات" أن هذه الأيام التي تقام "احتفاء بالثقافة وحسن الجوار" ستساهم في تعزيز التقارب بين الجانبين وهذا لا يقتصر فقط على تخصيص لقاءات لتذوق الأكلات التقليدية، وفق قولها، "بل هي مناسبة للتفكير المشترك والحوار الحر وبحث مسائل اقتصادية تهم البلدين"، مشيرة إلى تنظيم مائدة مستديرة يوم 19 أكتوبر حول "آفاق المبادلات الاقتصادية بين المغرب وتونس، والمعيقات التي تحول دون تطويرها وتنويع مجالاتها"، ستشهد حضورا رفيع المستوى بمشاركة ممثلي منظمات أرباب العمل في البلدين وثلة من الفاعلين الاقتصاديين والناشطين في المجتمع المدني. وأشارت في السياق ذاته إلى أن هذه التظاهرة خصصت العام الفارط مائدة مستديرة حول التربية على حقوق الانسان في البلدين. وبخصوص الحفل الفني بينت أنه تم اختيار مجموعة جيل جيلالة الذائعة الصيت لسهرة الافتتاح "لأنها مجموعة متميزة نجحت لمدة أكثر من أربعين سنة في تقديم الفن الرفيع كلمة ولحنا ومضمونا وهو فن راق يتماشى مع ما أحرزته تونس من تقدم على مستوى الانتقال الديمقراطي". وفي تصريح للإعلاميين اعتبر وزير الثقافة والاتصال المغربي محمد الأعرج أن الثقافة "مرتكز أساسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ووسيلة لتثمين العلاقات بين البلدين"، مضيفا أن هذه الأيام ستقرب الشعبين أكثر وتُطلعُ التونسيين عما تشهده المملكة المغربية على مستويات ثقافية متعددة من مسرح وموسيقى وأدب. وأشار إلى ارتباط الثقافة بحرية التعبير والابداع وحرية التفكير، مبينا أنها "مرتكز أساسي لتعزيز الديمقراطية". وأعرب بالمناسبة عن إعجابه بمدينة الثقافة هذا الصرح الذي يأتي ليعزز المكاسب الثقافية في تونس والذي "من شأنه أن يعطي دفعا نوعيا في المجال الثقافي". وشدد وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين على أهمية التواصل الثقافي والإبداعي بين البلدين وعلى قيمة الموروث المغاربي العربي والاسلامي المشترك، معتبرا في تصريح لوسائل الإعلام أن الأيام المغربية بتونس "فرصة لتعزيز العلاقات بين البلدين وتجديد الفعل المغربي والتونسي المشترك". وقال إن "مقومات العمل بيننا تعتمد الثقافة كمنطلق إنساني ومجتمعي للتنمية الفكرية والاجتماعية والابداعية في مناخ من الحرية والديمقراطية"، مشيرا إلى أن "حرية الإبداع لها علاقة بمناخ الحرية والديمقراطية من أجل تنمية الحياة الاجتماعية والسياسية بصفة عامة". وعلى مدى قرابة ساعتين قدمت فرقة جيل جيلالة للجمهور، الذي غصت به قاعة مسرح الجهات بمدينة الثقافة، أشهر الأغاني ذات الطابع الأندلسي والأغاني الشعبية المغربية التي عرفت بها المجموعة منذ تأسيسها وتناقلتها الأجيال على مدى 46 سنة بدءا بأغنية "سلام عليكم" الى جانب "إلى ضاق الحال" و"داويني" و"ياعربي يا مسلم امتى ناوي تفهم" و"كن مع الله" والى جانب الأغنيتين الشهيرتين "شمعة" و"الكلام المرصع" اللتين طالب الجمهور مرارا بالاستماع إليهما وشارك المجموعة في أدائهما فتحول جل الحاضرين الى كورال لفرقة جيل جيلالة وسط أجواء فنية ممتعة وتناغم رائع. واختتمت السهرة بتقديم أغنية "العيون عينيا" التي تفاعل معها بشدة أفراد الجالية المغربية ورقصوا على أنغامها رافعين علم بلادهم. مجموعة جيل جيلالة المتكونة من خمسة عازفين على آلات وترية وأخرى إيقاعية منها "القمبري" و"الدف المغربي" و"البانجو" و"الوتر" وال"طمبور"، غنوا على مدى سنوات للمهمشين وللوطن ونقلوا عبر الكلمة المعبرة والهادفة والجريئة وعبر اللحن العذب والموزون مشاغل وهموم الشعب، نقلوا عبر فنّهم قضايا الفقر والتهميش والغربة وغنوا للحب والسلام أغاني خلدت اسم هذه المجموعة وجعلتها بمثابة العلامة المميزة للمغرب على المستوى الموسيقي. وتتواصل الأيام المغربية بتونس إلى غاية يوم 30 أكتوبر الحالي، والى جانب المائدة المستديرة المذكورة تقدم هذه التظاهرة يوم الأربعاء 17 أكتوبر بمسرح الأوبرا (مدينة الثقافة) مسرحية "مقامات بديع الزمان الهمذاني" عن نص لأحد أبرز رواد المسرح المغربي والعربي المبدع الراحل الطيب الصديقي، تقدمه الفرقة المغربية "لحظة للمسرح" برئاسة المسرحي والسينمائي المغربي محمد زهير. ويسدل الستار على الأيام المغربية بتونس لسنة 2018 بتقديم عرض فني للموسيقى الكلاسيكية مساء 30 أكتوبر بفضاء الأكروبوليوم بقرطاج وهو عرض مشترك مع مهرجان الأكتوبر الموسيقي، يقدمه الثالوث المغربي "روح المغرب" المتكون من لينا برادة ومحمد الهشومي وأنور السعيدي.