استطاعت عفيفة ميلادي، ان تلفت الانظار في معرض "مذاقات " للمنتوجات الغذائية التقليدية المتواصل بالقرية الحرفية بالدندان بمنتوجاتها ، وان تلقى اقبال الزائرات، اللواتي ظللن يطرحن الاسئلة حول كيفية استعمال مستحضراتها ،والاستفادة من منافعها الطبيعية . بلباقة في الحديث عن قصة مستحضراتها، وبمعلومات علمية عن اسرار المواد المستعملة وفوائدها،ونشأة حرفتها منذ 2015، شدت انتباههن ، وقامت بتجربة بعضها على وجوههن واياديهن ممسكة بمرآتها التي انعكست عليها ابتساماتهن العريضة ... ... حولت عفيفة المقيمة ببريطانيا ، تجربتها في العلاج من مرض سرطان البنكرياس،بحليب الابل(النوق) حسب روايتها، الى حرفة نبشت في مكنوناتها واسرارها، من تاريخ الجدّات في جرجيس ومختلف مناطق الجنوب التونسي،واستنبطت من عادات ضاربة في القدم ، تجمع بين الحليب، والزيوت المستخرجة من الاعشاب الطبيعية، مستحضرات طبيعية .. تقول ان اصابتها بالسرطان في1997 ، وشربها حليب "النوق" في مسقط راسها بجرجيس، ساعدها اضافة الى العلاج الطبي ،على الشفاء من المرض نهائيا واسترجاع عافيتها، كما روادتها فكرة بمواصلة استعماله في التخلص من اثار العلاج الكيميائي على شعرها وبشرتها . من آلام المرض ، فجرت عفيفة طاقة ابداعها، واستوحت من تجربتها مسارا ملهما ، انطلق بالنبش في ذاكرة المكان، من خلال حديثها مع عجائز المنطقة حول استخدمات ذلك الحليب في العناية بالبشرة والشعر، وطرق استعماله مع الزيوت الطبيعية. جمعت الميلادي تلك الاسرار ، ثم شدت الرحال الى الهند واستراليا والاردن ، اين واصلت نهل مزيد الاستخدمات البدوية لذلك الحليب ومختلف الزيوت الطبيعية، هذا مع التمكن من طرق حفظه التقليدية ،على اعتبار سرعته في التخمر .. لم تكتف بما جمعته من معلومات ، بل قامت بدورات تكوين ، وعدة تجارب وتحاليل، في بريطانيا (بلد الاقامة) ، واستطاعت ان تستعمل حليب النوق كمادة اساسية في استخراج مراهم للترطيب والتبييض، وغسول للتنظيف ،وصابون، واقنعة، وشامبو، وبلسم . آمنت الميلادي ،وفق قولها، باهمية تلك المادة الطبيعية وفوائدها الصحية، والتجميلية، اذ تضمن نضارة البشرة، لاحتوائها على مجموعة من الدهون الصحية، ومضادات الأكسدة، والمواد المغذية الأخرى للبشرة المضادة للشيخوخة . فهو غني، حسب رايها، بفيتامين "س" المساعد على تحفيز إنتاج الكولاجين، وهوالبروتين المسؤول عن إعطاء البشرة قوامها اللين الناعم ، والإيلاستين، المحافظ على مرونة الجلد ، ويقوم ايضا بعلاج العديد من مشاكل البشرة مثل الحبوب والبثوروازالة البقع الداكنة عن الوجه. للجمل ، ذلك الحيوان الصحراوي الذي يتغذى على الاشواك و الاعشاب والكلأ ،ارتباط وثيق بذاكرة عفيفة ، وصور متعددة عما غنمه اجدادها من منافعه، ومن استعمالاته المتنوعة للحمه المتميز بقيمته الغذائية العالية. هذا اضافة، لشحمه الذي يذوّب ،ويخلط بالعسل لعلاج عديد الامراض، وحليبه الذي تعتبره عفيفة مفيدا للمصابين بالتوحد ، وحتى جلده الذي استعمل لصنع الاحذية.. استفادت منه عفيفة في تمازج ، مع نباتات محيطه الصحراوي الغني ايضا بالمنافع، لتستفيد من الزيوت الطبيعية المستخرجة منها فتخلطها للاستفادة من مكوناتها ، او لاضفاء نكهات خاصة على الصابون واو الغسول او المراهم المتنوعة. تحمل عفيفة اعتقادا راسخا بان "وراء كل عشبة نابتة حكمة ثابتة" وان في قلب كل جمل ، أمل يختلج وفرج يلوح من بعيد، ففي مقاومته وتلك النباتات، الظروف المناخية واحتباس الامطار، مصدر استلهام للقوة والصبر.. وتتعتبر ان استطاعت من تجربتها الملهمة، ان تستنبط "ماركة اوريزان " خاصة بها مستمدة من العادات العكّارية بجرجيس، وان تعرض منتوجا ، يلقى رواجا كبيرا في تونس وفرنسا والكويت وليبيا، وقادرا على ان يساهم في مزيد اشعاع الصناعات التقليدية التونسية. يشار الى ان عفيفة استقرت بالعاصمة ، بعد هجرتها منذ سنوات الى بريطانيا ،وبعثت مشروعا للمستحضرات التجميل المستخرجة من حليب النوق والنباتات الطبيعية، على اعتبار سهولة الحصول على حليب الابل كمادة اولية واساسية لمنتوجاتها المرتبطة ارتباطا وثيقا بالتقاليد التونسية .