تابع جمهور مدينة الحمامات، في سهرة أمس الجمعة، العرض الموسيقي "مزيج" للفنان زهير قوجة، وذلك ضمن فعاليات الدورة السادسة والخمسين لمهرجان الحمامات الدولي. عرض "مزيج"، امتزج فيه التراث الموسيقي للجنوب الغربي والوسط والشمال والشمال الغربي التونسي بتوزيع جديد اندمج مع الموسيقى الإلكترونية. وهو أيضا مزيج بين موسيقى السطمبالي والأنماط الموسيقية التونسية الأخرى كالتي تتميز بها جهة الكاف وقفصة وتوزر، وهي أنماط بدت غير مألوفة لدى عامة الناس وتكشف عن مجهود في البحث عن مختارات من التراث الموسيقي التونسي بمختلف أنواعه. ... وعمل زهير قوجة ومجموعته على إخراجها والتعريف بها، "فمن طبيعتي دوما البحث في الأنماط غير المألوفة وأعيد تقديمها للناس والموسيقى الجاهزة والمستهلكة لا تستهويني"، هكذا عبّر زهير قوجة، وهو باحث أيضا في التقاليد الموسيقية التونسية والمغاربية، عن دوافع ميلاد هذا العمل. ويتحدث قوجة عن هذه التجربة، فيقول إنها تبلورت في المركز الثقافي الدولي بالحمامات "دار سيباستيان"، بعد تنظيم إقامة فنية تضم عدة أنماط موسيقية متنوعة. وانبلجت الفكرة عن الإقامة الفنية وتطورت إلى مشروع نتج عنه هذا العرض. ويرى أن الموسيقى التونسية ثرية ومتنوعة معتبرا أن "لا وجود لموسيقى تونسية بل توجد أنماط موسيقية مختلفة في تونس". ولم يكن "مزيج" عرض امتزجت فيه الأنماط الموسيقية التونسية فحسب، بل إنه كان أيضا مزيجا بين الآلات الموسيقية التقليدية كالقمبري والشقاشق و"الجامبي" والطبل والزكرة والمزود والقصبة الشاوية، والآلات الموسيقية الالكترونية كالغيتار والغيتار باص والأورغ، بل إن زهير قوجة ذهب إلى أبعد من ذلك بكثير فأدخل آلة العود التونسي لعزف إيقاعات السطمبالي، فهو يؤمن أن لا فرق في العزف على آلة القمبري أو آلة العود التونسي سوى من حيث الموسيقى التي تصدر عن الآلتين. ويُضيف أيضا أن الآلتين تشتركان في عديد الخصائص كضبط التعديلات وعدد الأوتار، حتى إن عازف العود مثلا لن يجد صعوبة في العزف على القمبري. ويعتقد زهير قوجة أيضا أن "آلات موسيقى السطمبالي هي من أقدم الآلات في تونس وهي لم تأت مع تجارة الرقيق". ودعا إلى "إعادة إصلاح المفاهيم الموسيقية التي طمستها السياسة"، على حد تقديره. أما في ما يتعلق بمحتوى العرض "مزيج" فقد كان خليطا من الأنماط الموسيقية التونسية، وهو يعكس التنوع الثقافي اللامادي للبلاد التونسية. كما تصوّر مقاطع الموسيقى جانبا من العادات والتقاليد كحفلات الأعراس والمناسبات الدينية وغيرها، وهو ما يتجلّى في طابعها الاحتفالي في ظاهرها، أما في مقاصدها فهناك دلالات عديدة منها الحب والسلام والحرية والتعلّق بالأرض. ودام العرض حوالي 90 دقيقة قدّمت خلاله المجموعة الموسيقية باقة من أغاني السطمبالي الروحية مثل "الله يا ربي" و"للا ماليكا" و"إبراهيم". كما جاد العرض على الحاضرين بما تزخر به أقاليم الشمال الغربي والوسط والجنوب الغربي من إيقاعات احتفالية أثارت حماسة الجمهور. تابعونا على ڤوڤل للأخبار