دعا الكاتب حسونة المصباحي إلى تدريس الأدب التونسي شعرا ونثرا في البرامج التعليمية الرسمية، قائلا نحن للأسف غير معترف بنا ومجهولون في بلداننا، وإلا فكيف إلى الآن لا تدرس نصوصنا للأجيال الجديدة، ومازلنا ندرس للتلاميذ شعر جميل بثينة على سبيل الذكر لا الحصر. وقال حسونة المصباحي إنه ينتمي إلى "جيل مظلوم"، موضحا "نحن جيل خائب ولدنا بأمل كبير بعد الاستقلال لكن ها أننا نعيش اليوم الانحدار". واعتبر أنه لا يوجد اهتمام بالمثقفين اليوم في تونس، في حين أن النخبة هي التي من المفروض أن تسير المجتمع وتقود الأفكار. وأشار في السياق ذاته إلى أن الاستشارة الوطنية حول إصلاح نظام التربية والتعليم (التي انطلقت يوم 15 سبتمبر) من المفروض أن يشارك فيها المختصون والقادرون على تقديم الإضافة ولهم رؤية للإصلاح، لا أن تكون مفتوحة للجميع، قائلا في هذا الصدد "نحن نعيش ديمقراطية الغوغاء". جاء ذلك خلال لقاء التأم مساء الجمعة، 22 سبتمبر، بفضاء سينما-مسرح الريو بالعاصمة وهو أول لقاء ضمن المقهى الثقافي للموسم الثقافي الجديد، وقد أداره الكاتب والصحفي نورالدين بالطيب، وخصص للاحتفاء بتجربة حسونة المصباحي الأدبية، وبمناسبة صدور كتابين له مؤخرا هما "أنفاس الصباح" (أفكار وخواطر) الصادر عن دار خريف للنشر، و"ليلة حديقة الشتاء" الرواية الصادرة عن دار نقوش عربية. ... الكتاب الأول هو مجموع مقالات تناول فيها مواضيع مختلفة كتبها خلال فترة إقامته في مدينة الحمامات من 2006 الى 2021 قبل انتقاله الى مسقط رأسه قرية الذهيبات بولاية القيروان حيث قرر الاستقرار حاليا. حسونة المصباحي الذي أقام في مدينة ميونيخ عاصمة مقاطعة بافاريا الألمانية لما يزيد عن ثلاثين سنة، وكتب في أكبر الصحف والمجلات العربية، تحدث في لقاء الأمس عن قيمة المكان والزمان في حياته وفي كتاباته. وحسونة المصباحي، "يعتبر كاتبا مثيرا للجدل، فقد تصدم آراؤه البعض لكن يحسب له صدقه وإخلاصه، فقد أخلص للكتابة ومنحها حياته" هكذا وصفه نورالدين بالطيب في مستهل اللقاء، قبل أن يضيف : "سواء اتفقنا معه أو اختلفنا، فهو أحد علامات الثقافة التونسية ولم ينقطع عن تحريك المياه الراكدة من خلال إنتاجه الغزير والمتعدد بين الرواية والترجمة والمساهمة في الصحافة العربية". اللقاء الذي كان منطلقه الحديث عن الإصدارين الجديدين، كان مناسبة للتعريج على المسيرة الإبداعية لحسونة المصباحي، والاستماع إلى آرائه بخصوص عديد المسائل الأدبية وقضايا الشأن العام. فقد تحدث عن سفراته المتعددة مبينا أنه يسافر ليرى آفاق أخرى لكنه متمسك بالعودة إلى القرية. ولفت إلى انجذابه إلى الكتاب الذين يكتبون عن الأرض وعن زمنهم فتأثير المكان مهم جدا لديه. وأشار الى أنه حاول في روايته الأخيرة "ليلة حديقة الشتاء" أن يصدم القارئ ويخرج عن القوالب المعتادة، فلم يكتف ببطل يرافق القارئ من البداية الى النهاية بل فضل استحضار عدة أبطال من خلال إحياء عديد الشخصيات (أدباء وشعراء ورسامين عالميين) بالعودة الى التاريخ، للتعريف بهم وكشف فصول من حياتهم لمن لا يعرفهم، مشددا على ضرورة أن يكون الكاتب مثقفا وملما بمختلف الفنون. كما تحدث عن هيدغر وفوكو وبلزاك وغيرهم من الكتاب والفلاسفة وأشار الى أهمية الإلمام بكتابات الفلاسفة وأفكارهم خاصة وأن الفلسفة تطرح القضايا الكبرى، ودور الكاتب في نظره هو "الكتابة عن الحاضر من خلال إحياء الماضي"، ولا يكون ذلك إلا بما يتوفر له من خلفية فكرية وفلسفية. وقد مثل النقاش مع الحاضرين من قراء وكتاب وشعراء وباحثين مختصين في الأدب، فرصة للتوسع في عديد النقاط ذات العلاقة بالمشهد الأدبي في تونس وبالكتابة عموما، حيث شدد حسونة المصباحي على وجوب إعمال العقل ومقاومة "التزمت الفكري"، وطرح الأسئلة وزعزعة ما يعتبر "يقينيات" باعتماد العقل والميثولوجيا عند الكتابة، وأكد على أهمية إعادة القراء للكتاب معتبرا أن "دون كتاب، ستنتهي الإنسانية". تابعونا على ڤوڤل للأخبار