وزارة الصحة تُوضح بخصوص التعهد بحالة طبية أثارت تفاعلات وتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي..#خبر_عاجل    عاجل: ما تشربوش من''عين أحمد'' و''عين أم ثعلب'' في تالة!    829 كم في 7 ثوان!.. صاعقة برق خارقة تحطم الأرقام القياسية    خطر تيك توك؟ البرلمان المصري يهدد بالحظر!    عاجل: قرار قضائي يوقف ترحيل آلاف المهاجرين من أمريكا    عارف بلخيرية رئيسا للجامعة التونسية للرقبي لفترة نيابية جديدة    ضيوف تونس: رشيد بارادي (الجزائر): حبّ تونس لا يحصى ولا يعد    الوحدات الأردني يفسخ عقد قيس اليعقوبي    كلمة ورواية: كلمة «مرتي» ما معناها ؟ وماذا يُقصد بها ؟    حماس تكذّب المبعوث الأمريكي: لن نتنازل عن السلاح    معاينة فنية لهضبة سيدي بوسعيد    في نابل والحمامات... مؤشرات إيجابية والسياحة تنتعش    مونديال الاصاغر للكرة الطائرة : ثلاثة لصفر جديدة أمام مصر والمرتبة 22 عالميا    درجات حرارة تفوق المعدلات    اليوم الدخول مجاني الى المتاحف    جامع الزيتونة ضمن السجل المعماري والعمراني للتراث العربي    غازي العيادي ضمن فعاليات مهرجان الحمامات الدولي: ولادة جديدة بعد مسيرة حافلة    تململ وغضب ودعوات للمقاطعة.. 70 دينارا لحم «العلوش» والمواطن «ضحيّة»!    أستراليا تمنع يوتيوب للأطفال: وداعًا للخوارزميات الخطرة؟    لرصد الجوي يُصدر تحييناً لخريطة اليقظة: 12 ولاية في الخانة الصفراء بسبب تقلبات الطقس    الكاف: شبهات اختراق بطاقات التوجيه الجامعي ل 12 طالبا بالجهة ووزارة التعليم العالي تتعهد بفتح تحقيق في الغرض (نائب بالبرلمان)    مباريات ودية: انتصارات لكل من النادي الصفاقسي، النجم الساحلي والاتحاد المنستيري    إيقاف ياسين تشيوكو الحارس الشخصي لميسي ومنعه من دخول الملاعب    مع الشروق :الاعتراف... نصر أكتوبر الجديد    العواصف الرعدية والبَرَدْ جايين الليلة في المناطق هذي، حضّر روحك!    شائعات ''الكسوف الكلي'' اليوم.. الحقيقة اللي لازم تعرفها    قبلي: يوم تكويني بعنوان "أمراض الكبد والجهاز الهضمي ...الوقاية والعلاج"    بورصة تونس تحتل المرتبة الرابعة ضمن قائمة اداء الاسواق العربية خلال الربع الثاني من 2025    قرطاج يشتعل الليلة بصوت نانسي: 7 سنوات من الغياب تنتهي    عاجل: سوبر الأحد..الترجي بغيابات مؤثرة والملعب التونسي يسترجع عناصره    تنبيه هام: تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق..#خبر_عاجل    عاجل/ شبهات اختراق وتلاعب بمعطيات شخصية لناجحين في البكالوريا..نقابة المستشارين في الإعلام والتوجيه الجامعي تتدخل..    عاجل/ الحماية المدنية تُحذر من اضطراب البحر حتى وإن كان الطقس مشمساً..    شراو تذاكر ومالقاوش بلايصهم! شنوّة صار في باب عليوة؟    عاجل/ وزارة الفلاحة توجه نداء هام لمُجمّعي الحبوب وتقدّم جُملة من التوصيات للفلاحين..    زلزال بقوة 6.2 درجة يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    بالأرقام: كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية في عدد من الولايات..    الأحداث السياسية في تونس في أسبوع (من 27 جويلية إلى 2 أوت 2025)    نقابة الصحفيين : مقاطع الفيديو المتعلقة بجماهير المهرجانات والمتداولة ليست لصحفيين محترفين ويجب احترام أخلاقيات المهنة    الإدارة العامة للأداءات تنشر الأجندة الجبائية لشهر أوت 2025..    تحذير: استعمال ماء الجافيل على الأبيض يدمّرو... والحل؟ بسيط وموجود في دارك    وزير التعليم العالي يتدخل وينصف التلميذ محمد العبيدي في توجيهه الجامعي    "تاف تونس " تعلن عن تركيب عدة اجهزة كومولوس لانتاج المياه الصالحة للشرب داخل مطار النفيضة- الحمامات الدولي    اتحاد الشغل يؤكد على ضرورة استئناف التفاوض مع سلطات الإشراف حول الزيادة في القطاع الخاص    أحمد الجوادي في نهائي 1500 متر: سباحة تونس تواصل التألق في بطولة العالم    وفاة جيني سيلي: صوت الكانتري الأميركي يخفت عن عمر 85 عامًا    كيفاش أظافرك تنبهك لمشاكل في القلب والدورة الدموية؟    الفنان "الشامي" يحقق نجاحا جماهريا باهرا ضمن فعاليات الدورة 45 لمهرجان صفاقس الدولي.    جثمان متحلل بالشقة.. الشرطة تكشف لغز اختفاء عم الفنانة أنغام    شنية حكاية ''زكرة بريك'' اللي خوّفت جدودنا؟    الرضاعة الطبيعية: 82% من الرضّع في تونس محرومون منها، يحذّر وزارة الصحة    بطاطا ولا طماطم؟ الحقيقة إلّي حيّرت العلماء    سهرة قائدي الأوركسترا لشادي القرفي على ركح قرطاج: لقاء عالمي في حضرة الموسيقى    تحذير للتونسيين : برشا عمليات قرصنة ... ردّ بالك من التصاور والروابط المشبوهة    القصرين: منع مؤقت لاستعمال مياه عين أحمد وأم الثعالب بسبب تغيّر في الجودة    تاريخ الخيانات السياسية (33) هدم قبر الحسين وحرثه    هل يمكن لمن قام بالحج أن يؤدي عمرة في نفس السنة؟    شنوّة جايك اليوم؟ أبراجك تكشف أسرار 1 أوت!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانحراف الأصولي لالجزيرة
نشر في باب نات يوم 29 - 10 - 2006

تحولت القناة القطرية التي كان يجب أن تبث قيم الحرية والديمقراطية في العالم العربي، شيئا فشيئا الى فرع للاسلامية العالمية.
تدعمت القناة الاخبارية المسترسلة بعد وقت قليل من بعثها سنة 1996 بمهنية صحفييها الذين اكتسب معظمهم أصول المهنة بين 1994 و1996 بعد عملهم للفرع العربي لBBC news القناة الاخبارية التي أحدثت بالشراكة بين المؤسسة السعودية «أوربيت» ومقرها بروما وBBC World service.
ورغم أنها ممولة كليا من قبل آل ثاني العائلة الحاكمة في قطر، فرضت «الجزيرة» نفسها بخطها الطليق، أو التحرري، وأحيانا الوقح غير المعتاد في الاعلام العربي. وقد ساهمت التزاماتها الأولية تجاه الديمقراطية والحرية وحقوق الانسان في العالم العربي وجرأتها في رفع المحرمات وكشف المستور في السياسة العربية، وتنديدها بالسياسة القمعية لبعض الأنظمة العربية في المنطقة، في احتلال حظوة مميزة في الساحة الاعلامية المحلية والعالمية.
وكان بحق مديروها الأولون قد أخذوا على عاتقهم تنوير العقل العربي، أو قيادة العرب الى أنوار الديمقراطية، لكن بعد ذلك تغير بعمق الخط التحريري للقناة وتوجهاتها الايديولوجية والتزاماتها السياسية، فلم يعد اليوم مكان للحديث عن الديمقراطية، والحرية، أو التقدم والعقل.
وتوازيا مع عدم اكتراثها بمنافسة الBBC أو الCNN في الحقل الاعلامي النزيه والمستقل، ضحت «الجزيرة» بنفسها لحصد شعبية «سيئة السمعة» لم تعد تهدف لتنوير الرأي العام العربي بل اثارة أحاسيسه وتغذية أحقاده، خوفه وعواطفه.
وأصبحت قناة آل ثاني تقدم لمشاهدين عرب وقعوا في أزمة هوية ووجودية، لائحة برامج اخبارية مفخخة. مكونة من خليط عروبي بال، من توجه اسلامي منمق، ومن معاداة بدائية للغربية. بل أصبحت شيئا فشيئا الصوت الرسمي لحركة سياسية تأتي في مؤخرة السفينة في المنطقة ألا وهي حركة الاخوان المسلمين بمواضيعها المختارة، وهوية ضيوفها وطريقة تحليلها للأخبار التي تقدمها، «الجزيرة» في طريقها الى أن تصبح فرعا أو هيكلا غير رسمي لهذه الحركة، أو على الأقل الناطق بصوتها عند الحاجة.
هذا دون اعتبار صحفيي القناة الذين انتموا سابقا لحركة الاخوان، على غرار مديرها الحالي، الأردني من أصل فلسطيني وضاح خنفر( 38سنة) قائد طلابي سابق مقرب من الاخوان، الذي عوض في مارس 2004 القطري محمد جاسمي العلي والذي تمت تنحيته بسبب علاقاته المشبوهة مع الرئيس السابق صدام حسين.
وحسب معلوماتنا يدور حاليا في مقر القناة بالدوحة مناخ مؤذ دفع ببعض الصحفيين والاداريين الرافضين للتوجه الاسلامي للادارة الحالية للاستقالة أو التكيف مع التوجه الجديد على مضض أو لتحقيق مصلحة لأنه اذا كنت تريد ارضاء مدير القناة الجديد فان بعض الصحفيين لا يترددون في ابداء نوع من الورع على غرار الاعلامية الجزائرية خديجة بن قنة التي تحجبت فيما يكتفي الآخرون على أداء الصلاة أثناء العمل آملين في أن تصل أنباء ذلك الى أذن المسؤول.
منبر ميؤوس منه للأصوليين
ولا شك أن المتفرجين قد لاحظوا أن المواضيع الحوارية باتت تتمحور منذ بعض الوقت نحو هذا التوجه الايديولوجي كما أن المدعوين الى البرامج يتم اختيارهم وفقا لانتمائهم للحركة أو تحالفهم، أو تعاطفهم معها. كما أن الذين يدافعون عن أفكار غارقة في اللائكية أو معارضة للأصولية غالبا ما يقع مقاطعتهم من قبل مقدمي هذه البرامج الذين يخشون عدم رضاء المسؤول. وأحيانا هؤلاء المقدمون أنفسهم الذين لا ينتمون للحركة الاسلامية يجدون أنفسهم مجندون لتأكيد مواقف ضيوفهم الاسلامية. ان هذا الحضور المكثف أكثر من واضح. وهكذا فان القناة تمنح الكلمة لكل الوجوه الاسلامية السياسية العربية من التونسي راشد الغنوشي الى الجزائري عباسي مدني مرورا بالمغربية نادية ياسين، والسعوديين هاني السباعي، سعد الفقيه وسعيد بن زهير وصولا الى الأردني محمد المقدسي الأب الروحي لأبو مصعب الزرقاوي، وغيرهم.
بعض هذه الوجوه الذين وجدوا صعوبة في الظهور في وسائل اعلام بلدانها وجدت في «الجزيرة» منبرا ميؤوسا منه، بل ان بعضهم ذهب بشكل أو بآخر خلال ظهورهم الى حد تأييد أعمال عنف وارهاب ارتكبت هنا او هناك في المنطقة والى تبريرها بفساد الأنظمة الشمولية وابتعادها عن الدين. يضاف الى ذلك، وفي خضم الحرب الأفغانية فان قناة «الجزيرة» كانت الحاضر الوحيد في هذا البلد بفضل نجمها الصحفي الاسباني تيسير علوني السوري الأصل، الذي أدين في اسبانيا سنة 2005 بعلاقته بشبكة «القاعدة» الارهابية. وحسب القاضي الاسباني الشهير في مكافحة الارهاب بلتزار كرزون، الذي تابع ملفه ونبش في اتصالاته الهاتفية فان نجم «الجزيرة» كانت له على مدى سنوات علاقات غامضة مع المسمى عماد بركات جركس، المعروف بالياس أبو الذهب. وكانت هذه الشخصية المهمة للأصولية الدولية، نظمت في اسبانيا اجتماعا شارك فيه محمد عطا زعيم الانتحاريين في هجمات 11سبتمبر التي استهدفت برجي التجارة العالمي في نيويورك والبنتاغون بواشنطن. وكان تيسير علوني على اتصال مع شخصيتين مهمتين في سلم تنظيم القاعدة وهما مأمون دركزنلي، المسؤول المالي لأسامة بن لادن بأوروبا وممثله في اسبانيا محمد غالب كالاجي.
القرضاوي.. والجزيرة
وحسب لائحة الاتهامات فان صحافي «الجزيرة» كان في مختلف تنقلاته في العالم أشبه بحقيبة متنقلة للمنظمة الارهابية. كما أن هذا الأخير لم يكن ليتحرج أبدا لابداء تعاطفه مع الاسلاميين الذي بلغ حد التحسر على نظام طالبان. والحقيقة أن انحراف القناة نحو الأصولية المتطرفة، لم يبدأ مع تعيين وضاح خنفر العضو السابق للاخوان على رأسها، بل تعود الى بداية انطلاقتها عندما بدأ الشيخ الملياردير يوسف قرضاوي أحد المستشارين المقربين لأمير قطر والذي تتولى زوجته عديد المسؤوليات في القناة برنامجه الأسبوعي الشهير «الشريعة والحياة».
وقد كان لهذا البرنامج الذي يتولى خلاله القرضاوي الرد على أسئلة المتفرجين من مختلف الدول الاسلامية نجاحا واسعا الا أن تأثيره على المتفرجين العرب لم يكن دائما ناجعا، بل العكس فان القرضاوي استغل هذا المنبر لضمان ترويج الكثير من آرائه المحافظة بل الرجعية في كثير من الأحيان. وكان لبعض فتاويه التي طالب خلالها علنا بقتل المدنيين والعسكريين في العراق كانت من الأسباب التي حرضت على قطع رؤوس الرهائن والعمليات الانتحارية التي ما تزال تدمي هذا البلد. وفي المقابل فان الملاحظ أن هذا الشيخ المحرض المعادي للأمركيين، كان دوما ينتقي عباراته ولم ينطق يوما بكلمة واحدة عن القواعد الأمريكية التي انطلقت منها الهجمات على العراق في مارس 2003والتي توجد بالقرب من مقر قناة «الجزيرة».
كما أن العضو السابق للاخوان المسلمين لم يتردد وهو المؤيد للجهاد ضد الأمركيين، في التظاهر في الشوارع للتنديد بعملية انتحارية قام بها شاب مصري يعمل شقيقه بالصدفة أيضا في قناة «الجزيرة» استهدف من خلالها مدرسة انقليزية في العاصمة القطرية الدوحة. وهو ما جعل الكاتب الاماراتي رشيد العبدالله يقول أنه «اذا كان القرضاوي يندد اليوم بعملية الدوحة فالسبب يعود لكونها لم تقع في العراق بل في قطر حيث مقر اقامته. وهذا بكل بساطة تضارب صارخ وضع فيه القرضاوي نفسه، وهو أيضا ما يجعله ايضا في تناقض صارخ مع تعاليم القرآن التي يفترض أن القرضاوي يعرفها جيدا».
بعض المحللين الليبراليين العرب يقدمون تفسيرا مقنعا بشأن المكانة المركزية التي يحتلها هذا الوجه الديني المؤثر في قناة «الجزيرة» ذلك أن حضور الشيخ القرضاوي في الدوحة من شأنه حسب هؤلاء أن يساعد النظام القطري على التحصن ضد الراديكالية الاسلامية وأفكارها العنيفة. كما أن من شأن هذا الحضور أن يمنح الحكومة القطرية غطاء دينيا يخفي علاقاتها الحميمية جدا مع الأمريكيين والاسرائليين. فلا تجهدوا أنفسكم لمحاولة الفهم، فكل شيء بات واضحا.
عماد البحري
محررون موالون لإسرائيل يسعون إلى التّأثير على قناة «الجزيرة الدوليّة» الناطقة بالأنقليزية
بقلم: خالد عميراه صحافي سابق بمجموعة الجزيرة
عندما أعلنت القناة الفضائية العربية «الجزيرة» المستقرة في قطر منذ سنتين خططها لاطلاق قناة الجزيرة الدولية، كان الكثير في العالم يأملون في أن تقدم القناة الفضائية الجديدة بديلا حقيقيا لوسائل الاعلام الغربية المشهورة بعدم مصداقيتها والتي تعمل أساسا تحت تأثير صهيوني.
وكان من المفروض ان تقدم القناة الجديدة - التي تأجل بثها عديد المرات لأسباب مختلفة - وجهات النظر الاقليمية والعالمية لجمهور محتمل متكون من مئات الملايين من الناطقين باللغة الانقليزية.
وكانت قناة الجزيرة الدولية اول قناة اخبارية دولية ناطقة باللغة الانقليزية تستقر في الشرق الاوسط وسط مراكز البث في أثينا والدوحة ولندن وواشنطن وكوالا لمبور واستقطبت قناة الجزيرة الدولية عددا من اقطاب البث التلفزيوني العالمي وتعاقدت مع اشخاص مثل دافيد فروست وريز خان.
لكن يبدو ان خيبة امل تنتظر من كان يأمل في رؤية قناة تلفزية دولية عادلة وموضوعية وخاصة متحررة من التوجه الدولي الانقلو-أمريكي (والاسرائيلي) المعتاد.
وبالفعل، فقد لاحت بوادر ومؤشرات مقلقة تظهر مناصرين وموالين لاسرائيل، بعضهم لهم تجارب مع هيئة الاذاعة البريطانية «بي.بي.سي» يحاولون منذ الآن التحكم في الخط التحريري للقناة الجديدة تحت غطاء الحرفية والقواعد الصحفية.
كاتب هذا المقال، والذي سبق له العمل في موقع الجزيرة نات باللغة الاقنليزية (والذي ادمج مؤخرا مع قناة ا لجزيرة الدولية) اكتشف بالصدفة جهود بعض الصحافيين الغربيين الماسكين بمراكز قرار هامة صلب قناة الجزيرة الدولية وسعيهم لتجنب أقصى ما يمكن والحد الى أدنى شيء ممكن من نشر نوع معين من المقالات وخاصة الاحداث المستجدة ومقالات الرأي التي تنتقد اسرائيل والتي تظهر ممارسات الاحتلال الاسرائيلي ضد ابناء الشعب الفلسطيني.
وقد أصبح هذا التوجه واضحا للعيان في الأوقات الاخيرة مثال ذلك رفض موقع الجزيرة نات الانقليزي نقل أهم الاحداث الواجب نقلها عن اسرائيل مثل اعتراف احد الضباط الاسرائيليين بأن جيش الطيران الاسرائيلي ألقى ما يزيد عن مليون من القنابل العنقودية المحرمة دوليا فوق لبنان خلال الحرب الاخيرة ضد تنظيم «حزب اللّّه».
كذلك الحال بالنسبة لخبر يتحدث عن إيفي إيتام القيادي في أحد أحزاب اليمين الاسرائيلي والذي طالب بطرد الفلسطينيين من الاراضي المحتلة، وقد ظل هذا الخبر رهن الكتمان حتى بعد لفت نظر الجزيرة الدولية حوله.
وهناك عشرات ان لم نقل المئات من الأمثلة المشابهة تدل جميعها على أن قناة الجزيرة الدولية تحاول عن قصد تجنب تغطية ونقل المعاناة الحقيقية للفلسطينيين وخاصة في جزء الريبورتاجات الكبرى الذي خاض بمختلف أنواع التحقيقات حول المواضيع والاحداث الأشد تفاهة وحتى غير اللائقة منها.
وخلال السنة الجارية، رفض احد المحررين المعروفين بولائهم لاسرائيل بازدراء وضع عنوان في الصفحة الرئيسية لمقال يحكي قصة حياة تلميذ فلسطيني في مدرسة النجاح بنابلس كان فقد عينه اليمنى بعد ان اصيب برصاصة مطاطية اسرائيلية عندما كان عائدا لمنزله، وعلل المحرر الرئيس فينس راين ذلك بأن الموضوع لا يمثل أولوية وأن الجزيرة نات الناطقة بالانقليزية تعد لتغطية أشمل تضم حالا مشابهة ستنقل في وقت لاحق وبالطبع وكما هو متوقع لم تظهر هذه التغطية الموعودة لحد الآن!!
وفي وقت لاحق، وبعد شكوى تقدمت بها تم نشر المقال لكن تحت عنوان «خطر الرصاصات المطاطيية في الضفة الغربية».
ويبدو أن راين لم يغفر لي «جرأتي» مثلما دل على ذلك تصرفه اللاحق، ففي الاسبوع الثالث من شهر جوان الماضي، قدمت مقالا حول اطفال فلسطينيين قتلوا من قبل الجيش الاسرائيلي والمستعمرين اليهود المسلحين واعتمد المقال على احصائيات وارقام نشرت من قبل وزارة الصحة الفلسطينية.
ورغم ذلك وبمجرد رؤيته للمقال، وعوضا عن مكافأتي بالشكر على المقال ودون تفكير، كتب لي راين على المقال بأنني كاذب وبأن المعلومات الواردة في المقال مغلوطة، وكل ذلك بلهجة حادة ومتشددة وحقودة.
وباستحالة التعامل مع هذا الرجل الذي لم يكن مستعدا بالمرة حتى لقبول مجرد اقتراح لمقال تحليلي كان يراه «مناهضا لاسرائيل» وبعد أن قدمت عديد الأفكار لمقالات رفضت بعد ذلك، حولت و جهتي نحو روسال ميريمان رئيس التحرير المكلف بالانترنات في قناة الجزيرة الدولية ويمكن ان يكون قد تولى اليوم رئاسة القناة الأشد موالاة لاسرائيل.
وعوضا عن تناول المسألة من الناحية المهنية ، فقد عمد مريمان الى شن حملة ضدي متهما اياي بالافتقار الى الحرفية وانتهاك ميثاق الشرف الاعلامي ل«الجزيرة» معتبرا ان استخدام عبارات مثل «شهداء» حتى على مستوى نقل الاقوال ليس مهنيا (في اشارة الى استعمال وسائل الاعلام العربية غالبا هذه العبارة للاشارة الى الفلسطينيين الذين يقتلون من طرف الجيش الاسرائيلي).
هذا الشخص هو نفسه الذي لا يتوانى عن استخدام ذات العبارات التي يستعملها المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي والساسة اليهود في نعت الفلسطينيين ب«الارهابيين» و«القتلة» و«المجرمين».
وعندما اكتشف مريمان انه لا يمكنه ان يقنع احدا بالاتهامات التي قالها لي لجأ الى تغيير تكتيكه واتهمني باحداث الفوضى والبلبلة على موقع «الجزيرة نت» الالكتروني انطلاقا من الضفة الغربية حيث تمنعني قوات الاحتلال الاسرائيلي من مغادرتها، ولم يطل انتظاري كثيرا حتى وصلني قرار فصلي من قناة «الجزيرة» بواسطة البريد الالكتروني مع العلم ان عدد المقالات التي كتبتها لموقع «الجزيرة» الالكتروني باللغة الانقليزية قد تجاوز الثلاثمائة مقال ولم يصادف ان واجهت اية مشكلات تذكر مع كافة رؤساء التحرير السابقين لهذا الموقع.
والحقيقة ان مريمان نفسه لم يتردد حين باشر مهامه على راس الموقع الالكتروني المذكور خلال سنة 2005 عن توجيه الشكر لي على ما اظهرته من حرفية وخبرة صحفية.
لست متأكدا تماما من السبب الذي دفع مريمان الى التصرف معي كما فعل، الا انني لا استبعد ان يكون قد استمع الى نصائح بعض اصدقائه من الصهاينة حتى يضمنون عدم نشر المقالات المناهضة لاسرائيل.
بيد ان لدي شكوكا ستثبت صحتها في يوما ما: فالسيد مريمان قد يكون اراد ان يجعل من التغطية الاخبارية للصراع الفلسطيني الاسرائيلي نسخة طبق الأصل لتغطية قناة ال«بي.بي.سي» البريطانية حيث عمل لعدة سنوات كمنتج ومقدم برامج ومحرر اخبار.
وسيشكل ذلك كارثة حقيقية بالتاكيد خصوصا اذا علمنا ان التغطية الانتقائية ل«البي.بي.سي»لفعاليات الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين - او على الاقل في جزء منها - قد جعلت غالبية من الشباب البريطاني يعتقدون ان الفلسطينيين هم «المستعمرون (بكسر الميم)» وان اليهود هم «ضحايا لعنف هؤلاء المستعمرين الفلسطينيين» كما كشفه استطلاع للراي اجري في بريطانيا منذ بضعة اعوام.
من المؤكد انه من المهم التزام الحياد وعدم الانحياز في تغطية النزاعات الدولية، لكن تبقى النزاهة في معالجة النزاعات غير المتكافئة بين طرف محتل وآخر مضطهد وخاضع لجبروت الاحتلال وتجاوزاته اكثر اهمية.
ويبدو ان ادارة قناة «الجزيرة» قد تفطنت اخيرا- ولو بصفة متأخرة وبنسبة لا اعرفها - الى وجود لوبي مؤيد لاسرائيل، صامت ولكنه فعال، تمكن من التغلغل دون ضجيج ولكن بصورة تدريجية داخل فضائية «الجزيرة» الناطقة باللغة الانقليزية.
هذا التغلغل تم اساسا بطريقتين اولها تحييد المراسلين الفلسطينيين في اسرائيل والاراضي الفلسطينية المحتلة وثانيها منح الثقة المطلقة لتقارير وكالة الانباء الامريكية «اسوشيتد براس» والتي يعتبرها الكثيرون «وكالة الانباء الاولى التابعة لاسرائيل».
ولا يحتاج الى دليل القول ان تقارير هذه الوكالة التي تعج مكاتبها في القدس باليهود الأمريكيين الأكثر تحسما لاسرائيل، لا تدع فرصة تمر دون تذكير قرائها بان حركة «حماس» الفلسطينية ليست سوى «منظمة ارهابية» وبان المقاتلين من المقاومين الفلسطينيين ليسوا سوى «ارهابيين» وهي بذلك تتجاهل المقولة المعروفة بان من تعتبره انت شخصيا ارهابيا هو مقاتل في سبيل الحرية بالنسبة لاخرين، ناهيك ان اسرائيل هي ايضا بالنسبة لمئات الملايين من البشر في العالم تعتبر الدولة الارهابية بامتياز.
وفي مسعاها لمعالجة هذه الوضعية قبل فوات الاوان، قامت الادارة العامة ل«الجزيرة» بتعيين ابراهيم هلال وهو صحفي مصري مقتدر من اجل ضمان عدم انحراف النسخة الانقليزية للقناة بعيدا جدا عن السياسات المعتمدة لدى القناة الام الناطقة باللغة العربية.
وبناء على تعليمات مديرها العام وضاح خنفر، طلب هلال من مريمان اعادتي الى وضعيتي كمراسل للقناة في فلسطين، الامر الذي وافق عليه الأخير عن مضض.
وفي 18 جويلية، وجه مريمان لي رسالة يطلب فيها مني الاعتذار (لا ادري عن ماذا) ويحذرني من ان سلوكي وتصرفاتي ستكون موضوع مراقبة، كما حرص على ابلاغي بانه سيكلفني بكتابة بعض المقالات لكن لا احد غيره سيحدد متى وكيف.
وفي الواقع لم يطلب مني منذ ذلك التاريخ كتابة مقال واحد رغم وقوع عديد الاحداث التي تستوجب النقل في فلسطين، ورغم اقتراحي شخصيا اعداد بضعة مقالات حول الوضع في غزة والصراع على السلطة بين «حماس» و«فتح»، وكيف ان اسرائيل تمنع الفلسطينيين من تحصيل القوت والعمل.. بل انه لم يكبد نفسه حتى مشقة الرد عليها.
وخلال الاسبوع الاخير، قرر مريمان تغيير قواعد اللعبة كليا عبر توليه المسؤولية عن السياسة التحريرية لموقع «الجزيرة نت» بالانقليزية. واصبحت القواعد الجديدة تنص على رفض نشر اية معلومات «غير مرغوب فيها» كتلك التي تظهر وحشية وعنصرية الاسرائيليين في تعاملهم مع الفلسطينيين او التي تشبه اسرائيل بالكيان النازي على موقع «الجزيرة.نت».
وكان مريمان قد وضع هذه السياسة موضع التنفيذ قبل ذلك بكثير حيث لم ينشر على موقع الانترنت الخاص بقناة «الجزيرة» الناطقة باللغة الانقليزية خلال الثلاثة او اربعة اشهر الماضية اي مقال حول التعسف الاسرائيلي ضد الفلسطينيين والذي اتخذ مؤخرا اشكالا قريبة من الابادة، فيما عج الموقع بشتى اشكال المقالات والروايات الخاصة باعصار كاترينا في الولايات المتحدة ومواضيع اخرى في نفس الدرجة من الاهمية.
ويدعي ميرمان انه حصل على تفويض مطلق من المدير العام للجزيرة وضاح خنفر يمنحه سلطة كاملة لتحديد ما ينشر الموقع الالكتروني ل«الجزيرة» بالانقليزية. وقد سعيت الى ابلاغ مسؤولي القناة قلقي بخصوص هذا التوجه الخطير الذي يصبغ هذه القناة الناطقة بالانقليزية، فأعرب بعضهم علنا عن غضبهم وامتعاضهم بهذا الشأن. وقد المح لي مسؤول «بأن مريمان ينظر باحتقار الى الطريقة التي تسير من خلالها القناة العربية» فيما قال لي اخر ان «هذا الرجل واصدقاءه يريدون تحويل الجزيرة الى فوكس نيوز اخرى.. وحتى ما يشبه صحيفة جريزاليم بوست اخرى..» علما ان هذه الاخيرة هي ابرز صحيفة بالانقليزية لليمين الاسرائيلي والتي يعتبرها الكثير من الليبراليين لسان حال المستوطنين اليهود.
اني على يقين من ان هذا المقال سيعني مغادرتي «الجزيرة» غير اني مستعد للتضحية بمصالحي الشخصية وخسارتي جانب من مداخيلي على امل ان يفتح المساهمون فيها وخصوصا رئيسها حمد بن ثامر آل ثاني والمدير العام وضاح خنفر اعينهما لضمان عدم تحول «الجزيرة» الى سلاح جديد في ايدي اعداء العرب والمسلمين.
ندعو الله ألا نسمح بتغيير توجه «الجزيرة» تحت غطاء اخلاقيات المهنة الصحفية.
? echo $donnees_kiwidetail['datte'];?


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.