تنطلق بداية من يوم الأربعاء 4 جوان 2025 العروض التجارية للفيلم الروائي الفلسطيني "إلى عالم مجهول" في القاعات السينمائية التونسية، بعد أن حظي باهتمام واسع في الأوساط السينمائية العربية والدولية منذ عرضه الأول. هذا الفيلم الذي أُنتج سنة 2024 ويدوم عرضه 106 دقائق، هو من إخراج الفلسطيني مهدي فليفل. ويعدّ من أبرز الأعمال السينمائية التي استقبلتها الدورة 35 لأيام قرطاج السينمائية (15 - 21 ديسمبر 2024)، حيث حاز على التانيت الفضي في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة. يروي "إلى عالم مجهول" قصة إنسانية مأساوية تدور أحداثها في العاصمة اليونانية أثينا، حيث يكافح شابان فلسطينيان هما شاتيلا ورضا للخروج من حياة التشرد والضياع والوصول إلى ألمانيا بحثا عن مستقبل أفضل. ويسعى الاثنان لتوفير المال اللازم لشراء جوازات سفر مزورة، إلا أن إدمان رضا للمخدرات يبدّد كل ما جمعاه فيلجأ شاتيلا إلى خطة يائسة تتضمن التظاهر بأنهما من المهربين واحتجاز رهائن في محاولة يائسة للنجاة من مستنقع الواقع القاسي الذي يعيشان فيه. ويتوغّل الفيلم في عمق قضايا متعددة تعكس واقع الشتات الفلسطيني لا سيما في المخيمات مثل مخيم الحلوة في لبنان. ويبرز الإحساس بالضياع والانتماء الممزق ويكرّر السؤال: إلى أين ينتمي الفلسطيني حين يكون "العالم المجهول" هو خياره الوحيد؟ ومن خلال تصوير دقيق معاناة الشباب الفلسطيني في رحلتهم المحفوفة بالمخاطر نحو أوروبا، يسلّط الفيلم الضوء على أبعاد قانونية وإنسانية متشابكة تتعلق بالهجرة غير النظامية وما يرافقها من احتيال واتجار بالبشر ومواجهات مع الأجهزة الأمنية. كما يتناول "إلى عالم مجهول" مأساة الإدمان والانحراف من خلال شخصية "رضا" التي تمثل سقوطا إنسانيا أمام قسوة الواقع. ويستعرض الفيلم كيف تفقد الشخصيات تدريجيا إنسانيتها وكرامتها تحت وطأة الفقر والتهميش والعنف المجتمعي وتعيش على هامش عالم لا يرحم. وتعتبر قضية الصراع مع الهوية والانتماء من أبرز ما يعالجه العمل، حيث تبدو الشخصيات متأرجحة بين كونها فلسطينية لاجئة ومهاجرة ومهمّشة. ويستند الفيلم إلى تجارب حقيقية تعكس مأساة إنسانية يتشاركها ملايين اللاجئين حول العالم. وفيه اتهام صريح لصمت العالم تجاه معاناة اللاجئين الفلسطينيين والمهاجرين غير النظاميين. والمخرج الفلسطيني مهدي فليفل هو من الأسماء البارزة في السينما الوثائقية والروائية. تخرّج من المدرسة الوطنية للسينما والتلفزيون في المملكة المتحدة وحقق شهرة دولية منذ فيلمه الوثائقي الأول "عالم ليس لنا" الذي فاز بثلاثين جائزة. كما شارك في مهرجانات كبرى مثل كان وبرلين. وتُوّج بجوائز مرموقة منها الدب الفضي وترشح لجوائز الأكاديمية البريطانية والأكاديمية الأوروبية للسينما.