آخر كلمات الإعلامي الرياضي أحمد نوير قبل رحيله...رحمه الله    البنك الأوروبي لإعادة الأعمار وشركة خاصة يوقّعان إتفاقيّة تمويل مشروع للطاقات المتجدّدة بفريانة    أمريكا تستثني هذه المناطق بتونس والمسافات من تحذير رعاياها    القيروان: الاحتفاظ بأفارقة من جنوب الصحراء يعملون بشركة فلاحية دون وثائق    سليانة: توقّعات بتراجع صابة حب الملوك في مكثر    سيف الله اللطيف ينتقل الى الدوري الهولندي الممتاز    570 مليون دينار لدعم الميزانيّة..البنوك تعوّض الخروج على السوق الماليّة للاقتراض    نابل: اندلاع حريق بمخبر تحاليل طبية    اليوم.. حفل زياد غرسة بالمسرح البلدي    إتحاد الفلاحة : كتلة أجور موظفي إتحاد الفلاحة 6 مليارات و700 ألف دينار    البرازيل تستضيف نهائيات كأس العالم لكرة القدم    قابس: عدد الأضاحي تراجعت هذه السنة    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الجمعة 17 ماي    القصرين: وفاة شاب في حادث مرور    سيدي بوزيد: وفاة كهل وزوجته في حادث مرور    اغتيال قائد في سلاح جو حزب الله بضربة للكيان الصهيوني    بعد تسجيل الحالة الرابعة من نوعها.. مرض جديد يثير القلق    حريق بمستودع بين المروج 6 ونعسان    اتحاد الفلاحة: أسعار أضاحي العيد ستكون باهضة .. التفاصيل    عاجل : الكشف عن مصنع عشوائي لتعليب المنتوجات الغذائية و الأمن يتدخل    هام/ مناظرة لانتداب 34 متصرفا بالبريد التونسي..    يصنعون ''مواد المسكرة محلية الصنع القرابا'' و يقومون ببيعها بمدينة أم العرائس    مباراة الكرة الطائرة بين الترجي و الافريقي : متى و أين و بكم أسعار التذاكر؟    إسبانيا تمنع السفن المحملة بأسلحة للكيان الصهيوني من الرسو في موانئها    كأس أوروبا 2024: كانتي يعود لتشكيلة المنتخب الفرنسي    انتخاب تونس عضوا بالمجلس الوزاري الإفريقي المعني بالأرصاد الجوية    ذهاب نهائي رابطة ابطال افريقيا : الترجي يستضيف الاهلي برغبة تعبيد الطريق نحو الظفر باللقب    الجزائر تواجه الحرائق مجدّدا.. والسلطات تكافح لاحتوائها    اعزل الأذى عن طريق المسلمين    روعة التليلي تحصد الذهبية في بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الاحتياجات الخاصة    محيط قرقنة اللجنة المالية تنشد الدعم ومنحة مُضاعفة لهزم «القناوية»    دراسة عالمية: ارتفاع وتيرة الإساءة الأسرية للرجل    نجاح الأسرة في الإسلام ..حب الأم عبادة... وحب الزوجة سعادة !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    خطبة الجمعة...الميراث في الإسلام    النائب طارق مهدي يكشف: الأفارقة جنوب الصحراء احتلوا الشريط الساحلي بين العامرة وجبنيانة    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    الشرطة الفرنسية تقتل مسلحا حاول إضرام النار في كنيس بشمال غرب البلاد    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    التوقعات الجوية لهذا اليوم…    الاطاحة بمنحرف خطير بجهة المرسى..وهذه التفاصيل..    الصحة العالمية.. استهلاك الملح بكثرة يقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    عاجل: لأول مرة: تونس تصل المرتبة الثانية ضمن التصنيف الدولي للبيزبول    دخول مجاني للمتاحف والمواقع الأثرية    انتاج الكهرباء في تونس ينخفض بنسبة 5 بالمائة مع موفى مارس 2024    توقيع إتفاقية قرض مجمع بالعملة لدى 16 مؤسّسة بنكية محلية لفائدة تمويل ميزانية الدولة لسنة 2024    الناطق باسم وزارة الداخلية: "سيتم تتبع كل من يقدم مغالطات حول عمل الوحدات الأمنية في ملف المحامي مهدي زقروبة"    باجة: باحثون في التراث يؤكدون ان التشريعات وحدها لا تكفي للمحافظة علي الموروث الاثري للجهة    توزر: تظاهرة احتفالية تستعرض إبداعات أطفال الكتاتيب في مختتم السنة التربوية للكتاتيب بالجهة    وزارة الثقافة تنعى المطربة سلمى سعادة    صفاقس تستعدّ للدورة 44 لمهرجانها الصيفي    عاجل: "قمة البحرين" تُطالب بنشر قوات حفظ السلام في فلسطين..    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة 19 من مهرجان السياحة الثقافية والفنون التراثية ببئر الحفي    استشهد 3 فلسطينيين برصاص الجيش الصهيوني في الضفة الغربية..#خبر_عاجل    عاجل: متحوّر كورونا جديد يهدّد العالم وهؤلاء المستهدفون    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنا مش كافر بس الفقر كافر
نشر في باب نات يوم 03 - 01 - 2011

تذكر آخر مرة تقابلا.. أصابه هزال شديد من إضرابه المتواصل على الطّعام.. وإدمانه التدخين.. لم يحلق ذقنه منذ عدة أيام ليس تديّنا ولكن عدم رغبة في الحياة.. فكل ما حوله بشع.. كانت في قمّة الثّورة وكان في قمّة اليأس..
لما فعلت هذا بي..؟.. تريد الرّحيل للأبد..؟.. تعرف جيّدا أن أي ألم يصيبك يقتلني فتقوم بقطع شرايينك.. ألم تفكر في مصير أحلامنا التي عاشت سنوات.. وطالما كافحنا لتحقيقها.. منذ أن كنّا في مقاعد الدراسة تعاهدنا أنك لي وأني إنشاء الله عروسك.. أتذكر يوم نجحتَ في البكالوريا ورسبت يومها قلت لي أنك لن تتركني وستساعدني على اجتيازها السنة المقبلة وعندما فشلت للمرّة الثانية وأصبت باكتئاب أتذكر؟؟ قلت لي أن اليأس ليس من شيم ابن آدم وأن الله لو أراد لاستخلف الملائكة على الأرض ولكنه استخلف الإنسان رغم علمه انه خطّاء ووهبه عقلا وقدرة رهيبة على التحدي وإرادة حديدية حتى يستطيع القيام بمهمته على الأرض.. لا يجب أن نستسلم للهزيمة مهما كان مذاقها مر.. فالحلّ البديل موجود أكيد.. وشجّعتني على الحصول على دبلوم في الإعلامية والعمل.. أين أنت من هذا؟؟.. تحاول الانتحار؟؟.. ألم تفكر في مصير عائلتك؟.. أمّك التي ترملت باكرا ورفضت الزواج واحتضنتك وإخوتك.. عملت في المنازل حتى تعيلكم ويوم تخرجت بالكاد جفّت دموع الفرح التي ملأت عينيها وتنتظر بفارغ الصبر اليوم الذي تشتغل فيه ويصبح للعائلة مورد رزق محترم وقار.. أتعلم كم راغبا في الزواج مني رفضت لأجلك؟.. أتعلم ما مدى الضغوطات المسلّطة علي لأقبل أحدهم.. تجاوزت الثلاثين وأنا انتظر بقلب مراهقة اليوم الذي توظّف فيه وتأتي لخطبتي حتى ولو بخاتم من فضّة.. المهم أن أحمل اسم الرجل الذي لم أحب سواه.. تترك كل هذا وتريد المغادرة.. أنت أناني.. من يفكر في الانتحار لا يمكن إلاّ أن يكون انهزامي.. مسلوب الإرادة.. جبان.. تكلّم.. دافع عن نفسك.. هل أنت أناني؟.. هل أنت جبان؟.. واجهني.. كنت أعرف أن ليس لأمثالك سوى الصمت يختبئون خلفه.. لعلمك لقد قبلت الزواج من أحد أقاربي.. ما شاء الله ما هذا الجمود.. أقول لك سأتزوج غيرك وأطفالنا الذين حلمنا بهم وقرّرنا أسمائهم سأنجبهم من غيرك.. تحرّك.. قل شيئا.. اصفعني.. هيّا.. أتعرف لما تلازم الصمت لأنك مدرك انك مخطئ.. لأنك حطّمت آمال كل الذين أحبوك.. كرّرها مثنى وثلاث إلى أن تنجح فلا حلّ أمامك سوى الانتحار.. مت كافر.. يكفي.. أنا لست كافر ولكن الجوع كافر.. الفقر كافر.. الذّل كافر.. ضعي نفسك مكاني.. تربيت يتيما لا عائل لنا غير أمي تعمل صباح مساء دون أن تشتكي حتى توفر لنا أدنى مقوّمات العيش الكريم.. لا نعرف معنى لرمضان أو العيد إلا من خلال الصدقات.. اجتهدت وتحصلت على الأستاذية وظننت أن الفقر سيذهب دون رجعة ولكنه لم يشأ تركي ولازمني سوء الحظ.. لم أنجح في اجتياز الكابوس عفوا الكاباس بدأت أحلامي في التبخر تدريجيا ومع هذا لم أبق مكتوف اليدين عملت في عدّة أماكن.. اشتغلت بما لا يتناسب أبدا ومستواي التعليمي.. لم أتكبر على الملاليم التي أتحصل عليها.. تحمّلت نظرات الشفقة والحزن المهم أن أريح أمي وأنفق على أختي الطالبة الجامعية وأخي الذي ليزال يدرس بمدرسة إعدادية.. أردت انجاز مشروع خاص بي خيروني بين تربية الأرانب ونظافة المحيط.. قبلت وسابقت الزمن لأعدّ الملف ولكن لم أجد سوى المماطلة.. ما ذنبي إن كانت شهادتي الجامعية لا تحظى بقبول في سوق الشغل؟.. لماذا يدرسون هذه المواد إذن؟.. أمي التي طالما حلمت أن ألبسها أحلى ثياب وأمكّنها من أداء مناسك الحج.. صرت أتهرب منها حتى لا أحس بالمرارة التي لا تفارق حلقها ولا أرى الحزن الذي لا يفارق عينيها.. أختي التي تمنيت أن أنفق عليها حتى تنهي دراستها العليا تركت الجامعة فالمنحة الجامعية لا تكفي خاصة وأنها فاقدة للحق في الحصول على سكن جامعي.. أخي الصغير لم يعد يريد إتمام دراسته فهو يعرف المصير الذي ينتظره إما الانقطاع أو البطالة.. أنت أراك تذبلين يوما بعد يوم أعجز حتى عن تقديم هدية بسيطة لك بل أنت من يهديني علب السجائر أغلب الأوقات..
حتى لما قصدت العاصمة بحثا عن عمل لم أفلح فالمرتّب الزّهيد بالكاد يكفي معلوم الكراء ومصاريف العائلة.. آآآآآآآآآآآآآآه تعبت.. الإحساس بالعجز يخنقني.. القهر دمّر أعصابي.. غيري يمتلك سيارة ويرتدي أحلى الثياب.. يتمتّع بشبابه.. ينفق في الليلة الواحدة في أحد النزل ما يكفي عائلتي لشهر.. لست من أهل الحقد الطبقي ولكني سأنفجر.. وحده الموت كان ملاذي.. وحده الموت ينقذني من هذا الجرح الغائر في قلبي.. ولكن يبدو أن النحس سيظلّ رفيقي.. فحتى الله رفضني.. استغفر الله العظيم..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.