مفارقة عجيبة غريبة ولكنها واقع معاش في تونس فالمستحيل ليس تونسيا ولا يمكن أن يكون تونسيا ذهب نظام بوليسي اضطهد شعبه وأذاقه ألوانا وصنوفا من العذاب فهجر وصادر حرية الكثيرين نظام ملوث بعمليات الفساد التي عرفت بها العائلات المرتبطة بالحكم والتي استغلت نفوذها لسرقة أموال المواطنين بالباطل الكل يعرف تلك الشرارة التي انطلقت لإسقاط هذا النظام هي حادثة بسيطة بالمنظور الفردي ولكنها عظيمة في تاريخ شعب تونس شاب تونسي يدعى محمد البوعزيزي أصيل ولاية سيدي بوزيد صاحب شهادة جامعية معطل عن العمل مفقر عمل على مساعدة أهله بالعمل على عربة خضار لم تنفعه شهادته ولا عمله الشريف البسيط عن إهانته من قبل سلطة ظالمة فاسدة فلم يجد بدا من إحراق نفسه بعد أن ضاقت به الدنيا على رحابتها مفجر الثورة التونسية تقابل وجها لوجه مع الدكتاتور وظننا وقتها بأن تلك المقابلة وقتية بين رئيس تعاطف مع أحد أبناء شعبه لأننا كنا مخدوعين في بن علي وزمرته أو أن غشاوة عمل هذا الدكتاتور على وضعها أمام أعيننا كي لا نرى جرائمه ولم نكن نعتقد يوما بأن ذلك البطل النائم على فراش الموت سيهزم قائد أكبر منظومة أمنية فاسدة مدعومة من الخارج نعم قدم محمد البوعزيزي والشهداء الذين لحقوا به المثال للعالم بأن تونس مازالت نستطيع أن تنجب الرجال القادرين على تغيير أوضاع بلادهم نحو الأفضل ونحو بناء بلد يعمل أزلام النظام السابق على هدمه وحرقه انتقاما من شبابه الذي علمهم بأن الحرية تنتزع ولا تعطى ولكن هيهات لقد قال الشعب كلمته اللجان الشعبية المشكلة من قبل المواطنين للتصدي لعمليات السلب والنهب التي تقوم بها زمر بن علي بعد أن أفلسوا هي وفاء للثورة ولشهدائها الذين ضحوا بدمائهم لإنقاذ الشعب وسيتخلص المواطنون من فضلات الحكم السابق ولن يستطيعوا سرقة الحلم مهما هدموا وقتلوا وسرقوا ممتلكات الشعب لأن هوايتهم ومهنتهم هي اللصوصية ودكتاتورهم نفسه لص سرق الحكم خلسة وسرق معه أحلام وطن بأسره لقد آن للفجر أن يبلج ويدحر الظلام الهارب والمشتت نعم آن لشبابنا اليوم أن يعيشوا أحرارا لا تخيفهم أبواق مأجورة كاذبة شعبنا اليوم واع وسيعمل شبابه على حماية ثورة بدأها بائع خضار ضد دكتاتور حكم بالحديد والنار