لم يكن احد يتصور ان تتخذ الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قرارا بتأجيل انتخابات المجلس التأسيسي إلى يوم 16 أكتوبر بعد أن كان الموعد محددا يوم 24 جويلية القادم فالحكومة المؤقتة أعلنت مرارا وتكرارا على لسان وزيرها الأول الباجي قائد السبسي تمسكها بيوم 24 جويلية رغم المطالبات المتعددة من أحزاب وشخصيات سياسية بضرورة تأجيلها رغم أن السبسي جعل الباب مفتوحا بخصوص هذا الموضوع في لقائه الصحفي الأخير بمناسبة الاحتجاجات التي أعقبت زيارة الراجحي. السيد كمال الجندوبي رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات علل هذا القرار بان الساحة السياسية والأمنية والتنظيمية غير جاهزة للقيام بالانتخابات في أفضل الظروف فعديد الأحزاب خاصة الجديدة منها لم تتمكن بعد من رص صفوفها والقيام بحملات استقطاب لجلب اكبر نسبة من المتعاطفين والأنصار ناهيك عن البرامج الانتخابية غير المستكملة والتي تحتاج كثيرا من الوقت لكي يتعرف المواطن عليها ويقتنع بها أضف إلى ذلك الأوضاع الأمنية غير المستقرة والتي لا يمكن من خلالها تحقيق انتخابات حقيقية وان يدلي المواطن بصوته دون خوف او ترهيب أي ضرورة تجاوز حالة الاحتقان . اما أكثر الأسباب التي دعت الهيئة لتأجيل الانتخابات هو السبب التنظيمي فالسيد كمال الجندوبي أكد أن الهيئة ليست مستعدة للإشراف على العملية الانتخابية فهي لم تركز فروعا لها في كامل الولايات ومازالت تعمل على انتداب اكبر عدد من المشرفين المستقلين في مراكز الانتخاب المنتشرة في كامل ولايات الجمهورية قادرين على القيام بعملية الإعداد والإشراف والمراقبة بصورة تضمن شفافية وقانونية العملية الانتخابية وقد لخص الجندوبي الوضع "بأننا غير مستعدين بعد" . قرار التأجيل لقي كثيرا من المعارضة والتأييد من مختلف الأحزاب والهيئات والشخصيات السياسية فحركة النهضة وحزب المؤتمر من اجل الجمهورية والحزب الديمقراطي التقدمي أعربوا عن رفضهم لتأجيل الانتخابات واعتبروه غير مشروع و يمكن أن تكون له انعكاسات سلبية على المستوى الأمني والمستوى السياسي والاجتماعي وسيساهم في دفع البلاد إلى حالة من الضبابية والإرباك السياسي ومنح فرصة كبيرة لأزلام النظام السابق للعودة من جديد للساحة السياسية. أحزاب وهيئات أخرى رحبت بقرار التأجيل وأبرزهم حزب العمال الشيوعي الذي أعلن على لسان رئيسه حمة الهمامي ان التأجيل سيكون في مصلحة العملية الديمقراطية والتعددية وسيمنح الفرصة للشعب لمزيد التعرف على الأحزاب وعلى برامجها موقف ليس بعيدا عن موقف الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة حيث أعلنت على لسان الناطق الرسمي باسمها السيد لطفي الغرايري مساندتها الكاملة لقرار الهيئة المستقلة تأجيل الانتخابات إلى أكتوبر القادم واعتبرت أن ذلك لم يأتي من فراغ بل نتيجة تقييم دقيق من الهيئة سيكون للحكومة المؤقتة الكلمة الفصل في هذا القرار دون شك ولكن الكثيرين يعتقدون ان الهيئة المستقلة لم تكن لتعلن عن قرارها دون موافقة الحكومة أو بدافع منها.