رغم أنه لم يتم بعد الإعلان عن النتائج النهائية لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي إلا أن معالم تركيبة المجلس بدأت تتضح فالشعب التونسي منح ثقته إلى حركة النهضة و المؤتمر من أجل الجمهورية و التكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات و بصفة مفاجئة إلى القائمات المستقلة للعريضة الشعبية للحرية و العدالة والتنمية. مهما يكن فإن الإنتخابات و بشهادة الملاحظين الدوليين تمت في أحسن الظروف و في كنف الشفافية و الديمقراطية و حتى الإخلالات التى وقعت لم تؤثر على سير العملية الإنتخابية حسب ما أكده على سبيل المثال ممثلو بعثة الإتحاد الأوروبي لملاحظة الإنتخابات. الجيد في الأمر أن أبرز الأحزاب خاصة منها التى لم يمنحها الناخب التونسي صوته بصفة كبيرة عبّرت عن فرحها بهذا العرس الإنتخابي وعن تقديرها للشعب التونسي نظرا لإقباله الكثيف على العملية الإنتخابية و هنأت أيضا الأحزاب التي يمكن اعتبارها إلى حدّ الآن فائزة . إرضاء الجميع غاية لا تدرك و هذا ما تؤكده الإحتجاجات التى نظّمها مئات الأشخاص يومي الإثنين و الثلاثاء 24 و 25 أكتوبر بحجة أن التجاوزات التى حصلت أثناء العملية الإنتخابية شوهت المسار الديمقراطي و تعتبر مهزلة حقيقية . بعيدا عن التجاوزات ذهب بعض المشاركين في هذه الإحتجاجات أبعد من ذلك و شككوا في نزاهة و استقلالية هيأة الإنتخابات رغم العمل الجبار الذي قامت به و الذي أثنى عليه الملاحظون من مختلف أنحاء العالم. أخطر من ذلك هناك من وصف الشعب التونسي بالجاهل بسبب انتخابه لحركة النهضة التى يقولون أنها تحاول تعويض التجمع باقامة ديكتاتورية جديدة ستبدأ من خلال صياغتها الدستور على مقاسها. للأسف يبدو أن البعض لا يزال يعتمد أساليب بن علي في التخويف و قيّموا العملية الإنتخابية من زاوية ايديولوجية ضيقة و يعتبرون أنفسهم أوصياء على الشعب و أذكى منه و أحق بتقرير مصيره لكنهم يحاولون عبثا التشويش على العرس الإنتخابي فقد فاتهم قطار الشعب و هم الآن يغردون خارج السرب .