يعتبر الباجي قايد السبسي من الشخصيات السياسية التونسية التي سجلت اسمها بقوة في تاريخ تونس بعد الثورة و التي أوصلت البلاد الى بر الامان بإجراء انتخابات حرة و نزيهة و ديمقراطية بشهادة الداخل و الخارج رغم الظروف الصعبة و التحديات الأمنية الجسيمة. لا يختلف اثنان على أن السبسي من بين الشخصيات الوطنية المحنكة سياسيا و ذات قدرة براغماتية عالية في ادارة الازمات و رجل دولة بامتياز فبعيدا عن العاطفة و المحاباة أنجز السبسي بنجاح المهام الموكولة اليه برغم بعض التحفظات على السياسة التي انتهجها فيما يتعلق بعديد الملفات العالقة على غرار ملفات الفساد و محاسبة رموز النظام البائد و التي فاعتقادي كانت ملفات معقدة تستوجب مدة زمنية أطول من بعض هذه الأشهر التي تولى فيها الباجي تسيير شؤون البلاد. فترة ادارة في معظمها جيدة جعلت اسم الباجي قايد السبسي من بين الاسماء المقترحة لمواصلة العمل في الحكومة المقبلة . فمن بين المرشحين البارزين لمنصب رئيس الجمهورية المقبل الى جانب الدكتور مصطفى بن جعفر و الدكتور منصف المرزوقي نجد السبسي كأحد اهم المرشحين لشغل هذا المنصب. نتذكر جميعا التصريحات التي ادلى بها الباجي في واشنطن و التي قال فيها ان مستقبله السياسي سيتواصل بعد انتخابات التأسيسي اذا ما أحس أنه يستطيع أن يقدم الاضافة فيبدو أن احساسه في محله فمن بين الأحزاب السياسية التي لم تستبعد رئاسة السبسي للجمهورية نجد حركة النهضة ذات الاغلبية النيابية في المجلس التأسيسي رغم تصريحات رئيسها راشد الغنوشي الرافضة لمواصلة السبسي المشاركة في الحياة السياسية. حزب التكتل من أجل العمل و الحريات هو بدوره لم يبدي اي اعتراض على المقترح التي تقدمت به حركة النهضة بترشيح السبسي لتولي هذا المنصب و أكد أن الحكومة المقبلة ستكون حكومة مصلحة وطنية و في حال رأت الاغلبية بان الباجي هو الرجل المناسب في المكان المناسب فلا مانع لديه. المؤتمر من أجل الجمهورية وأمينه العام الدكتور منصف المرزوقي من بين الأحزاب الفائزة في انتخابات التأسيسي و الرافضة رفضا قاطعا بان يشارك السبسي في الحكومة المقبلة فرغم عدم وجود اسباب مقنعة و جديرة بالذكر لرفض المؤتمر مواصلة الباجي و التي اقتصرت على كبر سنه و فتح الباب نحو تشبيب الحكومة المقبلة فان الموقف الحزب يبدو صارما و غير قابل للتراجع و له الحق في ذلك. لكن السؤال المطروح في هذه الحالة هو التالي: ماذا لو أجمعت حركة النهضة و حزب التكتل على تعيين السبسي رئيسا للجمهورية في حين رفض المؤتمر ذلك؟ المعادلة الديمقراطية في هذه الحالة تستوجب امتثال المؤتمر لإجماع الاغلبية الفائزة مع المحافظة على تحفظاته . فهذا السيناريو غير مستبعد فانتظار أن يفنده الاعلان عن تركيبة الحكومة المقبلة منتصف الشهر الحالي.