بقلم حاتم الكسيبي لا تبتئس يا أخي و يا رفيقي و يا صديقي فذلك ما صنعت الأيام باتحادكم، صار شيخا هرما تنخر جسده أمراض الزهايمر و الرعاش و تؤرق نومه أحلام اليسار المتطرف وتعبث بجوارحه شرذمة من عصابات العصي الطويلة. اتحاد أرهقته الاجتماعات العلنية في وضح النهار والمنعقدة في ساعات متأخرة من الليل تبحث عن الإضراب والاضطراب، وتجند لهما لوجستيا ذوي السواعد المفتولة وأجهزة الإعلام وقيادات محلية و جهوية ومركزية جمع معظمها "صدفة" ملامح النقابي العنيد و سماجة اليسار المتطرف. فبعد إضراب عمال الإعاشة بمستشفيات صفاقس، بتنا شبه متأكدين من تغيير وجهة الاتحاد و مواقعته غصبا من طرف اليسار الرديكالي. لم نستطع تفهم تفسيراتهم رغم كل ما أوضحوه عبر البيانات و وسائل الإعلام التي دعمت الحدث أول الأمر ثم تنصلت وتركت الاتحاد بمفرده يواجه سيلا من الاستغراب والاستنكار الشعبي. يومها نسينا ما تعرض له الاتحاد من تلاسن مع أئمة صفاقس و تبادل للتهم مع روابط حماية الثورة وعزمنا على تأبين اتحاد حشاد الشهيد واتحاد عاشور الأسد و طفقنا ننظر لمستقبل قاتم لاتحاد حمّه بعد أن برمجت على الطريقة الدرامية المكسيكية، سلسلة من الاضرابات في عديد القطاعات وعديد المدن، و تم التلويح بالوقفات الاحتجاجية كما اتفق، و استدعيت عصابات اللصوص و"الباندية" لتنفيذ اعتصامات هنا وهناك علّها ترهق الحكومة و البلد بأسره، فتستقيل الأولى و يستقيل أهل البلد من بلدهم. حينها يخرج اليسار وأعوانهم فرحين بما حققوا من انجاز فيرقصون و يغنون و يقرعون كؤوس الإثم، ثم يعمرون قرطاج و باردو و القصبة ليحكموا بلدا تقطعت أوصاله وخارت قواه وذهب ما تبقى من نعيمه و رغد عيشه. حاد الاتحاد عن مبادئه السامية بعد أن قرر إضراب عمال الإعاشة بالمستشفى و تجويع المرضى فذلك أمر لا يقره عاقل مهما كانت المطالب النقابية مشروعة. ولكن السحر انقلب على الساحر فهموا بتعليق الإضراب و تأجيله والدخول في مفاوضات مباشرة مع سلطة الإشراف. ليست تلك المرة الأولى التي يتراجع الاتحاد على قراراته وفي ذلك إشكال قد يضر بمصداقيته المتهرئة التي مرغها اليسار في الوحل والطين. لقد عدل عن قرار الإضراب العام منذ أشهر بعد أن تعالت أصوات الاستنكار والوعيد بكسر حصار الإضراب في عدة مدن ولعل صفاقس مهد الاتحاد ومنشأه كانت السباقة في ذلك المضمار فخرجت شبابا وشيبا في أمسية مشهودة تحت رذاذ المطر تستنكر قرارات الاتحاد اللامسؤولة وتشير إلى عدم جدية اليسار المهيمن في الدفاع على حقوق العمال والشغالين. يقول المثل الشعبي "النار تخلّف الرماد "، فبعد حشاد وعاشور خبت نار الاتحاد وانتثر الرماد و تناقلته الرياح في جميع الاتجاهات فهادن الطاغية و سكن حدائق قرطاج وحي النصر ونال الجوائز والحوافز فأصدر بيانات التأييد والمناشدة ولولا عمّالا شرفاء دفعوا الثورة إلى الأمام لما لحق الاتحاد انتفاضة 17 ديسمبر.