الهند.. مصرع 34 شخصا في فيضانات وانهيارات أرضية    إعلام عبري: مقتل 3 جنود إسرائيليين وإصابة آخرين في جباليا شمال غزة    نحو تنقيح الأمر المنظم لمشاركة الأجانب في الأنشطة الثقافية: التفاصيل    متابعة سير النشاط السياحي ومزيد تدعيم السياحة الداخلية محور جلسة عمل بإشراف وزير السياحة    عاجل: تونس تطالب بحماية الجالية التونسية في فرنسا بعد مقتل هشام الميراوي    رئيس غرفة القصّابين ل«الشروق»... اليوم انطلاق بيع لحوم الضأن الروماني وهذه أسعارها    إلى غاية 1 جوان 2025: تجميع حوالي 566 ألف قنطار من الحبوب    خطر يهدّد الجزر التونسية    اكتظاظ أقسام الاستعجالي بالمستشفيات ونقص الأدوية محور الجلسة العامة لتوجيه أسئلة لوزير الصحة    أسعار خيالية في نقاط البيع المنظمة للأضاحي: «القشّارة» أرحم من الحكومة !    البعثة الصحيّة التونسيّة للحجّ تؤمن قرابة 900 عيادة طبية يوميا بمكّة    القيروان.. 6898 مترشحا وأكبر مترشح عمره 71 سنة    نابل: ارتياح في جميع الشعب    اليوم الملتقى العربي لأدب الطفل    المدرسة الابتدائية أولاد عباس بحاجب العيون: تظاهرة مسرح الطفل بالوسط الريفي    الكوتش وليد زليلة يكتب: إشارات تستحق الانتباه في كل عمر: كيف نفهم مراحل الطفولة؟    أولا وأخيرا .. من بنزرت لبن قردان    خطورة الغش في الامتحانات وآثاره السلبية    مباراة ودية - المنتخب التونسي يفوز على نظيره البوركيني 2-صفر    المسبح البلدي بالبلفيدير يفتح أبوابه للعموم    وزير الخارجية يؤدي زيارات عمل إلى فنلندا والدّنمارك والنّرويج    عاجل/ حجز سجائر مهرّبة بقيمة 655 ألف دينار    عاجل: قناة التاسعة: لم نقم بحذف أي محتوى من الموقع على 'يوتيوب' وخاصة مسلسل 'الرئيس'    عاجل/ ما حقيقة توريد خرفان من رومانيا؟.. شركة اللحوم توضّح    عاجل/ معارك مُحتدمة في غزة وسقوط قتلى من جنود الاحتلال    وزير الصحة: ضرورة اعتماد سياسة جديدة للتشجيع على الإنجاب في تونس    كيف سيكون الطقس هذه الليلة؟    توقف ظرفي لقطار نقل المسافرين على الخط الدولي تونس – عنابة من 3 إلى 14 جوان 2025    مشاركة متوقعة ل3500 رياضي من 22 دولة في الالعاب المدرسية الافريقية الاولى بالجزائر(رئيس لجنة التنظيم)    فرق مشتركة بين هذه الولايات لرصد الجراد الصحراوي.. #خبر_عاجل    الفيلم الفلسطيني "إلى عالم مجهول" في القاعات التونسية انطلاقا من 4 جوان 2025    فرنسا.. التحقيق في مقتل تونسي بالرصاص في جريمة عنصرية    التشكيلة المحتملة لنسور قرطاج    عاجل/ إندلاع حريقين في هذه الولاية..    وزير التربية يتابع ظروف انطلاق الدورة الرئيسية لباكالوريا 2025 بعدد من المؤسسات التربوية بولايتي تونس وبن عروس    شركة الخطوط التونسية للخدمات الأرضية تطلق برنامجا شاملا لتحديث معداتها    ماذا تفعل في يوم عرفة؟ إليك الأعمال المستحبة    ماذا يحدث لجسمك عندما تأكل لحم العيد بهذه الطريقة؟ نتائج صادمة لا يعرفها أغلب ''التوانسة''    بعد توقفه لأكثر من 5 سنوات: عودة نشاط هذا الخط الحديدي.. #خبر_عاجل    في سابقة هي الأولى... 22 سجينا يشاركون في امتحان الباكالوريا 2025    انقطاع الماء في أريانة اليوم: الصوناد توضّح وتحدد موعد العودة    أريانة: انطلاق الحملة الجهوية لمكافحة الإدمان تحت شعار ''لا للإدمان'' وتستمر حتى هذا الموعد    عاجل : فتح باب الترشّح لرئاسة وعضوية الهيئة المديرة للنادي الإفريقي...تفاصيل    المغرب يستخدم ''الدرون'' لمنع ذبح الأضاحي خلال عيد الأضحى    موجة حرّ مرتقبة في تونس خلال عطلة عيد الأضحى...التفاصيل    تعرف على سُنن الأُضحية...الوضع الشرعي والوزن المناسب    متى تبدأ عطلة عيد الأضحى 2025 في الدول العربية؟ إليكم التفاصيل حسب كل دولة    ماهر الكنزاري يوضح حقيقة المناوشة مع رئيس الملعب التونسي    المؤرخ عبد الجليل التميمي يفوز بجائزة العويس للدراسات الإنسانية المستقبلية    الفراولة سلاح طبيعي ضد هذه الأمراض: دراسة حديثة تكشف الفوائد    إنتقالات: نادي برشلونة يستبعد التعاقد النهائي مع نجم المنتخب الإنقليزي    عزيز دوقاز يتوج بلقب الزوجي في بطولة ليل روك الأمريكية للتنس    بقيادة معين الشعباني: نهضة بركان يتأهل إلى ربع نهائي كأس المغرب    السعودية تُعيد 75 ألف مخالف من مكة: إجراءات صارمة قبل انطلاق الحج وتشديدات تهم الحجاج التونسيين    دعوة الى حظر منتجات التبغ المنكهة    قابس: انطلاق فعاليات الدورة السادسة للمهرجان الدولي للسينما البيئية    ''السوشيال ميديا خطيرة''...نوال غشام تحذّر من انهيار الذوق الفني!    مُنتشرة بين الشباب: الصحة العالمية تدعو الحكومات الى حظر هذه المنتجات.. #خبر_عاجل    









المعركة الأخلاقية
نشر في باب نات يوم 20 - 04 - 2013


بقلم الأستاذ بولبابة سالم
كثيرون يقولون بأنّ عالم السياسة عديم الأخلاق و القاعدة في ذلك هي: ''الغاية تبرّر الوسيلة'' كما قال مكيافيلي. لكن أن يحصل ذلك في بلد له أرضية قيميّة صلبة نابعة من تراث حضاري أصيل فحينئذ يفقد السياسي فيها رصيده الشعبي والانتخابي كما هو الحال في تونس اليوم. طبعا لا يعني ذلك أنّ أسلافنا لم يمارسوا المكائد السياسية والخديعة في إطار صراعهم المحموم على السلطة و النفوذ بل إنّ تاريخنا السياسي كان صراعا دمويّا على الحكم كما قال المفكر المغربي محمد عابد الجابري في كتابه" العقل السياسي العربي". لكن يجب ألاّ نغفل أنّ ذلك الصراع كان حول الشرعية و الأهلية و لم يصل درجة التجريح الشخصي. و يُروى أنّ معاوية بن أبي سفيان جاءه رجل بعد تولّيه الخلافة إثر حرب طاحنة مع جيش علي بن ابي طالب وذكر له مناقب الإمام علي رضي الله عنه و خشيته من الله تعالى والتزامه وورعه فسالت دموع معاوية حتى اخضوضبت لحيته و قال:" و الله إنّه لكذلك" .
الصراع السياسي مشروع بل هو مطلوب في الديمقراطية لكن نريده صراع افكار و برامج وتنافس لخدمة الشعب التونسي بعيدا عن الشعارات الثورجية الزائفة و القدح الشخصي للخصوم السياسيين و تجريحهم وانتهاك اعراضهم . لا يوجد حزب لم يمارس المناورة السياسية والتضخيم او التقليل من منافسيه فالمناورة جزء من السياسة لكن لا يجب أن تتحول السياسة كلها الى مناورة. من قضية الشيراتون الى اشاعة خبر سفر شقيقة وزيرة المرأة مع وفد رسمي الى الصين وصولا إلى خبر الزيادة في منح أعضاء المجلس الوطني التأسيسي الذي أثار زوبعة اعلامية يوم الجمعة الماضي و تلاسنا حادا بين السيد المنجي الرحوي و بعض نواب حركة النهضة، هذه الأحداث لا تنسينا في المقابل حملات التشويه التي مارستها كل الأطراف خلال الحملة الانتخابية خاصة على صفحات التواصل الاجتماعي. لكن المتابع للشأن السياسي الوطني يلاحظ تركيزا على الجانب الأخلاقي وهو أمر لا يخلو من دلالات ، أهمها أنّ حركة النهضة لها رمزية خاصة على المستوى الاخلاقي باعتبار مرجعيتها الدينية و حتى انتخابها من طرف قطاعات واسعة من التونسيين كانت لرمزيات اخلاقية حيث سمعنا مقولات عديدة لمواطنين بسطاء مثل { يخافو ربي /ماهمش سراق/ ناس نظاف ...}. و يبدو أنّ خصومها قد دخلوا مبكرا في حملتهم الانتخابية ووجدوا أفضل وسيلة للتقليل من شعبيتها هو ضرب تلك الرمزية الأخلاقية لدى عموم الناس عبر اتهامهم بالكذب تارة و السرقة طورا و الخيانة أحيانا وقد ساندهم في ذلك قوى اعلامية احترفت لعبة تشويه الاسلاميين منذ العهد البائد و كلنا يتذكر ما كتبته بعض الخرق الورقية في بداية تسعينيات القرن الماضي و ما وصلت اليه من انحطاط أخلاقي و اعلامي مقزّز.
لا يعني ذلك أنّ حركة النهضة حزب ملائكي لم يرتكب أخطاء خلال وجوده في الحكم او في المعارضة سابقا، بل يمكننا انتقاده بشدة خصوصا في تردده و بطئه في فتح الملفات الحارقة وأهمها تحقيق أهداف الثورة و القطع مع الماضي و الوفاء بما التزم به خلال الحملة الانتخابية واشياء عديدة ذكرتها في مقال سابق. هناك بعض الاطراف السياسية لا تنتقد النهضة لفشلها بل لمرجعيتها الدينية على وجه الخصوص حيث ترفض بعض القوى العلمانية التعايش مع الاسلام السياسي لأسباب تاريخية وعقائدية ايديولوجية.
و حتى لا نكون عدميين لا يمكن أن نتغافل عن السياسيين الذين برزوا بأخلاقهم السياسية العالية حتّى كسبوا احترام الجميع من سلطة ومعارضة مثل السيد محمد الحامدي ابن مدنين الأصيل حيث بدا رشيقا في تدخلاته، يناقش الأفكار لا الأشخاص، ينقد المواقف لا أصحابها، أحرج الحكومة بلباقته و قدرته على المجادلة وهو صوت الحكمة في المعارضة ، انه الاعتدال التونسي, وهو ليس وحده في هذه الصفات التي يشاركه فيها غيره بعيدا عن العنتريات والبطولات الوهمية التي يمارسها البعض.
وسط هذا الرّكام يبقى الشعب التونسي ضحية طبقة سياسية مازالت بعيدة عن جوهر الحرية و آليات العمل الديمقراطي الحقيقية لكن رغم هذا المخاض العسير فستنجح تونس رغم الضباب الكثيف فلا أحد قادر على وقف انسياب التاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.