بقلم الأستاذ بولبابة سالم يتعرّض الوزير المناضل أحمد المستيري إلى حملة شعواء لإقصائه من رئاسة الحكومة القادمة , هذه الحملة تقودها وسائل إعلام قريبة من النظام السابق احترفت التشويه و قلب الحقائق . طبعا هذه الأبواق التي باتت معلومة لدى الجميع يزعجها اسم السيد أحمد المستيري و لم تجد ما تشوّه به صورة الرجل سوى ادّعاء تقدّمه في السنّ و استحالة قدرته على قيادة الحكومة الجديدة المزمع تشكيلها خلال الأيام القادمة بعد انطلاقة الحوار الوطني . كان من الممكن أن نصدّق ما يقوله هؤلاء لو طبّقوا هذا المقياس على الجميع لكن فضخهم غبائهم و خدمتهم لأجندة مكشوفة لدى التونسيين , فالسيّد أحمد المستيري أطال الله عمره هو من نفس جيل السيد الباجي قايد السبسي و فارق السنّ بين الرجلين لا يتجاوز السنتين . إنّ الذين يطبّلون للأستاذ الباجي قايد السبسي – مع كامل الإحترام لشخصه - من خلال حسن إدارته للمرحلة الإنتقالية التي تُوّجت بانتخابات 23 أكتوبر و يثنون على حكمته و قدرته على حكم البلاد في الفترة القادمة عندما استبشروا بإعلانه الترشّح لرئاسة الجمهورية كما رفضوا تقييد سنّ الترشح لانتخابات الرئاسة في الدستور الجديد لم ينظروا إلى سنّه كما تعاملوا مع السيد أحمد المستيري . لقد بالغوا في تضخيم عجز الأستاذ المستيري على العمل لساعات طويلة وهو في أرذل العمر و تناسى الجميع تجربة الرجل و تاريخه النضالي الطويل و دعواته المتكررة زمن بورقيبة من أجل الإنفتاح السياسي و دمقرطة الحياة السياسية حتى دفعه الأمر سنة 1978 إلى تأسيس حركة الديمقراطيين الإشتراكيين التي التفّت حولها القوى الديمقراطية في الانتخابات التشريعية سنة 1981 و استطاعت أن تفوز بها لولا التزوير الذي طالها , وهو ما أقرّه بعض رجال الدولة وقتها . ما يقلقهم في السيد أحمد المستيري هو صرامة الرجل و حزمه و رفضه لعودة رموز النظام القديم بعد الثورة وهو موقف أعلن عنه صراحة بعد تشكيل حكومة الغنّوشي الأولى . لم يلهث السيد أحمد المستيري وراء المناصب بل كان زاهدا فيها لكن عندما طُرح اسمه و أسماء أخرى ضمن قائمة المرشّحين لرئاسة الحكومة المقبلة ضمن لجنة المسار الحكومي أشاع بعضهم خبر تخليه عن الترشح لهذا المنصب وهو ما أنكره الرجل و أكّد للسيد أحمد نجيب الشابي استعداده للمساعدة في تجاوز هذه المرحلة الصعبة من تاريخ تونس . لا أحد يشكك في قيمة و كفاءة الأسماء المطروحة لكن بعضها تقني و نحن نعيش مرحلة سياسية تشهد توتّرا و تجاذبات كبيرة , لذلك تحتاج إلى رجل قويّ له خبرة إدارية و سياسية مثل الأستاذ أحمد المستيري مثلما استطاع الباجي قايد السبسي بعد الثورة رغم صعوبة الظرف قيادة مرحلة صعبة شهدت غليانا اجتماعيا و سياسيا . ما لا يعجبهم في السيد أحمد المستيري هو علاقته الفاترة بالسيد الباجي قايد السبسي إضافة إلى أنّه رجل ديمقراطي يؤمن بالتعايش بين كل العائلات السياسية التونسية بما فيها التيار الإسلامي , لذلك قد يكون اختياره ضربا لأحلام هؤلاء الذين يتمنّون انقلابا أبيضا فهو شخصيّة يستحيل ترويضها من مرتزقة الإعلام و القوى الإستئصالية .